يوميات من البؤرة الأصلية لكورونا.. أديبة صينية نقلت معاناة ووهان إلى العالم

لأكثر من شهرين أثناء إغلاق المدينة بسبب تفشي جائحة كورونا، شاركت الأديبة والكاتبة الصينية فانغ فانغ، مذكرات يومية على الإنترنت توضح حياة الناس ومعاناتهم في ووهان بؤرة تفشي كورونا الأولى.

Share your love

الكاتبة الصينية فانغ فانغ مؤلفة "يوميات ووهان: برقيات من البؤرة الأصلية" (مواقع التواصل)

طوال شهرين أثناء إغلاق مدينة ووهان بسبب تفشي جائحة كورونا، شاركت الأديبة والكاتبة الصينية وانغ فانغ، التي تستخدم الاسم المستعار فانغ فانغ، مذكرات يومية على الإنترنت توضح حياة الناس ومعاناتهم في المدينة الصينية التي شهدت اندلاع الجائحة.

المذكرات لم تقدم فحسب نافذة يمكن للقراء عبرها معرفة مجريات الأمور في ووهان، ولكن أيضا صوتا صينيا ناقدا نادرا تجرأ على مناقشة أخطاء الحكومة في التعامل مع الأزمة، وبالطبع لم يخل الأمر من صعوبات كبيرة؛ إذ تعرضت لإساءات وانتقادات واسعة النطاق عبر الإنترنت من شخصيات إعلامية وناشطين من الحزب الحاكم.

وكتبت فانغ على منصة التواصل الاجتماعي ويبو “أنا أتعرض للإساءة لكل ما أقوله الآن”، وأضافت “لقد تلقيت بالفعل درسا في العنف عبر الإنترنت”، وتابعت “اليسار المتطرف قوي حقا”، وقارنت الإساءات التي تعرضت لها بمرحلة الاضطراب السياسي أثناء ما عرف بحقبة الثورة الثقافية في الصين (1966-1976).

بدأت فانغ فانغ اليوميات في 25 يناير/كانون الثاني، اليوم الثالث من الإغلاق الكامل للمدينة الذي ترك الملايين من الناس محصورين في منازلهم، وتحدثت عن أصدقائها وعائلتها، ومدى عدم ارتياحها من ارتداء القناع، ووفاة مرضى الكورونا، وكذلك سخرت من منتقديها الذين احتشدوا على المنصات الإلكترونية.

وحدثت فانغ اليوميات بشكل دوري حتى 24 مارس/آذار، وأنهتها بعبارة “لقد خضت أفضل معركة على الإطلاق”، ونشرت اليوميات في كتاب يصدر قريبا باللغتين الإنجليزية والألمانية. 

يوميات حزينة ومحظورة
وقالت فانغ في يومياتها “كم عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في ووهان ودمرت عائلاتهم؟” وأضافت في 31 يناير/كانون الثاني “ولكن حتى الآن لم يعتذر أي شخص أو يتحمل المسؤولية. لقد رأيت كاتبا يستخدم عبارة “النصر الكامل”. عن ماذا يتحدثون أو ما الذي يتكلمون عنه؟”.

وانتشرت منشوراتها بسرعة على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي حتى عندما حذفها الرقباء بسرعة، وفقا لمجلة ذا ديبلومات اليابانية.

وكشفت منشورات فانغ التي تحولت إلى كتاب “يوميات ووهان: برقيات من البؤرة الأصلية” عن التأثير الواسع للجائحة في ووهان، وحجر الحكومة على سكان المدينة، ومخاوف وإحباطات وغضب وأمل الملايين من الصينيين العاديين الذين تضررت حياتهم بشكل هائل، وتناولت التأثير النفسي للعزلة الإجبارية، ودور الإنترنت كمورد حيوي للمجتمع ومصدر للمعلومات المضللة كذلك، والأكثر مأساوية تناولت اليوميات حياة الجيران والأصدقاء الذين قضوا بالفيروس المميت. 

النسخة الإنجليزية من “يوميات ووهان” للكاتبة الصينية فانغ فانغ (الجزيرة)

وجرى إغلاق حساب فانغ في موقع التواصل الصيني ويبو حيث كان لديها أكثر من 3.8 ملايين متابع، في فبراير/شباط وأعيد لاحقا، ويقول معجبوها في الصين إنها تمثل “ضمير ووهان”.

وكتبت الأديبة الصينية مؤخرا “عزيزي مراقب الإنترنت، يجب أن تدع سكان ووهان يتحدثون” وتابعت “إذا لم تسمح لنا بالتعبير عن معاناتنا أو شكاوانا أو تأملاتنا، فهل تريدنا أن نجن حقا؟”، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وستنشر دار هاربر كولينز بواسطة أمازون، يوميات ووهان باللغة الإنجليزية، وتقول الدعاية الترويجية للناشر “في دولة تستخدم فيها السلطات التكنولوجيا لمراقبة المواطنين عن كثب والتحكم في وسائل الإعلام بإحكام، غالبا ما يمارس الكتاب رقابة ذاتية على كتاباتهم، ومع ذلك، فإن الواقع الصارخ لهذا الوضع المدمر دفع فانغ للتحدث بشجاعة ضد الظلم الاجتماعي والفساد وإساءة المعاملة والمشاكل السياسية النظامية التي أعاقت الاستجابة الفعالة للوباء”، ودفعت الكاتبة ثمنا لمنشوراتها بحذف العديد من منشوراتها وإغلاق مدونتها بشكل مؤقت عدة مرات.

وتلتقط اليوميات تحديات الحياة اليومية والمزاج المتغير والعواطف من الحجر الصحي دون معلومات موثوقة، وبينما توثق فانغ فانغ بداية الأزمة الصحية العالمية، تقدم التجربة الصينية بشكل واقعي أمام العديد من البلدان التي تتعامل مع جائحة فيروس كورونا.  

الأديبة الواقعية
ويقول تقرير مجلة ذا ديبلومات إن فانغ ليست بالتأكيد الكاتبة الحية الأكثر شهرة في الصين لكن آلاف الصينيين يقدرونها باعتبارها الصوت الأدبي للصين المنكوبة بكورونا، وفازت فانغ بالعديد من الجوائز الأدبية قبل انتشار الجائحة بما في ذلك جائزة لو شون الأدبية المرموقة في الصين في عام 2010 وعملت نائبة لرئيس رابطة كتاب مقاطعة هوبي.

وتركزت أعمال فانغ المبكرة، معظمها قصص قصيرة، بشكل رئيسي على فقراء ووهان -من عمال المصانع الحضرية إلى مثقفي الطبقة الوسطى في المدينة- وتنتمي كتاباتها لأدب “الواقعية الجديدة” في الصين التي ولدت فيها لعائلة أدبية في عام 1955 وعاشت حياة قاسية في شبابها، ونقلت المجلة الأميركية عن الناقد الأدبي الصيني المعروف هان شاوجونغ قوله “سر نجاح فانغ فانغ هو أنها تستطيع التقاط تعقيدات الحياة المتغيرة باستمرار دون أن تفقد خيطها”.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!