أهمية التنمية الشخصية وتأثيرها على جيل الألفية

سُمِّيت التنمية الشخصيَّة أسماءً كثيرة، ولقد وُصِفت بأنَّها إلزاميةٌ وغامضةٌ جداً، وثقافيَّةً أيضاً. لقد شاهدنا الكثير من المتحدثين والمؤلِّفين المحفِّزين، وما يسمَّى بالخبراء والمدرِّبين، وعددٍ كافٍ من الأشخاص السّيئين الذين يردِّدون ادِّعاءاتٍ منمقة. إنَّ المجتمع ككلٍّ خاض تجربةً سيئةً مع التنميَّة الشخصيَّة لفترةٍ من الوقت، ومع ذلك استمرَّت، لماذا؟ سنتحدث في هذا المقال عن أسباب نمو وأهمية التنمية الشخصية وخاصة بالنسبة لجيل الألفية.

Share your love

قد يبدو الأمر بسيطاً، لكن بالنِّسبة إلى العديد من الأشخاص، الذين تكون علاقتهم العاطفيَّة مع الطَّعام علاقةً وطيدةً ومعقدة، لا يوجد حلٌّ سريعٌ للتغيير، ولكن هناك أدواتٌ يمكن أن تساعدك على كسر الروابط العاطفيَّة وإعادة بناء العلاقات الصحيَّة.

هل بدا هذا مألوفاً بالنسبة إليك؟

سُمِّيت التنمية الشخصيَّة أسماءً كثيرة، ولقد وُصِفت بأنَّها إلزاميةٌ وغامضةٌ جداً، وثقافيَّةً أيضاً. لقد شاهدنا الكثير من المتحدثين والمؤلِّفين المحفِّزين، وما يسمَّى بالخبراء والمدرِّبين، وعددٍ كافٍ من الأشخاص السّيئين الذين يردِّدون ادِّعاءاتٍ منمقة. إنَّ المجتمع ككلٍّ خاض تجربةً سيئةً مع التنميَّة الشخصيَّة لفترةٍ من الوقت، ومع ذلك استمرَّت، لماذا؟

إنَّ التنمية الشخصيَّة تتمحور في جوهرها حول تغيير عقلك من أجل تحسين جوانب حالتك العاطفيَّة والجسديَّة والعقليَّة والروحيَّة، فإذا كنت تعتقد حقاً أنَّك تمتلك القدرة على تغيير شيءٍ واحدٍ أو أكثر عن حياتك، فهناك أدواتٌ للوصول إلى ما تصبو إليه.

بالطبع، يجب أن تأخذ في الحسبان حقيقة أنَّ التغيير الحقيقيَّ والدَّائم لن يأتي أبداً من حلٍّ سريع، بل سوف يتطلَّب الأمر التَّنظيم والعزم والوقت، بالتَّأكيد لبقيَّة حياتك.

لقد شهدت التَّنمية الشخصيَّة رواجاً كبيراً؛ في الواقع، من المتوقَّع أن تنمو هذه الصناعة من 3 مليارات دولارٍ إلى 5 مليارات دولارٍ في السَّنوات الأربع القادمة، لكن لماذا؟

  1. النمو المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي: حيث وصل بشكلٍ غير مسبوقٍ إلى 7.4 مليار شخص، هؤلاء الـ 7.4 مليار شخصٍ لديهم حقُّ الوصول إلى كمياتٍ لا نهاية لها من المحتوى، وإنَّ هذا شيءٌ يجب أن يترك أثراً.
  2. تسجِّل الأجيال الشَّابة مستوياتٍ غير مسبوقةٍ من التوتر والقلق والاكتئاب: يأتي معظمها بسبب المجتمع الذي يعزِّز الانشغال والإرهاق. إنَّهم يحتاجون إلى السيطرة، ويريدون إجابات.
  3. القبول ووجود الحاجة العامة إلى ذلك: إنَّ منشورات الإنستغرام بعنوان “لقد فعلت ذلك”، تقوم بزيادة الوعي والوصول، إذ أنَّه كدوران كرة الثلج، حيث يخبر أشخاصٌ أشخاصاً آخرين حتَّى يتضخَّم العدد.
  4. ربَّما لأول مرةٍ يكون التَّطوير الشخصي كبيراً بما يكفي ليكون ذاتياً، وإنَّ نمط تفكير: “خذ ما تريد واترك البقيَّة” يطغى اليوم.

وإنَّ نتيجة كلَّ ذلك هي إنذارٌ واضح: اعمل على نموّ وتحسين نفسك ومهاراتك الآن وفي السَّنوات القادمة، وإلَّا ستُترَك وراء الآخرين، ثابتاً في مكانك.

العامل الأول: الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي

وفقًا لأحدث الأرقام الصَّادرة عن مركز بيو للأبحاث، ينشط 72 بالمئة من البالغين في الولايات المتحدة على منصَّة وسائطٍ اجتماعيةٍ واحدةٍ على الأقل، حيث أنَّ الكثير منَّا لا يستطيع ترك هاتفه لأكثر من ساعة.

إذا كنا في غفلةٍ عن حجم الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فإنَّه مثل أيِّ تقدُّمٍ تكنولوجيٍّ كبير، لديه القدرة على الأذى أو الفائدة.

تقول “ماري فورليو”، المتحدثة ومؤلفة كتب التنميَّة الشخصيَّة: “إن التَّغييرات في التّكنولوجيا تتيح فرصاً جديدةً للتَّأثير في حياة الناس والطَّلب المتزايد باستمرارٍ لمعرفة كيف تقضي وقتك وطاقتك”.

إنَّ إمكانيَّة الوصول إلى مقطع فيديو واحدٍ مسجلٍ على هاتفٍ ذكي لا حدود لها تقريباً. في النهايَّة، “سهولة الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي” أمرٌ جيد، تقول فورليو: “لدى النَّاس الفرصة لإطلاق العنان لإبداعهم والتواصل مع الآخرين، ومع مزيدٍ من الأشخاص. هذا يعني مجموعةً متنوعةً من الأساليب ووجهات النَّظر وأساليب المعلِّمين للاختيار من بينها”.

ولكن مع إتاحة هذه المواقع بسهولة، تأتي مسؤولية كلٍّ من المنتج والمتصفح، حيث يقوم المتصفح بقراءة آلاف المشاركات التي تَعِدُ بنتائج تُغيِّر الحياة وتُميِّز المفيد من الضَّار.

بغض النَّظر عن تسليط الضوء على أفضل الأجزاء التي يمكن أن تكون ضارةً أيضاً، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداةً لا تقدَّر بثمنٍ للتنمَّة الشخصيَّة، حيث توفِّر مقاطع الفيديو المؤثِّرة، والرسومات الكارتونيَّة للتجارب الشخصيَّة، مرآةً يمكن لأيِّ شخص أن يرى نفسه تنعكس فيها، وبالتالي تخفِّف مشاعر الوحدة. وبالمقابل، يحصل منشئوها على المال، وهذا أمرٌ بالغ الأهميَّة.

يردِّد المجتمع ما يسمعه، حيث يقول راوي القصص ومضيف البودكاست “جاي شيتي” (Jay Shetty): “سيكون الناس الآن قادرين على رؤية الأشخاص الذين يشبهونهم، ويبدون مثلهم، والذين كانوا يعانون من الألم نفسه الذي يعانون منه، والذين يريدون النَّجاح نفسه الذي يريدونه، سوف يرون هذا ينعكس في الصِّناعة”.

بطرائق بسيطة، يحقق المجتمع التغيير بالفعل، حيث أنَّ نسخ فيسبوك المحدَّثة تعطي الأولويَّة للوظائف الشخصيَّة؛ كما بدأَ انستجرام بالتَّخلص من عدَّاد الإعجابات لكلِّ مشاركةٍ في محاولةٍ لمكافحة المقارنة، الأمر الذي أثبت آثاره السلبيَّة على المستخدم؛ وقد قامت بنتريست مؤخراً بتدريبات المساعدة الذاتيَّة بالمشاركة مع مختبر ستانفورد للصَّحة العقليَّة والحيويَّة العاطفيَّة والخط الساخن الوطني لمنع الانتحار، وتشمل هذه التمرينات: التنفس والتحولات الذهنيَّة.

