عادة ما يهتم الناس بانخفاض مستوى الحديد في الدم، لما يعبره عن قوة الجسم و الصحة الجيدة، إضافة الى أنه يعتبر نوع من أنواع فقر الدم (ابالإنجليزية: Anemia)، ولكن من الملفت للانتباه أن الناس غالباً ما لا يعيرون أي اهتمام لارتفاع مستوى الحديد عن الحد الطبيعي، كونهم غير مدركين للمضاعفات والأخطار الصحية الناتجة عن ارتفاع مستوى الحديد.

اقرأ أيضاً: الفرق بين مخزون الحديد والحديد

أهمية معدن الحديد في الجسم

يعتبر معدن الحديد من العناصر الرئيسية لتكوين خضاب الدم أو ما يعرف بالهيموغلوبين (بالإنجليزية: Hemoglobin)، وهو بروتين موجود داخل كريات الدم الحمراء يقوم بحمل الأكسجين لينتقل فيما بعد لخلايا الجسم المختلفة، من أجل إنتاج الطاقة الضرورية للقيام بجميع الوظائف الحيوية. ومن المعروف علمياً بأن 70% من حديد الجسم يكون متحد مع الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء، أما ما تبقى منه فيتحد مع بروتينات أخرى، مثل الترانسفيرين (بالإنجليزية: Transferrin) في الدم، والفيريتين (بالإنجليزية: Ferritin) في نخاع العظم ، أو يخزن في أنسجة وأعضاء الجسم المختلفة.

عندما تموت خلايا الدم الحمراء التي تتراوح أعمارها بين 100 و120 يوماً، ينطلق الحديد الموجود بداخلها ويقوم الترانسفيرين بنقله الى نخاع العظم، وإلى أعضاء أخرى مثل الكبد والطحال، حيث يخزن هناك، ويستخدم الحديد الموجود في نخاع العظم في صنع خلايا حمراء جديدة.

اقرأ أيضاً: اعراض فقر الدم

أنواع الحديد في الجسم

هناك نوعان من الحديد في الجسم، هما:

  • حديد يتم امتصاصه جيداً من الأمعاء، ويسمى علمياً (بالإنجليزية: Heme Iron)، ومن الأمثلة على المواد الغذائية الغنية به: اللحم الأحمر، وخصوصاً لحم البقر، وكبد الحيوانات والطيور.
  • حديد رديء الامتصاص، ويسمى علمياً (بالإنجليزية: Nonheme Iron)، وهو موجود في النباتات ذات الأوراق الخضراء مثل الملوخية والسبانخ، كما يتواجد أيضاً في فول الصويا.

المستوى الطبيعي للحديد

يتراوح مستوى الحديد الطبيعي في دم:

  • عند النساء بين 31 و126 مايكروغرام لكل ديسيلتر .
  • عند الرجال بين 55 و161 مايكروغرام لكل ديسيلتر.

أما بالنسبة لمستوى الفيريتين:

  • عند النساء بين 11 و200 مايكروغرام لكل لتر.
  •  عند الرجال بين 15 و400 مايكروغرام لكل لتر.

الاختلاف بين مستوى الحديد عند الرجال وعند النساء

يُلاحظ أن مستوى الحديد عند الرجال أعلى منه عند النساء، وذلك بسبب فقدان النساء لكمية معينة من الحديد شهرياً نتيجة النزيف (الحيض) المصاحب للدورة الشهرية، غير أن هذه الصورة تتغير بعد سن انقطاع الدورة الشهرية، فنرى أن مستوى الحديد يبدأ بالارتفاع رويداً رويداً ليقارب مستواه عند الرجال، ومع ذلك فيجب فحص مستوى الحديد والفيريتين دورياً للتأكد من عدم حاجة المرأة للحديد بعد هذا السن.

