أهداف الإعلام – د. محمد غياث مكتبي

أهداف الإعلام-الشريعة الإسلامية-الهدف العام-ربط أهداف الخطط الإعلامية بمقاصد الشريعة الإسلامية-الشمول-القوى البشرية-مواكبة مرحلة الدعوة الإسلامية

Share your love

وبما أن الإعلام الإسلامي هو جزء من المفهوم العام للشريعة الإسلامية، فإنه يتمثل (بالعملية) والتي توحي بوجود حركة دائبة بين المرسل والمستقبل، ووجود تفاعل قوي بينهما، وهذا ما أكّده القرآن الكريم، ومن ذلك مثلاً قوله تعالى: {ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الأنفال: 53] وقوله سبحانه: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11] فالتغيير يتطلب حركة مستمرة، وتفاعلاً حياً.
من هنا لا بدّ للإعلام الإسلامي في أهدافه ووسائله ووظائفه و…. أن يلتزم بالإسلام كله، فلا يخرج عن هدي القرآن والسنة، ولا يُعارض ما جاء به الفقه الإسلامي، ونصَّ عليه, لكن ذلك لا يتمّ إلا عبر عملية تخطيط منظّم وناجح، أما الأمور الارتجالية والفوضوية فهي تخالف تعاليم الإسلام، وبالتالي فكل مسلم عليه أن يسير في حياته على هدي من العلم والحكمة، وذلك في طريق استخدام كل حواسه وطاقاته التي وهبه الله سبحانه وتعالى إياها، مصداق ذلك قوله عزّ وجلّ: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}  [الإسراء: 36].

وفي القرآن الكريم عرضٌ لأنموذج التخطيط، وذلك في حكاية نبي الله يوسف عليه السلام، حيث وضع خطة طويلة الأجل مدتها خمسة عشر عاماً، وقد قال تعالى في معرض الحكاية: {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون * ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}  [يوسف: 47ـ 49].

ولا تعارض بين التخطيط وبين التوكل على الله، إنما ذلك ـ التخطيط ـ تنفيذٌ لأوامر الله: {وأعدوا لهم ما اسطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} [الأنفال: 60].

أما أهم أهداف تخطيط الإعلام الإسلامي، فيمكن حصرها ـ وباختصار ـ فيما يلي:


أ ـ الهدف العام: وهو تحقيق أهداف الإعلام الإسلامي بأكبر قدر من الكفاية والفعالية والتأثير، ويقتضي ذلك وضع أهداف الإعلام الإسلامي وسياساته على مستوى العالم الإسلامي، بل وعلى مستوى العالم أجمع، بدقة ووضوح، ومراعاة أن تكون هذه الأهداف شاملة لأنشطة الإعلام المتكاملة في المجتمع الإسلامي، محققة لوظائف الإعلام المحددة، دون أي نقص، ووضع الخطط الإعلامية الإسلامية المتكاملة، وتوفير الإمكانات اللازمة لتنفيذها بأعلى مستوى من الكفاية
.

ب ـ الأهداف الفرعية: يشتق من الهدف العام لتخطيط الإعلام الإسلامي، أهداف فرعية أربعة، تتضافر مع بعضها البعض لتحقيق الهدف العام، وهذه الأهداف هي:

الهدف الأول: بناء نظرية للإعلام الإسلامي.

الهدف الثاني: تحديد غايات مُثلى للخطط الإعلامية: ويقتضي ذلك أن يستفيد المخطط من أساليب وأسس تحديد الأهداف المقررة علمياً. ولضمان الوصول إلى أهداف مُثلى للخطط الإعلامية في المجتمع الإسلامي يجب على المخطط الالتزام بما يلي:

1– ربط أهداف الخطط الإعلامية بمقاصد الشريعة الإسلامية: إن مقاصد الشريعة الإسلامية ـ كما تدل عليها النصوص ـ هي تحقيق مصالح العباد في العاجل لآجل، ودرء المفاسد والأضرار عنهم، لتحقيق السعادة لهم في حياتهم الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، ويستفاد ذلك من قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء: 107].

وقد عبّر القرآن الكريم عن الغاية الكبرى للمسلمين في دعائهم: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}[البقرة: 201].

فالهدف الأمثل للإنسان هو تحقيق سعادة الدارين بعيداً عن الفساد والمفسدين، قال تعالى: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض} [القصص: 77].

ومن ذلك يستنتج أنه على المخطط الإسلامي في مجال الإعلام أن يلتزم في تحديد أهداف الخطط الإسلامية، ما يحقق مصالح الإنسان، ودرء المفاسد والأضرار عنه في الدنيا والآخرة، وما يحقق السعادة الحقّة في حياته، في دنياه وآخرته.

