هل أنت مصاب بأعراض اكتئآبية؟ هل تحصل على علاجات دوائية أو نفسية لها؟  

تقدر الإحصائيات أن ما معدله 66% من مصابي الاكتئآب لا يطلبون أو يسعون للحصول على علاج له. أما نتائج ذلك، فغالبا ما تكون مدمرة، إذ أن ذلك قد يفضي إلى معاناة المصاب نفسيا وإصابته بالأمراض العضوية وفقدانه لوظيفته وفشل زواجه. أما الأسوأ من ذلك، فإن عدم علاج هذا الاضطراب النفسي قد يؤدي إلى وفاة المصاب، سواء انتحارا أو من شدة الأعراض العضوية والسلوكات النفسية الخطرة الناجمة عنه، والتي تتضمن الامتناع عن تناول الطعام.

ويشار إلى أن منظمة الصحة العالميةتصنف الاكتئآب بأنه واحد من أكثر الأمراض تعطيلا للفرد عن ممارسة حياته وواجباته ونشاطاته اليومية. أما مع العلاج، فإن نحو 70% ممن يحصلون عليه يتحسنون خلال أسابيع قليلة على الأغلب.

فإن كنت مصابا بالاكتئآب ولا تسعى أو تطلب الحصول على علاج، فابحث عن السبب الذي يمنعك من ذلك من خلال الأسباب التالية، ومن ثمّ انظر إلى رأي الخبراء به:

اعتقاد المصاب بأنه سيشفى من تلقاء نفسه من دون علاج إن انتظر وقتا كافيا:

على الرغم من أن حالات الحزن البسيط تشفى بالفعل مع الوقت، إلا أن ذلك لا ينطبق على مرض الاكتئآب. فهو قد يستمر طوال حياة المصاب إن لم يحصل على العلاج المناسب. وهذا بحسب ما ذكره الطبيب إريك نيلسون الذي أضاف أن مصاب الاكتئآب لا يستطيع “الانزلاق” من هذا المرض مع الوقت فقط. فهو، كأي مرض آخر، يحتاح إلى التدخل الطبي لعلاجه. ويجب أن يتم هذا العلاج بناء على السبب المؤدي له.

ويذكر أن بعض الأسباب التي تدل على مدى الأذى الذي قد يلحق بالمصاب إن انتظر زوال الاكتئآب من تلقاء نفسه هي، بحسب الطبيب نيلسون، ازدياد شدة أعراضه سوءا مع مضي الوقت. كما وأنه كلما ازدادت مدة الانتظار من دون علاج تزداد معها صعوبة السيطرة عليه. وذلك فضلا عن ازدياد احتمالية معاودة الإصابة به بعد توقف العلاج.

وليس هذا كل شيء، فإن الدلائل تزداد حول كون ترك الاكتئآب من دون علاج قد يساهم في الإصابة بأمراض عضوية أو يزيدها سوءا.

وقد ذكر الطبيب نيلسون، تعقيبا على ذلك، أن أمراض القلب بشكل خاص ترتبط بالاكتئآب. كما وقد وجدت الأبحاث أن هناك ارتباطا بين الاكتئآب وبين الأمور الاستقلابية (الأيضية)، والتي تشمل البدانة ومرض السكري. وذلك فضلا عن ارتباطه بأمراض أخرى، منها مرضي ألزهايمار والسرطان.

نصيحة الخبراء : عدم السماح للاكتئآب بأن يستمر. لذلك، فتحدث لطبيبك واضعا بعين الاعتبار أنك لا تنشد العلاج لمرضك النفسي فحسب، وإنما أيضا لعلاج أمراض عضوية والوقاية منها، علاوة على إعادتك لحياتك الطبيعية.

-رفض استخدام الأدوية المضادة للاكتئآب:

يعزف العديدون عن زيارة الطبيب خوفا من أن يكون عليهم استخدام الأدوية المضادة للاكتئآب، غير أن بالرغم من فعاليتها، إلا أن علاج الاكتئآب لا يتطلب دائما استخدامها. فقد أصبحت العلاجات النفسية، أي ما يسمى بالعلاج بالكلام والعلاج السلوكي، فعالة جدا في هذا المضمار. فالأدوية لم تعد الخيار العلاجي الوحيد للاكتئآب.

