
حَزَمت “نَبيلة” أمتعتها استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصة كل الحرصِ على قضائه في ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهر رمَضان حضور مميَّز في بلادها، تفرح بمجيئهِ المساجد ودور الأيتام وقلوب المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وخشوعًا وحَنينًاsize=3>size=3>size=3>.
size=3>اسْتَقبَلت الشَّهر الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الوقتِ للانتهاءِ مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتكونَ أكثر استقرارًا، لكي تَنعم بزيارة ضيفها العزيز، فما أسرع تَعاقب الأيام وانْطِواء اللياليsize=3>size=3>size=3>!
size=3>نظَّمت جدول العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ، فقد كان يكثر فيه من الطاعات، ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلة في جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئاًsize=3>size=3>size=3>.
size=3>” يا حسرتىsize=3>size=3>size=3>..!
size=3>لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق به في هذا الشهر الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّـا.”size=3>size=3>size=3>
هطل النَّدم على قلبها كهطول الوابل الصيِّب، فقد أحبَّت الصَّدقة واتخذتها ذلك الخبء من العَمل الصَّالح الذي بينها وبين خالِقها، فاحتفظت بحصَّالة صَغيرة بين أشيائها لكي لا تصل إليها عيون الفضوليين، فيكثرون الأسئلة فتتلوَّث النَّـوايا بشوائب الرِّياءsize=3>size=3>size=3>.
size=3>أخذت تفكِّر بطريقة مَشروعَة لكسبِ مالٍ حَلال تنفقه في سبيل الله في هذا الشَّهر الكريم، فلمْ تهتدِ، فبكَت ودعَت الله ألَّا يحرمها فضل الصَّدقة في هذا الزمن المُبارك بسبب ذنوبٍ خفيَّـةsize=3>size=3>size=3>..!
size=3>ذات مساء، أثناء تجوالها في كتاب (رياض الصَّالحين) قرأت حديثًا أزاح عنها بعضًا من الحزن الذي سكن فؤادها على صدقتِها المقيَّدة، فعندما يتعلَّق القلبُ بإحدى العبادات إيمانًا ورجاءً يصعبُ عليهِ ـ بعد ذلك ـ تركها، أو نقض عهده معهاsize=3>size=3>size=3>..!
size=3>عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أَنَّهُ قَالَ: “يُصْبِحُ عَلَىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ . وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئ مِنْ ذٰلِكَ: رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَىٰsize=3>size=3>size=3>size=3>“.
size=3>يرن جرس الهاتف، فترفع السَّماعة وتجيب المتَّصلsize=3>size=3>size=3>…
– size=3>السلام عليكمsize=3>size=3>size=3>.
size=3>– وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بشقيقتي الغاليةsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>ألا تريدين الذهاب إلى السُّوق لشراء ملابس العيد؟size=3>size=3>size=3>
– لقد اشتريت ثوبًا جميلا أثناء سفري لهذه المناسبة السَّعيدةsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>لم لا تخبريني بالأمر! هل وارَيتِه عن الأنظار كما يفعل الأطفالsize=3>size=3>size=3>!
size=3>– نعم، ليكون مفاجأةsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>وماذا عن العباءةِ والحذاء وغيرها من الحاجياتsize=3>size=3>size=3>.
size=3>– سأسأل الوالد وأستأذنه، ثم أخبركِ إن شاء اللهsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>هل عادَ والدي مِن صلاة التَّراويحsize=3>size=3>size=3>.
size=3>– نعم، وينتظر “القطايف” وفنجان القهوةsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>حسنًا، لا تتأخري عليَّ برد الجواب، لا أريد تأجيل الأمر، فكما تعلمين العشر الأواخِر على الأبواب، ولابد من التَّـفرغ للعبادةsize=3>size=3>size=3>.
size=3>– بلَّغنا الله ليلة القدر، ومنَّ علينا بالعِتقsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>اللهم آمينsize=3>size=3>size=3>.
size=3>اجتمعت الأسرة حول “صحن” القطايف وفنجان القهوة في جلسة عائليَّة حميمَة، فقالت “نبيلة” على استحياء:- والدي الحبيب، العيدُ قاب قوسين أو أدنىsize=3>size=3>size=3>.
size=3>ابتسم الأب الحاني وأدرك مغزى الكلام، وردَّ ممازحًا: – كل عام أنتِ بخير يا ابنتيsize=3>size=3>size=3>.
size=3>– وأنت بخير وصحة وسلامةsize=3>size=3>size=3>..!
