اصابة النخاع الشوكي
Share your love
قد تؤدي إصابَة النُّخاعِ الشَّوْكِيّ (Spinal cord) إلى تغييرات في كل مناحي حياة المصاب، وفي أحيان قد تترافق مع حالات من الشلل الحركي، وعدم القدرة على الحركة والإحساس بشكل دائم، بدءًا من أسفل منطقة الإصابة.
تَنْصَبُّ الآمال اليوم، على توفّر العلاج اللازم، لتدارك تداعيات الإصابة بالنخاع الشوكي بشكل تام، وإعادة تأهيله للقيام بالوظائف الحيوية بشكل تام. يمكِّنُ العلاج والتأهيل المرافق للعلاج المتوفران اليوم، من تحسين جودة الحياة بشكل ملحوظ، عند المصاب بالنخاع الشوكي، كما تمنحه الحفاظ على الاستقلالية أو المقدرة الذاتية.
أعراض اصابة النخاع الشوكي
تتعلق قدرة الأطراف على الحركة، والقيام بوظائفها الطبيعية بأمرين أساسيين: يتعلق الأمر الأول بمكان الإصابة بالنخاع الشوكي، وأما الأمر الثاني فيتعلق بمدى صعوبة الإصابة. يتم عند تحديد ارتفاع الإصابة عادة، تحديد المكان الأكثر انخفاضًا والذي يستطيع فيه المصاب الحركة بشكل سليم، يكون هذا هو ارتفاع الإصابة العصبية، التي يشار إليها بالمصطلح الطبي. مثلاً، إذا كان المصاب يعاني من الشلل بدءًا من ارتفاع موازِ لارتفاع السُّرَّة وإلى الأسفل، فعندها يعتبر أن المصاب يعاني من إصابة بارتفاع الفقرة T10.
يتم تقسيم أنواع الإصابة بالنخاع الشوكي بحسب الفئات التالية:
تامة: تكون الإصابة تامّة وبكامل النخاع الشوكي، وتنجم عنها أضرار في القدرة الحركية والقدرة الحسية.
جزئية: تعتبر الإصابة,بالنخاع الشوكي, جزئية إذا لم تتضرر القدرة الحركية أو الحسية، حتى في حالات الشلل الجزئي (أي عندما تكون هناك قدرة حسية أو حركية جزئية). وبدءًا من أسفل ارتفاع الإصابة، تعد الإصابة جزئية.
إضافة لذلك، تستعمل المصطلحات التي تصف الأطراف المصابة، فعلى سبيل المثال “الشلل الرباعي” (Quadriplegia)، يصف المصاب الذي يفقد القدرة الحركية والحسية في أطرافه الأربعة. أما الشلل السفلي الذي يصيب الأرجل فقط، فيطلق عليه “شلل سفلي” (شلل النصف الأسفل من الجسم) (Paraplegia)
تسبب الإصابة بالنخاع الشوكي الأعراض التالية:
- فقدان القدرة على الحركة.
- فقدان الإحساس، ويشمل الإحساس بالحرارة، البرودة أو اللمس.
- فقدان السيطرة على طرح البول.
- ازدياد وتيرة المنعكسات (Reflex) وتوتر العضلات (Muscle tone).
- ضعف قوة الأداء الجنسي والخصوبة
- الشعور بأوجاع أو الوخز في أطراف الأعصاب المتضررة.
- صعوبة في التنفّس، السعال وخروج إفرازات من الرئة.
يتوجب التوجه للطبيب لتلقي العلاج اللازم، عند حدوث حالات الإصابة في النخاع الشوكي، التي تسبب أيًّا من الأعراض التالية:
- آلام حادّة أو الإحساس بضغط في الظهر، العنق أو في الرأس.
- الضعف، خلل في التركيز أو شلل في أي جزء من الجسم.
- الإحساس بالنمنمة، الدغدغة أو فقدان الإحساس في أي جزء من الجسم.
- فقدان القدرة على التحكم بالتبّول.
- فقدان التوازن عند المشي.
- وجود صعوبة في التنفس.
- تغير وضعية الظهر أو العنق.
أسباب وعوامل خطر اصابة النخاع الشوكي
يتكون الجهاز العصبي المركزي من الدماغ والنخاع الشوكي. تشكل قاعدة الدماغ استمرارًا للنخاع الشوكي، الذي يحتوي على خلايا عصبية كثيرة، بالإضافة إلى تفرعات للخلايا العصبية الممتدة من المخ إلى أرجاء الجسم. يمر النخاع الشوكي في قناة محمية بواسطة فقرات العمود الفقري، بارتفاع يوازي الخاصرتين، حيث تقع نهاية النخاع الشوكي، بما يعرف باسم المخروط النخاعي (Conus medullaris). تتصل في النخاع الشوكي، من هذه النقطة، مجموعة من الأعصاب تدعى ذَنَب الفَرَس (Cauda equine). تعمل القنوات الموجودة في النخاع الشوكي على نقل المعلومات الحركية، المسؤولة عن حركة العضلات من الدماغ إلى باقي أنحاء الجسم. كما تعمل على نقل المعلومات الحسية من إحساس بالحرارة، البرودة والألم من أنحاء الجسم إلى الدماغ.
قد ينشأ الضرر في النخاع الشوكي بعد تلقي إصابة (رضح) مثل: كسر أو تحطم في إحدى الفقرات، طعنة أو طلقة نارية، أو أي نوع من الإصابات المختلفة التي تخترق إلى النخاع الشوكي. قد تسوء حالة النخاع الشوكي بعد أيام من تلقي الإصابة الأولية، بفعل نزيف، أو التهابات موضعية في مكان الإصابة أو في أطراف النخاع الشوكي أو الإصابة بتلوّثات.
قد يصاب النخاع الشوكي أيضًا، نتيجة لأحداث غير رَضْحِيَّة مثل السرطان، حدوث التهابات، حدوث تلوّثات (عدوى)، التهابات المفاصل (Arthritis) وعوامل انتكاسية مختلفة للأقراص والفقرات (Degenerative disc disease).
تتضرر عند حدوث إصابة في العمود الفقري، أعصاب وسبُل نخاعية (Spinocerebellar tracts) كثيرة، بحيث يتضرر الجهاز العصبي بنشاطه الحسي والحركي، بارتفاع يكون أسفل موضع الإصابة على العمود الفقري.
من أكثر أسباب إصابات العمود الفقري انتشارًا: تعود 40% من إصابات العمود الفقري لحوادث الطرق، 40% بسبب حالات العنف، 15% بسبب السقوط، عادة عند كبار السن، 15% بسبب حوادث رياضية، و 8% من الحالات، تكون بسبب أمراض مختلفة. من الجدير ذكره هنا، أن في 25% من الإصابات، يكون المصاب تحت تأثير الكحول عند تلقي الإصابة.
تنتشر إصابات النخاع الشوكي أكثر، لدى الرجال الذين أعمارهم بين 16-30 عامًا، ويكون الرياضيون كذلك عرضةً للإصابات، مثل رياضة ركوب الخيل، كرة القدم، كرة القدم الأمريكية، الغوص والتزلج. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من أمراض المفاصل، مثل تخلخل العظم(Osteoporosis)، التهاب المفاصل (Arthritis) واللتين تنشآن وتحدثان ضررًا للعمود الفقري.
مضاعفات اصابة النخاع الشوكي
تنجم بعد الإصابة في النخاع الشوكي، الكثير من الإصابات، والتي من الممكن في بعض الحالات التغلب على آثارها، بواسطة تقنيات التأهيل العلاجي المختلفة. ومن هذه الإصابات التي من الممكن التغلب على آثارها:
المثانة: تصاب قدرة التحكم بالمثانة عند الإصابة في بعض الحالات، حيث تخزن المثانة البول، لكن بفعل الضرر الناجم من الإصابة، لا يستطيع المصاب إفراغها بطريقة طبيعية. قد تُعَرِّض مثل هذه الحالة المريض إلى خطر الإصابة بالتلوثات في قنوات البول، أو في الحالات الصعبة لانفجار المثانة. لهذا السبب، يتم إرشاد المصاب لأهمية شرب الماء وتأهيله تأهيلاً علاجيًّا، يمكّنه من استخدام الطرق المختلفة لتفريغ المثانة من البول، والتأكيد على أهمية شرب الماء بكمية كافية.
الجهاز الهضمي: مع أن مثل هذه الإصابات لا تسبب ضررًا للجهاز الهضمي، إلا أنه في بعض الحالات، قد تنشأ مشكلة في عملية إخراج الفضلات من الجسم.
هبوط في القدرة الحسية في الجلد: تمثّل هذه الحالة خطورة بالغة لحدوث جروح وحروق. فالمصاب لا يشعر بالجرح أو الحرق، إلا بعد مرور الكثير من الوقت، بعدما يكون الجرح أو الحرق قد سبب تلوثًا، قد يكون أحيانًا من الصعب تداركه أو علاجه.
الدورة الدموية: بما أن الدورة الدموية تمر بالنخاع الشوكي، فإنها تتأثر بالإصابة في مراحلها المبكرة، وتسبب ما يعرف بالصدمة النخاعية (Spinal shock) ثم لاحقًا يصبح المصاب معرضًا لخطر الإصابة بنقص ضغط الدم الانتصابي (Orthostatic hypotension) وأمراض تجلط الدم، كمرض التخثر الوريدي (Venous thrombosis) والانْصِمام الرئوي (Pulmonary embolism).
الجهاز التنفسي: قد يكون للجهاز التنفسي نصيب من الإصابة، يرتبط بارتفاع الإصابة في النخاع الشوكي. وقد تسبب السعال وتزيد خطر الإصابة بالالتهابات الرئوية وأمراض رئوية أخرى.
التوتّر العضلي (Muscle tone): تسبب إصابة النخاع الشوكي، في بعض الحالات خللاً في التوتر العضلي، فإما أن تصاب برخاوة (Flaccid) العضلات أو تشنجية (Spastic).
النشاط الجنسي: تنتشر أيضًا بين الرجال والنساء، الذين تلقوا إصابة في النخاع الشوكي، حالات هبوط في القدرة الجنسية، وعلى الأخص فيما يتعلق باضطرابات في الخصوبة.
أوجاع: يشكو المصابون عادة، آلامًا عامة أو آلامًا في كتل عضلية معينة.
تشخيص اصابة النخاع الشوكي
يمكّن اختبار الأعصاب من فحص سلامة نشاط جهاز الأعصاب، بصورة أساسية وشاملة، من الناحية الحركية والحسية. كما تمكن طرق التشخيص التي تعتمد التصوير، مثل التصوير بالأشعة السينية “رنتجن” (RONTGEN) التصوير المقطعي المحوسب (CT)، وتصوير الرنين المغناطيسي (MRI)، من الكشف عن أي إصابات في النخاع الشوكي وجهاز الأعصاب. أما فحص التصوير النخاعي (Myelography) فيمكّن من تصوير التوصيل الكهربائي في العضلات وتشخيص الإصابات حتى الدقيقة منها.
علاج اصابة النخاع الشوكي
لا يتوفر علاج يعمل على شفاء أو إصلاح خلايا الأعصاب، التي تضررت جراء الإصابة. يهدف العلاج المتوفر عادة، لإيقاف انتشار الضرر الناجم من الإصابة، ولمنع تدهور الحالة الصحية للمريض بشكل عام. يتوجب الحفاظ على ضغط دم متوازن، التنفس السليم، والحرص على الراحة، وعدم القيام بالحركة الزائدة، لمنع تفاقم الضرر الناجم عن الإصابة.
تهدف العمليات العلاجية التي يتلقاها المريض في المستشفى، أيضًا إلى منع تفاقم الضرر، الذي من الممكن أن ينشأ لاحقًا، وليس من الممكن إصلاح الضرر الناتج من الإصابة، كما لا يمر الجهاز العصبي بأي عملية لإصلاح أو بناء العصب المصاب.
توجد هنالك الكثير من المقالات العلمية التي تتناول موضوع تأهيل الخلايا العصبية.