استراتيجية المحيط الأزرق، كيف تنجح في تسويق منتجك الخاص؟

يحتاج أيّ شيءٍ إلى تسويقٍ مميز، ومن يقدم الجديد هو الفائز دوماً؛ فالابتكار هو سمة العصر. حيث أثبتت الدارسات أنَّ التسويق يُعَدُّ عاملاً أساسياً، وأحد أهم العلوم الإدارية في العصر الحديث.

Share your love

وإذا كان هدفنا هو الربح، فعلينا أن نُقدِّم شيئاً غير مألوفٍ في المقابل، فمثلاً:

  • عند شرائنا منتجاً معيناً، نبدأ في عملية البحث جيداً لتأتي اختياراتنا وفقاً لرغباتنا والمنتجات المتنافَس عليها بالسوق؛ من حيث جودتها وأسعارها وتميزها.
  • وعند التقدم إلى وظيفة معينة، يقوم المتقدم للوظيفة بتسويق نفسه لصاحب العمل لإظهار أحقيته بالوظيفة.

أطلق كل من “دابليو. تشان كيم” و”رينيه موبورني” عام 2005، ثورةً في استراتيجية الأعمال من خلال تشجيع الشركات على تحقيق الأرباح، لكن بطرائق غير تقليدية. حيث يتحدّث كتابهما “استراتيجية المحيط الأزرق”، عن كيفية إنشاء مساحة سوق خاصة غير مُتَنَافَس عليها قاما بتسميتها “المحيطات الزرقاء”؛ مقارنةً بالمساحات التي تشتدّ المنافسة فيها والتي أسمياها “المحيطات الحمراء”.

استراتيجية المحيط الأزرق

وتُمثّل استراتيجية المحيط الأزرق منهجيّةً جديدةً للتعامل مع السوق، وفتح وإيجاد مناطق وأسواق ومنتجات جديدة بعيداً كُلَّ البُعدِ عن الأسواق الموجودة، والتي طالتها الصراعات والتنافسات.

ولقد أظهرت الدراسات وجود حاجةٍ خاصةٍ لاستراتيجية المحيط الأزرق عندما تشتد المنافسة على منتجٍ معين؛ سواءً على مستوى الشركات أم المنتجات أم الأشخاص بحد ذاتهم. فكيف تُنشِئ لنفسك مساحةً خاصّةً تتميز بها عن غيرك، ولا ينافسك عليها أحد؟ وكيف يمكنك العثور على المحيطات الزرقاء؟

يقول المؤلفان: إنَّ المحيط الأزرقهو ابتكار شيءٍ جديدٍ لا يُمكنُ منافسته، بحيث تحصل على حصتك لنفسك ولا ينازعك أحدٌ عليها.

لم يكن الهدف من هذه الاستراتيجيات هو التغلّب على المنافسة، وإنَّما جعلها غير موجودة أصلاً. ولهذا قاما بتقسيم استراتيجية المحيط الأزرق إلى أربع عناصر أساسية، والتي ينبغي العمل عليها حتى يخرج منتجك من المنافسة في “المحيط الأحمر” ويدخل في نطاق “المحيط الأزرق”.

العناصر الأربعة لاستراتيجية المحيط الأزرق:

العناصر الأربعة لاستراتيجية المحيط الأزرق

1- الاستبعاد (Eliminate):

تحديد العوامل التي تتنافس عليها المنتجات التي تشبه منتجك في السوق منذ فترةٍ طويلة، والتي يجب التخلّص منها. المقصود هنا ألا تفكّر مرّةً أُخرى في تقديم تحسينات على المنتج القائم، بل انظر لأبعد من ذلك وابتكر واستهدف عملاء جدد.

يعتمد هذا على دراستك للمنتج أو السلعة الحالية، وعلى إثْرِهِ يمكن تحديد العملاء كالآتي:

  • العملاء المتوقعون: هم من يبحثون عن الجديد دوماً، ومن يتقبلون التغيير.
  • العملاء الذين لا يتقبلون التغيير: من تتوقع منهم رفض المنتج الجديد كُليَّاً.
  • العملاء غير المعروفين: وهم شريحة من العملاء الجدد الذين يتوجب عليك جذبهم إلى منتجك الجديد.

2- التقليل (Reduce):

وهي عملية تجعلك تخرج من عملية التحسين على المنتج الخاص بك، لتبدأ في ابتكار شيءٍ جديدٍ غير مُتَنَافَسٍ عليه. تتطلب هذه العملية مقارنةَ منتجك بالمنافسين ومراقبة مميزات المنتج والخدمات البديلة المتاحة. ويمكن اختصار هذا في أربع نقاطٍ رئيسةٍ يجب تنفيذها لتفعيل استراتيجية المحيط الأزرق، وهي:

  • تحديد العوامل التي تتخذها جميع الشركات المنافسة كمُسلَّمات، والتي بإمكانك الاستغناء عنها في منتجك.
  • خفض العوامل الواجب تخفيضها، والتي قد تكون مهمّة لغيرك، لكن ستكتشف أنَّك بحذفها لم تفقد الكثير.
  • تحديد العوامل التي بدراستك لها يمكنك إيجاد سوقٍ جديدةٍ ذات مستقبلٍ واعد.
  • إيجاد عوامل جديدة في مجال التخصص أو الصناعة التي تقود لسوق جديدة لك وحدك.

3- الإضافة (Increase):

تحديد العوامل التي ستُميّز منتجك عن المنتجات الأخرى، بمعنى أدق: تحديد الكيفية التي ستجعل فيها منتجك متميّزاً عن بقية المنتجات؛ عن طريق دراسته وتحليله من خلال عدة نقاط أساسية:

  • دراسة وتحليل منتجك الخاص بعيداً عن المنتجات المشابهة.
  • دراسة وتحليل متطلبات العملاء واحتياجاتهم.
  • دراسة المنتجات التكميلية في الصناعة وليس المنتجات الرئيسة.

4- الإنشاء (Create):

تحديد الابتكار الذي سنقوم به على المنتج، والذي يحتوي على ثلاث نقاط أساسية يجب دراستها وتقديم إجاباتٍ واضحة لها، وهي:

  • الفوائد التي تعود على مستخدم المنتج: معرفة إن كان من الممكن إقناع المستهلك بفائدة منتجك الجديد.
  • تكلفة المنتج: وضع سعرٍ مناسبٍ يجمعُ بين رضا العملاء عن السعر، وكلفة المنتج وتحقيق الربحية.
  • التحديات المتوقعة: معرفة التحديات المتوقعة في عملية إنتاج وتقديم المنتج، وكيفية التغلب عليها.

تجبرنا هذه العناصر على القيام بدراسةٍ كاملةٍ وواضحةٍ لكلّ عاملٍ من عوامل المنافسة، وتوجهنا لاكتشاف نقاط القوّة والضعف التي نمارسها دون وعي، وتساعدنا في البحث عن المحيطات الزرقاء داخل منتجاتنا، بُغيةَ إحداث التغيير.

بعض الأمثلة البسيطة:

1. شركة أبل:

مع إطلاق شركة أبل لخدمة الآيتونز iTunes، فتحت الشركة محيطاً أزرقَ من مساحة السوق الجديدة في قطاع الموسيقى الرقمية، والتي سيطرت عليها لأكثر من عقد من الزمان.

فقد لاحظت أبل موجات المشاركات غير القانونية لملفات الموسيقى التي بدأت في أواخر التسعينيات؛ حيث كان بحلول عام 2003 يجري تداول أكثر من ملياري ملف غير قانوني كلّ شهر. وفي الوقت الذي ناضلت فيه شركات صناعة التسجيلات لوقف تفكيك أقراص مدمجة، استمر تنزيل الموسيقى الرقمية غير القانونية في النمو. ومع وجود التكنولوجيا المتاحة لأي شخص لتنزيل الموسيقى رقمياً ومجاناً، أضحى التَّوجه نحو الموسيقى الرقمية واضحاً. وقد جرى تأكيد هذا الاتجاه من خلال الطلب المتزايد بسرعة على مشغلات MP3 التي تعمل على تشغيل الموسيقى الرقمية المحمولة. استفادت أبل من هذا التوجه من خلال وضع مسار واضح لنفسها، من خلال إنشاء خدمة الآيتونز في عام 2003.

وبالاتفاق مع خمس شركات موسيقية كبرى -BMG وEMI Group وSony وUniversal Music Group وWarner Brothers Records- قدم الآيتونز تنزيلات قانونية للأغاني بطريقةٍ مرنة وسهلة الاستخدام؛ من خلال:

  • تسعير الأغاني بشكلٍ معقول.
  • السماح بشراء الأغاني الفردية وعدم إزعاج العملاء بشراء ألبوم كامل.
  • توفير جودة الصوت العالية.
  • تسهيل وظائف البحث والتصفح، ووظائف النقل من خلال البرنامج.

وبذلك نجحت الخدمة التي تقدمها iTunes في جذب العملاء من جميع أنحاء العالم بسرعةٍ كبيرة، بالإضافة لمساعدة شركات التسجيل والفنانين في زيادة أرباحهم، حيث قامت بتشجيعهم من خلال:

  • حصول شركات الأغاني والفنانين على 70% من سعر شراء الأغاني على هذه الخدمة.
  • ابتكار حماية لحقوق التأليف والنشر لا تزعج المستخدم، وترضي صُنَّاع الموسيقى.

تقدم خدمة الآيتونز اليوم أكثر من 37 مليون أغنية، بالإضافة إلى الأفلام والبرامج التلفزيونية والكتب. ولقد باعت الآن أكثر من 25 مليار أغنية، مع تحميل المستخدمين في المتوسط ​​خمسة عشر ألف منها في الدقيقة الواحدة.

وبما أنَّ الآيتونز يمثل الآن أكثر من 60 بالمئة من سوق تنزيل الموسيقى الرقمية العالمي؛ فهو دليلٌ على أنَّ شركة أبل قد سيطرت على هذا المحيط الأزرق لأكثر من عقد من الزمن.

2. شركة أمازون:

إنَّها واحدةٌ من أفضل شركات بيع التجزئة عبر الإنترنت بالعالم التي حاول الكثير منافستها، لكن دون جدوى. حيث اعتمدت بشكلٍ واضح على استراتيجية المحيط الأزرق، إذ تبيع الشركة أيّ شيء تقريباً، ومن غير الممكن منافستها؛ حيث أنَّ معظم الشركات المنافسة لن تتمتع أبداً بالحجم والنطاق والقدرات المتقدمة التي تتمتع بها أمازون.                             

ولكي تعلم كيف تمكنت بعض الشركات من منافسة أمازون؛ فيجب عليك تحديد مسارٍ مختلف بشكلٍ كبيرٍ ومساحةٍ خاصةٍ بسوق البيع عبر الإنترنت، وتحتاج إلى تجنّب التنافس وجهاً لوجه بكلّ طريقةٍ ممكنة. باختصار، تحتاج إلى إنشاء استراتيجية المحيط الأزرق الخاصة بك.

أمثلة على الشركات التي لن تتمكن أمازون من منافستها:

  • شركة أبل Apple.
  • شركة eBay.
  • شركة Zappos.
  • شركة Home Depo.

حيث قاموا جميعهم بخلق محيطاتٍ زرقاء خاصةٍ بهم، وكلما حاولت أمازون تقليدهم، فشلت.

وبهذا تؤكد هذه الاستراتيجية على أنَّ التقليد ليس السبيل للنجاح؛ إذ يجب علينا أن ننشئ محيطاتنا الزرقاء من خلال الابتكار وإحداث التغيير. وعليه، لكي تنجح في هذه الاستراتيجية، يجب عليك أن:

  • تُفكر في كيفية إيجاد المحيطات الزرقاء الخاصة بك وبمنتجك.
  • تركز دائماً على أشياء ومنتجات جديدة ومبتكرة يحتاجها المستهلك.
  • تُعيدَ تقييم نفسك أو منتجك لتتعرف على الإمكانيات المتاحة.
  • تبتعد عن مجال التنافس وتحاول أن تجد ما يميزك.
  • تبتكر وتجعل فريقك يفكر في الابتكار وليس التحديث.
  • تضع خطط مناسبة مبنية على التحليلات الجيدة للسوق ومتطلباته.

الدرس المستفاد هنا: إنَّ أفضل دفاع هو الهجوم، وأفضل هجوم هو إحداث تحوّل في المحيط الأحمر، وإنشاء محيطك الأزرق، سواءً على مستوى الشركات أم المنتجات والأفراد.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!