2– التزام الإعلام الإسلامي بخصائص الإسلام الأساسية: يقتضي ارتباط أهداف الإعلام بمقاصد الإسلام العامة، أن يلتزم كذلك بخصائص الإسلام الأساسية، والتي من أهمها:

أ – الشمول: إن الإسلام شامل لجميع شؤون الحياة وسلوك الإنسان، لذلك فإن أهداف الإعلام الإسلامي تمتد عبر مساحات شاسعة ؛ لتشتمل على جميع شؤون الناس في دنياهم وآخرتهم.
فالإعلام الإسلامي يلتزم بالإسلام بكامله، في جميع أهدافه العامة والمرحلية والفرعية والتفصيلية، ومرجعه في ذلك هو: القرآن الكريم والسنّة المطهرة والفقه الإسلامي، وكلها تؤكد أن أحكام الإسلام وتعاليمه تنظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة، وتتناول الناحية التعبدية أو الروحية جنباً إلى جنب مع النواحي المادية والاجتماعية، على مختلف الأصعدة، وفي شتى الميادين
.

ب – العموم: والمقصود بذلك عموم الزمان وعموم المكان، مصداق ذلك قوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض} [الأعراف: 158].
وعلى ذلك، فإنه ينبغي أن تغطي أهداف خدمات الإعلام الإسلامي جميع فئات البشر من كل جنس ولون، وفي كل زمان ومكان، ويقتضي ذلك أن تقابل هذه الأهداف حاجات كل نوع من البشر، مع مراعاة اختلاف المكان واللغة والثقافة والدّين والأفكار وتطوّرها عبر القرون والمجتمعات
.

جـ ـ المثالية مع الواقعية: فالإسلام لا يطلب من المؤمنين أن يعيشوا كالملائكة، ولا يطلب منهم أن ينزلوا إلى دركات البهيمية الحمقاء، إنما يطلب منهم أن يعيشوا الاعتدال بعيداً عن الإفراط والتفريط، وهكذا يجب أن يراعي الإعلام الإسلامي عند تحديد أهداف خطته، هذه الخاصة الإسلامية، مصداق ذلك قوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78],  وقوله سبحانه: {وكان بين ذلك قواماً}  [الفرقان: 67].

د – الارتباط بأهداف الخطط الأخرى في المجتمع: يجب أن ترتبط خطط الإعلام الإسلامي مع الخطط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع، والتكامل معها، لتحقيق الأهداف العامة للمجتمع الإسلامي ككل.

ك- شمول أهداف الخطط الإعلامية لجميع الوظائف: ينبغي أن تتضمّن أهداف خطط الإعلام الإسلامي جميع وظائف الإعلام، وبرامجه المتطوّرة العصرية ـ في حدود ما أباحه الإسلام ـ واستخدام الوسائل المتقدمة المرئية والسمعية والمقروءة جميعاً، والتي لا يحرّمها الشرع.


الهدف الثالث: رسم سياسة إعلامية إسلامية فعّالة: وذلك عن طريق الالتزام بالمنهج الإسلامي، وما يختصّ به الإسلام من القواعد والأسس الخيِّرة الإيجابية، وأهمها:

  • الالتزام بالعقيدة الصحيحة والقيم الإسلامية الفاضلة.
  •  تكامل السياسات الإعلامية مع الأنشطة الاجتماعية الأخرى.
  •  وحدة الخطط الإعلامية الإسلامية.
  •  أولويات خطط الإعلام الإسلامي.
  •  ضمان الاستفادة من الإمكانات في المجتمع.
  •  الاهتمام بأساليب الاتصال الجماهيري.
  •  التغطية الشاملة لفئات البشر كافة.


الهدف الرابع: إعداد خطط نموذجية وتنفيذها ومتابعتها:
ويمكن تلخيص الإمكانات المطلوبة لتنفيذ خطط الإعلام الإسلامي في ضوء الواقع فيما يلي:

1ـ القوى البشرية: من حيث إعدادها إعداداً داخلياً ؛ كإصلاح التعليم ونحو ذلك، وخارجياً ؛ كتحصينها ضد أمراض الغزو الفكري المعادي للإسلام.

2ـ الإمكانات المادية والتقنية الحديثة: حيث تشتمل هذه الإمكانات على المعدات والخامات ووسائل الاتصال الحديثة اللازمة لتنفيذ برامج خطط الإعلام الإسلامي، وأهمها:

  • المعدات والخامات.
  • وكالات الأنباء للبلاد الإسلامية.
  • الإمكانات التنظيمية.
  • الإمكانات المالية.


اذن: يمكن تحديد أهم أهداف الإعلام الإسلامي بالنقاط التالية:

1– تحقيق الصيغة الإسلامية للمجتمع.

2- مواكبة مرحلة الدعوة الإسلامية.

3– درء المفاسد من خلال منع أسبابها وأساليبها ووسائلها في الوصول إلى المجتمع، وتنبيه الناس إلى خطورتها، وتبيان آثارها.

4-تكوين رأي عام إسلامي له وزنه الدولي وتأثيره الفاعل في القضايا التي تهمّ الإنسانية عامة، والقضايا التي تهمّ الإسلام والشعوب المسلمة خاصّة(1).

 

 

(1)  الإعلام: قراءة في الإعلام المعاصر والإعلام الإسلامي، محمد منير سعد الدين.

 

 


.

 

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!