إليك السبب الرئيس الذي يجعل الناس يسوّفون في العمل

يُعدُّ التسويف أحد أكثر أسباب فشل الناس في تحقيق أهدافهم ونجاحهم المنشود شيوعاً؛ لذا سنتحدَّث في هذا المقال عن أسباب التسويف في العمل خاصةً وما يجب عليك القيام به للتخلُّص من التسويف، وفهمُ أسباب حدوثه ومن ثمَّ، تتمكَّن من حل المشكلة إلى الأبد.

Share your love

في الواقع، يسوِّف الجميع، حتى أكثر الأشخاص اجتهاداً وإنتاجية قد يماطلون من حينٍ لآخر، ولا بأس بذلك؛ لأنَّ التسويف قد يساعدك على استعادة طاقتك لتقديم أداء أفضل في المهام القادمة، ولكنَّ المشكلة أنَّ معظم الناس لا يعرفون سبب تسويفهم، ومن ثم لا يتغلَّبون على المشكلة.

السبب الرئيس للتسويف “الألم والمتعة”:

كل ما نفعله في حياتنا ناجمٌ إمَّا عن قوة الألم وإمَّا عن قوة المتعة، وكما يقول مدرِّب النجاح “أنتوني روبينز” (Anthony Robbins):يكمن سر النجاح في تعلُّم كيفية استخدام الألم والمتعة بدلاً من الشعور بأنَّهما يتحكمان بك، وإذا فعلت ذلك ستسيطر على حياتك، وإذا لم تفعله، ستسيطر عليك الحياة”.

نحن نماطل لأنَّنا نشعر بالألم عندما نعمل، ومن ثم نختار القيام بأشياء أخرى أكثر متعة إلى أن يصبح الألم أكبر من المتعة، حينها ستقوم بالعمل الذي أجلَّته، على سبيل المثال: يدخِّن معظم الناس على الرغم من أنَّهم يوقنون أنَّ التدخين يدمِّر صحتهم، ولكنَّه نشاط ممتع بالنسبةِ إليهم، كما يشعرون بالرضا عن أنفسهم وبأنَّهم ناضجون، وبسبب هذه المعتقدات الخاطئة، يشعرون بالمتعة عندما يدخنون، ويشعرون بالألم عندما لا يفعلون ذلك.

ولأنَّ المتعة تطغى عليهم، سيستمرون في التدخين إلى أن يصبح الألم أشدَّ من المتعة ويصابون بمشكلة صحيَّة، حينها سوف يقلعون عن التدخين فوراً من أجل الحفاظ على حياتهم؛ هذه هي قوة الألم والمتعة، القوتان الأساسيتان اللتان تؤثران في كل ما نقوم به في الحياة.

ما قاله “توني روبينز” (Tony Robbins) صحيح تماماً؛ فإذا فشلت في السيطرة على هاتين القوتين في حياتك، فسوف تسيطران عليك؛ لذا ينبغي أن تتعلَّم كيف تتحكَّم بهما لتتولى مسؤولية حياتك.

إغراء تجنُّب الألم للحصول على المتعة:

كل ما نقوم به في حياتنا هو إمَّا تجنُّب الألم أو الحصول على المتعة؛ فعندما تختار أن تأكل كعكة الشوكولاتة بالكامل، تكون مدركاً أنَّ تناول شيءٍ لذيذٍ سيمنحك المتعة، وعندما لا ترغب في ممارسة الرياضة، تريد فقط تجنُّب الألم الناجم عن ممارسة عملٍ شاق؛ لذا لا يمارس معظمنا التمرينات الرياضية على الرغم من علمنا بأهميتها، ونفضِّل قضاء الوقت في شيء ممتع، مثل تصفُّح “فيسبوك” (Facebook) أو مشاهدة “نتفلكس” (Netflix).

ولهذا السبب، يفشل معظم الناس في تحقيق النتائج التي يرغبون فيها في الحياة؛ وذلك لأنَّهم لا يعرفون كيف يتحكمون بالألم والمتعة؛ حيث يفضِّل الناس كذلك مشاهدة مقاطع الفيديو على “يوتيوب” (YouTube) بدلاً من قراءة كتاب، أو اللعب بدلاً من التركيز على أعمالهم.

إذا كنت مدوناً تسعى إلى تعزيز خبرتك، فما الذي ستختار فعله – كتابة مقال ونشره أم مشاهدة مقاطع فيديو مضحكة على “فيسبوك” (Facebook)؟ يكشف اختيارك كثيراً من خبايا شخصيتك.

ننجذب بطبيعتنا البشرية نحو المتعة والسعي إلى تجنُّب الألم؛ بعبارة أخرى، ستتخذ معظم قراراتك بناءً على ما توفِّره لك من متعة وما تجنِّبك من ألم، وقد يكون هذا جيداً في بعض الأحيان، ولكنَّه سيبعدك عن تحقيق أهدافك وغاياتك؛ لذا يجب أن تُجيد استخدام هذا السلاح لصالح أحلامك، وليس ضدها.

