الاستماع اليقظ (الفعال)، تطوير الوعي لإصغاء كامل

كم مرّةً كنت قد أجريت محادثةً مع شخصٍ ما، واعتقدت أنّك تولي الاهتمام له أو لها، فقط لتدرك بعد ذلك بوقتٍ قصيرٍ أنّك لا تستطيع أن تتذكر ما قاله؟ أو ربّما كنت مُشتّت الذهن بينما كان يتحدّث وفاتتك الرسالة التي كان يحاول إيصالها. لذلك كيف يمكننا الاستماع بشكلٍ أكثر فعالية؟ عندما نستمع "بإدراك" أو يقظة، يمكننا أن ندرك هذه الحواجز ونظلّ منفتحين لأفكار ورسائل المتحدّث. لذلك في هذه المقالة، نستكشف الاستماع اليقظ ونقترح طرقاً بسيطة لاستخدام هذه التقنية لتحسين مهارات الاستماع لديك.

Share your love

ما هو الاستماع اليقظ؟

يقول جون كابات زن، أستاذ الطب الفخري في جامعة ماساتشوستس الطبية، في كتابه “أينما تذهب، فأنت هناك” عام 1994، الاستماع اليقظ يعني: “إيلاء الاهتمام بطريقة معيّنة في الوقت الراهن، وعن قصد، ودون إطلاق أحكام”.

اليقظة تشجّعك على أن تكون واعياً للحظة الراهنة، وتَصْرِفُكَ عن المُلهيات وردود الفعل الجسدية والعاطفية على ما يقوله الناس لك. عندما لا تكون متيّقظاً، يمكن لأفكارك ومخاوفك أن تقوم بتشتيتك، وتفشل في رؤية وسماع ما يفعله الآخرون ويقولونه.

تقترح خبيرة التواصل “ريبيكا شافير” أنّ الشخص العادي يستطيع تذكّر فقط 25% ممّا قاله شخصٌ ما، بعد بضع دقائق من المحادثة، الهدف من الاستماع بيقظة هو إسكات الضوضاء الداخلية لأفكارك الخاصة، حتى تتمكّن من سماع الرسالة بأكملها، وحتّى يشعر المتكلّم أنّه مفهوم.

شاهد بالفيديو: 5 أخطاء نفعلها عند الاستماع للآخرين

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/n4bIP14m6kY?rel=0&hd=0″]

كيف تستمع بيقظة؟

نقوم في كثيرٍ من الأحيان بالأنشطة والتفاعلات مع الناس دون تفكير، الاستماع بيقظة هو عملية “الاستيقاظ” من هذا اللاوعي. يصف المؤلّف “تشارلي سكوت” في دراسته “اخرج من رأسك: الاستماع اليقظ لمدراء المشاريع” ثلاثة عناصر أساسية يمكنك استخدامها لتحسين مهارات الاستماع لديك:

1. أن تكون حاضراً: عند الاستماع بتيقّظ، يجب أن يكون تركيزك على الشخص الذي تستمع إليه، دون صرف الانتباه. إذن كيف تفعل ذلك:

  • حاول تبسيط ما يحيط بك: فأماكن العمل مليئة بالمشتّتات مثل الهواتف، وأجهزة الكمبيوتر والطابعات والأجهزة الإلكترونية، حافظ على مكان العمل الخاص بك مرتباً واكتم صوت أجهزتك.
  • امنح نفسك بعض الوقت: خذ دقيقةً أو دقيقتين لتصفية عقلك قبل مقابلتك مع شخصٍ ما. مارس بعض تقنيات الاسترخاء مثل التنفّس العميق واسترخاء العضلات، قبل المحادثة.
  • التأمّل: التأمّل هو وسيلةٌ لممارسة اليقظة ويمكن أن يكون طريقةً ممتازةً لتعلّم كيفية التركيز على اللحظة الراهنة. عندما تفرغ عقلك من “الضوضاء”، يمكنك إفساح المجال لوجهات نظر الآخرين. التأمّل يشبه العديد من التمارين الأخرى – كلّما قمت به أكثر، تصبح به أفضل. قد يكون من الصعب العثور على الوقت للتأمّل في جدول أعمالٍ مزدحم، ولكن حتى خمس أو 10 دقائق في اليوم يمكن أن تساعد.

2. زرع التعاطف: كثيراً ما نرى العالم من خلال منظور الخبرات والشخصية والمعتقدات الخاصة بنا. عندما تكون متعاطفاً، يمكنك فهم الموقف من وجهة نظر شخص آخر. لا بُدّ من اتباع عددٍ من الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لتطوير هذه المهارة. على سبيل المثال، يمكنك التحقّق من وجهة نظر الشخص بواسطة إقرارك له برأيه. هذا لا يعني أنّك يجب أن تتّفق معه، ولكن فقط أن تقبل أنَّ له وجهة نظرٍ مختلفة عنك.

3. استمع إلى الإشارات الخاصة بك: وفقاً لـ “تشارلي سكوت”، الإشارات الخاصة بنا هي الأفكار، والمشاعر وردود الفعل الجسدية لدينا عندما نشعر بالقلق أو الغضب، ويمكنها حجب الأفكار ووجهات النظر التي نشعر بأننا غير مرتاحين لها. الاستماع بتيقّظ يمكن أن يساعدنا على أن نكون أكثر وعياً بهذه الإشارات، وبالتالي يُمَكّنُنَا الاستماع اليقظ من عدم السماح لهذه الإشارات بحجب التواصل.

القاعدة واضحة ببساطة:

  • استمع بعناية وباهتمام.
  • وانتبه تماماً إلى الشخص الآخر.
  • ولا تدع أفكاراً أخرى -مثل ما ستقوله تالياً- تصرف انتباهك.

ما هي فوائد الاستماع اليقظ؟

يتجاوز الاستماع اليقظ الاستماع الفعّال الذي يوفّر قائمةً من الإجراءات الواجب اتّباعها والتي لا تحثّك بالضرورة أنت كمستمعٍ لمراقبة الأفكار أو المشاعر أو ردود الفعل التي قد تؤثر على ما تسمعه. في حين أنَّ، الاستماع اليقظ يمكن أن يساعدك على أن تصبح على وعيٍ بالمُلهيات حتّى تتمكّن من إعادة التركيز والاستماع بوعي. تقول “شافير” في كتابها الذي صدر عام 2000 بعنوان: “The Zen of Listening”، يساعدك الاستماع اليقظ أيضاً في:

  • الاحتفاظ بالمعلومات.
  • التوقّف مؤقّتاً قبل أن تتحدّث حتّى تتمكّن من التفكير في تأثير كلماتك.
  • الانتباه لفترةٍ أطول.
  • تعزيز ثقتك بنفسك.

يقترح كلّاً من “شافير” و”سكوت” أيضاً أنّه من الممكن أن يكون للاستماع اليقظ فوائد جسدية ونفسية. تشبّه “شافير” التركيز على شخصٍ آخر بمداعبة حيوانٍ أليف – حيث تنسى ما يتعلّق بك، ينخفض ​​ضغط دمك وتشعر بهدوءٍ أكثر. ويقول “سكوت” أنّه من الممكن له أن يقلّل من القلق ويزيد من المشاعر الإيجابيّة.

العوائق أمام الاستماع الفعّال:

الحياة الحديثة مليئةٌ بالمُشتّتات كالتلفاز والراديو وضجّة حركة المرور والهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وغيرها، مما قد يجعل من الصعب الاستماع باهتمامنا الكامل. علاوةً على ذلك، عندما نستمع، فإنّنا نميل إلى التصرّف بشكلٍ آليّ بالإيماء والموافقة دون سماع معنى الكلمات حقّاً.

من الممكن أن نقاطع أو نسيطر على المحادثة، أونفكّر فيما سنقوله تالياً لشخصٍ آخر بينما يتحدّث. يمكننا أيضاً أن نكون سريعين بالحكم والنقد ومناقضة الناس إذا كانت آراؤهم لا تتطابق مع آرائنا.

فالمصلحة الذاتيّة تُبْقِي أفكارنا واحتياجاتنا عائقاً أمام عقولنا، وتدفع المتحدّث إلى الوراء. يمكن للتعصّب، والتجارب السابقة، والدوافع الشخصية والتحدّث السلبي عن النفس أن يجعلك أيضاً تركّز على نفسك. يقول “سكوت” إنَّ هناك عقباتٍ نفسية يمكن أن تمنع التواصل. ويمكن أن يشمل هذا افتراضاتٍ غير صحيحة، وإعطاء نصيحةٍ أو تحليلٍ غير مرغوب فيه، والدخول في حالة إنكار، والشعور بالخوف، واللامبالاة والغيرة والدفاعية.

 

المصدر موقع “مايند تولز”.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!