تلعب الهرمونات دوراً بالغ الأهمية في حياة الإنسان، وبخاصة النساء، فعلى الرغم من أن ملايين النساء يبدون في صحة جيدة، إلا أنهن يعانين من اضطرابات هرمونية تكون سبباً في تراجع وضعهن الصحي، ويقول البروفيسور المتقاعد جون مونسون، اختصاصي الغدد الصماء في مستشفى سانت بارتس والاستشاري في عيادة لندن: “صرنا نرى المزيد من الناس ممن يشكون من مضاعفات نتيجة الهورمونات أكثر من قبل”، ويضيف: “إن جزءاً من ارتفاع عدد الشكاوى من مشاكل الهرمونات سببه أن التشخيص التقني قد تطور، ولكن ضغوطات الحياة العصرية والنظام الغذائي السيئ قد يكونان عوامل مساهمة، فمعظم المصابين باضطرابات غدّية هم من النساء بالرغم من عدم وضوح السبب”.

يوضح مونسون قائلا: “إن غالبية هورموناتنا تنتج في 11 غدة موزعة في انحاء مختلفة في الجسم، وهذه الغدد تنظم كل شيء، من الدافع الجنسي إلى نمو الشعر، وأعراض اضطرابات الغدد واسعة النطاق، مما يعني أن السبب الحقيقي للمرض غالباً لا يشخص عند المرضى”، وفيما يلي نتناول اكثر الاضطرابات الهورمونية شيوعا مع أسبابها وعلاجاتها وقصص لنساء عانين منها ونجحن في التغلب عليها.

اضطراب تكيس المبايض

الأعراض

إن من أهم أعراض تكيس المبايض ما يلي:

  • انقطاع أو عدم انتظام في الطمث.
  • ضعف في الخصوبة أو إسقاط متكرر.
  • نشاط بدني مفرط.
  • كثافة في شعر الجسم والوجه.
  • ترقق الشعر في فروة الرأس.
  • ازدياد سريع في الوزن، وصعوبة إنقاصه.
  • شعور بالإحباط وتقلب في المزاج.
  • بشرة دهنية وظهور حب الشباب.

الأسباب

تصيب أعراض تكيس المبايض نحو 8% من النساء قبل بلوغ سن الأمان، وسبب ذلك هو ان المبايض تنتج كميات غير منتظمة من الهورمونات المختلفة، بما في ذلك هورمون التبويض، الذي يرمز إليه اختصاراً (FSH)، وهي هورمونات صغيرة جداً تمنع المرأة من إنتاج و قذف البويضات من المبيض، ما يسبب ضعفاً في الخصوبة، والكثير من النساء المصابات بهذه الحالة هن أيضاً مقاومات لهرمون الأنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم السكر في الدم ونتيجة لذلك تزداد عندهن هورمونات الذكورة مثل هورمون التستوستيرون، وهي مشكلة اخرى من مشكلات تكيس المبايض.

العلاج

يمكن لدواء الميتفورمين مثل الغلوكوفاج أو السيدوفاج أن يحسن حساسية الجسم للأنسولين وينظم الطمث، كما أن حبوب منع الحمل يمكن أن تنظم الطمث وتساعد في علاج حب الشباب والشعر الزائد، وفي بعض الأحيان تجرى عملية جراحية لتقليل عدد الأكياس في المبايض، أما النساء اللواتي يرغبن في الإنجاب فيتم إعطاؤهن علاجاً لزيادة الخصوبة، ونظراً لأن زيادة الوزن تزيد الأعراض، فإن التمارين الرياضية والنظام الغذائي يساعدان في العلاج.

قصتي مع اضطراب تكيس المبايض

لورين برانش (34 سنة) مديرة علاقات عامة، عازبة حالياً، وقد أصيبت بهذه الحالة، وعن حكايتها مع تكيس المبايض تقول:

