إِلَى أَمْجَد نَاصِر
[wpcc-script type=”5975ef923d9c5f7148d8675d-text/javascript”]

(1)
بِوَسْعِكَ الآنَ
أَنْ تَكْتُبَ تَلْوِيحَةَ الرَّحِيلِ غَيْمَةً تَصْدَحُ بِالْحَيَاةِ
وَتَتْرُكُ مَقْهَاكَ اللُّنْدُنِيَّ وَحِيداً يَبْكِي عُزْلَةَ الْكَرَاسِي
وشَوَارِعَ مَنَافِيكَ مَلِيئَةً بِظِلَالِ عُبُورِكَ
وَشُرْفَتَكَ الْفَرِيدَةَ تُغَنِّي مِصْبَاحَكَ الَّذِي
أَوْدَعْتَهُ قِسْطاً مِنْ أَمَلِ الْخَيَالِ
وَأَنْ تَصْفَعَ الْعَالَمَ بِرَكْلَةٍ عَابِثَةٍ
(2)
بِوَسْعِكَ الآنَ
يَا صَاحِبِي فِي الْغِوَايَةِ
أَنْ تَتَّجِهَ صَوْبَ عُزْلَتِكَ مُتْخَماً بِرِيحِ الْحَيْرَةِ
رِفَاقُكَ أَلْفَاظٌ مِنْ وَجَعٍ
مَعَانِي تَلْتَحِفُ مَجَازَاتِ الدَّهْشَةِ
تَطْرُدُ مِنْ سَمَاءِ الشَّامِ لَيْلَ الرَّصَاصِ
وَتَزْرَعُ فِي أَرْضِ الْبِلادِ شَقَائِقَ النُّعْمَان
وَرْداً يَتَحَرَّشُ بِوَجْنَتَيِّ الْحَبِيبَة
(3)
بِوَسْعِكَ الآنَ
أَلا تَلْتَفِتَ وَرَاءً
تَمَّةَ عُصْفُورٌ يُصَلِّي لِهُبُوبِ طَيْفِكَ
وَأَرْضٌ تَقُودُ النَّشِيدَ إِلَى نَايِ الرُّعَاةِ
تُسِرُّ خَطْوَكَ الضَّالَّ فِي صَحْرَاءِ الْجَنُوبِ
وَتُبَايِعُ قَوَافِلَ التّيه
ثمّةَ جِبَالٌ تَتَغَضَّنُ فِي شَيْخُوخَةِ الثّلْجِ
(4)
بِوَسْعِكَ الآنَ
يَا صَاحِبِي
أَنْ تُرَتِّبَ لِلْمَوْتَى مَائِدَةَ لِلنَّشِيدِ
وَتَرْقُصُ جَذَلاً فِي صِحَّةِ الرِّفَاقِ الْجُدُدِ
وَتُغْلِقَ بَابَ الْحَيَاةِ بِمَا يَلِيقُ مِنْ مَفَاتِيحِ النِّسْيَانِ
وَتُعَانِقَ عَتَمَةَ الأَبَدِ
(5)
بِوَسْعِكَ الآنَ
يَا شَبِيهَ الْعُزْلاتِ
أَنْ تُكَسِّرَ ضَوْءَ النّبْعِ عَلَى مَجْرَى الظّلال
وَتَسْحَبَ الْقَبَائِلَ الّتِي أَحْبَبَتَ مِنْ مَكَائِدِ الْخَرَابِ
وَتُشْعِلَ الْكَمَنْجَاتِ بِنُورِ زِرْيَابِ
وَالنَّصَّ بِلَعْنَةِ عُطَيْلِ
وَالْكِتَابَ بِدَمِ الاسْتِعَارَاتِ
(6)
بِوَسْعِكَ الآنَ
أَنْ تَطْرُقَ بَابَ الْحَيَاةِ بِمَا مَلَكْتَ مِنْ حَنِينِ:
الرِّفَاقُ سَيَذْكُرُونكَ بِأَنَّكَ كُنْتَ
لا تُخْلِفُ الْمَوَاعِيدَ مَعَ اللَّيْلِ
لا تُلَطِّخُ سُمْعَةَ اللُّغَةِ بِحَشْوِ الْإِبْهَامِ
لا تُنَكِّلُ بِعُزْلَةِ الظَّهِيرَةِ
كُنْتَ صَدِيقَ النَّخِيلِ
تَمْشُطُ سَعَفَ الْمَغِيبِ بِطَلَّةِ مُبَاغِثَةِ
مِنْ شُرْفَةِ الْحَاضِرِ
تَعْتَنِي بِرِيحِ مُنْتَصَفِ السُّهْدِ
وَتَفْتَحُ زِرَّ الْمِذْيَاعِ عَلَى عَوِيلِ الشَّرْقِ
سَيَذْكُرُكَ الرِّفَاقُ الْقُدَامَى وَالْجُدُدِ بِأَنَّكَ كُنْتَ
تَرْعَى رُعَاةَ الْعُزْلَةِ بِرَحَابَةِ السَّمَاءِ