العامل الثاني: الحاجة إلى التنمية الشخصية

لقد كبر جيل الألفية وسط الفوضى، وهم الآن يشكِّلون أغلب سكَّان الأرض، لقد شهدوا صراعاتٍ سياسيَّةً عديدة، ممَّا زاد من أعبائهم الماليَّة وعدم استقرارهم الاقتصادي. إنَّ كلَّ ما سبق يؤثر في الصَّحة العقليَّة لجيل الألفية في عام 2020، وهذا ليس جيداً.

أظهر استطلاعٌ حديثٌ أنَّ نصف جيل الألفيَّة في الولايات المتحدة تركوا وظائفهم لأسباب تتعلَّق بالصَّحة العقليَّة، وهذا يتماشى مع دراسةٍ صدرت عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي، والتي وجدت أنَّ 53 في المئة من جيل الألفية عانوا من قلَّة النَّوم بسبب الإجهاد، وقال 76 في المئة من المشاركين أنَّ العمل هو أكبر مصدرٍ للتوتر لديهم.

تقول “جابرييل بيرنشتاين”، كاتبة وصحفية في مجلة نيويورك تايمز وكتبها تعتبر من أكثر الكتب مبيعاً: “إنَّ العالم يستيقظ، والنَّاس غير مرتاحين للفوضى التي يشعرون بها. إنَّهم أشبه بوعاء مضغوط، فهم يبحثون عن حلولٍ بدلاً من التَّحدث عن المشكلات”.

إنَّ جيل الألفيَّة لا يخشى طلب المساعدة، حيث تميل الأجيال الشَّابة إلى البحث عن رعايةٍ نفسيَّةٍ مهنيَّةٍ والتَّحدث عنها علانيَّةً أكثر من أيِّ جيلٍ مضى. ولكن ماذا عن المشاكل الخفيَّة الأخرى مثل: الإجهاد القوي، والذي يمكن أن يؤثِر في الجسم بأكمله من أجهزة الغدد الصَّماء والقلب والأوعية الدمويَّة والجهاز العصبي؟

تحترم الثَّقافة الأمريكية الإرهاق والانشغال بالعمل، وتُدين الرَّاحة واللعب. تبدأ هذه الثقافة في مرحلة التَّعليم المبكِّر، وتحاربها منظمات مثل: معهد “Childplay Institute”، الذي يعمل على تشجيع التَّعلم من خلال اللعب في المدارس. ويتفاقم الأمر في الجامعة، ممَّا أثار الحركات المناهضة للدراسة الجامعيَّة التي تعمل على إصلاح التَّعريف الحالي للتعليم العالي. ويعدُّ أمراً طبيعياً أن تنعكس الثقافة على مكان العمل؛ لهذا لجأت الوزارة الحاليَّة إلى الرَّاحة وعدم العمل كشكلٍ من أشكال التمرّد. أدى كلُّ هذا إلى ظهور النَّتيجة الإجماليَّة لهذه الثقافة، والتي هي: شعورٌ مستمرٌّ ومزعجٌ بعدم الاكتفاء.

يقول “لويس هاوز”، مؤلِّف الكتب الأكثر مبيعاً في نيويورك تايمز، والمضيف للبودكاست المسمّى “مدرسة العَظَمَة”: “إنَّ جيل الألفية يكافح حقَّاً في المقارنة والحكم والشعور بالتخلف، والإحساس بأنَّهم لا يحصلون على ما يريدون. إنَّهم يبحثون عن إجابات”.

كان الجواب “بذل مزيدٍ من الجهد”. توفِّر التنمية الشخصية إجابةً أخرى، لا بل آلاف الإجابات؛ وهنا يظهر جيل الألفيَّة مع استعدادٍ بنسبة 94% للاستثمار في تحسين الذَّات.

العامل الثالث: عصر الاحتفال بالرعاية الذاتية

الحاجة إلى التنميَّة الشخصية والقدرة على الوصول إليها، حقَّق شعبيةً كبيرة. وبمرور الوقت، مرَّت التنميَّة الشخصية بفتراتٍ متفاوتةٍ لكونها جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية؛ وبشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، أصبحنا جميعاً ناطقين بلغة الرعاية الذاتية. سيبدو لون وشكل وتواتر روتين الرعاية الذاتيَّة الخاصِّ بك مختلفاً تماماً عن أيَّ شخصٍ آخر، ولكن تظلُّ الحاجة إلى الرعاية الذاتية والاحتفاء بها مستمرين.

إنَّ ماريان ويليامسون، وهي اسمٌ مشهورٌ في صناعة التنمية الشخصية، ومؤلِّفةٌ لأربعة كتب من مجلة نيويورك تايمز الأكثر مبيعاً؛ تروِّج لفكرة أنَّ الحبَّ والرَّحمة يمكن أن يحلَّ أيّ مشكلة.

إنَّ القول بأنَّ هذا هو عصر الاحتفال بالرعاية الذاتية، يعني الاعتراف بطريقةٍ ما بأنَّنا قد سئمنا. هذا يعدُّ سهلاً عندما تقوله وأنت مسترخٍ في حوض الاستحمام، ولكنَّه أصعب بكثيرٍ عندما يبدأ العمل الفعلي في الواقع.

بالنسبة إلى العديد من المهنيين الذين يحاولون الوصول إلى الناس، يتطلَّب هذا أن تبقى ذكيَّاً، وتتعاون مع عقول ذكيَّةٍ أيضاً، وتجد طرائق جديدةً لإيصال رسالةٍ تدوم طويلاً؛ لأنَّ المنافسة ليست هي المقصد فحسب، بعبارةٍ أخرى: التنمية الذاتية عمل، لكنَّها عملٌ إنساني. وهذا العمل سيبقى أبداً.

العامل الرابع: التَّنمية الشخصيَّة

لا يجب أن يكون الفوز متاحاً بسهولة، فنحن لسنا في قصةٍ خياليَّة، فقد كان التطور الشخصي الماضي يقبل وصفةً طبيةً من أجل السعادة أو زيادة الثقة بالنفس، أمَّا الآن فلا، فقد أُشبِع الناس بوعود الارتياح. إنَّهم مقبلون على الأفكار الجديدة، ولكنَّهم يتردَّدون في منح الثقة.

الكرة الآن في ملعب الجمهور، فكلَّما كبُرت الصناعة، زادت المحتويات الموجودة. وإنَّ الناس الذين يتحمَّلون المخاطر ويلبُّون احتياجات الآخرين، يجدون طريقهم إلى النجاح، محاولين أن يُحدثوا علامةً فارقةً في الصناعة. وبالنسبة إلى المستهلك الذي يحاول التمييز بين المحتوى الجيد والسيء، فإنَّ الحدس هو المفتاح؛ لذا يجب أن يكون لديك هدف، وعليك أن تحمِّل نفسك المسؤوليَّة دائماً. ولكن إذا طبقت هذه النصيحة بشكلٍ جيد، فهل ستدفعك بالفعل نحو هدفك؟ إذا دفعتك حقاً، فهذا عظيم؛ وإذا لم تدفعك، فهذا سيكون سيئاً، وعليك التخلُّص منها.

إنَّ التنمية الشخصية -بغض النظر كيف تُعرِّفها أنت- قد اندمجت داخل نسيج المجتمعات عامة، لكنَّها تضخمَّت بسبب قوة وسائل التواصل الاجتماعي. إنَّها كالمُعَلّم الذي يكافح مع طالبٍ لا يريد أن يتعلَّم، ويجد مقطع فيديو عن الدافع في أحد المواقع.

نريد أن نعيش في عالمٍ يفهم فيه 7.4 مليار شخصٍ على الأقل ما هي عقلية النمو. فكرة الرعاية الذاتية متوفِّرة، وليست مكلفةً عند احتياجها، حيث تطوَّرت القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكنَّها كانت حقيقةً واقعة لا يمكن تجاهلها في الماضي.

إنَّ ردودنا، ومكانتنا الصغيرة في هذا العالم، وكيف نختار أن نعيش؛ يمكن أن تكون من نواحٍ كثيرةٍ متوقفةً علينا نحن.

في 2020، إنَّ التنميَّة الشخصيَّة تعطيك الكثير من الأدوات؛ لذا خذ ما تحتاجه واترك الباقي.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!