للمزيد اقرأ عن: سن انقطاع الدورة الشهرية.. الأعراض والعلامات الجسدية والنفسية

كيفية محافظة الجسم على مستوى الحديد

يتم التحكم بالكمية الإجمالية الطبيعية للحديد في جسم الإنسان من خلال امتصاص الأمعاء للحديد الموجود في الطعام، وبذلك يتم تعويض كل مليغرام مفقود من الحديد عن طريق التعرق، وتساقط خلايا الجلد، والغشاء المخاطي المبطن للأمعاء، وبهذه الطريقة يتم الحفاظ على المستوى الطبيعي للحديد في الجسم، علماً بأن الجسم لا يستطيع إخراج الكمية الزائدة من الحديد في الدم، وفي حال دخول الدم كمية أكثر من الكمية الطبيعية من الحديد، فإن الجسم لا يستطيع التخلص من هذه الكمية الإضافية، فيقوم بتخزينها في الكبد، وعضلة القلب، والغدد الصماء وخصوصاً الغدة الدرقية، والبنكرياس، والخصيتين.

ولذلك يفضل ألا تتعدى كمية الحديد المتناولة يومياً 45 مليغراماً، في حين عند الأطفال يجب أن لا تتعدى 39 مليغراماً، علماً بأن المرأة تحتاج الى 15 مليغراماً من الحديد يومياً، أما الرجل فيحتاج الى 10 مليغرامات.

أسباب ارتفاع مستوى الحديد

يرتفع مستوى الحديد في الجسم عن مستواه الطبيعي بسبب عدة حالات مرضية، منها:

  •  امتصاص الأمعاء كمية تفوق الكمية المطلوبة لتعويض النقص الحاصل طبيعياً، ويحدث هذا عند المرضى المصابين داء ترسب الأصبغة الدموية (باللإنجليزية: Hemochromatosis)
  •  تكرار نقل الدم (بالإنجليزية: Blood Transfusion) لعلاج حالات مرضية معينة.
  •  علاج المرضى المصابين بمرض فقر دم البحر المتوسط، المعروف باسم الثلاسيميا.
  • وجود أمراض قائمة بحد ذاتها تؤدي الى ارتفاع نسبة الحديد في الدم مثل: فقر الدم الانحلالي (بالإنجليزية: Hemolytic Anemia)، ونقص فيتامين B6 و نقص فيتامين B12، وانحلال الدم (بالإنجليزية: Hemolysis)، والتهاب الكبد (بالإنجليزية: Hepatitis) وموت أنسجة الكبد.

بالإضافة الى وجود أسباب غير المرضية مؤدية لارتفاع مستوى الحديد في الجسم، مثل:

  • الإفراط في تناول المواد الغذائية الغنية بالحديد.
  • الإفراط في تناول الأدوية الغنية بالحديد، سواء كان ذلك على شكل أقراص، أو شراب، أو على شكل حقن، حيث أن الإفراط في تناول الحديد عن طريق الحقن قد يؤدي الى التسمم بالحديد.
  • الإفراط في تناول الأدوية والعقاقير التي لها تأثيرات جانبية تتمثل برفع مستوى الحديد في الجسم مثل هرمون الأستروجين، وحبوب منع الحمل، وعقار مثيلدوبا (بالإنجليزية:Methyldopa) المستخدم لخفض ارتفاع ضغط الدم الشرياني.
  • الإدمان على شرب الكحول، وذلك لكون الكحول بحد ذاتها ضارة بالكبد، ولأن الكحول يساعد على امتصاص الحديد من الأمعاء أيضاً.

تشخيص ارتفاع مستوى الحديد في الجسم

أعراض وعلامات ارتفاع مستوى الحديد في الجسم:

  • إرهاق مزمن.
  • انخفاض وزن الجسم.
  • ضيق النفس.
  • ألم مزمن في المفاصل.
  • ألم في المنطقة اليمنى العلوية من البطن (منطقة الكبد).
  • ألم في منطقة الصدر.
  • تساقط شعر الجسم.
  • تغير لون جلد الجسم (رمادي، أو أخضر داكن، أو برونزي).
  • فقدان الرغبة الجنسية.
  • عقم (عند الجنسين).
  • انقطاع الدورة الشهرية.
  • اكتئاب.
  • قلق.

المضاعفات الناتجة عن ارتفاع نسبة الحديد في الجسم

من المضاعفات الناتجة عن ارتفاع نسبة الحديد في الجسم ما يلي:

  • الفصال العظمي (بالإنجليزية: Osteoarthritis).
  • هشاشة العظام (بالإنجليزية: Osteoporosis).
  • تشمع الكبد (بالإنجليزية: Liver Cirrhosis).
  • سرطان الكبد.
  • ارتفاع نسبة انزيمات الكبد.
  • تضخم الكبد.
  • اعتلال وتلف عضلة القلب (بالإنجليزية: Cardiomyopathy).
  • عدم انتظام دقات القلب (بالإنجليزية: Arrhythmia).
  • قصور القلب (بالإنجليزية: Heart Failure).
  • النوبة القلبية (بالإنجليزية: Heart Attack).
  • تضخم الطحال.
  • داء السكري.
  • خمول الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism).
  • قصور الغدة النخامية (بالإنجليزية: Hypopituitrism).
  • اضطراب عمل الغدة الكظرية.
  • ضمور الأعصاب المبكر (بالإنجليزية: Neurodegeneration).

تشخيص ارتفاع الحديد في الدم مخبرياً

يجب فحص مستوى الحديد في الدم عند الشخص السليم مرة كل 12 شهراً، وفي حال أشارت نتيجة الفحص الى ارتفاع مستوى الحديد، يجب فحص مستوى “الفيريتين وتشبع الترانسفيريين أيضاً، ومن المحتمل أن يكون أحد الفحصين الأخيرين في حدود المستوى الطبيعي (حتى لو كان تراكم الحديد عند الشخص مرتفعاً جداً)، لذلك يجب إجراء الفحصين، أي عدم الاكتفاء بفحص الفيريتين لوحده والترانسفيرين لوحده.

علاج ارتفاع مستوى الحديد في الجسم

يكون الهدف من علاج ارتفاع مستوى الحديد في الجسم هو تفادي إصابة المريض بمضاعفات خطيرة جراء ذلك، وفي حال اكتشاف مستوى الحديد المرتفع في مراحله الأولية، فإن نتيجة العلاج تكون جيدة.

يتم التخلص من فائض الحديد الناتج عن نقل الدم بواسطة إعطاء المريض عوامل استخلاب (بالإنجليزية: Chelating Agents) التي تقوم بربط أيونات الحديد، وبتعبير آخر تقوم هذه الأدوية بالاتحاد مع الحديد الموجود في جسم الإنسان، من ثم إخراج المركبات الناتجة عن ذلك بواسطة البول والغائط، ومن الجدير بالذكر أن أحدث دواء مستخدم في هذا المجال هو Deferasirox. أما في حال مرض الصباغ الدموي، فيتم تخفيض مستوى الحديد في الدم بواسطة سحب الدم من الوريد من حين الى آخر، ومن الممكن التبرع بالدم في حال كونه صالحاً لذلك.

نصائح غذائية لتجنب حدوث ارتفاع مستوى الحديد في الدم

فيما يلي بعض النصائح التي تساعد في تجنب حدوث ارتفاع مستوى الحديد في الدم:

  • الامتناع عن تناول المواد الغذائية الغنية بالحديد، مثل بعض أنواع الحنطة، والحبوب (الكورنفكلس) المتناولة على الفطور، ولحم البقر والكبد.
  • الابتعاد عن تناول المواد الغذائية الغنية بفيتامين “C”، والكحول، فهي تساعد على تسريع امتصاص الحديد من الأمعاء، وخصوصاً الحديد سيء الامتصاص.
  • الامتناع عن تناول الأسماك والمأكولات البحرية النيئة، وخصوصاً سمك المحار (بالإنجليزية: Shellfish)، وذلك لكونها مليئة بالجراثيم التي تنشط في بيئة غنية بالحديد.