د. عبدالمهدي القطامين
كثيرا ما اسمع من كثيرين وربما اهمس لذاتي سؤالا يتردد صداه بقوة …. هل اصبحنا دولة فاشلة؟ ولتعريف الدولة الفاشلة كما اتفق علماء الاجتماع السياسي فأن الدولة تصبح فاشلة إذا ظهر عليها عددٌ من الأعراض أولها أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد احتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها هو فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. … ورابعها عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية ثم ان من سمات الدولة الفاشلة تراجع القضاء بصورة حادة ويصبح اداة من ادوات السلطة التنفيذية ومن سماتها ايضا انعدام الامن وتشكل عصابات الخطف والقتل دون خوف او وجل من العقاب واذا ما حاولنا تطبيق المفهوم اعلاه فأننا نبتعد كثيرا عن السمات الدالة لمفوم الفشل وان ما يظهر من اعراض هنا وهناك وهنات وضعف في بعض مؤسسات الدولة مرده الأساس ضعف الأقتصاد الوطني وتراجعه وتراجع كفاءة بعض القيادات الادارية والسياسية التي تسللت على غفلة الى مراكز صنع القرار بفعل عوامل عدة لا مجال لذكرها في مقال سريع كهذا المقال .
اذن نحن امام واقع جديد في الدولة الاردنية لم تعهده من قبل وان كانت مرت بظروف مشابهة الا انها كانت تخرج منها بأقل الخسائر وتعاود رحلة البناء مجددا .
هل يمكن الخلاص من مظاهر الضعف التي تطال مفاصل الدولة بالتأكيد نستطيع لكن ذلك يحتاج الى امرين ارادة سياسية وارادة ادارية ولا اظن ان الارادتين تتقاطعان او انهما لا تستجيبان لمتطلبات الاصلاح والتطوير ولا اقول التغيير فدائما التغيير مربك وقاتل في كل دول العالم ناهيك عن دولة من دول العالم الثالث تتربع على منطقة جيوسياسية قاتلة ان اسيء استغلالها .
الكثير من المثقفين والكثير من العوام يتفقون على ان لا ارادة سياسية في محاولة انقاذ البلاد من الحالة الرخوة التي تعيش واجدني مضطرا لكي اكون على خلاف مع وجهات النظر المطلقة هذه فلا مصلحة ابدا للنظام السياسي ولا لرأس النظام الملك في معادلة اضعاف البلاد الى حد وصول عدم التيقن وانتشار النظرة السوداوية بصورة كبيرة ولا مصلحة للملك في توريث ولي عهده بعد عمر طويل مملكة مهزوزة ضعيفة تقف على تخوم الدول الفاشلة ولكن مصلحته تكمن ومصلحة الناس ومصلحة الوطن ان تكون هذه المملكة التي لعب القدر كثيرا بماضيها وحاضرها قوية منيعة مصونة من العيوب فلا مجال ابدا للمغامرة بتغيير مفاجيء يأكل الاخضر واليابس ويدفع المنطقة برمتها الى صراعات متوحشة لا يعرف فيها القاتل لماذا قتل والمقتول لماذا قتل .
ما زلت رغم سوادويتي في الكثير من الأحيان تجاه ما يرتكب من خطايا بنيوية في جهاز الدولة بمختلف قطاعاتها اؤمن ان لدينا الكثير لنعمله وان ارادة الملك تجاه البناء والاعمار تسير بطريقة متسارعة لكن لنعترف ان لدينا من يقاوم وهم طبقة فاسدة ترى ان مصالحها قد تتهدد اذا اصبح لدينا ديموقراطية حقيقية بعيدة عن التشويه الذي طال مسيرة البلاد الديموقراطية التي جاءت على وقع الاحداث العاصفة التي عاشها الجنوب تحديدا عام ٨٩ في هبة نيسان والتي غيرت قواعد اللعبة في الحكم تجاه تشاركية مثمرة للجميع ومن الجميع .
كاتب اردني
Source: Raialyoum.com