‘);
}

التفكّر في خلق الله

إنّ المُتأمّل في خلق الله -عزّ وجلّ- في الكون، والمُتفكّر في أسرار خلق الله -تعالى- يدرك بجلاءٍ أنّ المولى -سبحانه- متعالٍ عن جميع خلقه في جميع صفاتهم، ويدرك عظمة الخالق وقدرته القادرة؛ فيزداد به معرفةً وحرصاً على تحصيل رضاه، قال -عزّ وجلّ- على لسان أهل الإيمان: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[١] كما يصلُ الإنسان بنفسه إلى قناعةٍ كاملةٍ بقصوره وضعفه أمام قدرة الله -تعالى- وملكوته، والإسلام دين يدعو إلى إعمال النّظر والتّفكر في آيات خلق الله، ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم، ذلك أنّ فضاءات الكون مليئةً بالأسرار التي تحمل إبداعات المولى -سبحانه- في خلق الكون، ابتداءً من نفس الإنسان التي يعيش بها، وليس انتهاء بخلق السماء بغير عمدٍ؛ فآيات الله لا يحدّها حدّ، ولا يحصيها عدد، وهذا مقالٌ يقف على بعض من جوانب الإبداع في خلق الكون.

الإبداع في إحكام خلق المجرّات

تؤكّد الدراسات العلمية أنّ الكون يحتوي على البلايين من المجرّات، وأنّ كلّ هذه المجرّات تسير بنظامٍ مُحكمٍ وبديعٍ، بحث لا يمكن أنْ يتطرّق إلى الذهن البشري أنّ نظرية الصدفة هي التي أنتجت هذا النّظام الكوني الموصوف بشدّة الإحكام، وقد تمّ الوصول إلى حقائقٍ بالغةٍ اليقين عن شكل توزيع المجرّات في فضاء الكون، وهو ما يُسمّى بالنسيج الكونيّ، حيث تمّ تحديد المسارات التي تسلكها المجرّات والنجوم بدقّةٍ، حيث اتّضح أنّ كلّ مسارٍ في هذا النّسيج الكوني المُتآلف يتكوّن من آلاف المجرّات، وأنّها قد شُيّدتْ بشكلٍ بالغ الإحكام والدّقة؛ فبالرغم من أنّ الخيوط الكونية تظهر بشكلٍ شديد الدّقة، وعظيم الطّول إلّا إنّها تُحافظ على كونها مشدودةً ومُحكمةً، ومن هنا يدركُ المسلم دلالات القسم الإلهي والوصف الرّباني عندما قال الله سبحانه: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ)،[٢] وقد أشار أهل التّفسير إلى أنّ كلمة (الحُبُك) تُشير إلى ذاك النسيج المُحكم، وفي لغة العرب يُقال: حبك الثوب يحبِكه حبكاً؛ أي أجاد نسجه.[٣]