– size=3>والعيد لا يحلو إلا بلبس الجديد، أليس كذلك؟size=3>
– بلى، بلى، يا أجمل أبsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>ماذا تريدين؟size=3>
– شراء عباءة جديدة وحذاء ـ أكرمك اللهsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>وكم تريدين؟size=3>size=3>size=3>
– ما تجود به نفسك، مع جزيل الشُّكر وخالص الدعاءsize=3>size=3>size=3>.
size=3>لمعت في رأسِها فِكرة، فطربت لهاsize=3>size=3>size=3>..!
size=3>“سأشتري حِذاء رخيصًا، وعباءةً بسعر متوسط، وسأحتفظ بالباقي لأتصدَّق به.”size=3>size=3>size=3>
كان المبلغ زهيدًا فاحتارت أين تضعه؟size=3>size=3>size=3>!
size=3>هل تَـهبه كَسَهم في وقفيَّة؟ أم تصرفه ـ كما تفعل كل شهر ـ إلى قطع نقديَّـة، وتتصدَّق بشكل يوميّ بإيداع تلك القطع في الحصَّالةsize=3>size=3>size=3>!
size=3>هَفَتْ النَّفس إلى ما اعتادته، فذهبت إلى الجمعيَّة التَّـعاونيَّة القريبة مِن منزلها لتصرف المبلغ الزهيد إلى فئة “الخَمسين فلس”، لكنها لم تفلحsize=3>size=3>size=3>..
size=3>تردَّدت على المكان أكثر مِن مرة دون فائدة، لعدم وجود الشَّخص المسؤول عن هذا الأمر، فجَثَمَ شعور صَلد بالتَّـقصير على صَدرهاsize=3>size=3>size=3>..
size=3>“أيَـمرّ شهر رمضان بأكمله دون أن أتصدَّق بفلس؟size=3>size=3>size=3>!!
size=3>يـا وَيْـلي!”
size=3>size=3>size=3>
—size=3>
بينما هي جالسة تَتْلو آيات الذَّكر الحكيم بترتيل وتدبُّر ـ ساعة الضحى ـ رنَّ جرس الهاتف، فقطعَت قراءتها وأجابت المُتَّصِلsize=3>size=3>size=3>…
– size=3>السلام عليكمsize=3>size=3>size=3>.
size=3>– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهsize=3>size=3>size=3>.
– size=3>هل الوالدة موجودة؟size=3>size=3>size=3>
– نعم، مَن يريدها؟size=3>size=3>size=3>
– “size=3>مبَّرة طريق الإيمان”.. لقد اتفقنا مع الوالدة أن نرسل لها مندوبنا ـ اليوم ـ لتحصيل مساهمتها في مشروع “كسوة يتيم”، وها هو في طريقه إليكم، فهل أنتم مستعدون؟size=3>size=3>size=3>
– نعم، حيَّاه الله، وجزاكم الله خيرًاsize=3>size=3>size=3>.
size=3>أجابتها بتلقائيَّة وعفويَّة، ثم خبَّرت والدتها بالأمرsize=3>size=3>size=3>…
– size=3>سامحكَ الله يا ابنتي، لِـمَ لَـمْ تستشيريني؟size=3>size=3>size=3>
– لقد قالت الأخت إن بينكما موعدًا مُبرمًاsize=3>size=3>size=3>..!
– size=3>لقد نسيتُ أن أطلب مِنك أن تَسحبي لي مَبلغًا من آلة الصَّرف الآلي، ولا يتوفر معي أيّ مَبلغ الآن، فما العمل؟size=3>size=3>size=3>
– لا عليكِ ـ يا أمَّاه ـ لديّ مبلغٌ زهيدٌ سأتصدَّق بهsize=3>size=3>size=3>.
size=3>تسلَّل شيء مِن الرضا إلى قلبها، على الرَّغم مِن إحساسها الدائم بالتَّقصيرsize=3>size=3>size=3>!
size=3>حاولت دفع ذلك الإحساس مِرارًا، خشيةَ أن يكون مَدخلا مِن مداخل الشَّيطان، ووسوسةً تعيقها عَن أداء مختلف العباداتsize=3>size=3>size=3>!
size=3>حَمَدَتْ الله أن يسَّر لها هذه الصَّدقة قُبيْلَ حلول العِشر الأواخر، وجعلت مِنها حافزًا للاجتهاد في الطاعة فيما تبَّقى من شهر رمضانsize=3>size=3>size=3>.
size=3>انشغل الجميع بالعِبادة، وتوافد المسلمون على مضمار السَّبق في هذه الليالي المُباركة، كلٌّ يَرجو عفو الله ورحمتهsize=3>size=3>size=3>.
size=3>—size=3>
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر لا إله إلا الله .. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمدsize=3>size=3>size=3>
وأشرقَتْ شمسُ العيدِ دافئةً رضيَّـةً، وسارَعَ الأحباب إلى تبادل التَّـهنئة، وسارَعَتْ هي إلى تهنئة أخوات حبيبات، قريبات بَعيدات، ربطها بهن إسار الأخوَّة في الله رغم غِياب الرَّسم والصُّورةsize=3>size=3>size=3>!
size=3>جلست أمام جهاز الحاسوب، وقامت بإعداد بطاقة تهنئة بما لديها مِن معلومات قليلة في عِلم التَّـصميم، وأهدتها إلى كلِّ مَن تحبّsize=3>size=3>size=3>.
size=3>بعض الأمكِنة لها منزلة خاصَّة في القلوب، قد نُدرك سبب تميِّزها أحيانًا، وأحيانًا أخرى قد نجهله، إلا أن الشُّعور بالأنس الذي يغشانا عندما نزورها يؤكد على تميِّزها في قلوبنا، هكذا كان حالها مع “المُلتقىsize=3>size=3>size=3>“!
size=3>أخذَت تتصفَّحه على عَجَل، فوقع بصرها على موضوع شيِّق:size=3>size=3>size=3>
«« ✿ مسابقة العيد ✿ دوحة الذكر ✿ »»
size=3>size=3>size=3>
لَمْ تكن يومًا مُغرمة بالمسابقات، لكنَّها ترغب بالمشاركة، حبًّا في المكان وأهله، ودعمًا مِنها لأنشطته وفعالياته، وشيئًا مِن مَرح الطفولة وحَماسَة الصِّبا يراودها صَبيحة يوم العيدsize=3>size=3>size=3>.
size=3>نَسَخَت الأسئلة، واحتفظت بها في ملف جديد، لتسهل العودة إليها متى أرادت، فما زال في الوقتِ مُتَّسعsize=3>size=3>size=3>.
size=3>اختَلَتْ فجر الجمعة مع أسئلة المُسابقة وبدأ البَّحث والتَّقصي عن الجواب الصَّحيح لكل سؤال، مُستعينة ببرنامج “جامع المُصنَّفات الإسلاميَّة الكبرى”، ثمَّ أرْسَلَت أجوبتها إلى الأخت المسؤولة عبر الرسائل الخاصَّة، وعادت مِن جديد إلى صفحة المُسابقة تتأملها لتكتشف أن اللجنة المُعدَّة لم تكشف السِّتار عن الجوائزsize=3>size=3>size=3>..!
size=3>ابتَسَمَت قائلة: – أكبر جائزة أن تحصل على فائدةsize=3>size=3>size=3>.
size=3>حان وقت لقائها مع الحاسوب ـ كعادتها كل صباح ـ ومع تصفِّح المنتديات المُشاركة فيها، وبالطّّبعِ لَمْ تَنسَ مُلتقاها العَـزيز…size=3>size=3>size=3>
size=3>
|–*¨®¨*–|نتائج مسابقة العيد|–*¨®¨*–|size=3>size=3>size=3>
]size=3>نبارك لجميع حبيباتنا المشاركات الفوز بمسابقة العيد، شاكرات لهن حسن التفاعلsize=3>size=3>size=3>[
size=3>“يا للفرحَـة..كلُّنـا فائزات!”size=3>size=3>size=3>
]size=3>ولذلك قررت الإدارة مشاركة الجميع في الجائزة بالتَّساوي؛ والجائزة هيsize=3>size=3>size=3> :
size=3>حفر بئر في إحدى الدول الإسلامية الفقيرة، بقيمة: 3550 ريالاsize=3>size=3>size=3>
ومساهمة في كفالة يتيم، بقيمة: 1000 ريالاsize=3>
لكلِّ فائزة سهم بقيمة: 650 ريالاsize=3>size=3>size=3>[
size=3>اقْشَعَرَّ جلدُها، اغْرَوْرَقَت عيناها بالدُّموع، لهجَ القلب بالحمد، ثمَّ خرَّت ساجِدَةً لله في خشوع.. سَجـدة شُـكـر. size=3>size=3>size=3>
