حينما لا يتناول الرجل أحد أنواع أدوية النترات (بالإنجليزية: Nitrate) الموسعة لشرايين القلب، فإن على الأطباء أن لا يترددوا مطلقاً في وصف أدوية الضعف الجنسي  كالفياغرا أو إحدى أخواتها، مثل ليفيترا أو سيالس، للرجال الذين يعانون من اضطرابات ضعف الانتصاب (بالإنجليزية: Erectile Dysfunction).

هذا أبرز ما تضمنته الإرشادات الطبية الجديدة للكلية الأميركية، والخاصة بالاستخدام الإكلينيكي لأدوية مثبطات أنزيم فوسفودايستريز (بالإنجليزية: Phosphodiesterase Inhibitor Drugs)، والتي تتضمن فياغرا (بالإنجليزية: Viagra)، وسيالس (بالإنجليزية: Cialis)، وليفيترا (بالإنجليزية: Levitra).

وأجابت الإرشادات الجديدة عن الأسئلة المتعلقة بثلاثة جوانب رئيسية في شأن استخدام الأنواع الثلاثة الشهيرة لأدوية تنشيط الانتصاب التي تؤخذ عبر الفم. وهي:

  • نوعية ومستوى التجاوب الطبي مع رغبة الشخص في الحصول على المعالجة الدوائية لاضطرابات الانتصاب لديه.
  • معايير اختيار أحد أنواع الأدوية الثلاثة المتوفرة في الصيدليات لمعالجة المشكلة بشكل يخفف من تأثيراتها على الأداء الجنسي للرجل.
  • فائدة إجراء تحاليل الهرمونات للرجال الذين يشكون من ضعف الانتصاب، ودور العلاج الهرموني في وضع حد للمعاناة من ضعف الانتصاب.

مشكلة الضعف الجنسي  

وتعرِف الأوساط الطبية الضعف الجنسي أو خلل وظيفة الانتصاب (بالإنجليزية: Erectile dysfunction)،  أو ما يعرف بـضعف الانتصاب، بأنه استمرار عدم القدرة على تحقيق انتصاب العضو، أو عدم استمرار الحفاظ على انتصاب العضو الذكري، بشكل كاف لتحقيق أداء جنسي مرضي عنه.

ووجود هذه المشكلة لدى الرجل لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر سبب كاف للتفكير بطلب التقييم الطبي والمعالجة واستخدام أدوية الضعف الجنسي. وتعتبر مشكلة ضعف الانتصاب أحد المشكلات الشائعة في الأداء الجنسي للرجال، ويمكن أن تحصل في جميع مجموعات أعمار الرجال، سواء بين الشباب أو المتقدمين بالعمر.

وخاصة بين الرجال الذين يتقدم بهم العمر، أو الذين لديهم مرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم ، أو ارتفاع الكولسترول، أو أمراض في شرايين القلب أو غيره من مناطق الجسم، أو الذين لديهم اضطرابات في الحالة النفسية، أو من لديهم ضعف في إنتاج هرمونات الذكورة الجنسية.

للمزيد: السكري والجنس

والأهم كذلك من يتناولون أدوية لمعالجة حالات صحية يكون من آثارها الجانبية ضعف القدرة على تحقيق قدر مرضي من الانتصاب،  ونتيجة لعوامل شتى، كتوفر الخدمات الطبية وكفاءتها في معالجة الكثير من الأمراض ووقف تداعياتها، ثمة زيادة في المجتمعات العالمية لأعداد الرجال المتقدمين بالعمر.

ومع زيادة انتشار الإصابات بمرض السكري وأمراض شرايين القلب، فإن هناك زيادة عالمية بإصابات ضعف الانتصاب.

وكانت الإحصائيات المبدئية في عام 1995 تقول إن ثمة أكثر من 152 مليون مصاب بضعف الانتصاب، وتتوقع المصادر الطبية أن يتجاوز العدد 322 مليون رجل مصاب بهذه المشكلة بحلول عام 2025. إلا أن الكثير من المصادر الطبية العالمية يشكك في أن هذه هي الأرقام الفعلية، وتقول أن حجم المشكلة أكبر من هذا بمراحل.

ولذا تؤكد الهيئات الطبية الأميركية أن تتجاوز التكلفة المادية لمعالجة جميع حالات ضعف الانتصاب بالولايات المتحدة وحدها فقط مبلغ 15 بليون دولار، وذلك فيما لو تم حقيقة رصد واكتشاف ومعالجة جميع حالات ضعف الانتصاب.

