أولويات العراق في مؤتمر دول الجوار القادم

 

 

 د. جواد الهنداوي

سينعقد المؤتمر في بغداد، بتاريخ 2021/8/28، و برعاية فرنسيّة -عراقية، وبحضور الرئيس الفرنسي، ماكرون، واتوقع حضور الرئيس التركي،  وجلالة ملك الاردن، ووزير خارجية ايران، ووزير خارجية المملكة العربية السعودية.

رعاية فرنسا لهذا التجمّع السياسي الدبلوماسي لا تدّلُ فقط على اهتمام الغرب (امريكا واوربا ) بشأن العراق، وانما تؤكّد هذا الاهتمام، و تُعرِبْ عن ما هو جديد في هذا الاهتمام، الا وهو الدور الفرنسي او الدور الاوربي من اجل العراق ومن اجل المنطقة، ومن اجل مصالح الغرب الاستراتيجية، (دور مساعد او بديل للدور الامريكي ومتناغم معه). لم تعُدْ امريكا قادرة ، لمفردها، على ادارة ملفات المنطقة، وهي (اي امريكا) تتصدى للتحديات السياسية والاقتصادية الاسيويّة ومحورها الصين. كما أنَّ فرنسا موعودة او مُكلّفة بدور اكبر في المنطقة، ومن بوابّة لبنان وسوريا، وتحظى بمقبولية وبثقة ، حتى من لدن حزب الله .

اعتقدُ برغبة العراق في مشاركة سوريا، بأعتبارها دولة من دول الجوار ، لاسيما والبلدان ( العراق وسوريا ) يتعاونان في محاربة الارهاب ، و تجمعهما وروسيا و ايران لجنة تنسيقية مشتركة في محاربة الارهاب، ولكن مُعطيات وعوامل سياسية تحول ،كما اعتقدُ ،دون دعوة سوريا للمشاركة، منها الرعاية الفرنسية للمؤتمر، ومنها ايضاً صعوبة تجمّع او لقاء الاضداد في الوقت الحاضر، حتى وإنْ كانت هناك اتصالات و لقاءات أمنية و عسكرية وحتى سياسية قد تمّتْ بين سوريا وهولاء الاضداد .

يعزّز هذا التجم، وبغض النظر عن نتائج، والتي نتمنى و نتوقع أيجابياتها، دور الدولة ومكانتها وهيبتها، ولا سيما، ينعقد التجمّع قبيل الاستحقاق الانتخابي، وسيُحسبْ، بدون شك، نجاحاً آخر للدبلوماسية العراقية، وللسياسة الخارجية التي ينتهجها العراق، والقائمة اساساً على الصبر الاستراتيجي تجاه الجميع ، وعلى التوازن وحسن الجوار وتعزيز عوامل الامن والاستقرار في المنطقة .

انعقاد المؤتمر او التجمّع الاقليمي والدولي قبيل الانتخابات، يعزّز اجراء الانتخابات في موعدها المُحددْ،ويدحض الادعاءات او التصريحات التي تشكّك في الوضع الامني و السياسي في العراق، والتي ،حسب هذه الادعاءات و التصريحات ، لا تسمح باجراء الانتخابات في موعدها المحدّدْ. الاجواء الايجابية التي سيشهدها العراق قبيل واثناء وبعد هذا المؤتمر ونتائجه الايجابية، ستعززّ ارادة و رغبة المواطن وكذلك ارادة ورغبة الاحزاب والتيارات السياسية بالاقبال على صناديق الاقتراع، والتحرّر من نزعة المقاطعة.

بالتأكيد للعراق اولويات وأهداف مرجّوة من هذا المؤتمر. أولويات و اهداف، رُسمتْ ووُضِعتْ ، في ضوء رؤية رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية، المبنيّة اساساً على المشهد و الواقع السياسي وتطلعات و حاجات الشعب . فما هي اذاً الاولويات والاهداف؟

 أولوية العراق على الصعيد السياسي هو تعزيز سيادة الدولة الداخلية والخارجية، وكلا السيادتيّن مترابطتين.