“أتناول حبوب منع الحمل منذ 13 عاماً لأنني عانيت من دورات طمثية مؤلمة كانت تستمر ستة أسابيع، ولكن لسوء الحظ، فإن هذه الحبوب التي ساعدتني على حل هذه المشكلة كانت تخفي أعراض تكيس المبايض، ولم أكتشف أنني أعاني من هذه الحالة إلا عندما بلغت العشرين وفكرت في إنجاب طفل، وخلال أسبوعين من توقف تناول الحبوب بدأ حب الشباب يظهر على وجهي، ونما الشعر في بطني وقدميّ وذقني وشفتي العليا، وبعد سنة، لم أقتنع بما حدث، فذهبت إلى أخصائي امراض نسائية، وهو الذي شخص مشكلة الأكياس في المبايض، وقد أصبت بالاحباط لأنني كنت أريد تكوين أسرة، ولكنني كنت أركز أيضاً على التخلص من حب الشباب والشعر الزائد في وجهي، ومنذ ذلك الحين وأنا أتناول أنواعاً مختلفة من حبوب منع الحمل، وقد ساعدتني حبوب ديانتي (بالإنجليزية: Dianette) على التخلص من حب الشباب والشعر الزائد، لكنها جعلتني محبطة وباكية، وفي العام الماضي غيرت هذه الحبوب واستبدلتها بنوع ياسمين (بالإنجليزية: Yasmin)، وقد ساعدتني الأخيرة على التخفيف من مظاهر المرض من دون أعراض جانبية، كما أنني أتبع حمية غذائية صارمة، إذ أنني امتنعت عن الحلويات بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لأحافظ على وزن طبيعي وصحي”.

قصور الدرقية

الأعراض

إن من أهم أعراض قصور الدرقية ما يلي:

  • ازدياد في الوزن.
  • شعور بالإحباط.
  • عدم القدرة على تحمل البرد.
  • إمساك.
  • جفاف الجلد.
  • ترقق الشعر.
  • مشاكل في الذاكرة.
  • خشونة في الصوت.
  • مشاكل في السمع.
  • ارتفاع في ضغط الدم.
  • انتفاخ في الرقبة.
  • مشاكل في الخصوبة.

الأسباب

تفرز الغدة الدرقية في الرقبة في الحالات العادية نوعين من الهورمونات وهم هرمونات الدرقية: الثيروكسين (بالإنجليزية: Thyroxin) وثلاثي يودوثيرونين (بالإنجليزية: Triodothyronine)الذين ينظمان سرعة عمل الخلايا والأعضاء، وفي حالة تضخم الغدة الدرقية لا تستطيع الغدة إفراز ما يكفي من الهورمونات لهذه الحاجة، وبعض العلاجات مثل الليثيوم (بالإنجليزية: Lithium) الذي يؤخذ كمضاد للإحباط، يمكن أن تكون سبباً أيضاً، كما أن التوتر قد يلعب دوراً في هذه المشكلة. وقد يحدث تضخم الغدة الدرقية بعد الولادة. وفي حالة ترك هذه الحالة من غير معالجتها، فإن ذلك قد يؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض القلب، لأن النقص في إفراز هورمون الثيروكسين يزيد كمية الكوليسترول المنتشرة في الدم، وتضخم الغدة الدرقية يصيب النساء بشكل عام بنسبة 1 من بين كل 50 امرأة مقارنة ب 1 من كل 1000 رجل.

العلاج

حبة ليفوثيروكسين (بالإنجليزية: Levothyroxine) يومياً، وهي الشكل الاصطناعي لهورمون الثيروكسين، لتعويض النقص في إفراز الهورمون الطبيعي من الغدة الدرقية في الجسم، ولأن هذه الحالة لا تعالج فإنه يجب الانتظام في تناول حبوب الثيروكسين يومياً إلى أجل غير مسمى، وفي بعض الأحيان ربما تكون هناك حاجة إلى زيادة الجرعة.

قصتي مع قصور الدرقية

إليين سميث (44 سنة)، نائب في البرلمان الإسكتلندي، متزوجة ولديها طفل في الحادية عشرة من العمر، تقول عن حكايتها مع قصورالغدة الدرقية:

“ظهرت أول دلالة على الحالة عندي عندما تغير مقاسي من 12 إلى 18 في أقل من سنة، لم أكن أتناول أي شيء غير طعامي المعتاد، ولكن حتى الحمية الغذائية لم تحدث أي تغيير، وفي النهاية شككت بوجود مشكلة بعدما ذهبت للتسوق ذات يوم، فقد كنت منهكة، حتى أنني قضيت فترة بعد الظهر في السرير”، وتضيف: “كانت والدتي مصابة بتضخم الغدة الدرقية، وقد تحولت من امرأة مفرطة النشاط إلى إمرأة قليلة الحيوية، وبدأت أتساءل إن كنت أعاني من نفس المشكلة أيضاً، فذهبت لإجراء فحص دم حيث أظهرت نتائج التحليل أنني أفرز كمية قليلة جداً من هورمون الثيروكسين، وقد أزعجني سماع ذلك، لأنني كنت أعلم أنها حالة يجب التعايش معها طوال العمر، وقد تكون خطيرة إن لم تبقى تحت المراقبة، وقد عرفت أيضاً سبب العديد من المشكلات البسيطة التي كنت أشكو منها مثل ترقق الشعر، والذي يعتبر عرضاً عاماً من أعراض المرض، كما اكتشفت أن الحالة هي ما يفسر السبب بأنه رغم محاولاتي أنا وزوجي لسنوات فإنني لم استطع الحمل ولا الإنجاب”.

وتضيف: “استغرقت عملية تناول حبوب الثيروكسين عدة أسابيع حتى تحدث مفعولها، وعلى الفور شعرت كأنني ولدت مرة اخرى من جديد، فقد عاد شعري للنمو وتخلصت من شعور الإحباط وكأن حملاً ثقيلا انزاح عن كتفي، واتبعت حمية غذائية وبدأت أغير وزني، وأفضل من ذلك كله هو أنني اصبحت حاملاً خلال سنة”.

وتتابع قائلة: “كنت قلقة من خطر تناول حبوب الثيروكسين على الطفل، أو قد يمنعني ذلك من إرضاعه، ولكني كنت قد حصلت على تأكيدات بأن ذلك لن يحدث”.

{article}

قصور النخامية

الأعراض

إن من أهم أعراض قصور النخامية ما يلي:

  • تعب شديد.
  • صداع.
  • عطش شديد.
  • نقص أو زيادة في الوزن.
  • تغير في الشهية.

الأسباب

توجد الغدة النخامية قرب الدماغ، وهي تفرز هورمونات مختلفة ومتنوعة ضرورية لتنشط انتاج الأنواع الأخرى من الهورمونات في الجسم، ومنها على سبيل المثال: الهورمون اللوتيني المطلق للهورمون المُلَوتِن، والذي يرمز إليه اختصاراً LH، وهذا الهورمون يحفز عمل المبايض لإنتاج هورمونات أخرى، واللواتي يعانين من اضطراب الغدة النخامية لا تفرز غددهن كمية كافية من هذا الهورمون المحفز، وغالباً ما يكون السبب ورم حميد (غير عادي) في الغدة نفسها، بالرغم من أن الأسباب الأخرى تتضمن ارتجاجاً في الرأس، أو عملية جراحية في الدماغ أو جلطة دماغية.

العلاج

قد يحتاج المريض في البداية إلى عملية جراحية لاستئصال الورم، وبعد ذلك يحتاج المريض يومياً إلى علاج هورموني لتعويض الهورمون اللوتيني (LH) الذي يكون إفرازه قد توقف في الجسم، وحتى الذين لا يحتاجون إلى عملية جراحية فإنهم يحتاجون إلى هذه الهورمونات التعويضية.

قصتي مع قصور النخامية

يولي جيوفانوفيت (34 عاماً)، تعمل مصممة مواقع الكترونية تتحدث عن إصابتها بهذا المرض قائلة:

“قبل تشخيص حالتي كنت أذهب إلى الحمام حوالي عشر مرات خلال الليل إضافة إلى شعوري الدائم بالعطش، كنت أشرب ليتراً ونصف الليتر من الماء مرة واحدة، وقد تعودت على ذلك، ولكن عندما بلغت التاسعة عشرة من عمري توقف الطمث عندي وأصرت والدتي على مراجعة الطبيب، وقد أظهرت فحوصات الدم نقصاً في الهورمونات، وتم تحويلي إلى اختصاصي غدد صماء، أما نتيجة التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) فأظهرت وجود ورم قرب الغدة النخامية كان يدمرها ببطء”.

وتضيف: “بعد عدة أسابيع تم استئصال الورم وجزء من الغدة النخامية، وبالنتيجة، توجب عليّ تناول هورمونات يومياً مدى الحياة، كما استخدم بخاخ هورمونات في الأنف يؤثر في الكلى لضبط إدرار البول بكمية قليلة، وأتناول هورمون “هيدروكورتيزول” لتعويض الأدرينالين، والعلاج الهورموني لتعويض الأستروجين، وهورمون ” ديزمُوبرِيسِين ” أيضاً لضبط حالة العطش والذهاب إلى الحمام، أما التأثير الأهم لهذه الادوية في حالتي فهو أنني أصبحت عاقراً، وعلى أية حال فإني لم أفكر أبداً بإنجاب أطفال من قبل، ولكنني أتساءل فيما إذا كان نقص الهورمونات مسؤول عن ذلك أيضاً”.