ومن الجدير بالذكر أن العلاج المعرفي السلوكي، وهو أحد أساليب العلاج النفسي الذي يركز على المكان والوقت الحاضرين، يساعد المصاب على التعرف على مشاعره وأفكاره وسلوكاته، وذلك لتحسين نوعية الحياة وعلاج الاكتئآب لديه. وعلى الرغم من أن العلاج النفسي يعمل لدى البعض على الأمد القصير بنفس فعالية العلاج الدوائي، إلا أنه قد يكون أكثر فعالية على الأمد الطويل، ذلك بأنه يعلم الشخص كيفيات للسيطرة على الضغوطات الحياتية والمواقف والأمور التي تفضي إلى الشعور بالكآبة، كما وأنه يساعده على تغيير أفكاره السلبية ونظراته إلى الأمور.

نصيحة الخبراء: اللجوء إلى طبيب نفسي أو اختصاصي نفسي أو اختصاصي اجتماعي والحصول منهم على أكبر قدر ممكن من المعلومات حول علاج الاكتئآب بشكل عام وعدم الالتفات لما يسمعه من الآخرين من قصص حول العلاج واستخدام الأدوية المضادة للاكتئآب، إذ أن تأثيرات هذه الأدوية تختلف من شخص لآخر. كما ويجب الوضع بعين الاعتبار، إن لزم استخدام الأدوية المذكورة، بأنها غالبا ما تعطى لفترة محدودة، وذلك حتى تزول الأعراض وتمضي مدة محددة على زوالها، وذلك تجنبا لحدوث انتكاسة قدر الإمكان.

-عدم اقتناع المصاب للجوء إلى العلاج كون الشعور بالكآبة لا يستمر بشكل متواصل:

تعريف الاكتئآب لا يلزم الشعور بالكآبة أو الإصابة بنوبات من البكاء بشكل متواصل. فمصابو الاكتئآب غالبا ما يزورون طبيبهم بسبب ما لديهم من أعراض تتضمن آلام العضلات واضطرابات النوم والشعور بالإرهاق، وذلك من دون علم منهم بأن هذه الأعراض ناجمة عن كونهم مصابين بالاكتئآب. فهذه الأعراض قد لا تتصاحب لدى البعض مع الشعور بالحزن.

وأضاف الطبيب نيلسون أن هناك أيضا ما يسمى بالاكتئآب المقنّع والذي يفقد المصاب به الترابط مع الشعور بالحزن ومع أي مزاج غير طبيعي. وقد يصف المصابون به شعورهم بما يشابه اللامبالاة أو المزاج المتبلد أو الشعور بأنهم ليسوا “أنفسهم.”

وفي هذه الحالات، يشخص الاكتئآب بناء على أعراض أخرى، وتحديدا انخفاض أو فقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت محبوبة مسبقا.

نصيحة الخبراء:عدم قيام الشخص بتشخيص نفسه بالإصابة بالاكتئآب، بل عليه استشارة الطبيب ليعالجه بالشكل المناسب.

-شعور المصاب بالخجل من التحدث بهذا الموضوع مع طبيبه:

مع الأسف، فإن ما يمنع بعض مصابي الاكتئآب،  أو أي مرض نفسي آخر، بالتحدث عما يشعرون به من أعراض نفسية، سواءً مع الطبيب أو غيره، هو ما يحيط بهذه الأمراض من خجل وعار. لكن هذه الأمراض، والتي يقع الاكتئآب ضمنها، لا تختلف عن أي مرض عضوي يتطلب العلاج.

نصيحة الخبراء: التذكر بأن الغالبية العظمى من الناس قد أصيبوا أو سيصابوا في وقت ما من حياتهم بهذا الاضطراب الشائع. فضلا عن ذلك، فإن الطبيب أو الاختصاصي النفسي سيحافظ على سرية ما يدور بينه وبين مريضه.