لن تُهابْ وتُحترمْ الدولة من الخارج اذا لم تكْ مُحصّنة ومُحترمة من قبل شعبها وكُتلها واحزابها السياسيّة.

وستكون نتائج الاتفاق او الحوار الاستراتيجي، الذي جرى في شهر تموز المنصرم من هذا العام، بين العراق وامريكا مناسبة للتأكيد على سيادة العراق، وعلى ضرورة خلو ارض العراق من ايّة قوات قتالية اجنبيّة .

التأكيد على ضرورة تعزيز قدرات العراق الامنية لقواته المسلحّة وللشرطة الاتحادية وكافة التشكيلات الاخرى ،من اجل استتاب الامن الداخلي و التخلص من الانفلات الامني و الاغتيالات والنزاعات العشائرية المسّلحة و المتخلفة ، والتي تتعارض مع السيادة الداخلية للدولة .

 مِنْ اولويات العراق ايضاً أمنْ واستقرار المنطقة ، والتي تعيش ( اي المنطقة ) على اثر نزاع وخصام وعداوة بين محورّين : امريكا و حلفاءها و ايران وحلفاءها .

 وقد بذل العراق صبراً وجهداً من اجل أحاطة التوتّر ومنع تفاقمه ومحاولة لتفكيك بعض عقدهِ و معالجة بعض اثاره الاقتصادية و المعيشية ، وضحاياه الشعوب .

 لذا سيكون الحضور الايراني والحضور السعودي هدفاً مرجواً من دولة استضافة المؤتمر (واقصد العراق)، سيعززّ العراق جهوده من اجل المضي في خطواته السابقة والهادفة الى تقارب وجهات نظر الدولتيّن ( ايران والمملكة العربية السعودية) . في خطاب التنصيب للرئيس الايراني الجديد، تأكيد على ان امن المنطقة وتعزيز علاقات ايران مع دول الخليج اولوية لايران.

يستطيع العراق ان يرتكز على هذا الخطاب ، من اجل المزيد من المرونة والتنازلات المتبادلة بين جاريّن مهمّين للعراق وهما المملكة وايران ولمصالحهما المشتركة ولمصلحة العراق ولمصلحة امن و استقرار المنطقة و شعوبها المتضررّة.

على ضوء هذا الخطاب ،تستطيع ايران ان تبادر و تقترح على المملكة بالتشاور وبتبادل وجهات النظر في شأن ملفها النووي ، او تقترح حضور المملكة و مندوب من مجلس التعاون الخليجي في الاجتماعات الاممية واجتماعات النمسا الخاصة بالملف النووي. واستشهد هنا بمقال للسيد محمد صالح صدقيان، بعنوان “تحديات الادارة الايرانية الجديدة في سياستها الخارجية”، بتاريخ 2021/8/8 ، والذي يقترح فيه مبادرة ايرانية تجاه حضور للمملكة في المفاوضات النووية.

اولويات العراق ،بعد السيادة و الامن، هي توفير الخدمات وتحسين الاقتصاد وتنميته وجلب الاستثمار.

واعتقد بانَّ فرصة حضور الرئيس الفرنسي والتركي، مناسبة جداً كي يبادرون بدورهم في مساعدة العراق في تحقيق ما يصبوا اليه الشعب . وعلينا ان نبيّن ما قامت به الدولة من خطوات في محاربة الفساد ، وما قامت به من اجراءات لتشجيع وتأمين الاستثمارات و طمآنة المستثمر.

 علينا ( الدولة و المشهد السياسي ب فواعله المتعددة)، استثمار انعقاد المؤتمر لتأكيد موقف العراق المتوازن و حرصه على ان تتحرر المنطقة من الارهاب و التطرف و الطائفية و الحروب والعقوبات، وان تنعم شعوب المنطقة بالامن والاستقرار، واشباع حاجاتهم الاساسية

كاتب ودبلوماسي عراقي

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *