يعترف الكثير منا بعدم القدرة على تخيل حياتنا من دون الهاتف الذكي، وضعت دراسة جديدة في هذا الصدد تبحث في تأثير التكنولوجيا على الأبوة والأمومة وسلوك الطفل.
ذكرت جمعية علم النفس الأمريكية (APA) أنه في عام 2015 اعترف نصف سكان الولايات المتحدة بعدم قدرتهم على تخيل الحياة بدون الهواتف الذكية.
وفقًا لبياناتهم يمتلك كل شخص بالغ في الولايات المتحدة (99 في المائة) جهازاً إلكترونياً واحداً أو أكثر، وتلك الأجهزة تشمل أجهزة الكمبيوتر المكتبية والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة التلفزيون. هذا وقد ازداد عدد الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي من 7 بالمائة في عام 2005 إلى 65 بالمائة في عام 2015.
تستشهد APA بدراسات متعددة أظهرت كيف أن استخدام التكنولوجيا يؤثر سلباً على الصحة العقلية والجسدية للبالغين.
لكن ما هو تأثير التكنولوجيا على الأطفال؟ بشكل أكثر تحديداً؟ وكيف يؤثر استخدام أولياء الأمور للتكنولوجيا على سلوك أطفالهم؟ للإجابة على هذا السؤال قام باحثون من جامعة ميتشيغان سي.إس. مستشفى الأطفال ماوت (ماوت) في آن أربور، وجامعة ولاية إلينوي في نورمال، بدراسة هذا الأمر.
شارك في اعداد هذه الدراسة الدكتورة جيني راديسكي طبيبة أطفال وخبيرة سلوك الأطفال في ماوت، وبراندون تي. ماكدانيال الذي يعمل كأستاذ مساعد في قسم علوم الأسرة والعامل لدى جامعة ولاية إلينوي.
دراسة العلاقة بين “تكنووفيرينس” (الاستخدام الكثيف للتكنولوجيا) والسلوك السيئ للأطفال
وقد وجدت الدراسات السابقة وجود علاقة بين ضعف التفاعل بين الوالدين والطفل والاستخدام المكثف للوالدين للتكنولوجيا الرقمية. ومع ذلك وبحسب معرفة المؤلفين لم توضع دراسة تبحث في تأثير التكنولوجيا على سلوك الطفل.
هدفت الدراسة الجديدة إلى معرفة أثر الاستخدام الكثيف للتكنولوجيا الرقمية من قبل الوالدين على الأطفال ومدى تأثير التقطعات التكنولوجية التي تحدث عند استخدام الأباء للتكنولوجيا على التفاعل بين الوالد والطفل. هذا النوع من التقطعات ناتج عن التدخل “التقني” كما وصفه McDaniel، وكما تبحث الدراسة في ماهية الترابط بين التكنولوجيا وقضايا السلوك للأطفال.
فحص رادسكاي وماكدانيال تقارير مقدمة من قبل 170 عائلة أمريكية مؤلفة من والدين، وكان عمر الأطفال أكبر من 3 سنوات في المتوسط.
قام الباحثون بسؤال الأمهات والآباء عن مدى استخدامهم للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية وغيرها من الأجهزة التكنولوجية اثناء اللقاءات العائلية.
اضافة الى ذلك قام الباحثون بدراسة آلية مقاطعة وتوقيف هذه الأجهزة للوقت الذي يقضيه الفرد في الأسرة وكم من الوقت يمضيه الأباء في التحقق من النصوص أثناء تناول العشاء أو عدد مرات مقاطعة وقت اللعب أو الأنشطة الأخرى بما فيها المحادثات التي ينخرط فيها الآباء مع أطفالهم.
طُلب من أولياء الأمور تقييم سلوك أطفالهم على مدى شهرين، أبلغ الأباء عن عدد المرات التي يصاب فيها أبناؤهم بالحزن أو الندب أو علامات النشاط المفرط أو العصبية الزائدة أو الإحباط بسرعة.
قام Radesky وMcDaniel بأخذ عدة عوامل مختلفة بالحسبان اثناء الدراسة مثل علامات الإجهاد أو الاكتئاب لدى الوالدين والدخل ومستوى التعليم ونوعية الأبوة والأمومة المشتركة -أي كيف كان دعم الوالدان لبعضهما البعض.
قد تؤدي تلك الانقطاعات التكنولوجية إلى ظهور “مشاكل سلوكية لدى الأطفال”
وعموما اعترف معظم الآباء أن التكنولوجيا تقطع بشكل روتيني تفاعلاتهم مع أطفالهم مرة واحدة كل يوم على الأقل.
وكشفت الدراسة أنه حتى في حال كان استخدام التكنولوجيا قليل -أو ضمن الحدود التي تعتبر “طبيعية” -ترتبط مستويات التقطعات التقنية بمستوى عالي من قضايا سلوك الطفل مثل فرط الحساسية، والتهيج، وفرط النشاط، وامراض الأمعاء.
على الرغم من أن “النتائج تشير إلى ان ظهور المشاكل السلوكية لدى الأطفال مرتبط بالانقطاعات التكنولوجية “إلا أن المؤلفين يقرون بأن دراستهم كانت دراسة مقطعية تعتمد على الرصد والمراقبة، بمعنى أنها تحلل الروابط بين مجموعات من الناس في وقت معين، بدلاً من أن تكون على طول فترة كافية.
هذا ويدعو المؤلفون لاعداد مزيد من الدراسات الطولية بحيث تطبق على نفس المشاركين على مدى فترة زمنية أطول لتأكد من النتائج التي حصلوا عليها.
وبشكل أكثر تحديداً، أبلغ 48 في المائة من الآباء عن ثلاثة حالات مقاطعة تكنولوجية لحياتهم اليومية أو أكثر، وقال 24 في المائة إن التكنولوجيا قاطعتهم (بمعنى ألهتهم عم شيء ما يقومون به) مرتين كل يوم، و17 في المائة حدث ذلك معهم مرة واحدة في اليوم وصرح 11 في المائة فقط ممن أجريت معهم مقابلات إنه لم تحدث أي مقاطعات تكنولوجيا لديهم في مواقف حياتهم اليومية.
“لا يمكننا أن نفترض وجود صلة مباشرة بين استخدام أولياء الأمور للتكنولوجيا وسلوك الطفل، ولكن هذه النتائج تساعدنا على فهم العلاقة بشكل أفضل.
نحن نعلم أن استجابة أولياء الأمور لأطفالهم تتغير عندما يستخدمون تكنولوجيا الجوّال وأن استخدام أجهزتهم قد يؤثر على نوعية تفاعلهم مع أطفالهم وبالتالي تصبح أقل مثالية. من الصعب حقاً توزيع الانتباه بين جميع المعلومات الهامة التي تستحوذ على التفكير والواردة من الأجهزة التكنولوجية وبين المعلومات الاجتماعية والعاطفية المنبعثة من أطفالنا، ومعالجتها بشكل فعال في نفس الوقت. “