الإعجاز العلمي في قوله وجعل لكم سرابيل

الإعجاز العلمي في قوله وجعل لكم سرابيل

بواسطة:
م. رانيا
– آخر تحديث:
٠٨:٣٧ ، ٢٨ مارس ٢٠١٩
الإعجاز العلمي في قوله وجعل لكم سرابيل

‘);
}

مفهوم اللباس في الإسلام

يرى الإسلام أنّ الأصل في الإنسان ارتداء اللباس الساتر للعورة والمانع لإلحاق الضّرر بالجسم نتيجةَ العوامل المُناخيّة والتقلّبات الجويّة في الصيف والشتاء وأثناء ممارسة الأعمال المختلفة، وقد استدّل فقهاء المسلمين على هذا الرأي استئناسًا بقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [١]، وهذا الرأي معاكِسٌ للنظريات التطوريّة الباحثة في أصل الإنسان وتطوّره والتي تزعُم أنّ الإنسان الأول عاش عاريًا، إذ أكّد القرآن الكريم أنّ الأصل هو اللباس وأنّ أول عقوبّةٍ لآدم -عليه السلام- وحواء حين خالفا الأمر الإلهيّ بنَزْع اللباس، وهذا المقال يسلّط الضوء على الإعجاز العلمي في قوله سرابيل.

آداب اللباس في الإسلام

اللباس أحدُ من أعظمِ النعم التي امتنَّ بها الله تعالى على العباد، فهي مَناطُ السَّتر والوقاية والجمال والزينة والتميّز بين الجماعات والأُمم، فاللباس جزءٌ لا يتجزأ من فلكلور الشعوب وثقافتها المتوارثة عبر الأجيال، وجاءت الشريعة الإسلامية بأحكام وآدابٍ تتعلق باللباس لعموم الناس وأخرى تفصيلية للرجال والنساء كلٌّ على حدة، ومن تلك الآداب: [٢]  [٣]

‘);
}

  • ارتداء اللباس الساتر لعورة الرجل والمرأة، بحيث لا يصف ولا يشف العورة.
  • ارتداء اللباس الطاهر النظيف الحَسَن المظهر.
  • الامتناع عن ارتداء لباس الشهرة لورود الوعيد بشأن هذا اللباس: “من لبِس ثوبَ شُهرةٍ في الدنيا؛ ألبسهُ اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ” [٤].
  • تجنُّب اللباس المشابِه للنساء بالنسبة للرجال واللباس المشابه للرجال بالنسبة للنساء.
  • الابتعاد عن ارتداء اللباس المشتمل على تصاوير محرّمة أو عبارات مسيئة للدين أو للآداب العامة والأخلاق.
  • البَدْء باليمين عند ارتداء اللباس في كل مرةٍ.
  • استحباب شكر الله على نعمة اللباس الجديد وقول دعاء ارتداء الثوب الجديد:”اللَّهمَّ لك الحمدُ أنت كسوْتنِيهِ أسألُك من خيرِه وخيرِ ما صُنِعَ له، وأعوذُ بك من شرِّهِ وشرِّ ما صُنِعَ له” [٥]
  • ارتداء اللباس المصنوع من الحلال كالصوف والشعر والوبر والحرير للنساء دون الرجال، وأما جلود الحيوانات الميتة فلا يصح استخدامها إلا بعد الدباغة.

اللباس في القرآن الكريم

جاءَ لفظ اللباس في القرآن الكريم بعدة معانٍّ إذ إنّ المقصود من استخدام اللباس في آيات الله هو كلّ ما يرتديه الإنسان من ملابس على الجسم أو في القدمين أو على الرأس ولأيّ غايةٍ كانت، ومن أي مادةٍ صُنع منها هذا اللباس أو ذاك، ففي سورة الأعراف أُطلق على اللباس اسم الريش وهي المادة المصنوع منها، وفي سورة الأحزاب سُمي لباس المرأة المسلمة خمارًا وجلبابًا، ومن الأدوات الدالة على اللباس في القرآن الكريم النعل في سورة طه والقميص في سورة يوسف والسابغات أي الدروع في سورة سبأ والثياب في سورة النور وسرابيل في سورة النحل والحِلية الحُلي والمجوهرات في سورة فاطر. [٦]

الإعجاز العلمي في قوله وجعل لكم سرابيل

قال الله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ}[٧]، هذه الآية تتطرّق إلى عددٍ من النِّعم التي امتنّ بها الله تعالى على عباده وتتمثّل في الظلال والجبال والسرابيل، وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية أن المقصود بالظلال أي المكان الفيء وتعني الشجر، وأكنان الجبال أي الحصون والمعاقل الجبلية،أما قوله سرابيل والسرابيل هي الثياب المصنوعة من القطن والكتان والصوف والوبر والشعر والتي تدفع عن الإنسان ضرر الحر، وسرابيل للأمن والوقاية كالدروع المصنوعة من الحديد المصفح والزرد وغير ذلك.

