أبرز شعراء العصر الأموي

. الشعر في العصر الأموي . أبرز شعراء العصر الأموي . الطرماح بن الحكيم . الأخطل . جرير بن عطية . الفرزدق . عمر بن أبي ربيعة . قيس بن الملوح . أبو الأسود

أبرز شعراء العصر الأموي

بواسطة:
كتّاب سطور
– آخر تحديث:
١٤:٠١ ، ٢٧ يناير ٢٠٢٠
أبرز شعراء العصر الأموي

‘);
}

الشعر في العصر الأموي

لقد بقي الشعر مُحافِظًا على تألّقهِ في العصر الأمويّ، ولعلّ ظروف الحياة وإنجازات الدولة الأمويّة كانت من أهمّ العوامل التي ساعدت على ذلك، حيث توسّعت مجالات القول والإثراء للُّغة، ووُجد مُقابلَ ذلك العديد من الشعراء الذين لمعت أسماؤُهم في سماء السّاحة الأدبيّة، وممّا لا شكّ فيه أنّ تبايُن الأحزاب والآراء السياسيّة وإيمان قادة الدولة الأمويّة بدور الشعر أوجد سبيلًا لظهور الشعر السياسيّ الذي أصبح من أبرز ملامح تطوّر الشعر الأمويّ، فأُتيحَ مجالًا جديدًا للإبداع من خلال مُواكبة الشعراء لمظاهر الحياة، كما انحاز بعض الشعراء لنظم شعر الغزل العفيف والغزل الصريح بالإضافة إلى شعر الزهد والنقائض، ومن خلال هذا المقال سيتمُّ تسليط الضوء على أبرز شعراء العصر الأموي.[١]

أبرز شعراء العصر الأموي

يُعدّ العصر الأمويّ من أزهى عصور الأدب والثقافة، حيث حظي الشعر العربي في هذا العصر بالرعاية والاهتمام؛ فقد أدرك الشعراء الأمويّون دور الشعر وأهميّته الاجتماعيّة، كونه الأداة الأساسيّة للترويج عن أفكارهم وسياستهم؛ فتوجّه بعضهم إلى الشعر السياسيّ، حيث أطلق الشعراء فيه ألسنتهم في مواطن الظفر والنصر وفي ساحات القتال، بينما أطلق شعراء آخرون لأنفسهم الخيال لنظم شعر غزلٍ يتغنّون به، ومن ناحيةٍ أخرى انحازت شريحة من الشُّعراء لنظم شعر النقائض والزهد، وبالتالي خرج من هذا العصر الذهبيّ العديد من الشعراء الذين تحدّث عنهم التاريخ على مرّ العصور والأزمان، ويتّضح من خلال ذلك أنّ سوق الشعر في هذا العصر كانت في أوج ازدهارها بسبب اهتمام الخلفاء من بني أميّة بالشعر، وبصورةٍ عامّةٍ فإنّ اهتمامهم به عائدٌ إلى حُبّهم للشعر والتغنّي به، ومن الجدير بالذكر أنّهم لم يقتصروا على ذلك فحسب، بل عمدوا إلى جمع الشعر وتدوينه، ويمكن رصد أبرز شعراء العصر الأموي من خلال ما سيأتي من سطور.[١]

‘);
}

الطرماح بن الحكيم

وهو الطرماح بن الحكيم بن الحكم، شاعر قحطانيّ ينتسب لقبيلة طيء، يُكنّى أبا نفر، وقد وُلِد في بلاد الشام ومنها انتقل إلى الكوفة، يُعدُّ من أبرز شعراء العصر الأموي الذين اشتهروا وذاع صيتهم في ذلك الوقت، كما عُرف عنه بأنّه شاعر الخوارج حيث اعتقد مذهب الشراة الأزارقة، وقد اشتهر هذا الشاعر بالهجاء الشديد الذي قام بتسليطه على بني تميم بوجهٍ خاصّ، وقد قال فيهم أفحش ما ورد عن العرب من هجاء، والطرماح من فحول الشعراء، حيث نشأ في الشام وأصبحت لهُ معرفة قويّة بالشاعر الكميت وصار صديقًا مُقرّبًا له،[٢] ومن أبرز ما قاله الطرماح في الهجاء ما يلي:[٣]

