إحساس يؤطر الشكل الواقعي في أعمال المغربي عبد الغني تامري
[wpcc-script type=”1dc59504a702a8ad005bb87b-text/javascript”]

■ يشكل الأسلوب الواقعي أحد أهم المكونات الفنية في أعمال الفنان التشكيلي عبد الغني تامري، فهو يبني فضاءه الناعم باعتماد الشخوصات والطبيعة والأشكال التي لها صلة بالواقع.
وهو من خلال إعادة تكوينها بطرق فنية مغايرة يفصح عن خلجاته وعن أحاسيسه، فإعادة تشكيل المكان يتخذ لديه سحرا تشكيليا متعدد المعاني والدلالات، لأن زرعه للعلامات اللونية، والأشكال التعبيرية يفصح عن رؤية عالمة بإعادة التشكيل، وإعادة صياغة الواقع وفق رؤية منبثقة من الإحساس والشعور، وهي تتوقف على مناحي فنية وروحية، لذلك تتمرأى في نطاق تعبيرات واقعية تنبع بصدق من نفسية المبدع، بعد أن ينسجها إلهامه واجتهاداته في قوالب تعبيرية فنية رائدة.
وفي نطاق العمل النقدي التشكيلي، فإن أعمال المبدع عبد الغني تامري الإبداعية وإن تبدت فيها البساطة من حيث المادة الصباغية، إلا أنها تقارب ماهية العمل الفني بالمادة البصرية التي تشكلها عين القارئ، وهو ما يصنع انسجاما وتوليفا بينه وبين شعور وأحاسيس المتلقين، خاصة أنه يشتغل على مواضيع تروم قيم التواصل والقيم الأخلاقية والاجتماعية.
وهي مواضيع ذات مضامين ترتبط بالإحساس وبانفعالاته الإبداعية، ما يجعل أعماله تتبدى مثقلة بالإيحاءات والرمزية التي تنطق بأشياء أخرى منبثقة من خوالجه الداخلية وهواجسه النفسية. ولذلك وغيره، فأعماله التشكيلية تنفذ مباشرة إلى أعماق القراء. كما أن مختلف الموضوعات التي تتضمنها أعماله، تتوافر فيها الرؤية الموضوعية للحياة، وتتبدى فيها تجليات الواقع العنائي أحيانا، وواقع الحياة بمظهريتها المتنوعة أحيانا أخرى. إن هذا التوافر يجعل من أعماله بؤرا تسجيلية بطبائع تعبيرية، وبسياقات فنية مختلفة، لكنها تتمظهر كلها في نطاق واقعي صرف.
ما يدجج أعماله بالحركة التي تعتبر من بين الأسس التي تسري أطيافها في بؤرة الشكل، ما يجعل منها أعمالا تفاعلية بأبعاد فنية ملموسة من الواقع، وهو كذلك ما يجعل المبدع ما يفتأ يبرز المادة التشكيلية في شكل وجودي يتعمد إشراك الحس الشعوري والعنصر البصري للقارئ، ما يتطلب الكثير من الدقة والمهارة والتوظيف التقني البديع. فالإضفاءات التقنية الجيدة التي يستعملها المبدع تسهم بشكل كبير في عملية المعالجة الواقعية وإبراز العمل الفني في رونق وجمال، وفق ما قادته إليه تجربته الفنية في ما يخص العمل الواقعي.
فإن كانت أساليب العمل الواقعي المعاصر تعتمد الاغتراف من بحور فنية وتجارب رائدة، سواء على مستوى الخامات المستعملة أو ما يتعلق منها بالتقنيات الزيتية وصناعة الأشكال وتوظيف الألوان، فإن المبدع عبد الغني تامر على دراية تامة بهذه الآليات الفنية، ما يفضي به إلى تأليف عوالم تشكيلية للصناعة التشكيلية الواقعية بمختلف عناصرها ومفرداتها الفنية، الأمر الذي يمنح القارئ دفء قراءة أعماله، من خلال الرؤى التعبيرية التي تشرك الأشكال المادية ومقابلاتها الروحية. فالفنان يرصد في بعض أعماله الأشكال الإنسانية ويمنحها أبعادا قيمية وأخلاقية. فهو بذلك ينجز تعبيرات واقعية بتفاعله الصريح مع المادة التشكيلية المعاصرة، وفق لون من التشكيل الواقعي الذي يستند إلى التخصص، وهو ما يُطلب من الفنان عبد الغني تامري الذي يشتت تجربته أحيانا بين تخصصات كثيرة منها التجريد والخط العربي، وغير ذلك ما يشوش على مساره التخصصي. فهو متعدد المواهب والتخصصات، ولكن التخصص المعاصر يتطلب الاختصاص في أسلوب قار ليمنح مادته التجديد اللائق وعصرنتها، بما يكفي من المهارة. وعلى الرغم من ذلك فإن المبدع عبد الغني يبني أعماله التشكيلية على قاعدة ثابتة، باختيارات متعددة وتوجهات مباشرة، فتتمظهر أعماله مأى بالرسائل القيمية ليسجل حضوره بهيا في الساحة التشكيلية المعاصرة، فهو يستلهم من الفن كل مكوناته وعناصره ومراميه الإبداعية المتطورة، ما يضفي على أعماله الفنية قيمة جمالية.
٭ كاتب مغربي