فرط الدرقية

الأعراض

إن من أهم أعراض فرط الدرقية ما يلي:

  • قلق.
  • عدم شعور بالراحة.
  • حدة طبع.
  • صعوبة في النوم.
  • فقدان الوزن بالرغم من وجود شهية جيدة أو متزايدة.
  • رجفان.
  • تعرق.
  • النفور من الحرارة.
  • إسهال.
  • تضخم بالغدة الدرقية (انتفاخ في الرقبة بسبب أن الغدة الدرقية تكون قد تضخمت).

السبب

يحدث فرط الدرقية عندما تفرز الغدة الدرقية كميات كبيرة من هورمون الثيروكسين، ما يجعل الخلايا والأعضاء تعمل بشكل سريع، وعلى سبيل المثال، قد تبدأ نبضات القلب في التسارع، والسبب الأكثر شيوعاً هو مرض جريفز، حيث تهاجم الخلايا المناعية للجسم الغدة، ما يجعلها تفرز المزيد من هورمون الثيروكسين، وسبب حدوث ذلك غير معروف، لكن قد تكون الاسباب وراثية.

والارهاق الشديد، والحزن على فقدان شخص عزيز، أو تغيير المنزل، أو ولادة طفل قد تكون أسباباً أيضاً تحدث بعض النوبات الوقتية لفرط الغدة الدرقية، وهذه الحالة تصيب امرأتين من بين كل 100 امرأة، ورجلين من بين كل 1000 رجل.

العلاج

يساعد دواء الكاربيمازول في التخفيف من إفراز هورمون الثيروكسين، كما أن العمل الجراحي قد ينقص حجم الغدة، ثم يعطى المرضى بعد ذلك الثيروكسين لضبط مستوياته الطبيعية، وقد تكون حبوب اليود المشع خياراً آخر للعلاج، حيث يتراكم اليود في الغدة ويقتل الجزء الذي ينتج الكثير من الثيروكسين من دون إحداث أية آثار جانبية مرضية.

قصتي مع فرط الدرقية 

جوان دول (37 عاماً) ممرضة تعيش مع زوجها ولها طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات، تقول عن حكايتها مع فرط الغدة الدرقية:

“عانيت لعدة سنوات من خفان في القلب وعدم النوم وارتعاشة قي اليدين، ولكن طبيبي عزا ذلك إلى القلق، ثم وخلال فحص روتيني عندما كنت حاملاً في الشهر الخامس، لاحظ طبيب آخر انتفاخاً في رقبتي، وقال إنه يعتقد بأن لدي مشكلة في الغدة الدرقية، وقد أظهرت فحوصات الدم فعلاً أني أعاني من فرط شديد في نشاط الغدة الدرقية، وعندما فحص معدل نبضات القلب كان عددها 200 نبضة في الدقيقة، والمفروض أن تكون 100 نبضة، كما أن نبضات قلب الجنين كانت سريعة أيضاً وتم تحذيري من ان الطفلة قد لا تتحمل”.

وتضيف: “سارعت إلى العلاج وأنا بحالة من الذعر لم أعرفها من قبل، وأعطيت مثبطات بيتا (بالإنجليزية: Betablockers) لخفض تسارع نبضات القلب و”الفاليوم” لاحتواء الآثار الجانبية للثيروكسين، وخلال يومين من العلاج شعرت بتحسن لم أشعر به طوال حياتي، فقد أحسست بالاسترخاء ولم تعد راحتا يديّ تتعرقان”.

وتتابع قائلة: “قمت برحلة بحرية خلال الفترة المتبقية من حملي وأنجبت طفلتي بصحة جيدة عام 2003، ورغم ذلك، شعرت بالمرض ثانية بعد عدة أشهر، وأبلغني الأطباء بأن الغدة الدرقية عندي غريبة الأطوار، وان الأفضل هو استئصالها، ونتيجة لذلك أصبت بالحالة المرضية المعاكسة: قصور الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism)، وكان علي أن أتناول الثيروكسين، ولكني أشعر الآن بأني افضل مليون مرة اكثر مما كنت عليه من قبل”.

عن مجلة بلسم لشهر اكتوبر 2010، العدد 424.