«أيقونات» المصري محمد الفيومي… الاحتفاء بحيوات وشخوص اختفت!
[wpcc-script type=”453de0c15009ce2396a056c1-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»: يتابع المثّال المصري محمد الفيومي ـ مواليد عام 1963 ـ مسيرته بين الشخوص التي أراد لها أن تطالع زوارها ـ مشاهديها ـ وأن تُشركهم لحظات ولو قليلة من حياتها، من خلال معرضه الذي أقيم منذ فترة في غاليري الزمالك للفن في القاهرة، والذي جاء تحت عنوان (الأيقونة). وما بين نساء كثيرات مختلفات، والقليل من الرجال تتجسد حالات متباينة، بداية من لحظات تفكُر أو انتظار، وصولاً إلى ضحكة حكيمة تستهين بالحياة وتفاهاتها.
البيئة
ينتصر الفيومي للبيئة الشعبية المصرية، نساء ورجالا موسومين بالبدانة، التي كانت من سمات الجمال منذ وقت طويل بالنسبة للنساء، والهيبة والمكانة للرجال. فيأتون في ملابس شعبية تؤكد الانتماء إلى أحياء القاهرة الشعبية العريقة، وبذلك يبدو الشخوص والأسماء التي تحملها.. مرمر، حلاوتهم، فوزية، سونيا، كيداهم، سي السيد، حسنين، متولي، بركات، عوضين وأبو سويلم، وكأنهم من زمن مضى، يتجسد من خلال ذاكرة الفنان البصرية. من ناحية أخرى تتباين حالات هؤلاء، وكأن لكل منهم حكاية وتاريخا شخصيا، يمكن تخيله من خلال جلسة كل منهم ــ أغلبهم يتخذ وضعية الجلوس ـ حيوات كثيرة تتداخل في حوار مستمر بين الشخوص، أو الأيقونات كما اختار الفنان أن يطلق عليها.

لغة الجسد وتفاصيله
ورغم الوضعية الثابتة ـ الجلوس ـ إلا أن تفاصيل الجسد وإشاراته توحي بالحركة، هنا تصبح عين المتلقي بدورها هي الباحثة والمُتتبعة لهذه الحركة، فحتى الجالس في صمت، تشعر وكأنه قطع مسافة كبيرة ـ ولو داخل عقله ـ حيث أجهده التفكير. كما يؤكد الفنان على أن هذه الكتل الضخمة ــ رغم تباين تعبيرات الوجه ـ تمتلك روحاً خفيفة، وتدل على خبرة كبيرة بالحياة وكيفية التعايش معها، تأسياً وضحكاً وزهداً في النهاية، وكأنها مراحل العمر، التي يمكن أن تصبح رحلة إنسانية تعبّر عنها حالات الشخوص مجتمعة. لم ينس الفنان ـ ساخراً أو متأسياً ـ أن يستحضر ملابس الشخصيات، التي تدل أكثر على البيئة التي كانت، الجلباب القصير، منديل الشعر (الإيشارب)، هذه الملابس التي تتباهى كل امرأة في أن تظهر مفاتنها من خلالها، حتى رغم اختلاف وضعهن الاجتماعي، ويظهر ذلك أيضاً في الرجال، ليبدو الفارق ما بين رجل ميسور يحتفي بالثراء، وآخر ينتمي لفئة العمال، ممثلاً أغلبية الشعب المصري، إضافة إلى الفئات العُمرية المختلفة للشخوص، ما بين الشباب والكهولة.
الأسلوب التقني
تأتي أعمال الفنان محمد الفيومي ـ رغم سمة التشخيص الملازمة لها ـ ما بين المبالغة والتجريد. فالمنحوتات البرونزية، كما في هذا المعرض، لا تحتكم إلى تفاصيل دقيقة، كما هو المُتّبع في نحت الشخوص، بل تجريد كل ما هو زائد، أن يعمل على الانشغال عن الشخص وحالته ـ فقط الحالة والإيماء ـ من ناحية أخرى تبدو المبالغة في بعض التفاصيل، وكأن التمثال تم تصويره بعدسة كاميرا تُحرّف من النِسب المتعارف عليها، فتأتي سيقان إحدى الشخصيات أكثر استطالة من المعتاد، مقارنة بنِسب جسدها، ربما لإبراز مكمنها الجمالي، وربما المرأة نفسها كانت تتباهى بساقيها. الأمر هنا يكشف عن الحالة النفسية للشخصية، كيف كانت ترى نفسها، والأهم كيف كانت تريد أن يراها الآخرون.
