الدكتور عبدالمهدي القطامين
مع تسلم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية فأن امام الأردن فرصة أخيرة للسير في انتهاج ديموقراطية حقيقية غير تلك الديموقراطية التي تعود عليها الشعب الأردني والتي تفرز النائب قبل الانتخابات وتفرز رئيس مجلس النواب قبل ان يتم الاقتراع بين السادة النواب على رئيسهم وغير الديموقراطية التي كان فيها المرشح يصول ويجول في طول البلاد وعرضها عارضا مالا اسود على ناخبيه لينتخبوه وغير الديموقراطية التي كانت فيها بعض دوائر الدولة توجه نحو انتخاب احدهم وتوجه نحو استثناء احدهم من تحت الطاولة .
الشعب الأردني كان سباقا بين الشعوب العربية في ممارسة النهج الديموقراطي فمنذ تأسيس الدولة الأردنية الحديثة كان هنالك تمثيلا للمواطنين في الحكم عبر المجالس التشريعية والمجالس الاستشارية ومجالس النواب ومجالس الاعيان لكن تلك المسيرة الطويلة من العمل والتحول الديموقراطي لم تؤتي ثمرها كما ينبغي لأسباب ربما داخلية وخارجية وليس بغائب عنا ما جاء في مذكرات رئيس الوزراء الأردني مضر بدران اثناء فترة التحول الديموقراطي عام 1989 محاولة دول عربية شقيقة التدخل في تلك المسيرة وإلغاء الانتخابات مقابل الدعم المالي المقدم من تلك الدول كي لا تهب رياح الديموقراطية على مجتمعات ودول لم تعتد مثل هذه الظاهرة .
لدينا في الأردن ديموقراطية لكن مظاهرها غائبة فهي ديموقراطية شكلية تعتمد على اجراء انتخابات غير نزيهة للنواب ولعل الحكومات المتعاقبة تدرك ان الانتخابات النيابية هي مظهر واحد من مظاهر الديموقراطية اما ما يغيب فهو حق الانسان في الحرية والتعبير والتظاهر وتداول السلطة ووقف الاعتداء على نصوص الدستور وتحجيمه بقوانين مخالفة لروحه ونصه .
الأردن يعيش هذه الأيام على فوهة بركان ولا احد يعلم متى وايان يثور ساهم في ذلك تردي الواقع المعيشي للمواطن الأردني وعدم تلمس الحكومات للواقع المر وسماع ضجيج الناس جراء الضرائب التي تأكل دخولهم فيما ظلت تلك الدخول تتناهشها ضرائب المحروقات والجمارك وتكاليف التعليم والصحة وارتقاع أسعار الكهرباء والمياه كل هذه الأعباء لا يدركها من يعيشون في أبراج عاجية من كبار موظفي الدولة ومسؤوليها بل ويظنون كل الظن انهم يخدمون الوطن بتضحية وفداء قل نظيره .
يدرك الملك عبدالله الثاني تمام الادراك انه يقود شعبا جائعا منهكا ويحاول في كل مرة ان يلفت نظر الحكومات المتعاقبة الى ضرورة معالجة مظاهر الجوع والحرمان لكن كل ذلك يصطدم بواقع الحال المالي لدى الحكومات فتعمد الى إجراءات شكلية للتخفيف لا تسمن ولا تغني من جوع وحين يكلف الملك لجنة لدراسة الأوضاع السياسية فذلك امر حسن لكن المسكوت عنه هو الاقسى وهو المؤلم وهو الواقع الاقتصادي للناس الذي يجب ان يدرس دراسة وافية لوضع تصور عملي وخطط وطنية للنهوض بمستوى دخل الفرد وتوفير فرص العمل للعاطلين عن العمل مع اقتراب البطالة من رقم قياسي تجاوز 40 بالمئة من سكان المملكة المؤهلين للعمل .
توصيات لجنة التحديث السياسي او الإصلاح كما سميت والتي تقدم للملك اليوم يجب ان يتبعها لجنة وطنية أخرى تدرس واقع الناس وواقع البطالة وتضع الحلول الممكنة للنهوض بواقع اقتصادي مترد وغير ذلك فأنه ليس بالأحزاب السياسية ولا بالبرلمان يمكن ان يحيا الانسان.
كاتب اردني
Source: Raialyoum.com