‘);
}

اختلاف العلماء في جنس إبليس

اختلف العلماء في جنس إبليس، وكان الناس فيه فريقان، فريق يرى بأنّه من الملائكة وهذا القول تبناه أكثر المفسّرين كما قال البغويّ، وهو ما ذهب إليه ابن مسعود، وابن عبّاس من الصحابة، ومن التابعين سعيد بن المسيّب، وكذلك الشيخ أبو الحسن الأشعريّ، والشيخ موفق الدين، وأئمة المالكية، وابن جرير الطبّري، وقد رأى الفريق الثاني أنّ إبليس من الجنّ، وذهب إلى هذا القول ابن عباس في رواية له، وقتادة والحسن، واختاره أبو البقاء العكبري، والزّمخشري، والكواشي في تفسيره.[١]

أدلة القائلين إنّ إبليس من الملائكة

استدلّ القائلون بأنّ إبليس من الملائكة بالاستثناء الذي ذكره الله تعالى في مواضعَ عدّة من كتابه الكريم، فقد استثنى الله عز وجل إبليس من جملة الملائكة الذين أمروا بالسّجود لآدمَ وهذا يدلّ على أنّه من الملائكة، كما استثناه ربُّ العزة ممّا وصف الله به ملائكته من الطاعة في سجودهم لآدم حيثُ رفض الاستجابة لأمر الله في السّجود، وهذا الاستثناء كذلك يدلّ على أنّه من الملائكة، قال تعالى: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ)،[٢] وقد ردّ هذا الفريق على ما استدلّ عليه القائلون بأنّه من الجنّ وهو قوله تعالى: (إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)،[٣] بأنّ الجن كانوا حيّاً من أحياء الملائكة إلا أنّهم خلقوا من نار السَّموم بخلاف بقيّة الملائكة الذي خلقوا من النّور، وقد كان زعيمَ هذا الحي إبليسُ الذي كان رئيسَ ملائكة السّماء الدّنيا، كما كان من أشدّ الملائكة اجتهاداً وعلماً، ولما رأى إبليس ما بلغه من الشّرف والمكانة دعته نفسه إلى عصيان الله فمسخه الله شيطاناً رجيماً. [٤]