أبحاث ومراجعات علمية حول أدوية الضعف الجنسي

ووفق ما صدر في  مجلة «مدونات الطب الباطني الأميركية»، فإن الكلية الأميركية لأطباء الباطنية قد وضعت هذه الإرشادات الجديدة كي تقدم للأطباء ولعموم الناس نتائج تحليل الدراسات الطبية والمعلومات العملية المتوفرة حتى اليوم حول استخدام أدوية الضعف الجنسي  لمعالجة ضعف الانتصاب لدى الرجال.

وكذلك مراجعة تلك المعلومات المتعلقة بمدى جدوى إجراء تحاليل الهرمونات، سواء هرمون تستوستيرون للذكورة (بالإنجليزية: Testosterone) أو هرمون برولاكتين (بالإنجليزية: Prolactin) لإفراز الثدي للحليب، وكذلك استخدام هرمونات الذكورة الجنسية لمعالجة حالات ضعف الانتصاب،ومعلوم أن نقص هرمون تستوستيرون أو زيادة هرمون برولاكتين، من الأسباب المحتملة لحصول ضعف في الانتصاب.

وكانت اللجنة العلمية بالكلية الأميركية لأطباء الباطنية، قد تناولت بالدراسة ستة أنواع من الأدوية، تنتمي خمسة منها لمجموعة أدوية «مثبطات أنزيم فوسفودايستريز» لمعالجة ضعف الانتصاب.

ومن هذه الأدوية الخمسة، ثلاثة أدوية منها تنتمي إلى الفئة الأولى والمُستخدمة اليوم، وهي:

  • سيلدانافيل (بالإنجليزية: Sildenafil)، المعروفة باسم فياغرا(بالإنجليزية:Viagra).
  • فاردينافيل (بالإنجليزية: Vardenafil)، المعروفة باسم ليفيترا(بالإنجليزية: Levitra).
  • تادالافيل (بالإنجليزية:Tadalafil)، المعروفة باسم سيالس (بالإنجليزية:Cialis).

أما النوعان الآخران من أدوية الضعف الجنسي ينتميان إلى الفئة الجديدة وغير المستخدمة بالولايات المتحدة إلا في نطاق التجارب العلمية أو مستخدمة في خارج الولايات المتحدة.

وهما:

  •  عقار ميرودينافيل (بالإنجليزية:Mirodenafil).
  •  عقار أندينافيل (بالإنجليزية:Udenafil) المعروف باسم زايدينا (بالإنجليزية:Zydena) الذي من إنتاج إحدى شركات الأدوية الكورية.

إضافة إلى الدواء السادس، وهو علاج ضعف الانتصاب باستخدام هرمونات الذكورة (بالإنجليزية:Hormonal Treatment).

وقام الباحثون في الكلية الأميركية لأطباء الباطنية بمراجعة جميع الدراسات الطبية التي تم إجراؤها حول أدوية الضعف الجنسي، خلال الفترة ما بين عامي 1966 و2009. واستخدم الباحثون في وضع الإرشادات الجديدة، المعايير العلمية الدقيقة نفسها في تصنيف قوة الأدلة العلمية وتطبيقاتها العملية في المجال الإكلينيكي على المرضى الاهتمام ومعالجة المصابين وقالت الكلية في البند الأول من إرشاداتها:

تنصح الكلية الأميركية لأطباء الباطنية عموم الأطباء بالبدء في استخدام أدوية «مثبطات أنزيم فوسفودايستريز» لمعالجة الرجال الذين يطلبون علاجاً لمشكلة ضعف الانتصاب لديهم، والذين لا يوجد لديهم موانع لاستخدام هذه النوعية من الأدوية.

وقالت الكلية إن هذا البند يتمتع بدرجة قوية في النصح باتباعه وهناك نوعية عالية من الأدلة العلمية التي تدعم هذا التوجه العلاجي، ويعتبر هذا التصنيف لهذا البند دعماً قوياً لإعطاء الطبيب راحة في المعالجة، وإعطاء المريض حرية واسعة في طلب المعونة والمعالجة الطبية لحالة ضعف الانتصاب لديه.

والحقيقة أن الاتجاه الطبي العام اليوم هو نحو حث عموم الرجال على عدم إخفاء الشكوى من ضعف الانتصاب، والحديث حولها مع الطبيب مباشرة، والبدء بمعالجة هذه المشكلة. وهناك عدد من الأسباب وراء هذا الاهتمام الطبي العالي بوجود مشكلة ضعف الانتصاب لدى الرجل.

منها أن وجود المشكلة هذه قد يكون علامة إنذار على وجود مشكلة في شرايين أخرى بالجسم، غير تلك التي تغذي العضو الذكري. ومعلوم أن نجاح حصول الانتصاب، والإبقاء عليه طوال العملية الجنسية بمعدلها الزمني المعتدل، يعتمد بدرجة مهمة على سلامة الشرايين التي يتدفق الدم من خلالها إلى العضو الذكري.

ومتى ما وجدت أي اضطرابات في تلك الشرايين، وتتابع تدفق الدم من خلالها، فإن الانتصاب يتعذر إتمامه بشكل طبيعي معتاد.   

للمزيد: ملخص الضعف الجنسي عند الرجال

إنذار مبكر لمشاكل الضعف الجنسي 

إن  المصادر الطبية لطب القلب والشرايين ترى ضرورة التنبه إلى فحص شرايين القلب لدى من يعانون من ضعف الانتصاب، خاصة حينما تكون هناك عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب لدى ذلك الشخص الشاكي من اضطرابات الانتصاب.

وتشمل العوامل تلك:

  • التقدم في العمر.
  • ووجود تاريخ عائلي للإصابة المبكرة بأمراض شرايين القلب.
  • ومرض السكري.
  • وارتفاع ضغط الدم.
  • وارتفاع الكولسترول والدهون الثلاثية.
  • والتدخين.
  • وغيرها من العوامل.

كما أن هناك عدة اضطرابات مرضية في أماكن مختلفة من الجسم، يصطحبها حصول ضعف الانتصاب، مثل اضطرابات عمل الغدة الدرقية وصعوبات التنفس خلال النوم العميق وغيرها. ولذا فإن الاهتمام بشكوى ضعف الانتصاب، قد يؤدي إلى الكشف المبكر عن اضطرابات مرضية في أجزاء حيوية من الجسم.

ومن ثم معالجتها بكفاءة في الوقت المبكر، بعيداً عن الإهمال الطبي إلى حين استفحال المشاكل المرضية لدى الشخص وظهور تداعياتها. وإضافة إلى ما تقدم، فإن من غير المنطقي ترك الرجل يعاني من هذه المشكلة ذات التأثيرات النفسية والبدنية على الرجل وعلى شريكة حياته وحالته الأسرية والاجتماعية.

في حين أن الحلول الطبية الدوائية متوفرة وخصيصاً أدوية الضعف الجنسي، ومن النوعية المدروسة والمعروف تأثيراتها وآثارها الجانبية، والتي يمكن للأطباء التعامل معها، وهي أيضاً في متناول يد من أراد الحل، وهذا السلوك الطبي يقطع الطريق على لجوء البعض إلى أصناف من المستحضرات غير الطبية وغير المنتجة بمعايير صحية في النقاء وضمان الجدوى.

ناهيك عن احتمال احتواء هذه المستحضرات على مواد مستخلصة مباشرة من الحيوانات أو غيرها، أو على مواد لا يعرف ما مدى تأثيراتها البعيدة على صحة الرجل.  

للمزيد: سرعة القذف؛ أكثر أنواع العجز الجنسي انتشاراً

اختيار أدوية الضعف الجنسي 

تنصح الكلية الأميركية في شأن انتقاء الدواء من بين الأنواع الكثيرة لأدوية الضعف الجنسي، أن يكون الأساس هو التفضيل الشخصي للمريض في استخدام نوع دون آخر لمعالجة ضعف الانتصاب لديه. وهو ما يشمل سهولة الاستخدام، والكلفة المادية للحصول على الدواء، ونوعية الآثار الجانبية التي يحدثها تناول ذلك النوع من الدواء.

وفي هذا البند، كانت الكلية صريحة في تصنيفها قوة دعم الأدلة العلمية لهذا البند بأنها منخفضة الدلالة، ولذا فإن قوة النصح بهذا البند ضعيفة. وهو ما يترك تلقائياً حرية أوسع للأطباء في نصح المرضى وذكر الأسباب الأخرى التي تجعلهم يفضلون تناول نوع دون آخر من تلك الأدوية.

وعليه، فإن على الأطباء أن يوضحوا للمريض مميزات كل نوع، وعيوبه، وذلك من نواحي التكلفة المادية، وأوقات التناول، ومدة سريان المفعول، وجدوى تناول الأنواع قصيرة المفعول وطويلة المفعول.

وهناك على سبيل المثال نوع يستمر مفعوله لأكثر من يومين، ونوع ليوم واحد. وللمريض أن يختار، إذ ربما لا يود الشخص أن يتناول دواء يستمر لمدة غير مرغوب في طولها لتنشيط الانتصاب، أو أن لدى المريض احتمالات أن يضطر الطبيب لمعالجته بأدوية تتعارض مع أدوية ضعف الانتصاب، فيكون انتقاء النوع القصير المفعول أفضل.

