أرض الميعاد مع العنصرية

أرض الميعاد مع العنصرية حين كانت الآلة الصهيونية تدور بأقصى طاقتها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي لتجلب مئات الآلاف من يهود إثيوبيا وبلدان إفريقية أخرى وأوروبا الشرقية إلى فلسطين المحتلة كان يدور في خلد تلك الجحافل من اليهود أنهم ذاهبون إلى laquoأرض الميعادraquo مع الرفاه والأمن والعدالة مثلما صورت لهم..

Share your love

أرض الميعاد مع العنصرية

 

حين كانت الآلة الصهيونية تدور بأقصى طاقتها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي لتجلب مئات الآلاف من يهود إثيوبيا وبلدان إفريقية أخرى وأوروبا الشرقية إلى فلسطين المحتلة. كان يدور في خلد تلك الجحافل من اليهود أنهم ذاهبون إلى «أرض الميعاد» مع الرفاه والأمن والعدالة، مثلما صورت لهم الآلة الصهيونية، ولكن بعد أن استقر بهم الأمر سنوات عدة وضاقت بهم السبل، اكتشفوا أنهم في أرض عنصرية وطبقية وتهميش، واكتشفوا أيضاً أنهم مجرد وسيلة لا غاية.

عندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وبدأت تداعياتها تفرض على الصهاينة الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، أدرك كيان الاحتلال أن المعركة الديمغرافية ليست في صالحه، فالفلسطينيون صنفوا أكثر شعوب الأرض نسلاً، وهو شكل من أشكال المقاومة والتشبث بالأرض. وفي محاولة لكسر هذه الإرادة، لجأ الكيان الغاصب إلى جلب ما أمكن من يهود الدول الفقيرة مثل «الفلاشا» الإثيوبيين لاستخدامهم ورقة في المعركة ولدعم سياسة التطهير العرقي التي ينتهجها بحق الفلسطينيين. والجزء الغائب من الصورة هو أن اليهود المستوردين لم يكونوا في الأصل إلا ضحايا لعنصرية الصهاينة، مثلهم مثل الفلسطينيين وغيرهم، وظل اليهود الإثيوبيون، بسبب لون بشرتهم السمراء، ينظر إليهم كغرباء يعيشون على هامش «المجتمع الإسرائيلي» ذي البشرة البيضاء عموماً، ووصل الأمر ببعض «أحبار» العنصرية إلى التشكيك في يهودية اليهود السود تمهيداً لنبذهم تدريجياً ودفعهم إلى الرحيل، وبالفعل لقد تم اكتشاف يهود إثيوبيين في ليبيا قدموا من «إسرائيل» للتسلل إلى أوروبا عبر قوارب الهجرة السرية. وهناك بعض التقارير التي تفيد بأن مخابرات الاحتلال سهلت تسرب أولئك للتخلص منهم، بعدما أصبحوا «فئة منبوذة».

تراكم سياسات التهميش والإقصاء، دفعت يهود «الفلاشا» في «أرض الميعاد» إلى الانتفاض، وكانت احتجاجات الأول من مايو لهذا العام صرخة مدوية قد تمهد لانفجار اجتماعي واسع، فليس اليهود السود وحدهم ممن يعيشون الاضطهاد، فحتى القادمون من روسيا وأوروبا الشرقية يتعرضون لأصناف من العنف والكراهية. والأمر ليس بمستغرب على كيان لم يقم إلا على التطهير والقهر والاغتصاب. وكشفت الشهادات التي رافقت الاحتجاجات في «تل أبيب» حجم الاحتقان، بل إن أحد الداعمين للاحتجاجات، وهو غادي يافاركان قائد الحملة من أجل المساواة لليهود الإثيوبيين، قد ربط بين ما جرى في «تل أبيب» واحتجاجات السود في بالتيمور الأمريكية، معتبراً أن القضية واحدة، وهي مواجهة الغطرسة والاضطهاد.

العبرة الأهم المستنتجة من انتفاض «الفلاشا» تجر إلى الحديث عن واقع الفلسطينيين. وهذه الحوادث تعطي برهاناً جديداً على أن الكيان الذي لم يمنح حقوق من يفترض أنهم «مواطنوه»، لن يكون بوسعه أن يمنح حقوق من لا يعترف بهم أصلاً. وبعد أن تحكم اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو بالسلطة، أصبحت سياسات استهداف الوجود الفلسطيني أكثر شراسة، ولكن إذا توسعت الاحتجاجات في قلب الكيان وأخذت أبعاداً جديدة، فقد يكون ذلك داعماً للموقف الفلسطيني سواء في التحرك الميداني أو التحرك السياسي في الخارج لفضح ممارسات «إسرائيل»، خصوصاً إذا كانت هناك شهادات حية من الداخل.

 

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!