كيف تستخدم ألمك ومتعتك لتحقيق نجاح أكبر؟

“نحن نغيِّر سلوكنا عندما يصبح ألم البقاء على ما نحن عليه أكبر من ألم التغيير؛ إذ تمنحنا العواقب الألم الذي يدفعنا إلى التغيير” – “هنري كلاود” (Henry Cloud).

يشير هذا الاقتباس إلى سبب تخلِّينا عن التسويف، والعمل بجد، والفكرة هي أن تحوِّل ألمك إلى متعة، وإليك بعض الاقتراحات للقيام بذلك:

1. إعادة صياغة المغزى:

أولاً، يجب عليك إعادة صياغة مغزى الألم والمتعة بصورة مختلفة، على سبيل المثال: قد يرى معظم الناس أنَّ الكتابة أمر مؤلم وأنَّ مشاهدة التلفاز أكثر متعة، ولكن يرى آخرون أنَّها أمر ممتع؛ وذلك لأنَّهم ينظرون إليها نظرةً مختلفة، وهنا يؤدي الشغف دوره؛ وذلك لأنَّ الأشخاص الشغوفين بالكتابة يجدون أنَّها ممتعة وأنَّ عدم إتاحة الفرصة للقيام بهذا النشاط هو الأمر المؤلم.

ومن ثم ما عليك فعله هو إعادة صياغة المهمَّة التي تعمل عليها صياغةً مختلفةً، على سبيل المثال: يُعدُّ “أرنولد شوارزنيجر” (Arnold Schwarzenegger) أحد أفضل لاعبي كمال الأجسام في العالم؛ وذلك لأنَّه يذهب إلى صالة الألعاب الرياضية ويشعر بأنَّ التمرين نشاط ممتع وليس مؤلماً؛ أي ينظر إليه نظرة مختلفة عن البقيَّة، وهذا ما يجب أن تفعله، فإذا كنت تعتقد أنَّ القراءة مملة، يجب أن تجعل نفسك تعتقد أنَّها شيء ممتع.

وينطبق الأمر نفسه على بقيَّة الأنشطة من خلال ربط شغفك بالنشاط الذي تقوم به لتحبه، سواء كان العمل أم التمرين أم الكتابة أم أي شيء آخر، وهذا ما يفعله الأشخاص الاستثنائيون مثل “إيلون ماسك” (Elon Musk) و”وارن بافيت” (Warren Buffet) و”ستيف جوبز” (Steve Jobs)، فهُم يحبون عملهم لدرجة أنَّهم على استعداد لقضاء ساعات طويلة في القيام به، ويجب عليك أن تفعل الشيء نفسه.

2. جعل السلوك أو النشاط المؤلم ممتعاً:

الاقتراح الثاني للاستفادة من الألم والمتعة لتحقيق الأهداف هو أن تضفي مسحةً من المتعة على الألم الذي تشعر به، ويذكُر مقالٌ نشره موقع “ماسل بروديجي” (MuscleProdigy.com) أنَّ “مايكل فيلبس” (Michael Phelps) ، السباح الأولمبي الأشهر، يسبح ما لا يقل عن 80 كيلومتراً في الأسبوع، وفيما يلي مقتطفٌ من هذه المقالة:

“يسبح “فيلبس” 80 كيلومتراً على الأقل في الأسبوع؛ أي ما يقرب من 50 ميلاً، في المراحل التي يبلغ التدريب فيها ذروته، ويتدرب مرتين في اليوم، وأحياناً أكثر إذا كان يتدرب في منطقةٍ مرتفعة، وتتراوح مدَّة التدريب من خمس إلى ست ساعات يومياً لمدة ستة أيام في الأسبوع، ولكي يمنح “فيلبس” نفسه بعض المتعة، يستمع إلى الموسيقى في أثناء التدريبات الطويلة من خلال وضع سماعات الأذن المقاومة للماء، فقد تكون السباحة في الماء – خاصةً لفترة طويلة – مملةً للغاية، ولكن قد يوفر الاستماع إلى الموسيقى متعةً إضافية لتمرينك”.

ربما يكون التمرين صعباً وغير ممتع، تماماً مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لإنقاص الوزن، ومع ذلك، ما ساعد “فيلبس” على خوض تدريباته الطويلة هو الاستماع إلى الموسيقى، وإضافة المتعة إلى تدريبه (الألم) ليُحوِّل مهامه المؤلمة إلى مهام ممتعة، وهذا تماماً ما ينبغي عليك فعله.

ابحث عن طريقة لإضفاء المتعة على المهام التي تجد صعوبةً في القيام بها، وأضِف بعض المرح إلى العمل الذي تجده مؤلماً أو مملاً حتى لا تماطل في القيام به وتصبح شغوفاً بفعله بعدما تصير العملية ممتعةً.