ومن أوجه الإعجاز العلمي في قولِه وجعل لكم سرابيل الدراسات والأبحاث الصادرة عددٍ من مراكز الأبحاث المعتمدة والتي تؤكد أنّ الإنسان ارتدى اللباس منذ آلاف السنين وأنّه المخلوق الوحيد الذي ارتداها منذ آدم -عليه السلام-، لحاجته للباس بسبب تركيبة الجلد عند الإنسان والتي تتكوّن من ثلاث طبقاتٍ، أولها الطبقة الخارجية وهي البشرة، وهي طبقة رقيقة تحتوي على خلايا صبغية مع خلايا الجلد، وطبقة وسطى وهي طبقة سميكة تحتوي على بصيلات الشعر والغدد العرقية والزيتية، وكذلك الأوعية الدموية والأعصاب، وتمثّل الطبقتين جدارًا واقيًا لأعضاء وأنسجة الجسم الداخلية، وتتماسك الطبقتين معًا بغشاءٍ بينهما يسمى الغشاء الأساسيّ، وتحت الجلد توجد طبقة ثالثة هي طبقة ما تحت الجلد، وهي مكونة من ألياف بروتينية ودهون تحتوي مستقبلات حسيّة وغدد وبالتالي فجلد الإنسان غير مُهيّأ للتعامل مع الظروف الجويّة من الحرّ والبرد والرطوبة والوقاية دون غطاءٍ خارجيٍّ يقي ضدّ كلّ هذه الأمور، ولقد سبقَ الإسلام جميع الاكتشافات العلميّة والبحثية التي أشارت أولًا إلى أنّ الإنسان الأول ارتدى اللباس وأول من ارتداه هو آدم -عليه السلام- وسبقها أيضًا في تحديد فائدة اللباس من أوجهٍ عدة كالوقاية من خطر الأشعة فوق البنفسجية هي أشعة غير مرئية، وتعدّ جزءًا من الطاقة التي تستمد من الشمس، ولها أثرٌ ضارٌّ على الجسم إذ تتسبب في حروق الشمس والتعرض لها لفترة طويلة يمكن أن يسبب الإصابة بسرطان الجلد نتيجة اختراق هذه الأشعة الجلد وتدمير بعض الخلايا الجلدية.

كما ثبتَ علميًّا أنّ التعرّض المباشر لضوء الشمس يسبب أمراضًا خطيرةً للجلد البشري منها: حروق الشمس وتقرن الجلد الشمسي وسرطان الخلايا الطلائية والسرطان الموضعي في الجلد والورم القتاميني الخطير وكذلك مرض الحساسية للضوء ومرض أكزيما الشمس، ولذلك برزت أهمية اللباس في الوقاية من ارتفاع الحرارة واشعة الشمس الضارة لذا كان التعبير القرآني في قوله وجعل لكم سرابيل تعبيرًا معجزًا حيث ثبت أن الملابس تعكس وتشتت موجات الأشعة فوق البنفسجية الضارة، فتقي الإنسان من الهلاك، كما ان ارتداء الملابس القطنية يخفف من الشعور بالحر والرطوبة، كما تظهر أهمية سرابيل الحرب كالدروع وما شابه من لباس المحارب في الوقاية من تلقي الضربات والطعنات المباشرة والمؤدية إلى الوفاة أو فقدان وإصابة أعضاء وأطراف المحارب. [٨][٩][١٠]

أول من خاط الثياب

أوردت التراجم وكتب السير والتاريخ أنّ أول من خاط الثياب وارتداها هو نبيّ الله إدريس -عليه السلام- ثاني الأنبياء بعد آدم -عليه السلام- وعاش في الأرض ما شاء الله ثم رفعه الله إليه رفعًا حقيقيًّا كما جاء في القرآن الكريم: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا* وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [١١]، وقد صنع إدريس -عليه السلام- الثياب للناس في زمانه من نبات الكتان وكانوا يرتدون قبله جلود الحيوانات المُصطادة أو المقتولة، ومنذ ذلك الحين بدأت صناعة الثياب بالتطور حتى بلغت أوجها في عنصر النهضة الصناعية وتطور آلات الخياطة والحياكة. [١٢][١٣]

المراجع[+]

  1. {الأعراف: الآية 77}
  2. ملخص من أحكام اللباس بالنسبة الرجال،,  “www.islamqa.info”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-2019، بتصرف
  3. ” آداب اللباس والزينة “،,  “www.kalemtayeb.com”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-9201، بتصرف
  4. الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: الألباني، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 4273، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
  5. الراوي: أبو سعيد الخدري، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4020، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  6. اللباس في الإسلام،,  “www.saaid.net”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-2019، بتصرف
  7. {النحل: الآية 81}
  8. إشارات التصميم البيئي في القرآن الكريم،,  “www.alukah.net”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-2019، بتصرف
  9. تفسير القرطبي سورة النحل،,  “www.quran.ksu.edu.sa”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-2019، بتصرف
  10. الأشعة فوق البنفسجية،,  “www.wikiwand.com”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-2019، بتصرف
  11. {مريم: الآية 56- 57}
  12. أول من خاط الثياب ولبسها،,  “www.islamweb.net”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-2019، بتصرف
  13. قصة إدريس عليه السلام،,  “www.kalemtayeb.com”، اطُّلع عليه بتاريخ 06-02-2019، بتصرف
Source: sotor.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *