حوار مع د. محمد حافظ الأطروني – أستاذ الصحة النفسية size=3>
ذكر الله ينظم موجات المخ، ويوصل المرء إلى حالة التوازن النفسي دون مهدئات . size=3>
جلستان تسبيحيتان في اليوم تكفيان لعلاج الإدمان والوقاية منه . size=3>
العلاج بالعقاقير يؤدي إلى الإدمان ، والتسبيح بديل فعال وغير مكلف. size=3>
ـــــــــ
يظل الإنسان يبحث عن السعادة الحقيقية، فيظنها الفقير فى المال، ثم يجد أغنياء أشقياء، فيفتش عنها في السلطة والنفوذ؛ ليكتشف أرباب مناصب لا تمت حياتهم إلى السعادة بصلة، يضنيه البحث، وينهك روحه تفتيشًا عما بين يديه، عما هو أقرب إليه من حبل الوريد، عن الله، حيث تكمن السعادة الحقة في الصلة الوثيقة به، وأيسر خيوط هذه الصلة ذكر الله، والتسبيح، ولأن كتاب الله سيظل كنزًا من الإعجاز لن يحيط به العقل البشري فإن علماء المسلمين يجتهدون لاستجلاء مكامن الإعجاز في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويثمر اجتهادهم مزيدًا من البراهين على تفرد الإسلام.
ومؤخرًا توصل عالم النفس د. محمد حافظ الأطروني – أستاذ ورئيس قسم الأمراض النفسية بطب المنصورة إلى حقيقة إعجازية تلخصها جملة واحدة ” الذي يسبح لن يدمن، والذي أدمن علاجه التسبيح” ، وحول هذا العلاج الرباني للإدمان حاورت د. الأطروني ليكون كلامه بشرى لكل من يسعى للشفاء.
صناعة المادة ذاتيًا
هل أثبت العلاج الكيميائي للإدمان فشله وأصبح العلاج البديل ضرورة؟ size=3>
– نعم غالبًا ، ولهذا اتبعت أسلوبًا جديدًا في علاج الإدمان وهو أن أعطي للمدمن بدائل ليس بها عقاقير؛ لأنه يسيىء استعمال العقاقير التي تستخدم في العلاج إذ يمكن أن يدمنها، أو يعتاد عليها، حيث إن الاسم العلمي للإدمان حاليًا هو ” إساءة استعمال المادة” ، أو المشاكل المتعلقة بالمادة.
إذن لابد أن يكون العلاج الحقيقي والفعلي الذي يواظب عليه المريض غير متعلق بأي مادة خارجية، فهي وسائل وتدريبات سلوكية حين يتقنها الإنسان تعينه على إنتاج المادة بمعنى أنها تشجع الجسم على صناعة المادة المقاومة للإدمان داخليًا، ومن البدائل السلوكية التأمل في الفلسفة، وتسمى فى الدين “بالأذكار أو التسابيح”، وهي عبارة عن كلمات يقال عنها في الفلسفة “الكلمة المقدسة”، وعند البحث عنها في كتب الأديان القديمة، وجدت أنها “تسابيح”، وفي الدين الإسلامي أو المسيحي، وعندما ترجمت إلى العربية وجدت أنها ” أسماء الله الحسنى” في القرآن فأخذت منها ألفاظ التسبيح مثل ” سبحان الله، أو الحمد لله، أو لا إله إلا الله، والله أكبر، أو لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”، أو أي اسم من أسماء الله يرتاح فيه الإنسان، ويسهل ذكره على لسانه.
هل للعلاج بالتسبيح أسلوب معين لايجدي بدونه؟ size=3>
– غالبًا ما يتم العلاج عبر جلسات متعددة ، من نماذجها اليسيرة: ختام الصلاة، حيث يردد المريض هذه التسبيحات 10 دقائق في الصباح، وأخرى في المساء، ولو استطاع المريض ختام الصلاة سيصبح عندنا خمس جلسات للذي يصلي بانتظام أي ثلاث جلسات إضافية إلى الجلستين الصباحية والمسائية، وذلك لتعديل السلوك البيولوجي للمخ بمعنى أن المخ له تركيبات، بيولوجية معينة وتوزيعات للموصلات العصبية المختلفة الموجودة داخله يترتب عليها تيار كهربي له أربع موجات، اثنتان منهما يؤديان إلى الحالة الصحية السليمة، والأخريان يؤديان إلى الحالة المرضية، فإذا انتشرتا فى مخ الإنسان أحدثتا لديه حالة من الهياج والقلق والتوتر المرضي وهاتان الموجتان تسميان “بيتا”، وحين يضطرب الإنسان بسببهما يأتي بالمهدئ ويعتاد عليه ويدمنه، أو يدخل فى “الدلتا وايف”، وهي موجة متطرفة ساكنة كسول بطيئة تجعل الإنسان في حالة من الخمول والنوم الشديدين فيأخذ منشطًا ويعتاد عليه ويدمنه أيضًا.
وما هي الموجة التي تصل بالإنسان إلى حالة الهدوء؟ size=3>
الموجتان هما “الفاوثيتا” اللتان تنظمان للإنسان دائرة خط الوسط فتجعلانه فى حالة متوازنة نحصل عليها من خلال “التسبيح”، بينما يبحث عنها المدمن في العقاقير، فالتسبيح سهل ممتنع، لا يحتاج تعمقًا فلسفيًا أو دراسات أو نظرية يتعلمها المريض مهما كانت درجة ثقافته أو تعلمه؛ لأن البدائل الفلسفية عميقة جدًا وتحتاج إلى أشخاص متعمقين في الفلسفة، فالتسبيح سهل على جميع الناس المتعلم وغير المتعلم، ويؤدي إلى نتائج أفضل من أي برامج مقننة ومكلفة وذات قيمة مادية.
تنظيم إلهي size=3>
هل تمت تجربة العلاج “التسبيحي” على المرضى؟ size=3>
جُرب هذا البرنامج على الكثير من المرضى وغير المرضى لتحسين إنتاج الإنسان، ووقايته من الوقوع في دائرة الإدمان، والحفاظ على موجات المخ السليمة والصحيحة بعيدًا عن الموجات المتطرفة، وقد أجريت تجارب على أجهزة معينة تجعل الفرد يسمع موجات المخ المسجلة، وأجهزة أخرى تجعل الفرد يسمع موجات المخ التي تحول الموجات الكهربائية إلى صوت بحيث يستطيع التعرف على كل موجة من هذه الموجات، ويستحضرها ويجعل نفسه دائمًا في دائرة الموجة السليمة والصحيحة، وهذا يدربه على التركيز في الحديث أو في أي عمل يقوم به سواء كان يستذكر دروسه أو يتحدث إلى شخص ما.
أما موجات “البيتا” فهي التي تصنع الضوضاء للإنسان فتجعله مضطربًا لا يستطيع التحدث مع أحد حتى يرتب أفكاره فيطلب الشخص أن يشرب كوبًا من الشاي مثلاً، أو يأخذ أسبرين حتى يستطيع التحدث، فالمدمن يتعلم من التسبيح كيف يطرد هذه الموجات، ويأتي بموجات “ألفا” السليمة التي تجعله في حالة استرخاء وتركيز ومتابعة، وبالتالي تجعل المدمن يتحكم في نفسه بعيدًا عن الاستيفاق الذي يأتي له من ظهور “البيتا والدلتا”. فكل العبادات التي يمارسها الإنسان المسلم من صلاة وصوم وزكاة وحج ، من حكمتها أنها تجعل الجسم البشري والآلة البشرية منظمة بواقع الكتالوج الذي وضعه الخالق وصممه تصميمًا دقيقًا حتى نحافظ عليه في الصيانة.
وفى النهاية فالتسبيح يجعل الإنسان يحافظ على نفسه طوال الوقت سواء كان مريضًا فيُعجل بشفائه ، أو سليمًا فيحافظ على صحته، ويقيه من الوقوع فى أي أمراض، سواء كانت مرتبطة بأمراض المناعة أو الجهاز الهضمي، أو أمراض القلب والأوعية الدموية والتوتر النفسي والقلق.
هل هناك تجربة عملية يمكن أن يقوم بها الفرد وتعكس الأثر العلاجي للتسبيح؟ size=3>
– هناك تجارب كثيرة أيسرها أن أضع ترمومترًا في يد إنسان يشعر بالبرد وبمجرد أن يبدأ في التسبيح يشعر أن يديه دبَّ فيهما الدفء، واختفت الرجفة، ومعنى ذلك أن له فوائد كثيرة لا تضر الجسم عكس العقاقير، وبإيجاز أؤكد أن التسبيح أرخص علاج من الناحية المادية، ولكنه أغلاها من حيث الأثر