3. استخدام التفكير في المستقبل لمضاعفة الشعور بالألم والمتعة:

تتغيَّر قوة تأثير الألم والمتعة بمرور الوقت؛ فبحسب مقال نشره موقع “تيتانيوم ساكسس” (TitaniumSuccess.com)، يُعدُّ التوقيت هامَّاً عندما يتعلق الأمر بتجنُّب الألم واكتساب المتعة؛ إذ يقول المقال:

“نحن نُركِّز على تجنُّب الشعور الآني بالألم لصالح تحقيق متعة آنية، وكلما اقتربَ القيام بشيء ما من هذه اللحظة، زاد الألم أو السرور الذي نعلقه عليه؛ وبالتالي، ألم الغد ليس بقوَّة ألم اليوم، حيث يصبح الألم خلال عقد من الزمن أقل تحفيزاً أو تثبيطاً من الألم بعد أسبوع من الآن، وهذا ما يصعِّب على البشر توفير المال، رغم أنَّه من الممكن الحصول على فوائد وأموال مجانية من خلال تأخير الإنفاق”.

يُفسِّر هذا سبب فشل معظمنا في بلوغ أهدافنا؛ فعندما نضع هدفاً لتحقيقه في المستقبل، لا نشعر حقاً بالحاجة الملحَّة للبدء في تطبيقه فوراً لأنَّه في مستقبل بعيد، وحينما نسعى إلى إحراز الهدف، يكون هذا السعي آنيَّاً، ونُضطَّر إلى تركيز الاهتمام على العمل الذي نؤديه في الوقت الحالي، فيجعلنا هذا نماطل؛ لأنَّنا نختار العمل على شيء يمنحنا متعةً فورية حتى لو كنا سنشعر بالألم فيما بعد.

ما يجب عليك فعله بعد ذلك، هو أن تركِّز على المستقبل الذي تريده، وأن تتخيَّل ما سيحدث إذا تباطأتَ الآن، على سبيل المثال:

  • ماذا سيحدث إذا فشلتَ في تحقيق أهدافك للسنوات الخمس المقبلة؟
  • ماذا لو لم تحصل على الترقية التي تريدها؟
  • ماذا لو كنتَ لا تزال تفعل الشيء نفسه على مدار الخمس سنوات المقبلة؟
  • هل سيكون عامك هذا مثل العام الماضي تماماً؟
  • هل ستقف مكانك وتدع الحياة تتحكم بك؟
  • ماذا لو ظللتَ مديناً بعد 5 سنوات وغير قادر على تسديد نفقاتك؟
  • ماذا لو ظللتَ في المكان نفسه بعد 3 سنوات تعاني من صعوبة جني المال؟ هل تريد أن يحدث هذا؟

الفكرة أن تتخيَّل نفسك في المستقبل، وتُسخِّر الألم والمتعة لتحفيزك على اتِّخاذ الإجراءات الآن من خلال تصوُّر كل من المستقبل الإيجابي والسلبي الذي قد يحدث، فتخيَّل مستقبلك لو لم تتَّبع خطتك، وتخيَّله أيضاً إذا صار كل شيء على ما يرام، وعملتَ بجد الآن وفي المستقبل، وحصلتَ على كل ما تريده في حياتك.

عندما ترى نفسك لا تعيش المستقبل الذي تريده، وعندما تفكِّر في ديونك وعدم قدرتك على تسديد نفقات معيشتك، ستشعر بالألم، وفي المقابل، إذا تخيَّلتَ نفسك تُحقِّق كل أهدافك وتعيش الحياة التي تحلم بها، فستشعر بالمتعة.

في الختام:

لقد عرفتَ الآن أنَّ الألم والمتعة هما سبب التسويف الرئيس، وأنَّنا نميل إلى القيام بالأنشطة التي تُجنِّبنا الألم وتمنحنا المتعة؛ لذا استخدِم هاتين القوَّتين لتساعداك على تحقيق الأهداف التي تريدها وليس العكس، واعلم أنَّ عليك القيام بالأشياء المؤلمة أحياناً، وكما قال “محمد علي كلاي”:

“لقد كرهتُ كل دقيقة من التدريب، لكنَّني قلتُ لنفسي: لا تستلِم، عانِ الآن وعشِ بقية حياتك وأنت بطل”.

إذا أردتَ عيش حياة رائعة وناجحة، فعليك إدارة ألمك ومتعتك، وتذكَّر أنَّ الأشخاص الاستثنائيين قادرون على تحقيق نجاح مذهل لأنَّهم ينظرون إلى الألم على أنَّه متعة، ويختارون فعل ما لا يريد معظم الناس فعله.

إذا تمكَّنتَ من التحكم في هذه القوة المزدوجة من الألم والمتعة، فستتخلَّص من التسويف وتُحقِّق ما تريده في الحياة.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!