تعد السمنة وتراكم الدهون غير المرغوب بها من أكثر المشكلات التي يعاني منها ملايين المرضى حول العالم. ليس ذلك لتأثيرها على الشكل الظاهر لصاحبها فحسب، وإنما لما تسببه السمنة من تبعات على صحة الجسم وأمراض خطيرة مثل: ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وأمراض القلب والشرايين، ومشاكل المفاصل، والاختناق أثناء النوم، وصعوبة الحركة، وغيرها.

جعلت جميع هذه المشاكل السمنة مسبباً للعديد من المشاكل الصحية، وبالتالي تكاثفت الجهود لزيادة الوعي بضرورة التخلص منها. كما أوجد الطب والعلم العديد من الحلول لمساعدة المرضى على التخلص من السمنة.

شملت هذه الحلول الخيارات الأكثر مرونة مثل تغيير نمط الحياة غير الصحي إلى نظام صحي، وممارسة التمارين الرياضية، والالتزام بالتغذية الصحية. ثم الانتقال إلى الحلول الدوائية او الجراحية في حال عدم استجابة الجسم. ومن هذه الحلول الدوائية ما كان طرحاً جديداً في مجال محاربة السمنة وهو ما يسمى بإبر التنحيف.

السمنة ومخاطرها

تعتبر السمنة من الأمراض الخطيرة والتي تزداد انتشارا مع مرور الوقت، إذ تعد السمنة سبباً رئيساً للكثير من الأمراض وقد أثبتت الدراسات ارتباط السمنة بالعديد من الأورام الخبيثة. وهذا بعض من المخاطر التي تسببها السمنة:

  • السكري.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • أمراض القلب والشرايين.
  • الحصوات في المرارة.

ترتيط السمنة بزيادة نسبة الإصابة ب13 نوعاً مختلفاً من الأورام مثل : أورام الدماغ، وأورام الثدي، وأورام المريء والمعدة، والكبد، والبنكرياس، بالإضافة إلى أورام الرحم.

خيارات علاج السمنة

نظرا لخطورة السمنة والأمراض المرتبطة بها سعى الأطباء لإيجاد الحلول المختلفة لها:

  • التغذية، من خلال العديد من الأنظمة الغذائية التي تساعد على التخلص من الوزن الزائد مثل نظام الكيتو دايت.
  • ممارسة الرياضة.
  • عمليات جراحة السمنة، مثل قص (تكميم) المعدة، وتحويل مسار المعدة، وبالون المعدة، وبوتوكس المعدة.
  • العلاجات الدوائية، مثل إبر التنحيف والتي سنتحدث عنها بالتفصيل في الفقرات التالية.

للمزيد: نصائح لعلاج السمنة

ابر التنحيف

هي إبر تستخدم للمساعدة على التخلص من الوزن الزائد. ويوجد منها انواع مختلفة، حيث يحقن بعضها في مناطق محددة لتراكم الدهون فيعمل على إذابة هذه الدهون موضعياً. ومنها ما يتم حقنه تحت الجلد وتعمل على تحفيز الجسم كامل على خسارة الوزن من خلال آليات مختلفة. تشبه هذه الإبر إبر الأنسولين التي يستخدمها مرضى السكري، ولا يمكن حقنها في العضلات أو في الوريد.

تعتبر ابر التنحيف التي تحتوي على المادة الفعالة “ليراجلوتيد” واحدة من أكثر ابر التنحيف فعالية في خفض الوزن دون وجود مضاعفات خطيرة تنعكس على الشخص. حيث تم اعتماد هذه الإبر من قبل منظمة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2010 كدواء مساعد إلى جانب النظام الغذائي الصحي والتمارين الرياضية لعلاج السمنة المزمنة في الأشخاص الذين يزيد مؤشر كتلة الجسم لهم عن 27 كيلو غرام/متر مربع، ويعانون من مشاكل صحية أخرى بجانب السمنة.

طريقة عمل ابر التنحيف (ليراجلوتيد)

تحتوي ابر التنحيف الأشهر حالياً على المادة الفعالة الرئيسية ليراجلوتيد (بالإنجليزية: Liraglutide) وهي مادة مشابهة لأحد الهرمونات الطبيعية في الجسم وتسمى شبيه الجلوكاجون الببتيد -1 (GLP-1). حيث تعمل هذه المادة على التحكم في مستوى السكر في الجسم. وتعمل أيضاً على خفض الإحساس بالجوع لدى المريض، كما تؤدي إلى تأخير انتقال الطعام من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة الأمر الذي يساهم في منع ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم بعد تناول وجبة الطعام.

يؤدي الالتزام بهذه الإبر إلى جانب ممارسة الرياضة والالتزام بالحمية الغذائية إلى خسارة الوزن بمعدل 4 إلى 6 كيلو بحسب أحدث الدراسات. ومعظم المرضى يفقدون ما يقارب 5-10% من وزنهم.

ويُعد تأثير الدواء على شهية الشخص من حيث تقليل الشعور بالجوع وتأخير مغادرة الطعام للمعدة، الذي يعطي احساساً أطول بالشبع المسؤول الرئيسي عن آلية عمل هذه المادة في تخفيض الوزن.

يوجد من ابر التنحيف هذه جرعات مختلفة تبدأ من مقدار 1.8 ملليغرام وحتى 3 ملليغرام. وتزيد فعالية فقدان الوزن مع زيادة الجرعة، ولكن الزيادة تتم بشكل تدريجي تحت إشراف الطبيب.

المضاعفات الجانبية لإبر التنحيف (ليراجلوتيد)

يوجد مجموعة من الأعراض الجانبية التي يمكن حدوثها أثناء استخدام هذه الإبر مثل:

  • الشعور بالغثيان والاستفراغ، تعتبر من أكثر الأعراض الجانبية حدوثا. وتعتبر من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى توقف المرضى عن استخدام هذه الإبر. وتحدث هذه المضاعفات بنسبة كبيرة خلال ال 4 أسابيع الأولى من استخدام المادة.
  • تسارع في ضربات القلب.
  • انخفاض في مستوى السكر في الدم، ولكن لا يعتبر ذلك حدثاً ذو أهمية إلا في مرضى السكري، لذلك يجب الإنتباه عند استخدام هذه الإبر من قبل مرضى السكري.
  • صداع ودوار.
  • إمساك.
  • ألم في البطن، وصعوبة في الهضم.

ابر التنحيف ومُقدمات السكري

مقدمات السكري، هو وصف يطلق على الحالة التي يعاني منها الأشخاص الذين تكون قراءة السكر لديهم أعلى من الطبيعي، ولكن لم تصل إلى مرحلة تشخيصهم بمرض السكري. يكون هؤلاء الأشخاص معرضين لارتفاع السكر في الدم لديهم وإصابتهم بالسكري في أي وقت.

عند استخدام ابر التنحيف (ليراجلوتيد) الأشخاص الذين يعانون من السمنة وما قبل السكري، وجد أن هذه الإبر تقلل احتمالية حدوث السكري في هؤلاء الأشخاص بنسبة 79%. لذلك أكدت الدراسة ان ابر التنحيف (ليراجلوتيد) لها قدرة على تحسين مستوى عمليات الأيض في الجسم وتأخير حدوث مرض السكري إضافة إلى تخفيض الوزن.

ابر التنحيف والسكري

إن استخدام ابر التنحيف (ليراجلوتيد) بجرعة 3 ملليغرام رافقه مجموعة من التغيرات الإيجابية في مرضى السكري. إذ تحسن كل من مؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم، والسكر التراكمي، ومستوى السكر في الدم بعد الوجبات. كما ساعدت ابر التنحيف (ليراجلوتيد) على أن يصل نسبة جيدة من المرضى إلى المستوى المثالي من السكر التراكمي.

ولكن صاحب ذلك ايضاً واحد من أهم الأعراض الجانبية التي يشكو منها مرضى السكري وهي انخفاض السكر في الدم بشكل مرضي نتيجة لهذا الدواء.

موانع استخدام ابر التنحيف

يمنع استخدام ابر التنحيف من قبل السيدات الحوامل، ولا ينصح باستخدامها من قبل السيدات المرضعات، والأطفال، ومرضى السكري الذين يستخدمون الأنسولين أو مادة شبيه الجلوكاجون الببتيد -1 (GLP-1).

كما ينصح باستخدامها بحذر شديد من قبل مرضى الكلى والكبد.

الحفاظ على الوزن

يمكن للمرضى الذين خسروا مقدار جيد من الوزن من خلال الالتزام بنظام حياة صحي إضافة إلى ابر التنحيف أن يحافظوا على الوزن الذي وصلوا إليه.

يحتاج الالتزام بابر التنحيف إلى ميزانية مرتفعة نوعاً ما، كما يحتاج إلى معرفة الشخص بطريقة الحقن تحت الجلد، إضافة إلى أهمية مراقبة مقدار الجرعة بدقة ليحصل المريض على أعلى فائدة وأقل مقدار من الأعراض الجانبية.