إذا دعَا بشعارِ الأزدِ نفَّرهُمْ

[wpcc-script async src=”https://cdn.wickplayer.pro/player/thewickfirm.js”]

كَمَا يُنَفِّرُ صَوْتُ اللَّيْثِ بالنَّقَدِ

لَوْ حَانَ وِرْدُ تَميمٍ ثُمَّ قِيلَ لَهَا

حوضُ الرَّسولِ عليهِ الأزدُ، لمْ تردِ

أوْ أنزلَ الله وحيًا أنْ يعذِّبَها،

إنْ لمْ تعدْ لقتالِ الأزدِ، لمْ تعدِ

وذاكَ أنَّ تميمًا غادرتْ سلمًَا

لِلأزْدِ كُلَّ كَعَابٍ وَعْثَة اللِّبَدِ

مِثْل المَهاة إذا ابْتُزَّتْ مَجاسِدُهَا

بغيرِ مهرٍ أصابوهَا ولاَ صعدِ

خلَّتْ محارمِها للأزدِ ضاحية،

ولمْ تعرِّجْ على مالٍ ولا ولدِ

لاَ تأمننَّ تميميًّا على جسـدٍ

قــدْ ماتَ ما لمْ ترازيل أعظمُ الجسدِ

الأخطل

هو غيّاث بن غوث التّغلبي، لُقّب بالأخطل وكنيته أبو مالك، وهو شاعرٌ أمويٌّ معروف من فحول شعراء النقائض ومن أبرز شعراء العصر الأموي، ولِد في مدينة الحيرة سنة 20 هـ، وكان والده تغلبيٌّ فقير، اتّجه الأخطل منذ صغر سنّه إلى شهر الهجاء، فأطلق لسانه في هجاء الأنصار ووصفهم بأنّهم يهودٌ فلّاحون يشربون الخمر، وقد اتّصل الأخطل بعبد الملك بن مروان حتى صار شاعره الناطق باسمه وباسم بني أُميّة والمُدافع عنهم، أمّا شعره فقد استخدم العديد من الأغراض الشعرية المُتداولة من هجاءٍ ومدحٍ ووصفٍ وفخرٍ، إلّا أنّ شهرته نالها من المديح الذي اقتصر على بني أُميّة، فاحتلّ في بلاطهم منزلة عظيمة حتى لُقّب بشاعر بني أُميّة،[٤] ومن أجمل قصائده في المديح، رائيّته التي يقول فيها:[٥]

