هناك ظاهرة مثيرة للحيرة والعجب ، بل وللغضب أيضـَا ، وهي أسباب خضوع الأمم المتحدة للنفوذ الصهيوني وأسباب رفض إسرائيل لكافة القرارات الدولية.size=3>
إسرائيل وليدة القرارات الدوليةsize=3>
ما يزال العالم يذكر حقيقتين عجيبتين ، الأولى :
هي أن الدولة الوحيدة في تاريخ المؤسسات الدولية التي نشأت بقرار من الأمم المتحدة وليس بقرار الواقع التاريخي والحق والعدالة هي إسرائيل ،
والحقيقة الثانية هي أن الدولة الوحيدة في العالم التي تمتعت بأكبر قدر من قرارات الفيتو لتعطيل الإجراءات الدولية التي صدرت بحقها هي الدولة العبرية .
وعندما نتحدث عن انصياع الأمم المتحدة لإرادة اليهود ، وعندما نعلن دهشتنا لرفض إسرائيل كل القرارات الدولية ، علينا أن نعرف حقيقة إسرائيل ، بل وحقيقة الأمم المتحدة التي أقيمت في الأساس زمن عصبة الأمم المتحدة من أجل أن تكون معينـًا لليهود لسلب وسرقة الحقوق العربية وبشكل خاص حقوق الشعب الفلسطيني.
size=3>size=3>size=3>
خرافة الرأي العام
size=3>ومن هنا لا بد أن ننتبه للأسطورة التي يحاولون الترويج لها، وهي أنه على كل دولة في العالم محاولة الحصول على موافقة الرأي العام العالمي وعدم إغضابه ؛ لأن هذه أمنية لا يمكن بلوغها إلا في حالة واحدة ، وهي الاستسلام والخضوع والخنوع لإسرائيل ، والمصالح الاستعمارية للدول الكبرى .size=3>size=3>
الانتداب البريطاني
size=3>والقضية الفلسطينية بدأ طرحها عربيـًا وإسلاميـًا وعالميـًا عندما تأسست عصبة الأمم المتحدة واتخذت بتاريخ السادس من يوليو 1921م قرارًا ـ عرف فيما بعدبصك الانتداب على فلسطين وهو الصك الذي أعطى الولاية الدولية للحكومة البريطانية بإقامة وطن قومي لليهود في قلب الوطن العربي مع إعطائه كافة الصلاحيات لارتكاب كافة الجرائم الخلقية والإنسانية والحقوقية من أجل إيجاد هذا الوطن اليهودي في الأرض الفلسطينية العربية الإسلامية .
وأخذت الحكومة البريطانية شرعية حكمها لأرض فلسطين من وقائع وبنود صك الانتداب الذي أصدرته عصبة الأمم ، وهذا على الأقل ما سجله المؤرخون ، ولكن بقي العالم يجهل كيف صدر صك الانتداب ، بل وبقي العالم يجهل أيضـًا كيف أصدرته عصبة الأمم ، التي فرضت صك العبودية على عرب فلسطين .size=3>size=3>
الفضيحة الدولية
size=3>ويجدر بنا ونحن نكشف أعظم فضيحة دولية في التاريخ المعاصر تسندها الوقائع التي بقيت حبيسة الخزائن الحديدية ، يجدر بنا قبل كل ذلك إن نقول أن هذا الصك صدر بقرار يهودي ؛ لأنه صدر استنادًا لوعد ” بلفور ” الذي كتب نصوصه الزعيمان اليهوديان ” روتشيلد ” و ” وايزمن ” ، وإن هذا الصك الذي يقع في 28 مادة ضمن ثمان صفحات فولسكاب كان بمجمله يتحدث عن ضرورة إقامة الوطن القومي لليهود على أرض فلسطين ، وفي هذا الصك ورد في كل مادة من مواده الثماني والعشرين كلمة (اليهود) الذين كانت نسبتهم في ذلك الحين إلى نسبة السكان العرب الأصليين لا تزيد على خمسة بالمائة ، بينما لم ترد كلمة واحدة في هذا الصك عن العرب من مسلمين ونصارى ، بل كان هذا الصك يكتفى بالإشارة إلى أصحاب البلاد الحقيقيين بعبارة (الطوائف الأخرى) ، مما شكل فضيحة دولية على انحياز عصبة الأمم إلى الحركة الصهيونية ، بل ما أظهر هذه المؤسسة الدولية وكأنها صنيعة جاءت بها الحركة الصهيونية لترتكب جريمة زرع شعب غريب في وطن غريب .size=3>size=3>
ما هو صك الانتداب ؟size=3>
في السادس من يوليو 1921م أصدرت عصبة الأمم صك الانتداب على فلسطين ، وجرى التصديق عليه بتاريخ 24 يوليو 1922م ، ووضع موضع التنفيذ بتاريخ 24 سبتمبر 1922م ، وقد جاء في ديباجة الصك ” أن دول الحلفاء الكبرى قد أقرت ما جاء في تصريح ” بلفور” وزير خارجية صاحب الجلالة واعتبرت نفسها مسؤولة عن تنفيذ مضمونه لمصلحة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ” .
وبعد أن اعترفت عصبة الأمم بأن لليهود حقوقـًا مكتسبة في فلسطين فقد اشترطت على الدولة المنتدبة ، وهي حكومة جلالة ملك بريطانيا ، أن تكون مسؤولة عن جعل البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تكفل إنشاء الوطن القومي لليهود .
