لقد كانت عملية استبدال مفصل الورك بالكامل حلم يراود جراحي العظام في كافة انحاء العالم، وفي عام 1960 تم إجراء جراحة استبدال مفصل الورك لأول مرة، وهي واحدة من أنجح العمليات في الطب، ومنذ ذلك العام إلى اليوم أدت التحسينات في تقنيات وتكنولوجيا استبدال المفاصل إلى زيادة فعالية استبدال مفصل الورك بشكل كبير.

تكوين مفصل الورك

الورك هو أحد أكبر مفاصل الجسم ويكون على شكل كرة وصحن (أي تجويف)، حيث يكون التجويف جزء من عظم الحوض الكبير، وهو صغير ومقعّر يلتقي من خلاله رأس عظم الفخذ مع عظم الورك، وتكون الأسطح الخارجية لكل من الكرة والتجويف مغطاة بنسيج ناعم يسمى غضروف (بالإنجليزية: Cartilage)، يعمل كوسادة تساعد في حماية أطراف العظام، وتتيح لها الحركة بسهولة.

يحيط بمفصل الورك نسيج رقيق يسمى الغشاء الزليلي (بالإنجليزية: Synovial membrane)، وفي حال كان الورك سليماً ينتج هذا الغشاء كمية صغيرة من السوائل التي تعمل على تزييت الغضروف وتزيل الاحتكاك أثناء حركة الورك، كما تقوم مجموعة من الأنسجة تسمى الأربطة بتوصيل الكرة بالتجويف وتوفر الاستقرار للمفصل.

الأسباب الشائعة لآلام الورك

يعد التهاب مفصل الورك هو السببب الأكثر شيوعاً لآلام الورك، بالإضافة إلى هشاشة العظام، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب المفاصل العظمي بعد الصدمة.

  • التهاب المفاصل التنكسي (بالإنجليزية: Osteoarthritis): وهو تلف يصيب المفصل نتيجة التقدم في العمر، فعادة ما يحدث لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أكثر، وغالباً ما يصيب الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من التهاب المفاصل، حيث يتلف الغضروف المبطن لعظم الورك، مما يؤدي إلى احتكاك العظام ببعضها، مما يسبب حدوث تيبس وألم في الورك، كما قد يكون سبب التهاب المفاصل التنكسي هو حدوث خلل في كيفية تطور الورك في مرحلة الطفولة.
  • التهاب المفاصل الروماتويدي (بالإنجليزية: Rheumatoid arthritis): وهو مرض مناعي ذاتي يلتهب فيه الغشاء الزليلي ويصبح سميكاً، ويؤدي هذا الالتهاب إلى تلف الغضروف، مما يسبب التيبس والألم.
  • التهاب المفاصل العظمي بعد الصدمة (بالإنجليزية: Traumatic arthritis): ينتج التهاب المفاصل العظمي بعد الصدمة بعد تعرض مفصل الورك لإصابة خطيرة كالكسر، مما يسبب الضرر للغضروف ويؤدي إلى الإصابة بألم الورك وتيبسه مع مرور الوقت.
  • النخر اللاوعائي أو تنخر العظم (بالإنجليزية: Avascular necrosis): وهو حدوث موت خلوي للعظام نتيجة تعرض الورك للإصابة كالكسر أو الخلع أو نتيجة الإصابة بمرض معين، حيث يحدث انخفاض لتدفق الدم إلى عظام رأس الفخذ، كما أن هناك بعض الامراض التي تسبب قلة وصول الدم للعظام مثل مرض الأنيميا المنجلية، أو تعاطي الكحول والكورتيزون لفترات طويلة.
  • أمراض الورك في مرحلة الطفولة (بالإنجليزية: Childhood hip disease): يعاني بعض الأطفال من مشاكل في الورك، وعلى الرغم من تكلل علاج هذه المشاكل بالنجاح عند علاجها في مرحلة الطفولة، إلا أنها قد تسبب حدوث التهاب المفصل لاحقاً، حيث لا ينمو الورك بشكل طبيعي، ومن الأمثلة على هذه الأمراض خلع الورك، وانزلاق رأس المفصل، ومتلازمة ليغ كالفيه بيرثيز (بالإنجليزية: Legg Calve Perthes syndrome) وغيرها.

اقرأ أيضاً: دليلك الشامل لعلاج التهاب المفاصل التنكسي

الأشخاص الذين يتم إجراء استبدال مفصل الورك لهم

ليس هناك أي عمر أو وزن محدد للأشخاص المرشحون لإجراء عملية استبدال مفصل الورك، حيث تعتمد توصيات الجراحة على حالة المريض، ومدى الألم الذي يشعر به، وتأثيره على ممارسته للأنشطة اليومية الاعتيادية، حيث تم إجراء عمليات استبدال مفصل الورك بنجاح لأشخاص من جميع الأعمار، بدءاً من الطفل الصغير المصاب بالتهاب المفاصل، وصولاً إلى المريض المسن المصاب بالتهاب المفاصل التنكسي.

فيما يلي بعض الحالات التي تستفيد من إجراء عملية استبدال مفصل الورك:

  • الأشخاص الذين يعانون من ألم الورك الذي يعيق قيامهم بالأنشطة اليومية مثل المشي أو الانحناء.
  • الأشخاص الذين يعانون من ألم الورك االمستمر أثناء وقت الراحة ليلاً أو نهاراً.
  • الأشخاص الذين يعانون من تيبس الورك الذي يحد من القدرة على تحريك أو رفع الساق.
  • الأشخاص الذين يعانون من استمرار الألم على الرغم من تناول الأدوية المضادة للالتهابات، والمسكنات، والعلاج الطبيعي.

التوقعات بعد زراعة مفصل الورك الاصطناعي

يقل الألم عند معظم الأشخاص الذين خضعوا لجراحة استبدال مفصل الورك بشكل كبير، وتتحسن قدرتهم على أداء انشطة الحياة اليومية بشكل كبير.

تشمل الأنشطة اليومية المناسبة بعد استبدال مفصل الورك الكلي المشي، والسباحة، والقيادة، وركوب الدراجات، وينصح بعدم القيام بالأنشطة ذات التأثير الكبير مثل الجري، والركض، والقفز، أوغيرها من الرياضات ذات التأثير العالي.

ومع اتباع التعليمات السابقة يمكن لعملية استبدال مفصل الورك أن تستمر 15-20 سنة.

المواد التي يتكون منها المفصل الاصطناعي

يتم اليوم صنع معظم أجزاء مفصل الورك من سبائك التيتانيوم، والكوبالت، والكروم، حيث تأتي بأشكال مختلفة، والبعض الآخر مصنوع من الأسطح ذات المسامية العالية للسماح بنمو العظام.

يصنع رأس المفصل الكروي من سبائك الكوبالت والكروم أو السيراميك (أكسيد الألومنيوم أو أكسيد الزركونيوم)، والتي تصقل بشكل سلس للسماح بدوران سهل داخل الصحن الاصطناعي، ويمكن تصنيع الصحن من المعدن، أو البولي إثيلين فائق الوزن الجزيئي، أو مزيج من البولي ايثلين المدعوم بالمعدن.

تمتلك جميع المواد المستخدمة في استبدال مفصل الورك أربعة خصائص مشتركة:

  • يمكن أن زراعتها في الجسم دون رفض الجسم لها.
  • مقاومة للتآكل والتدهور، والإهتراء، لذلك فإنها تحتفظ بقوتها وشكلها لفترة طويلة، ومقاومة التآكل هي خاصية مهمة للحفاظ على وظيفة المفاصل السليمة، ومنع المزيد من التدمير للعظام الذي يحدث نتيجة القطع التي تم زرعها، والتي تتحرك عكس بعضها البعض.
  • لديها الخصائص الميكانيكية التي تسمح لها بالقيام بالوظائف المتعددة التي تم وضعها من أجلها، فهي قوية بما يكفي لتحمل الأوزان، ومرنة بما فيه الكفاية لتحمل الإجهاد من دون كسر، وقادرة على التحرك بسلاسة عكس بعضها البعض كما هو مطلوب.
  • تلبية أعلى المعايير، من حيث التصنيع ومراقبة الجودة بتكلفة معقولة.