‘);
}

مكان تعبد النبي

يُطلق اسم الغار على كل مكانٍ مُنخفضٍ من الأرض، أو الكَهف والمَغارة، أو المكان الذي حُفر في الجبل،[١] والغار الذي كان يتعبّد فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو غار حِراء، أمّا الغار الذي لجأ إليه رسول الله وأبو بكر هو غارٌ في جبل ثور،[٢] وحِراء جبل، ويُسمّى بجبل النّور أيضاً، ويقع في جهة الشّمال الشّرقي من مكّة المكرّمة، وقد امتدّت حالياً بُنيان مكّة حتى وصلت إليه، وفيه أُنزلت أول سورة من القرآن الكريم على رسول الله،[٣] فاعتبر المسلمون القرآن نوراً، فأُطلق عليه جبل النور نسبةً إلى ذلك، وكأنهم بذلك يطلقون عليه اسم جبل القرآن أو جبل الإسلام،[٤] وذكر أبو عبيد البكري أنه ليس من السّهل الصعود عليه، إذ لا يمكن الوصول إلى أعلاه إلّا من ناحيةٍ واحدة، وقد ذكر ابن جبير أنّه يبعد عن مكة مسافة ثلاثة أميال؛ أي نحو 4.8 كيلومترات،[٥] ويَسع الغار ما يقرب من التسعة أشخاص في حالة الجلوس، والارتفاع يصل نحو طول شخصٍ متوسّط الطول، وبالرغم من أنّ رسول الله كان متّخذه مكاناً للعبادة، إلّا أنّه بعد أن أوحى الله -تعالى- إليه بالرسالة لم يَصْعد إليه أبداً، لذا لا يجوز اتّخاذه حالياً مكاناً للعبادة.[٦]

تعبد النبي في غار حراء

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبلغ من العمر أربعين عاماً عندما نَزَل عليه الوحي،[٧] وكان قبل ذلك يحبّ أن يخلو بنفسه، فيذهب في شهر رمضان من كل عامٍ بعيداً عن مكة المكرمة متوجّهاً إلى غار حراء، وكانت هذه عادةً عند قريش في الجاهلية، فيذهب رسول الله إلى الغار يتفكّر في خلق السماوات والأرض، ويعود إلى أهله لِيُزوّد نفسه بالطعام ويعود إلى خَلوته، ويستمر على ذلك طيلة الشهر، حتى برزت أمامه أنوار المعرفة وانعكست على فؤاده، فما يرى رؤيةً إلا انجلت أمامه مثل فلق الصّبح، وهو ما روته عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه -وهو التَّعَبُّدُ- اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِها).[٨][٩]