” هل المولد النبوي حرام ” يعد المولد النبوي واحد من أهم وأشهر الأعياد التي تمر علي المسلمين خلال العام، وهو احتمال يتم في اليوم مولد روسل لهدي صلي الله عليه وسلم، الوارد في 12 ربيع أول، أما عن سؤال هل الاحتفال به حلال أم حرام ؟ فهذا ما سنتعرف عليه سويا في مقالنا عبر موسوعة .
هل المولد النبوي حرام
تعددت الآراء حول الإفتاء بحرمانيته و حلاله، فتتواجد العديد الآراء بين من يؤيد أو يجيز الاحتفال به وإحياء ذكري حبيبنا المصطفي صلي الله عليه وسلم، ويوجد أيضا من يحرم الاحتفال بذكري المولد النبوي كونها بدعة لم تصدر عن النبي صلي الله عليه وسلم.
حكم المولد النبوي في المذاهب الأربعة
كما تعددت الديانات والمذاهب المختلفة للدين الواحد، فيوجد لدينا في الإسلام أربع مذاهب، ولكن كلها صحيحيه، حيث أن الاختلاف بينهم يكون في أضيق الحدود، فتتمثل المذاهب الأربعة في :
-
- المذهب الحنبلي.
- المذهب المالكي.
- المذهب الشافعي.
- المذهب الحنفي.
- لم يرد عن الأئمة الأربعة أي فتوي حول ظاهرة المولد النبوي، حيث أنه لم يتواجد في عصرهم أي من الفتن أو البدع المتواجدة في عصرنا الحالي، لذا فلم يتم صدور أي فتوي من خلال أي أحد منهم.
- فبدأت ظهور الخرافات والبدع بعد القرن الثالث الهجري، وكان من أهم العلماء الذين قاموا بالتصدي للفتن التي بدأت في الظهر كان الإمام بن تيمية رحمه الله.
- فقد حدد شيخ الإسلام في كتابه ” اقتضاء الصراط المستقيم ” فقال ” لم يقوم به السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه ولو كان هذا خيراً محضاً “
ومعني مقولته هي أن السلف الصالح لم يكن يقوم بهذا الفعل، مع أن السلف الصالح كان صاحب الحق الأكبر في هذا الاحتفال فقد كان أشد حبا وتبجيلا منا لرسولنا الحبيب، بل كانوا يظهرون محبتهم وتعظيمهم له من خلال إحياء سننه سرا وعلانية.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي ابن عثيمين
كما نعلم جميعا أنه من أهم أركان الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته ورسله، فلا يمكننا إكمال شعائر إيماننا بدون حبنا لرسول الهدي صلي الله عليه وسلم، لذا فمن الواجب علينا تعظيمه وتبجيله.
- أجاب الشيخ محمد بن عثيمين حول سؤاله حول حكم الاحتفال بالمولد النبوي بأنه ليس من شأننا ونحن نؤمن به خاتم الأنبياء والمرسلين وإمامنا المتبع الذي نسير علي هديه وخطاه، أن نأتي بعبادة جديدة قد ابتدعناها، فلا يجوز إلا إتباع العبادات التي شرعها الله لنا ورسوله.
- وبناءا علي هذا فإن الاحتفال بالعيد النبوي الشريف يعد بدعة، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” كل بدعة ضلالة ” ولم يختص بدع معينة لتكون مضلة ونقيضها من البدع المستحسنة، فجاءت مقولته عامة شاملة.
- وبناءا علي قول رسولنا الحبيب فقد أخرج الإمام النسائي أخر الحديث بقوله ” وكل ضلالة في النار ” فلو كان الاحتفال بمولد نبي الهدي صلي الله عليه وسلم من البدع أو من العبادات المستحبة، لكان أجازها الله ورسوله.
- ونظرا لذلك فلو كانت مباحة أو مستحبة لما تركها خلفاء النبي صلي الله عليه وسلم، ولا التابعين له ولسنته ولا الخلف الصالح من بعدهم أيضا.
- وقد أشار بن عثيمين إلي أن المستحب والصحيح هو تجنب مواضع الشبهات، والمواضيع التي لم يصدر أهليتها لا ي كتاب الله ولا في سنة رسوله ولا نهج السلف الصالح ممن عاصروا النبي صلي الله عليه وسلم.
هل الاحتفال بالمولد بدعة
أجمع الفقهاء علي تواجد رأيين حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فتمثل أحدها بالإباحة والأخر في الحرمانية التامة بالإجماع، ولكل رأي منهم المساند والبراهين التي تثبت صحية رأيهم.
- الرأي الأول: من أباح الاحتفال بالمولد النوبي الشريف من المتقدمين أمثال بن كثير في كتابه ” مولد ابن كثير ” و ” مولد العروس ” للإمام الجوزي وغيرهم ممن أجاز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وقاموا بتأليف عددا من الكتب في ذلك كما ذكرنا، لعل أبرز أراء المتقدمين منهم من أهل العلم هي:
- الإمام الحافظ ابن حجر: أجاز الإمام ابن حجر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بشرط عدم تجاوز المحاذير الدينية، علي الرغم من إقراره أنها بدعة فلم ترد عن أحد حتي السلف الصالح، ولكن صنفها تحت بند البدعة الحسنة.
- الإمام السخاوي: نقل عنه أنه قال أنه كان سيكون من المستحب الاحتفال به لو كان الغرض منه هو إدخال السرور علي أهل الإيمان بالفرح بقدوم اليوم الذي ولد فيع نبي الهدي، ولكن ما كان هذا إلا من عمل الشيطان، فيرحم الله من أتخذ ليالي الشهر الذي ولد فيه نبي الهدي عيدا بالإقبال علي الصلاة والقران.
- الإمام القسطلاني: بين أن المسلمين بعد القرون الثلاثة الأولي من وفاة رسول الله كانوا يحتفلون بعيد مولده، عن طريق التصدق خلال الشهر وإقامة الولائم وإظهار الفرح والسرور، مع إحياء السنن النبوية.
- الإمام ابن عياد: أباح الإمام بن عياد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف نتيجة لما يضيفه من بهجة وسرور علي قلوب المسلمين، فقال أنه مباح لا يوجد فارق بينه وبين أوقات الفرح.
- الإمام فتح الله البناني: أشار الإمام البناني إلى أنه مباح الاحتفال بالمولد النبوي، بالإضافة إلى اعتباره أفضل بدعة في تلك الفترة لما يكون لها من وقع علي المسلمين من صدقات وبيان الفرحة والسرور فيهم، وكل ذلك يعد من علامات حب المسلمين للنبي صلي الله عليه وسلم.
- الإمام السيوطي: أشار الإمام السيوطي إلى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يجب أن تكون مظاهره تقتضي علي ذكر الله وقراءة القران الكريم وتذكر السيرة النبوية المطهرة وتذكر معجزات حبيبنا رسول الله في يوم مولده، مع تناول الطعام إن أمكن فقط، دون زيادة فيثاب فاعلها لما لها من أجر عظيم في تعظيم النبي صلي الله عليه وسلم.
تعدد من أباح الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من المعاصرين ليتمثل أشهرهم في:
-
- الشيخ عبد الله بن بيه: أجاز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عن طريق التقرب لله بالصدقة والزكاة وقراءة القران وإحياء سنن النبي صلي الله عليه وسلم، مع مراعاة عدم القيام بأي شئ يخالف الشرع والسنة بالإضافة إلى ضرورة معرفة أن الاحتفال به ليس من السنة، ويثاب من أحيا ذكري حبيبنا محمد محبة فيه.
- دار الإفتاء الأردنية: أباح المفتي السابق لدار الإفتاء الأردنية الشيخ نوح علي سلمان، الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عن طريق إحياء سننه وذكر سيرته النبوية للاقتضاء به والتمسك بالدين، مع مراعاة عدم فعل أي عمل يخالف التعاليم الدينية والشريعة الإسلامية.
- دار الإفتاء المصرية: أجازت الإفتاء المصرية الاحتفال بالمولد النبي الشريف لما يحيه من سنن عن النبي صلي الله عليه وسلم، بالإضافة إلى عدم اعتباره من البدع فقد أستدلوا علي هذا من احتفال النبي صلي الله عليه وسلم بيوم مولده بالصوم فكما ذكر عن نبي الله صلي الله عليه وسلم ” قال يا نبيَّ اللهِ فصومُ يومِ الإثنينِ قال ذلك يومٌ ولدتُ فيهِ ويومٌ أُنزلت عليَّ فيهِ النبوةُ ” وهو حديث صحيح.
- الرأي الثاني: من امتنع وأشار إلى حرمانية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من المتقدمين أمثال شيخ الإسلام بن تيمية فقد أشار إلى عدم جواز الاحتفال به لأنة لم يرد عن السنة ولا في القران الكريم ولم يأتي لنا به خبر عن من قام به من الخلفاء الراشدين أو السلف الصالح الذين هم أولي منا بالاحتفال بذكري مولد النبي الحبيب، بالإضافة إلى موافقة الإمام الفاكهي في الرأي فأفتي بعدم جواز الاحتفال به حتي ولو يأتي فيه أي من المخالفات الدينية، وهذا بناءا علي عدم وجود أي بيان عن الاحتفال به لا في القران ولا في السنة ولا نقلا عن أحد التابعين.
بالإضافة إلى تعدد العلماء الذين لم يجيزوا الاحتفال بالمولد النبوي من المعاصرين، فلعل أشهرهم كان:
- الشيخ ابن الباز: أشار الشيخ ابن باز إلى عدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي وذلك نظرا إلى عدم ورود أي شئ يثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يحتفل بمولده أو نقل فعل ذلك عن أحد الصاحبة أو التابعين أو حتي السلف الصالح، فتعتبر ما هي إلا بدعة مستحدثة، وقد أستدل علي ذلك من قول النبي صلي لله عليه سلم في حديثه الكريم”مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهورَدٌّ ” وهو حديث صحيح، فهذا لم يرد عن النبي صلي الله عليه سلم.
حقيقة الاحتفال بالمولد النبوي
- حدد العلماء الذين يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بأنه يتم الاحتفال من خلال اجتماع النس لقراءة القران وسماع السيرة النبوية والمعجزات التي حدثت في سيرته منذ بداية مولده، وعند ذكر مولد حبيبنا الكريم يقف الحاضرون تعظيما واحتراما لمحمد صلي الله عليه وسلم ويرددون ” طلع البدر علينا ” ثم يتناولون الطعام إن وجد.
في ختام موضعنا الذي كان يدور حول سؤال ” هل المولد النبوي حرام ” نقف مجددا في حيرة من أمرنا حول ما إذا كان حلالا أم حراما، ونجد أنفسنا في حيرة من أمرنا أكثر إذ علمنا تضارب واختلاف أراء علماء وفقهاء الدين حول إجابة هذا السؤال، فإذا توجهنا إلى أنه مباح فعلينا مراعاة عدم فعل أي عمل يخالف المحاذير الشرعية، أو نتجه إلى قول حديث رسول الله ” فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ ” والعمل بقول من أشاروا إلى عدم جوازه لعد إيراده في السنة أو القران الكريم.
المولد النبوي 2021
سيوافق يوم المولد النبوي الشريف يوم 18/10/2021 أي يوم الاثنين من الشهر المقبل إن شاء الله.
المراجع
- 1