وَتَصْفَحُ بِضَحْكَةٍ سَاخِرَةٍ عَلَى سَأَمِ الْوَقْتِ
وَتَحْرِسُ بَجَعَ الْبُحَيْرَةِ بِحَفِيفِ الصَّمْتِ
كُنْتَ تَتَحَالَفُ مَعَ وُعُولِ الْغَابَةِ
تَتَقَاسَمُ قَهْوَتَكَ مَعَ سِيجَارَةِ الْعَدَمِ
وَ
تَرْتَمِي
فِي
أَحْضَانِ
طُفُولَةٍ
هَارِبَة
(7)
بِوَسْعِكَ الآنَ
أَنْ تَحْمِلَ كِنَايَاتِ الْعُبُورِ
وَتُخَلِّفَ وَرَاءَكَ قُبَّرَاتِ الطَّيْفِ
تُغَنِّي وَجَعَ الْبِدَايَاتِ
تَكْتُبُ تَارِيخَ النِّهَايَاتِ
وَتُسَلِّمُ رَفِيفَ الظِّلَالِ لِمَرَايَا الرِّيح
هُنَاكَ
كَانَ وَجْهُكِ يَعْتَنِي بِوَهَجِ السًّؤَال
وَحُرْقَةِ اللُّغَةِ
وَتِلْكَ الْجِبَالُ تَشْهَدُ عَلَى رَهْبَةِ الْفِجَاجِ
عَلَى مَدًى يَفِيضُ بِلَوْعَةِ الْمَجْهُول
وَكَانَتْ يَدَاكَ تُلَقِّنَانِ الْبَيَاضَ دَرْسَ الْعِصْيَانِ
وَقَدَمَاكَ تَلْعَنَانِ مَسَالِكَ الْعَتَمَاتِ
(8)
بِوَسْعِكَ الآنَ
نَدِيمِي فِي الأَرَقِ
أَنْ تُشَذِّبَ الْكَوْنَ مِنْ حُرُوبِ الْعَمَى
وَتُزَيِّنَ الْمَدَى بِصَحْوَةِ النَّدَى
وَتُنقِّحَ الْعَتَبَاتِ مِنْ بَصَمَاتِ الْغِيَاب
وَتُودِعَ النَّشِيدَ فِي أُذُنِ الصَّحْرَاءِ
وَتُشْعِلَ الأَرْضَ بِعُزْلَةِ الْمَجْرَى
وَتُوقِظَ الظَّهِيرَةِ مِنْ غَفْوَتِهَا
وَتُعَانِقَ غُرْبَةَ الأَصِيل.
(9)
بِوَسْعِكَ الآنَ
أَنْ تُرَتِّبَ الْوَقْتَ عَلَى سُلَّمِ الْحَنِينِ
كَيْ تَنَامَ قُرْبَ ظَهِيرَةٍ تَخَلَّتْ عَنْ ظِلِّ الْبُيُوتِ
وَخَلَعَتْ عَقَارِبَ الْغَفْوَةِ مِنْ سَاعَةِ الْهُدْنَةِ
أَنْ تُغْلِقَ بَابَ الْحُضُورِ بِمَفَاتِيحِ الْغِيَابْ
وَتُشْعِلَ فِي دَاخِلِكَ مُوسِيقَى الْمَايَا
وَغِبْطَةَ الزُّنُوجِ فِي نَايِ الصَّحْرَاءِ
وَوَجَعَ الْعَطَشِ فِي جِرَارِ دِمَشْقِيَّةٍ
وَلَيْلاً يُكَبِّرُ بَصَلِيلِ النَّزِيفِ
وَيَصْدَحُ بِأُفُولِ الضِّيَاء
وَأَنْ تُلَوِّحَ بِتَغْرِيدَةِ يَدَيْكَ الأَخِيرَةِ
لِشُمُوسٍ تُخَزِّنُ رَصِيداً مِنَ الْمَغِيبْ
(10)
بِوَسْعِكَ الآنَ
أَنْ تَرْبِتَ بِحَفَاوَةٍ عَلَى عُزْلَةِ الشُّعَرَاءِ
وَتَحْرُسَ أَحْلامَنَا الْمَهِيضَةَ الأَمَل
وَتُرَبِّي الشَّمْسَ فِي سَمَاءٍ غَيْرِ سَمَائنَا
عَلَى أَرْضِنَا الَّتِي نَصَبْنَا لَهَا فِخَاخَ الْخَرَابْ
وَبِتْنَا نُرَمِّمُ شُرُوخَ الْمَاءِ عَلَى نَهْرٍ يَلْتَحِفُ حُمْرَةَ الرَّمْل
وَأَنْ تَطْرُقَ نَوَافِذَ التِّيهِ بِخُطىً حَائِرَة
وَتُشَيِّدَ سَكِينَةَ الصَّمْتِ الأَبَدِيَّة
عَلَى
تِلالٍ
تَصْهَلُ
بِعَوِيلِ
الرِّيحِ
الأَخِيرة
٭ شاعر من المغرب