“أنا عربيّ”.. بعد اعتقال اربعة من ابطال نفق الحرية: حذارِ.. الإعلام الصهيونيّ يخوض ضدّنا حربًا لتفرقتنا

زهير أندراوس

تُواصِل دولة الاحتلال الإسرائيليّ حربها النفسيّة ضدّ الأمّة العربيّة بشكلٍ عامٍّ وضدّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ على نحوٍ خاصٍّ، واستشرس الكيان في حربه بعد فشله المُدّوي عقب فرار الأسرى السياسيين الفلسطينيين من سجن (غلبواع)، فجر الاثنين الماضي، في عمليّةٍ يشهد لها العدوّ قبل الصديق بأنّها عملية بطوليّة حطمّت المقولة الممجوجة والكاذِبة بأنّ إسرائيل لا تُقهَر.

الحرب الضروس على الروايّة تشتّد وتستعِر في هذه الأيام، وعادت حليمة إلى عادتها القديمة: تقسيم الأمّة العربيّة إلى طوائف وملل وما إلى ذلك من مُصطلحات يعّج بها القاموس الصهيونيّ الوقِح، فمنذ زرعه في فلسطين دأب الكيان على التعامل مع الشعب العربيّ الفلسطينيّ كمجموعةٍ من الطوائف والمذاهب والحمائل والعائلات، واليوم أكثر من أيّ وقتٍ سبق بتنا نتعرّض لتجزئةٍ جديدةٍ قديمةٍ بين سُكّان الضفّة الغربيّة المُحتلّة وبين سُكّان قطاع غزّة والعرب الفلسطينيين في أراضي الـ48، الواقِعة هي الأخرى تحت الاحتلال، ناهيك عن اللاجئين الذين شُرّدوا في النكبة المنكودة، وهي أفظع جريمةٍ ارتُكِبت على مرّ التاريخ.

ولمنع الالتباسات والوقوع في المصيدة الصهيونيّة، نجِد لزامًا على أنفسنا أنْ نؤكِّد للقارئات والقرّاء الأعزّاء عددًا من القضايا التي تُستخدَم من قبل ماكينة الدعاية الصهيونيّة لتجزئة الأمّة العربيّة:

ـ أولاً: مُباشرةً بعد إعادة اعتقال الأسيريْن في مدينة الناصرة، وهي أكبر قلعةً وطنيّةً في الداخل الفلسطينيّ، بدأت إسرائيل، عبر وسائل إعلامها المُتطوّعة تُمارِس أبشع صنوف الحرب الإعلاميّة، حيثُ زعمت، وللأسف تلقفّ البعض منّا الرواية، زعمت أنّ مُواطِنًا من الناصرة هو الذي قام بالاتصال بشرطة الاحتلال لإبلاغها عن مكان الفدائيين الاثنيْن، أيْ أنّ العربيّ-الفلسطينيّ هو الذي جاء بالمعلومة الذهبيّة.

ـ ثانيًا: الزعم الثاني كان أكثر خُبثًا، فقد قالت وسائل الإعلام العبريّة دون استثناءٍ إنّ الفدائيين الاثنيْن كانا بالقرب من جبل القفزة في الناصرة، وهو أحد أهّم الأماكن المُقدسّة لدى المسيحيين، والمسيحيين العرب بطبيعة الحال، وهذا الزعم لم يأتِ من باب الصدفة بتاتًا، بل أنّ القصد من وراءه تقسيم المُقسّم.

ـ ثالثًا: عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، ادّعى الإعلام العبريّ أنّ الفدائيين الفلسطينيين كانا يتجوّلان في حيّ الفاخورة في الناصرة، وهو حيٌّ يسكنه المُسلمين، وهكذا أراد هذا الإعلام، الذي يعكِس أفكار وآراء صُنّاع القرار الصهاينة، إقحام العامِل الطائفيّ في الموضوع، وكأنّ الأسرى الفارّين لا يُمثّلون الكلّ الفلسطينيّ.

ـ رابِعًا: بعدما انطلت الرواية للأسف على العديد من أبناء جلدتي، الذين سارعوا لشتم الناصرة واتهام سُكّانها بالعمالة وما إلى ذلك من تهمٍ تبعد ألف سنةٍ ضوئيّةٍ عن الحقيقة، أخرجت إسرائيل فأرًا جديدًا من القُبعّة: قامت بالتسريب لوسائل الإعلام بأنّ المُواطِن النصروايّ الذي قدّم لشرطة الاحتلال المعلومة الذهبيّة هو مُتطوِّع في الشرطة، بالإضافة إلى كونه درزيًا، مُستغلّةً أنّ العرب- الدروز في الكيان يخدِمون في جيش الاحتلال، بعد أنْ قامت قيادتهم بُعيد النكبة بالتوقيع على اتفاقٍ يقضي بفرض الخدمة الإلزاميّة عليهم في جيش الاحتلال، دون أنْ يذكر الإعلام العبريّ أنّ نسبة الدروز الذين يرفضون الخدمة في الجيش من منطلقاتٍ مبدئيّةٍ وعقائديّةٍ آخذةً في الارتفاع من سنةٍ إلى أخرى.

ـ خامسًا: لم تتوقّف الأمور عند هذا الحدّ من نشر البلبلة والإرباك في صفوف الفلسطينيين، فبعد اعتقال الفدائييْن الاثنيْن الآخرين، سارعت وسائل الإعلام الصهيونيّة إلى التشديد على أنّ المعلومة الذهبيّة وصلت من مواطنٍ بدوّيٍّ من قرية أم الغنم في الجليل الأسفل، حيثُ قامت بإجراء لقاءاتٍ معه لتكريس الرواية الإسرائيليّة بأنّ العرب يقومون بالوشاية الواحد عن الآخر، علمًا أنّه داخل الخّط الأخضر يعيش أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينيّ، وخلال العدوان الأخير الهمجيّ والبربريّ على أبناء شعبنا في قطاع غزّة، هبّوا هبّة رجلٍ واحدٍ في جميع أماكِن تواجدهم احتجاجًا على الجرائم التي ارتكبها الاحتلال، وما زال العشرات منهم رهن الاعتقال.

ـ سادسًا وأخيرًا: ختامًا نقول لجميع الناطقات والناطقين بالضاد من المُحيط إلى الخليج: علينا التركيز على نجاح عملية فرار الأسرى وعدم الانجرار وراء الخُزعبلات التي يصطنعها الاحتلال للتغطية على فشله المُدّوي، ونُضيف: أكتبوا ما أردتم في الهويّة، سجِّلوا ما طاب ويطيب لكم، هذا لن يُجديكم نفعًا، لأننّا من رحم الأمّة العربيّة انطلقنا، وإلى اللحد سننتقل، والموت حق، عربًا وفلسطينيين.

وللجميع نقول وبأعلى الصوت: أنا عربيّ.

مُحلّلٌ وكاتبٌ سياسيٌّ من قرية ترشيحا شمال فلسطين المُحتلّة

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *