الاتجاه الواقعي في المنجز التشكيلي للقطري جاسم الكعبي
[wpcc-script type=”fdeb18c2a151a95ea84401e5-text/javascript”]

يؤسس الفنان التشكيلي جاسم الكعبي جسر التفاعل مع الأشكال الواقعية بناء على خزان من المعارف، وبحس فني جدير بالمتابعة، فهو يعتمد في منجزه التشكيلي على مواد واقعية تتفاعل مع نظام الفضاء التعبيري في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها، تطاوع الحس الانفعالي، وتصوراته التي يحملها اللون والشكل، وطريقة توظيفهما دلاليا وجماليا، ذلك ما تفسره التعددية المتناسقة وفق مفارقات لونية تعبيرية، وتقنية عالية الجودة، تزكيها الاستعمالات المختلفة والخامات، وهي تبرز قدرة الفنان التحكمية في الفضاء، وتنم عن قدرته الخارقة في الأداء. كما أن التوليف الفني بين العناصر المكونة لأعماله، والربط بين مجموعة من العناصر المتباينة والاستخدامات التحولية وبسط نوع من الانسجام بين مختلف العناصر والمفردات التشكيلية في منجزه التشكيلي؛ يشكل نوعا من التخلي عن الجاهز، وصيغة جمالية جديدة لعصرنة الأسلوب الواقعي الذي يعتبر مسلكا جديدا بعوالم جديدة معاصرة توجه الطريق التعبيري نحو التألق والابتكار في شقه المعاصر.
ويشكل البورتريه المعاصر أحد أهم الأساليب الفنية الواقعية التي يركز عليها الفنان التشكيلي جاسم الكعبي، فعملية بناء الفضاء ترتكز لديه على الحس الجمالي باعتماد المادة الواقعية التي تفصح بطريقة فنية خارجة عن المعتاد عن تعدد الرؤى والمعاني لدى المبدع، وتنم عن التوظيف المحكم، والطرائق اللونية المبهجة التي تكتنزها الأشكال التعبيرية المدججة بالجماليات الناتجة عن اللمسات الفنية، وهي تعابير حتمية تقتضيها المضامين الواقعية التي يسكبها المبدع بصدق داخل بؤرة منجزه التشكيلي الساحر.
غالبا ما يقارب جاسم الكعبي جوهر أعماله الفنية في مجملها بالمادة البصرية التي تشكلها عين القارئ، وهو ما يشكل توليفا ظاهرا بينه وبين إحساس القارئ.
والفنان جاسم الكعبي غالبا ما يقارب جوهر أعماله الفنية في مجملها بالمادة البصرية التي تشكلها عين القارئ، وهو ما يشكل توليفا ظاهرا بينه وبين إحساس القارئ، باعتبار أن أعماله الواقعية البورتريهية المعاصرة تكون محملة بالإيحاءات والمغازي والدلالات، لما تكتسيه في تعبيراتها من رمزية تتدفق بمعاني منبثقة من شعور المبدع.
وهو ما يجعل أعماله التشكــــيلية تتمــــركز في برج الصفوة التشكيلية، خاصة أن الموضــــوعات التي يشتغل عليها تتوافر فيها الرؤى الموضوعية للواقع، وتتبدى فيها كل التجليات الواقعية المعاصرة.
وبذلك تشكل هذه النفائس الفنية قاعدة حمالة لعُدة من المعارف والأشكال التعبيرية الواقعية في سياقات متنوعة تروق لعين القارئ بقدر ما تحتوية من موتيفية يلعب فيها الأسلوب واللون والفكرة أدوارا أساسية في تكوين عناصر تعبيرية مرئية تسهم في صنع مجموعة من الدلالات. فمختلف الأشكال التنوعية والتوظيفات المتقنة، التي تعتبر العمل الفني الواقعي المعاصر سندا أيقونيا مرئيا تضمر في ثناياها عددا من المغازي والدلالات التي تضع العمل التشكيلي في سياقه التشكيلي الاحترافي الذي يخرج المادة التشكيلية إلى حيز وجودي واقعي.
وتعد التقنيات العالية التي يوظفها الفنان جاسم، أحد أهم الأسس التشكيلية التي تسهم في صنع منجزات بورتريهية ذات علائق بين الدال والمدلول، وذات أبعاد إيحائية.
وهو ما يحيل إلى أن هـــــذا الأسلوب خـــــارج عــــن المألوف فـــــي التعبـــير بالواقعية المعاصرة وفن البورتريه المعاصر، بل إنه يشكل مشروعا تشكيليا جديدا قياسا بما تشكله كل المفردات التشكيلية التي يوظفها المبدع ويوازن فيها بين التركيب المحكم واللون الفاتن والمساحات الشاسعة والخامات المتنوعة من إبداع غالبا ما يستهدف استكشاف المعاني الفنية الجديدة وتوليد مختلف الدلالات.
٭ كاتب مغربي