‘);
}

يتداول النّاس أخباراً وروايات كثيرة عن مقامات وقبور الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام، فمنهم من يقول إنّ قبر يوسف عليه السّلام في نابلس، ومنهم من يقول إنّ قبر إسماعيل في المسجد الحرام، وغير ذلك الكثير من الأقاويل التي لم تستند إلى أيّ دليل يثبت صحّتها، بل كلّها تخمينات وتوقّعات لا ترقى إلى درجة الحقائق والمسلّمات، وقد تحدّث علماء المسلمين والمؤرّخين في هذه المسألة ليبيّنوا للنّاس أنّه لم يثبت من قبور الأنبياء سوى قبر النبيّ محمّد عليه الصّلاة والسّلام الموجود في المدينة المنوّرة، وقبر سيّدنا إبراهيم الخليل عليه السّلام في الخليل دون تعيين لمكان القبر على الرّاجح من قول العلماء.

ومن بين قبور الأنبياء التي لم تثبت قبر النّبي سليمان عليه السّلام، وما يُروى عن مقام سليمان في العراق أو لبنان فلا صحّة له ولا دليل عليه، وإنّ المسلم إزاء هذه الأمور يجب أن يعلم يقينًا أنّها من المسائل التي لا تفيده في دينه ولا دنياه، وإنّما ينبغي عليه الانشغال بما ينفعه من أمور الدّين والدّنيا، وأن يتفكّر في سير الأنبياء والصّالحين، ويأخذ منها العظة والعبرة والفائدة.

من سيرة سيّدنا سليمان عليه السّلام يستطيع المسلم أن يتلمّس فوائد وعبراً كثيرة، فقد أكرم الله نبيّه سليمان عليه السّلام بأن أعطاه ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فقد سخّر الشّياطين يعملون له ما يشاء من التّماثيل والجفان والقدور وغير ذلك، كما علّمه الله تعالى منطق الطّير والحيوان، فكان يخطابها ويستمع منها كما يستمع ويخاطب البشر، وقد سخّر الله له الرّيح كذلك لتحمله إلى الموطن الّذي يشاء، ولم يقابل النّبي سليمان عليه السّلام هذا الملك وتلك الكرامة إلا بمزيدٍ من الشّكر لله تعالى والثّبات على العمل الصّالح، قال تعالى ( فتبسم ضاحكًا من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والديّ، وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين).