إن السيرة النبوية الشريفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مليئة بالأحداث والتساؤلات التي لا تنتهي، ومن أبرز الأسئلة التي تتردد على محركات البحث الإلكترونية هي ؛ نزل الوحي على الرسول وعمره؟ فلعلنا نوضح لك عزيزي القارئ الإجابة عن هذا السؤال من خلال الموسوعة، بالإضافة إلى إجابة مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالسيرة النبوية الشريفة ونزول الوحي على سول الله صلى الله عليه وسلم، وهي نزل الوحي على الرسول في غار؟ وما هو الوحي وأنواعه، وكم كان عمر الرسول عندما بدأ الدعوة، والحكمة وراء انقطاع الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
نزل الوحي على الرسول وعمره
يقول الله عز وجل في الآية رقم 102 من سورة النحل: “قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ”.
- فنزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لا جدال فيه، ولكن كم كان عمر النبي أثناء نزول الوحي عليه؟ هذا ما نقوم بالإجابة عنه من خلال الآتي.
- فقد نزل الوحي على الرسول وعمره أربعينسنة وستة أشهر واثنى عشر يوماً، ونستدل على ذلك من ضمن أوجه الأدلة عن عمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما أنزل عليه الوحي هو ما جاء به المباركفوري في الرحيق المختوم، حيث قال:
- (وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلاً، ويوافق 10 أغسطس سنة 610م، وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية وستة أشهر و12 يوماً، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر، و22 يوماً).
- وهذا ما جاء أيضا في رواية الإمام أحمد والشّيخان عن ابن عباس قال: (أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة).
- ومن الجدير بالذكر أن الوحي جبريل عليه السلام قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان المبارك، الموافق 10 أغسطس سنة 610 م.
نزل الوحي على الرسول في غار
من ضمن الأسئلة المتعلقة بنزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المكان الذي نزل عليه الوحي جبريل فيه، لأنه في الغالب يختلط الأمر على البعض من حيث نزول الوحي في غار حراء أم في غار ثور، ولعلنا نوضح الإجابة الصحيحة لهذا السؤال من خلال النقاط التالية.
- توصلنا في بداية هذا المحتوى أن الوحي قد أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الأربعين من عمره.
- والجدير بالذكر هنا أن الوحي جبريل عليه السلام أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء ، والذي يقع في الجهة الشمالية الغربية من مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية بوقتنا هذا.
- وعن نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (أَوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكانَ يَأْتي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وهو التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا).
- فكان غار حراء بمثابة مكان للتعبد والتفكر والعزلة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تصل مدة خلوته في الغار إلى قرابة عشرة أيام.
ما هو الوحي
إن الوحي هو أحد الملائكة التي خلقها الله تبارك وتعالى، والملائكة كثيرة، لكن الملاك الذي لأنول على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو روح القدس جبريل عليه السلام.
- فكما قال عنه الله تبارك وتعالى في الآية رقم 102 من سورة النحل: “قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ”.
- وكان أول ظهور لجبريل عليه السلام بالنسبة للنبي في الرّؤيا الصّالحة الصّادقة، وهذا يرجع إلى أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم كانت تتحقق في صباح اليوم.
- والجدير بالذكر أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرون الوحي جبريل عليه السلام عندما كان ينزل بالوحي على النبي ولكنهم لا يرونه بهيئة الملائكة، بل يرونه وهو على هيئة الصحابي دحيّة الكلبي.
- وهذا ما جاء عن أسامة أُسامةُ بنُ زَيدٍ رضي الله عنه، حيث قال: (أنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ جاء مرَّةً إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعندَه زَوجتُه أُمُّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنها، وأنَّه تحدَّثَ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثمَّ قام، فلمَّا انصَرَفَ جِبريلُ عليه السَّلامُ، سَأَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَّ سَلَمةَ: «مَن هذا؟» فقالت: هذا دِحْيةُ الكَلبيُّ، أحَدُ صَحابةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأقسَمَتْ باللهِ أنَّها ظَنَّتْه دِحْيةَ، ولم تَعلَمْ أنَّه جِبريلُ إلَّا حِينَما سَمِعَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخطُبُ، ويُخبِرُ أنَّ جِبريلَ أتاهُ في صُورةِ إنْسانٍ، وأنَّه يُشبِهُ دِحْيةَ بنَ خَليفةَ رَضيَ اللهُ عنه).
أنواع الوحي
وبعد أن توصلنا إلى الوحي الذي قد نزل على النبي في خلوته بغار حراء هو جبريل عليه السلام، فعلينا أن نتناول أنواع الوحي المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وجل الأنبياء عليهم السلام.
- قد يكون الوحي منزل من الله عز وجل على هيئة رؤية، وهذا ما كان يحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يرى الوحي في منامه، وتتحقق تلك الرؤية فلق الصّبح.
- كان ينزل الوحي على الرسل على هيئة ملاك من ملائكة الله عز وجل، وتلك الحالة الطبيعية للوحي.
- كما كان ينزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع الصحابة أو زوجاته متمثلا في هيئة رجل.
- والجدير بالذكر أن الوحي كان ينزل على النبي عن طريق أن يُلقيه في قلبه من غير أن يراه، ولعلنا نستدل على ذلك من خلال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “إن روح القدس نَفَثَ في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب”.
كم كان عمر الرسول عندما بدأ الدعوة
توصلنا من خلال هذا المحتوى أن الوحي قد أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الأربعين من عمره، ومن الجدير بالذكر أن نزول الوحي كان مصاحبا للدعوة.
- فقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة من بعد نزول الوحي عليه مباشرة وهو في الأربعين من عمره.
- فتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ} حتَّى بَلَغَ {عَلَّمَ الإنْسَانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ وهو يقول “زملوني زملوني”).
- فبدأ النبي بنشر الدعوة الإسلامية، وأول من صدقته وآمنت به هي زوجته السيدة خديجة بنت خويلد، وكان خليله أبي بكر الصديق أول من آمن من الرجال، أما عن ابن عمه علي بن أبي طالب هو أول من آمن الصبيان، رضوان الله عليهم أجمعين.
انقطاع الوحي عن الرسول
انقطع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته مرتين، وفي الحقيقة أن العلماء قد اختلفوا في المرات التي انقطع فيها نزول الوحي على النبي، ولكن ما اتفقوا فيه هو أن الوحي انقطع على النبي حكمة من عند الله عز وجل حتى يطمئن ويهدأ قلب النبي من رعبة نزول الوحي عليه.
- فقد ذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن الوحي انقطع عن النبي لمدة لا تتجاوز بضعة أيام.
- أما عن أبي إسحاق فذهب إلى أن مدة انقطاع الوحي جبريل عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم تجاوزت الثلاث سنوات.
- والجدير بالذكر أن أغلبية العماء ذهبوا إلى أن الوحي انقطاع على النبي في المرة الأولى بعد نزول سورة العلق مباشرة، والعودة كانت بأول خمس آيات من سورة المدثر.
- وقيل أن المرة الثانية التي انقطع فيها نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم (أي نزول القرآن الكريم) قد استغرقت ثلاث ليال، وكانت العودة بنزول سورة الضحى.
المصادر
- (1)
- (2)