وقد جاءت كل مواد صك الانتداب على مثل هذه الشاكلة ، تؤكد أن الحقوق في المنتديات الدولية لا يعيرها أحد التفاتة ؛ لأن (المصالح) هي التي تحدد العلاقات الدولية تمامـًا كما تحدد العلاقات الاقتصادية والاجتماعية .size=3>size=3>
صك الانتداب صناعة يهودية
size=3>وكل من اطلع على البنود الثمانية والعشرين في صك الانتداب لم يتمالك نفسه من التساؤل :
– ولكن كيف يوضع مثل هذا الصك ، بل من هو الذي وضع هذا الصك ؟
وتصحيحـًا للأحداث التاريخية التي سجلها المؤرخون بدون دقة أو عن جهل نسجل فيما يلي القصة الحقيقية لصك الانتداب :
اعترف “إسرائيل زانجويل ” الزعيم الصهيوني المعروف ، وهو من رفاق ” هرتزل ” مؤسس الحركة الصهيونية ، في معرض حديثه عن صك الانتداب ، بأن عصبة الأمم من بدايتها كانت إيحاء يهوديـًا وجهدًا وعملاً يهوديـًا صرفـًا .
أما ” لوسيان وولف ” مندوب الجمعيات اليهودية ، الذي حضر اجتماعات مجلس عصبة الأمم في جنيف عند إقرار صك الانتداب ، فقال : ” وأن هذه العصبة تتفق قراراتها مع أنبل التقاليد اليهودية وأقدسها وإن من واجب اليهود المقدس أن يؤيدوا العصبة بجميع الوسائل الممكنة ” .
أما زعيم الصهيونية المعروف الدكتور ” حاييم وايزمن ” فقد سجل في مذكراته أن اليهودي الأمريكي “بنيامين كوهين ” كان يقوم مع سكرتير اللورد ” كيرزون ” ، وزير خارجية بريطانيا في ذلك الحين ، بوضع نصوص صك الانتداب على فلسطين .
أما لجنة التحقيق الإنجليزية فقد سجلت في الكتاب الذي أصدرته عام 1937م بأن الصهيوني الأمريكي ” فيلكس فرانكفورتر ” هو من بين المشاركين الرئيسيين في وضع الصيغة النهائية لصك الانتداب على فلسطين !!size=3>size=3>
ضياع الحقوق الفلسطينيةsize=3>
وعندما نتساءل : كيف يقوم ممثلو دول العالم بإغفال حقوق الشعب الفلسطيني ونحن نطالع نصوص صك الانتداب الذي خلا من كلمة واحدة يرد فيها أي ذكر لحقوق أصحاب البلاد الحقيقيين فإننا نلاحظ أن أصحاب النفوذ في ذلك الحين كانوامن اليهود فمثلاً كان ” هاسي ” اليهودي وزيرًا لخارجية ألمانيا والصهيوني ” شيغر ” كان وزيرًا لماليتها ، والصهيوني ” بروس ” كان وزيرًا لداخليتها ، أما بروسيا فقد كان جميع وزرائها من اليهود ، بالإضافة إلى ” كورت استر ” اليهودي الذي كان حاكمـًا لبلغاريا ، والصهيوني ” بيلا كوهين ” الذي كان حاكمـًا لهنغاريا ، كما كان معظم المتسلطين على الحكم في النمسا من اليهود ، هذا بالإضافة إلى الوفد الألماني لمؤتمر الصلح الذي كان مؤلفـًا من الصهيونيين ” أوسكار أوبتهيز ” و ” ماركس واربورج ” .size=3>size=3>
هذه هي الحقيقةsize=3>
هذه هي قصة صك الانتداب وقصة عصبة الأمم التي أصدرته ، والتي تعتبر الأب الروحي لهيئة الأمم المتحدة التي اهتمت مؤخرًا بانخفاض منسوب مياه نهر الوزاني في سوريا أكثر مما اهتمت بقصف الأطفال الفلسطينيين بالصواريخ الإسرائيلية وملاحقتهم بمقاتلات إف-16 .
وهكذا يمكن أن نقول إن العرب لم يفعلوا شيئـًا وهم يخشون مخالفة المعايير التي وضعها اليهود وأهمها اعتبار مقاومة الظلم نوعـًا من أنواع الإرهاب ، وأن رفض الاستسلام للاحتلال والاغتصاب نوع من أنواع معاداة الرأي العام ، وما عرفوا أن الإرهاب صناعة صهيونية جرى إقرارها في العديد من محافلهم الإجرامية ، تمامـًا كما أن خرافة الرأي العام هي صناعة يهودية أيضـًا ولا يمكن أن تتماشى إلا مع تحقيق الأطماع size=3>size=3>الصهيونية العدوانية .size=3>size=3>size=3>
ولكن هل تبقى هذه المعايير قائمة ونحن ننصاع للشرعية الدولية التي هي في الأساس صناعة اليهود ؟
وهل نبقى أسرى للوهم الذي صنعه اليهود بأنفسهم ، وهو احترام الرأي العام العالمي والتسول من أجل الحصول على مرضاته ولو كان ذلك بالتفريط بالحقوق الدينية والوطنية ، بالرغم من أن القواعد الشرعية من دينية وأخلاقية وقانونية لا تبيح التفريط أو التهاون أو حتى مجرد السكوت عن ضياع حق للإنسان أو التفريط بشبر من أرض الوطن ؟
كل الدلائل تؤكد أن هناك جيلاً يطلع اليوم من خلال الانتفاضة المباركة على العالم ، ليؤكد أن الأمور سيأتي يوم وتسير في مجراها الطبيعي بعد التأكيد أن خرافة الرأي العام التي صاغتها الحركة الصهيونية لن تكون إلا وفق حياته الوطنية والدينية.
ـــــــــــــــــــ
مجلة البلاغ ـ 1461 .
size=3>size=3>