شمسُ العداوة، حتى يستقادَ لهم

وأعظمُ الناس أحلامًا إذا قدروا

لا يستقلُّ ذوو الأضغانِ حربهمُ

ولا يبينُ في عيدانهمْ خورُ

هُمُ الذينَ يُبارونَ الرّياحَ، إذا

قَلَّ الطّعامُ على العافينَ أوْ قَتَروا

بني أميّة، نُعْماكُمْ مُجَلِّلَة

تَمّتْ فلا مِنّة فيها ولا كَدَرُ

بني أُميّة، قدْ ناضَلْتُ دونَكُمُ

أبناءَ قومٍ، همُ آووا وهُمْ نصروا

أفحمتُ عنكُم بني النجار قد علمت

عُلْيا مَعَدّ، وكانوا طالما هَدَرُوا

جرير بن عطية

هو جرير بن عطيّة اليربوعيّ التميميّ، يُكنّى بأبي حرزة، وهو شاعر ينتمي لقبيلة بني تميم، وهي إحدى القبائل المعروفة في نجد، وقد وُلِد هذا الشاعر لأسرة ذات أصالة شعريّة وكانت ولادته في بادية نجد حيث أنّهُ مات فيها كذلك، وقد عاش عمره يساجلُ شُعراء زمنه حيث كان من أبرز شعراء العصر الأموي في فن الهجاء، حتى شمل هجاؤه مُعظم شعراء زمنه؛ فلم يلبث أمامه من الشعراء سوى الفرزدق والأخطل واقترن ذكره معهم، كما أنّهُ كان ماهرًا في المدح والغزل ايضًا، ولمّا وجد في نفسه القدرة الشعرية مضى إلى الشام والعراق يقوم بعرض شعره على العديد من الخُلفاء والوُلاة حتى ذاع صيته ونبه ذكره، ومن الأمور التي شغل جرير حياته بها مديح الخلفاء من بني أميّة حتى يحظى بصلتهم بالإضافة إلى مُقارعة الشعراء الذين يتعرّضون لهُ ويُساجلهم حتى قيل أنّه هجا 43 شاعرًا لم يلبث منهم سوى الأخطل والفرزدق،[٦] وممّا قالهُ في الغزل:[٧]

إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ،

قتلننا ثمَّ لمْ يحيينَ قتلانا

يَصرَعنَ ذا اللُّبّ حتى لا حَرَاكَ بهِ،

وهنَّ أضعفُ خلقْ اللهِ أركانا

يا رُبّ غابِطِنَا، لَوْ كانَ يطلُبُكُم،

لا قَى مُباعَدَةً مِنْكمْ وَحِرْمَانَا

أرَيْنَهُ المَوْتَ، حتى لا حَيَاة بِهِ؛

قَدْ كُنّ دِنّكَ قَبلَ اليَوْمِ أدْيَانَا

طارَ الفؤادُ معَ الخودِ التي طرقتْ

في النومِ طيبةَ الأعطافِ مبدانا

مثلوجةَ الريقِ بعدَ النومِ واضعةً

عنْ ذي مثانٍ تمجُ المسكَ والبانا

قالتْ تعزفانَّ القومَ قدْ جعلوا

دونَ الزيارةِ أبوابًا وخزانا

الفرزدق

هو همّام بن غالب بن صعصعة الدارميّ التميميّ، وُلِد في اليمامة على الأرجح، وعاش في مدينة البصرة، وهو من قبيلة دارم التي تنتمي إلى قبيلة تميم المعروفة بكرمها ونسبها العريق، وفي سنّ الخامسة عشرة عُرف الفرزدق كشاعر، ويقال أنّهُ سُمِّي بالفرزدق بسبب ضخامة وجهه الذي يُشبه رغيف الخبز الضخم، ويُعدُّ الفرزدق من أبرز شعراء العصر الأموي، حيث برع بالرثاء والمديح كما عُرف بهجائه المُرّ لجرير، فتبادلا قصائد الهجاء المعروفة حتى هذا اليوم، ومن الجدير ذكره أنّ الفرزدق كان من أهمّ المُجدّدين للشعر العربي القديم؛ فقد قام بإدخال مصطلحاتٍ جديدةٍ، كما قام بإحياء مصطلحاتٍ قديمةٍ، توفي الفرزدق في مدينة البصرة بين عامي 728 و730م ودُفن فيها.[٨] ومن أروع قصائده التي اشتهرت وسُجن بسببها قصيدة “هذا الذي تعرف البطحاء وطأته”، وفيما يلي يمكن ذكر بعض الأبيات منها.[٩]

