‘);
}
آداب قضاء الديون
أهمية قضاء الدين في الإسلام
أولى الإسلام حقوق العباد أهمية خاصة ونبَّه إلى ضرورة أن يفي المسلم للناس ما عليه من حقوقٍ لهم، “حتى قرر أهل العلم قاعدتهم المشهورة: حقوق الله مبنية على التيسير والمسامحة”، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ).[١][٢]
“ولأنَّ حقوق الآدميين مبنية على المشاحة، بخلاف حقوق الله -عز وجل- المبنية على المسامحة”، كان من أهم تلك الحقوق التي يجب أداؤها بين الناس: الوفاء بالدين،[٣]فقد خصص الله -عز وجل- في سورة البقرة آيةً هي أطول آية في القرآن الكريم سُميت بآية الدين.
‘);
}
وذلك لبيان أهمية سداد هذا الحق وخطورته بين العباد، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)،[٤]كذلك جاء التحذير شديداً في السنة النبوية الشريفة في عدم قضاء الدين، قال -عليه السلام-: (مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّهُ).[٥]
آداب قضاء الدين في الإسلام
آداب تتعلق بالدائن
الدائن هو الشخص الذي أعطى المال لشخص آخر في مقابل أن يرده له ويسمى المقرض، وهناك آداب لا بُدَّ أن يتحلى بها الدائن منها ما يأتي:
- استحضار النية
لا بُدَّ لكل معاملة بين المسلمين أن تكون مبنية على النية الطيبة، ليُحصِّل بها المسلم الأجر العظيم من عند الله -عز وجل-، فعندما يوافق الدائن على إقراض المدين فليستحضر نية تفريج الكرب عن أخيه المسلم، وإغنائه عن مسألة الناس، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عنْه).[٦]
- إمهال المعسر
من آداب الدائن أن يُمهل أخاه المعسر إن لم يستطع أداء الدين في وقته المُتفق عليه بينهما، وأن يكون سمحاً في تعامله مراعياً للظروف إلى حين أن تتيسر الأمور ويُوفي المدين له دينه، لقوله -تعالى-: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ).[٧]
- الترفق بطلب الدين
المسلم مؤدب في جميع تعاملاته مع الناس وكذلك يكون حاله عند طلبه لحقه ممن تداين منه، فلا يفضحه ولا يقلل من شأنه أو يذله بل يكون ليناً رفيقًا بمطالبته، إلا إذا أحسَّ بمماطلة غير مبررة فإنه يرفع أمره للقضاء، قال -صلى الله عليه وسلم-: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى).[٨][٩]
- مسامحة المعسر
إن شَعَرَ الدائن أنَّ المدين غير قادر على السداد وضاقت به السبل إلى ذلك، فله أن يسامح بها ويعتبرها من قبيل الصدقة لما يترتب عليها من أجر عظيم عند الله، حيث قال -عز وجل-: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).[٧]
آداب تتعلق بالمدين
المدين هو من قام بأخذ المال، وعليه أن يتحلى بآداب عدة منها ما يأتي:
- العزم على قضاء الدين
من المهم أن لا يلجأ المسلم إلى الدين إلا لضرورة مُلحة، فلا يطلب ديناً للكماليات أو الترف، وأن يكون صادقاً في نيته لإرجاع ما أخذه من الدائن دون أن يكون قاصداً أن يأكل حقه، فإذا صدقت نيته يسَّر الله له ذلك وكان في عونه.[١٠]
وعليه أن يعلم أنَّ الدين لا يسقط إلا بالأداء أو بالإبراء عن طيب نفس من الدائن، لقول النبي -عليه السلام-: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ).[١١][١٢]
- أداء الدين بموعده
عدم التأخر في سداد الدين والمماطلة به أمر مهم لما فيه من ظلم وإضرار بالدائن، قال النبي -عليه السلام-: (مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ)،[١٣] والمطل: هو التسويف والتأخير في قضاء الدين، فإذا ماطل الغني فهذا يعد ظلماً؛ لأنه قادر على السداد ورد المال.[١٤]
- شكر الدائن
من آداب قضاء الدين إظهار الامتنان والشكر للدائن وردِّ دينه إليه كما أخذه منه، دون أن يُظهر امتعاضه وتأففه فيظهر كأنَّه هو صاحب الحق وكأنه مجبر على الأداء.
المراجع
- ↑سورة النساء، آية:29
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 17952. بتصرّف.
- ↑ابن جبرين، كتاب شرح عمدة الأحكام لابن جبرين، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑سورة البقرة، آية:282
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2387، حديث صحيح.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة، الصفحة أو الرقم:1563، حديث صحيح.
- ^أبسورة البقرة، آية:280
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2076، حديث صحيح.
- ↑عبد الحق الدهلوي، كتاب لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح، صفحة 515. بتصرّف.
- ↑ محمد الخضر حسين، كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين، صفحة 140. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1886، حديث صحيح.
- ↑البركتي، كتاب قواعد الفقه، صفحة 296. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:2400، حديث صحيح.
- ↑عبد الرحمن بن قاسم، كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم، صفحة 208. بتصرّف.