وغير ذلك من العناصر التي تتحكم في نوعية نصيحة الطبيب. ومع هذا، فإن لجانب تفضيل المريض، بناءً على عدة عوامل، أهمية لا يجب على الأطباء إغفالها.

للمزيد: مدى فعالية وأمان الأدوية شائعة الاستخدام في تأخير القذف عند الرجال

الآثار الجانبية الشائعة لأدوية الضعف الجنسي

هي الصداع وسيلان الأنف وعسر الهضم، والأقل انتشاراً هي اضطرابات الإبصار وألم العضلات والغثيان والإسهال والقيء والدوار وألم الصدر، ومع هذا فإن نسبة حصول آثار جانبية مهمة، لا تتجاوز 2%.

كما أن الأدلة العلمية غير كافية لتحديد ما إذا كانت أدوية الضعف الجنسي سببا في ارتفاع الإصابة بحالات نايون (بالإنجليزية: NAION) لاضطراب الإبصار، ولا توجد أدلة علمية يمكن الاعتماد عليها في تفضيل نوع معين من بين أدوية فياغرا وأخواتها في جانب الآثار الجانبية. ولكن الباحثين لاحظوا أن زيادة كمية الجرعة من فياغرا أو ليفيترا، يؤدي إلى زيادة متوسطة في الاستفادة لجهة تحسين الانتصاب.

المعالجة وفحص الهرمونات

وقالت الكلية في البند الثالث من إرشاداتها: الكلية الأميركية لأطباء الباطنية لا تنصح ولا تعارض الإجراء الروتيني لتحاليل الهرمونات بالدم، ولاستخدام الأدوية المحتوية على الهرمونات الجنسية في معالجة المرضى المصابين بضعف الانتصاب.

وعلقت الكلية على هذا البند بأن الأدلة العلمية غير كافية لتحديد الفائدة أو الأضرار لهذا العلاج الهرموني أو لجدوى إجرائه لكل المرضى الشاكين من ضعف الانتصاب، وكانت المراجعة العلمية للكلية قد لاحظت أن هناك تفاوتاً في نتائج الدراسات التي بحثت في مدى انتشار حالات اضطرابات الهرمونات لدى المصابين بحالات ضعف الانتصاب،وكذلك في مدى انتشار اضطرابات الهرمونات بين الرجال الذين لا يشكون من ضعف الانتصاب.

ولذا قال الباحثون: الأدلة العلمية غير كافية لتحديد ما إذا كان ثمة انتشار واضح لحالات نقص في هرمون تستوستيرون (بالإنجليزية:Hypogonadism) أو ارتفاع في هرمون برولاكتين الحليب (بالإنجليزية:Hyperprolactinemia)، وذلك فيما بين الرجال المصابين بضعف الانتصاب.

وعليه فإنه لا يمكن الجزم بجدوى إجراء تحليل الهرمونات هذه، كما لا يمكن الجزم بعدم جدوى ذلك، لكل الرجال الشاكين من ضعف الانتصاب. وهو ما يعني تلقائياً ترك الأمر للطبيب المعالج في شأن إجراء التحليل أو عدم ذلك، بناءً على عدة عوامل تتعلق بالفحص السريري للمريض وغير ذلك من الأمور الفنية التي يختلف بها الأطباء، والمتعلقة بالمستوى الطبي في التوقع ودقة الفحص.

وراجع الباحثون أيضاً نتائج الدراسات التي تمت حول مدى جدوى علاج ضعف الانتصاب بهرمون تستوستيرون لحالات الرجال الذين لديهم نقص في هذا الهرمون ويُعانون من ضعف الانتصاب، سواءً كان العلاج الهرموني للضعف الجنسي عبر الحبوب الدوائية المتناولة بالفم، أو الحقن في العضل، أو على هيئة جل هلامي أو كريم بلسم أو لصقة تحتوي على هرمون تستوستيرون.

وعموماً، لم يكن ثمة أدلة مقنعة بجدوى ذلك العلاج في تحسين أداء الرجل للعملية الجنسية، ولا في تحقيق قدر كاف من الانتصاب. كما لم تكن ثمة أدلة علمية كافية لتحقيق رجحان الكفّة في الموازنة بين أدوية مجموعة فياغرا وأخواتها وبين العلاج الهرموني. وهنا يعود الأمر للتقييم الطبي ومتابعة مدى الاستفادة بالعلاج الهرموني لكل حالة بشكل مستقل.