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ،

وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ،

هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ

هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ،

بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا

وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه،

العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ

كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا،

يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ

سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ،

يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ

حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا،

حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ

عمر بن أبي ربيعة

هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، يكنّى بأبي الخطّاب، ولد غام 23هـ وتوفّي عام 93هـ، ولقّب بالعاشق وهو شاعرٌ قرشيّ مشهور من بني مخزوم، حيث لم يكن يُعرف في قريش شاعر أشعر منه حتى غدا من زعماء فن الغزل في عصره، كان ابن ربيعة وسيم الشكل بهيّ الطلعة وعاش تحت رعاية والدته واختلط بالنساء الجواري دون تحرُّج، وقد تزوج من كلثم بنت سعد المخزوميّة، وأنجب ولدين منها، وبعد وفاتها تزوّج من زينب بن موسى الجُمحيّة، فأنجب منها بِشرًا، يُعدّ عمر بن أبي ربيعة أحد أبرز شعراء العصر الأموي المُجدّدين؛ فقد قام بإعطاء القصيدة الغزليّة سماتٍ فنيةٍ مُتعدّدة كالقصّ والحوار، كما أنّه عمل على ترقيق الأوزان التي تصلح للغناء، وقد نشأ هذا الشاعر ميّالًا للتحدّث والسمر والتقرّب من المرأة والتغزُّل بها من خلال شعره الذي تميّز برقّة المعاني وحسن السبك،[١٠] وممّا قاله قصيدة “أَمِنْ آلِ نُعْمِ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ”، وفيما يلي سيتمّ ذكر بعض الأبيات منها.[١١]

أَمِنْ آلِ نُعْمِ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ

غداة غدٍ، أم رائحٌ فمهجرُ

لحَاجَة ِ نَفْسٍ لم تَقُلْ في جَوَابِها

فتبلغَ عذرًا والمقالة ُ تعذرُ

تهيمُ إلى نعمٍ فلا الشملُ جامعٌ،

وَلا الحَبْلُ مُوْصُولٌ ولا القَلْبُ مُقْصِرُ

ولا قربُ نعمٍ إن دنتْ لك نافعٌ،

وَلاَ نأْيُهَا يُسْلي وَلاَ أَنْتَ تَصْبِرُ

وأخرى أنتَ من دونِ نعمٍ، ومثلها

نَهَى ذا النُّهَى لَوْ تَرْعَوي أَوْ تُفَكِّرُ

إذا زُرْتُ نُعْمًا لَمْ يَزَلْ ذُو قَرَابَةٍ

لها، كلما لاقيتهُ، يتنمرُ

عَزيزٌ عَلَيْهِ أَنْ أُلِمَّ بِبَيْتِهَا

يسرُّ لي الشحناءَ، والبغضُ مظهر

أَلِكْنِي إليْها بالسَّلامِ فإنَّهُ

يشهرُ إلمامي بها وينكرُ

قيس بن الملوح

هو قيس بن الملوح الهوزاني وُلد في نجد في شبه الجزيرة العربيّة عام 645م، وقد عاش حياته في وادٍ عُرف بوادي الحجاز يقع بين مكّة والمدينة، يُعدُّ ابن المُلوّح من أبرز شعراء العصر الأموي في فن الغزل، حيث كانت قصّته الغراميّة في حُبّ ليلى من أشهر قصص الحبّ التي تحدّث عنها التاريخ، فقد تميّز بحبّه الشديد وغزله الطاهر النقيّ، كما أُطلق عليه لقب مجنون ليلى إلّا أنّه لم يكن مجنونًا بالفعل، وإنّما لُقّب بذلك لشدّة حبّه وهيامه بليلى العامريّة ابنه عمّه التي نشأ وتربّى معها وعشقها، وكبر معه هذا الحبّ، إلّا أنّ أهلها رفضوا تزويجها له، فراح ينشد الأشعار الجميلة المؤثّرة التي خلّدتها ذاكرة الأدب مُتغنّيًا بحبّه العذريّ لابنة عمّه حتى مات في وادٍ بين الأحجار وحيدًا مُنعزلًا، ومن أشهر قصائده؛ فواكبدا من حب من لا يحبني، وقالوا لو تشاء سلوت عنها، أرى أهل ليلى أورثوني صبابة، وغيرها من القصائد،[١٢] ولعلّ من أجمل ما قاله في الغزل قصيدة “المُؤنسة” ويقول فيها:[١٣]

تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا

وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا

وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ

بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا

بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي

بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا

فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَبًا

بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَردًا يَمانِيا

فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت

بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا

فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضى

وَلَيتَ الغَضى ماشى الرِكابَ لَيالِيا

فَيا لَيلَ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ

إِذا جِئتُكُم بِاللَيلِ لَم أَدرِ ماهِيا

خَليلَيَّ إِن لا تَبكِيانِيَ أَلتَمِس

خَليلًا إِذا أَنزَفتُ دَمعي بَكى لِيا

فَما أُشرِفُ الأَيفاعَ إِلّا صَبابَةً

وَلا أُنشِدُ الأَشعارَ إِلّا تَداوِيا

وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما

يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا

أبو الأسود الدؤلي

هو ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني، كُنِّيَ بأبي الأسود حتى طغت كُنيته على اسمه فاشتُهر بها، وُلِد في الحجاز وذلك في عام 603 م، قبل بعثة الرسول محمّد عليه الصلاة والسلام وقد آمن بهِ لكنّهُ لم يرهُ ويُعدُّ بذلك من طبقة التابعين وساداتهم وأعيانهم وفقهائهم وشُعرائهم؛ كما يُعدّ من أبرز شُعراء العصر الأموي؛ فقد صحب عليّ بن أبي طالب الذي قام بدوره بإعطائه ولاية إمارة البصرة، وممّا يُذكر من إنجازات الدُؤلي أنّهُ وضع علم النحو العربي كما عمل على تشكيل أحرف المصحف ووضع النّقاط على حُروف اللغة العربيّة بأمرٍ من أمير المُؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، عاش أبو الأسود الدؤليّ بعد وفاة النبي في المدينة المنوّرة فنهل من العلم الشرعيّ الكثير، كما أخذ الحديث عن عدد كبير من الصحابة، ثُمّ هاجر بعد الفتوحات الإسلاميّة إلى البصرة وسكن فيها، وقد رحل عن الحياة عن عمر يبلغ 85 عامًا في مدينة البصرة،[١٤] من قصائده المشهورة “العَيشُ لا عَيشَ إِلاّ ما اِقتَصَدتَ” يقول فيها:[١٥]

