‘);
}

تأخذني عقارب الساعة إلى الخلف، من اليمين إلى اليسار، إلى تلك البقع التي أحاول جاهداً كل صباح وأنا أتناول فنجان القهوة، وأنا أنظر في قعره الأسود، أن أنساها، أو أن أتظاهر أني أنساها. إن كل ما نفعله نحن البشر، نجاحاتنا، إخفاقاتنا، أفراحنا، أحزاننا، صراخنا، سكوننا، فوضانا، نظامنا، إنجازاتنا، قفزاتنا، وثباتنا، ثباتنا، هفواتنا، كبواتنا، سقوطنا، رضوخنا، خنوعنا، ثوراتنا، كفاحنا، سلامنا، استسلامنا، شوقنا، رغباتنا، عشقنا، حقدننا، ذكرانا، نسياننا، ربيعنا، خريفنا، دموعنا، ابتساماتنا، ما هي إلا محض اختياراتنا. قد لا نختار البدايات، لكننا بكل تأكيد نستطيع تحديد النهايات .

لكن، ماذا لو كانت النهاية بيد قوة أعلى منا ؟ حين يتدخل القدر ويضع النهاية التي يشاء رغما عنا، نهاية ما كنا في أسوأ الأحوال وأحلك الظروف أن نختارها، عندها فقط، نصاب بوعكة العمر العصيبة، فالإنسان لا يختار أن يفقد من حوله، مهما وصل به الأمر. الإنسان بطبيعته أضعف من أن يتمنى الضُّر ببشر .

النصف بعد منتصف الليل، صوت فقاعات الماء الذي يغلي على النار يؤرق صمت الليل، أعدُّ قدحاً من القهوة وأقف بجوار النافذة كعادتي، أتأمل سكون البشرية بعد يوم روتيني لنا جميعاً. يرن الهاتف، أخشى ما أخشاه مما تحمله هذه المكالمة الهاتفية في مثل هذه الساعة المتأخرة، صوت خشن على الطرف الآخر، مقدمة تحمل اعتذاراً مسبقاً عما هو آت، عن نبأ وفاة. لم ينته المتحدث من إتمام المكالمة، أُغلق الخط.