‘);
}
البراغماتية النفعية
إن أصل كلمة براغماتية يعود إلى اللغة اليونانية، ويقصد بها العمل، إلا أن المصطلح يعد دخيلًا على اللغات الأخرى، ولها معانٍ عدة، فيقصد منها النفعية، أو العملية، وهاتان الكلمتان أصبحتا لاحقًا من مبادئ البراغماتية، فبقدر ما تكون الفكرة نافعة تكون حقيقية، وتجدر الإشارة إلى أن كلمة البراغماتية دخلت على المعاجم الفلسفية بالصيغة النهائية عام 1878م.[١]
كان دخول كلمة البراغماتية نتيجة لمقال فلسفي من تأليف البروفيسور تشارلز بيرس، عنوانه كيف من الممكن أن نجعل أفكارنا واضحة، وكانت الفكرة الرئيسية فيه هي أن العقائد ليست إلا قواعد سلوكية محضة، وأكد من خلاله على أن المبدأ الأساس في البراغماتية هو تحديد ما هو الأصلح، وبذلك يكون ذا فائدة ومنفعة، أما وضوح الفكرة فلا يكون من خلال التأمل أو الميتافيزيقا، ولكن من خلال النتائج المؤدية لها.[١]
لاقت كلمة براغماتية قبولًا كبيرًا بعد كتابة المقال بمدة، وتبنتها ثقافات مختلفة ونظم، ومن أهم الثقافات التي رحبت بها الثقافة الأمريكية.[١]
‘);
}
أهم الفلاسفة البراغماتيين النفعيين
هنالك العديد من الفلاسفة الذين ساهموا في وضع الأسس الفلسفية للفلسفة البراغماتية النفعية، ومن أهم هؤلاء الفلاسفة ما يأتي:
تشارلز بيرس
وهو فيلسوف أمريكي، عاش في الفترة (1839- 1914م)، ويعد من رواد الفلسفة البراغماتية، ومن أوائل الذين وضعوا الأسس لها، وساهم في إدخال المصطلح إلى الوسط الأكاديمي والفلسفي، ومن أهم الأمور التي تخص فلسفة بيرس هي دراسة لكل تاريخ الفلسفة، وكان مولعًا في البداية بالمثالية الألمانية، خاصة المثالية الكانطية، وبعد أن أنهى دراسة تاريخ الفلسفة، توصل إلى البراغماتية كخلاصة لبحثه الفلسفي.[٢]
وجه بيبرس انتقادات كبيرة للفلسفات البعيدة عن الواقع، منها الفلسفة المثالية، وقال بأنها فلسفة بعيدة عن الواقع تمامًا، ولا يجوز أن نحكم على فلسفة ما، إلا إذا نظرنا في النتائج المؤدية لها، وبهذا تكون الفلسفة متمركزة حول سعادة الإنسان، وبذلك توصل بيرس إلى أن فلسفته فلسفة علمية، وتنتهج المنهج العلمي، ويشار إلى أن الفلسفة البراغماتية والمنهج التجريبي كلاهما وجها انتقادات للمنهج العقلاني والتأملي المحض.[٢]
وليم جيمس
ويعد وليم جيمس ثاني الفلاسفة البراغماتيين النفعيين، وعاش في الفترة (1842- 1910م)، ويعد كتابه البراغماتية من الكتب والمراجع الرئيسية في تاريخ الفلسفة، فمن خلاله صاغ نظرية المعرفة البراغاتية، وأسس لمفهوم الحقيقة، فالنظريات الفلسفية تصبح أدوات للعمل، وهذه وظيفة الفلسفة، وذكر أن حيازة الحقيقة تعني حيازة أدوات للعمل، لذلك يُطلَق على براغماتية وليم جيمس البراغماتية الأداتية.[٣]
كانت لوليم جيمس اهتمامات باللاهوت، وعلم النفس بالإضافة إلى كونه طبيبًا، وأكد على أن الغاية الأسمى للبراغماتية هي تحقيق السعادة لأكبر قدر ممكن من البشر، وتخفيف معاناتهم، ولذلك لا يجوز أن تكون الفلسفة مجرد عملية تقديم إجابات لأسئلة، بل يجب أن تكون حاضرة في تفاصيل الحياة.[٣]
مبادئ البراغماتية النفعية
تقوم الفلسفة البراغماتية والنفعية على مجموعة من المبادئ، وأهمها الآتي:
النفعية
إن النفعية هي المبدأ الأساسي في الفلسفة البراغماتية، وارتبطت بمفهوم آخر وهو الحقيقة، فلا يمكن القول بأن فكرة ما حقيقية إلا عندما يتم النظر بالنتائج العملية لها، والتأكد من أنها تصل بالإنسان إلى نتائج مفيدة، ولكن هذه الفكرة من حيث المبدأ أثارت جدلًا واسعًا، فمن الممكن أن يحصل تضارب بين النتائج، فما هو نافع بالنسبة للإنسان قد لا يكون نافعًا بالنسبة للآخر.[٢]
أجاب الفلاسفة البراغماتيون على أن النفع يكون لأكبر قدر ممكن من الناس، وليس لشخص أو فئة محددة، فكلما ساهمت الفكرة في التخفيف من معاناة البشرية كانت أقرب إلى الصواب، وأبدى الفلاسفة البراغماتيون اهتمامًا للتجربة والاختبار، فنتيجة الاختبار هي الفيصل في التقرير إذا ما كانت الفكرة ناجحة أم لا، وهذه الأمر له صلة مباشرة بالمنهجية العلمية.[٢]
محاربة الدوغمائية من خلال العملية
إن البراغماتية تتميّز بالطابع العملي، والابتعاد عن الجمود الفكري، فهي لا تتبنى أيديولوجيا معينة، كما أنّ مفهومها للصواب متغيّر؛ فالحقيقة بالنسبة للفلاسفة البراغماتيين تنمو، مما يعني أنها ليست ثابتة، وليست واحدة، بل متعددة، وهذه ثورة في مبحث الأبستمولوجيا، فالفلسفة الحديثة انقسمت إلى تيارين؛ تجريبي ومثالي، بسبب اختلاف وجهة نظرهم حول سبل تحقيق المعرفة.[٢]
فدعت البراغماتية إلى ضرورة التخلي عن هذه الطريقة في البحث الفلسفي، والنظر في قيمة الفكرة من خلال نتائجها، وليس من خلال طريقة الحصول عليها.[٢]
المراجع
- ^أبتوليم جيمس ، البراغماتية، صفحة 65-66. بتصرّف.
- ^أبتثجحزكي نجيب محمود ، نافذة على فلسفة العصر، صفحة 126-133. بتصرّف.
- ^أببرتراند رسل ، تاريخ الفلسفة الغربية الجزء الثالث، صفحة 464-467.