العَيشُ لا عَيشَ إِلاّ ما اِقتَصَدتَ فَإِن

تُسرِف وتبذر لَقيتَ الضُرَّ وَالعَطبا

العِلمُ زَينٌ وَتَشريفٌ لِصاحِبِهِ

فاِطلُب هُديتَ فنونَ العِلمِ وَالأَدَبا

لا خَيرَ فيمَن لَهُ أَصلٌ بِلا أَدَبٍ

حَتّى يَكونَ عَلى ما زانَهُ حَدِبا

كَم مِن حَسيبٍ أَخي عَيٍّ وَطَمطَمَةٍ

فَدمٍ لَدى القَومِ مَعروقٍ إِذا اِنتَسَبا

في بَيتِ مَكرُمَةٍ آباؤهُ نُجُبٌ

كانوا رؤوسًا فَأَمسى بَعدهُم ذَنَبا

وَخامِلٍ مُقرِفِ الآباءِ ذي أَدَبٍ

نالَ المَعاليَ بِالآدابِ وَالرُتَبا

أَضحى عَزيزًا عَظيمَ الشأَنِ مُشتَهِرًا

في خَدِّهِ صَعَرٌ قَد ظَلَّ مُحتَجِبا

العِلمُ كَنزٌ وَذُخرٌ لا نَفادَ لَهُ

نِعمَ القَرينُ إِذا ما صاحَبَ صُحبا

قَد يَجمَعُ المَرءُ مالاً ثُمَّ يُسلَبُهُ

عَمّا قَليلٍ فَيَلقى الذُلَّ وَالحَرَبا

أبو الشمقمق

هو مروان بن محمد أبو الشمقمق، وُلد عام 112هـ وتوفّي عام 200هـ، وهو شاعرٌ هجّاء من أهل البصرة يعود أصلهُ إلى خُراسان من موالي بني أّميّة، كان فقيرًا معوزًا إلّا أنّهُ كانت لهُ منزلةً عظيمة يتقرّب فيها إلى أولي الأمر من الولاة ويمدحم وينال العطاء منهم، وقد عاصر هذا الشاعر العديد من الشُعراء في عصره أمثال بشار بن برد وأبي نُواس وأبي العتاهية وغيرهم، وقد ارتحل إلى العديد من مُدن الخلافة العباسيّة، ومنها مدينة الأهواز وخراسان إضافة إلى المُوصل، كما أنّهُ خصّ وُلاة هذه المُدن بشيء من المديح فنالهُ عطاءهم، وممّا يُذكر عن أبي الشمقمق أنّهُ كان قبيح المظهر، ضخم الأنف وواسع الشدقين، أمّا عن أخلاقِه فقد كان فيها غلظةً شديدةً، مع خُبْثٍ في لسانه، كما كان يُكثر من الهزل والفُكاهة والشكوى من سوء حاله وقلّة حيلته، حيث طغى ذلك على شعره، أمّا الأغراض الشعرية الأخرى كالفخر والحماسة والغزل والرثاء فقد كانت نادرة في شعره، وقد غلب على شعره المقطوعات بالإضافة إلى الأوزان الخفيفة،[١٦] ومن أمثلة قصائدهُ، قصيدة “بَرَزْتُ منَ المنازِلِ والقِبَابِ” يقول فيها:[١٧]

بَرَزْتُ منَ المنازِلِ والقِبَابِ

فلم يَعْسُرْ على أَحَدٍ حِجَابِي

فمنزليَ الفضاءُ وسقفُ بيتي

سماءُ اللهِ أوْ قطعُ السحابِ

فأنتَ إذا أردتَ دخلتَ بيتي

عليَّ مُسَلِّمًا من غَيْرِ بابِ

لأني لم أجدْ مصراعَ بابٍ

يكونُ مِنَ السَّحَابِ إلى التُّرَابِ

ولا أنشقَّ الثرى عن عودِ تختٍ

أؤمل أنْ أشدَّ بهِ ثيابي

ولا خِفْتُ الإبَاقَ على عَبِيدي

ولا خِفْتُ الهلاكَ على دَوَابي

ولاحاسبتُ يومًا قهرمانًا

مُحاسبةً فأغْلَظُ في حِسَابِي

المراجع[+]

  1. ^أب“الشعر في العصر الأموي”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-01-2020. بتصرّف.
  2. “الطرماح بن الحكيم”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-01-2020. بتصرّف.
  3. ” إنَّ الفؤادَ هفَا للبائنِ الغردِ”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-01-2020.
  4. “الأخطل الكبير”، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-01-2020. بتصرّف.
  5. “خَفَّ القطينُ، فراحوا منكَ، أوْ بَكَروا”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-01-2020.
  6. “جرير”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020. بتصرّف.
  7. “بَانَ الخَليطُ”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020.
  8. “الفرزدق”، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020. بتصرّف.
  9. “هذا الذي تعرف البطحاء وطأته”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020.
  10. “عمر بن أبي ربيعة”، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020. بتصرّف.
  11. “أَمِنْ آلِ نُعْمِ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020.
  12. “قيس بن الملوح”، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020. بتصرّف.
  13. “تذكرتُ ليلى والسنين الخواليا”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-01-2020.
  14. “أبو الأسود الدؤلي”، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-01-2020. بتصرّف.
  15. “العَيشُ لا عَيشَ إِلاّ ما اِقتَصَدتَ”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-01-2020.
  16. “أبو الشمقمق”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 23-01-2020. بتصرّف.
  17. “بَرَزْتُ منَ المنازِلِ والقِبَابِ”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-01-2020.
Source: sotor.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *