التشكيلية السعودية سكينة الشريف: سطوة الفن الأجنبي وغياب حركة النقد من إشكاليات الفنون العربية
[wpcc-script type=”f41c703dd980729e3c2a1754-text/javascript”]

القاهرة ـ د ب ا: قالت الفنانة التشكيلية السعودية، سكينة الشريف، إن الحركة التشكيلية العربية تعيش نهضة واسعة تمتد لشتى الفنون، لكنها لفتت إلى أن ما سمته بـ «سطوة الفن الأجنبي» صار أمراً يدعو إلى ضرورة القيام بإعادة تقييم وفرز للفنانين، وتقديم الدعم الحقيقي لأصحاب النتاج الفني الملموس، وتسليط الضوء على مسيرتهم وعلى أعمالهم من قبل النقاد والكتاب.
وأضافت بأن الحركة التشكيلية العربية باتت تعاني من غياب حركة النقد والنقاد، وأثرهم وتأثيرهم في توجيه المشهد الفني، وأنه برغم ذلك فهي تتوسم الخير في الحركة التشكيلية العربية، وتراها حركة ناهضة تبشر بمستقبل مزدهر.
وحول رؤيتها لمكانة الفنانين العرب من الحركة التشكيلية العالمية، قالت إن العرب قريبون من المشهد التشكيلي العالمي، وأن هناك وجوهاً فنية عربية عالمية، وأن حركة الفنون التشكيلية العربية ولادة وتمتلك طاقات إبداعية غنية بتنوع رؤاها وتعدد وقوة تعبيرها، وامتلاكها لأدواتها الفنية بقوة مكنتها من إبراز مكانتها في المحافل الفنية الدولية.
وعن الإشكاليات التي تعاني منها الحركة الفنية العربية، قالت التشكيلية السعودية سكينة الشريف، إن من بين تلك الإشكاليات عدم قدرة الفنان العربي على العيش من نتاج ممارسته للفنون التشكيلية، وذلك لأن المجتمعات العربية تنقصها ثقافة اقتناء الأعمال التشكيلية، وهي ثقافة ربما توجد بين أوساط بعينها، وأنه حتى تلك الأوساط ربما لا تمتلك الثقافة التي تمكنها من الاختيار الصحيح لما تقوم باقتنائه من أعمال.
وشددت على أنه بالرغم من أن الفنان الرجل سبق المرأة تاريخياً لاعتبارات عدّة في مجال المشاركات بالمحافل الفنية، إلا أن المرأة العربية والسعودية في التاريخ المعاصر قادمة وبقوّة وبتفرّد متسق مع طبيعتها الحساسة والمرهفة وبرغبتها الملحّة في التعبير عن قضايا تمسها وتمس مجتمعها من خلال رؤى فنية متجددة ومتنوعة.
وحول دور كل من الرجل والمرأة في الحركة التشكيلية العربية، قالت إن الفن التشكيلي كتلة واحدة لا تتجزأ وملك للجميع، في أي مكان وأي زمان منذ أن نشأ الخلق والبشر يعبرون بالرموز والإشارات قبل ظهور اللغة في توجّه فطري لا يمكن إنكاره، وأن الفن بوجهه الحديث رسالة متداولة بين الفنانين والمتلقين لا تقتصر على جنس محدد أو فئة محددة فقط، تبرزها الموهبة المصقولة والاطلاع المستمر مع الممارسة الحثيثة.
ورأت أن المرأة العربية تقف في المكان الصحيح، وتضع قدميها حيث يجب أن تكون، وأن المرأة بكل ما أوتيت من شغف فطري، وجذوة شعور، ومعين إحساس لا ينضب، مهيأة للفن والريشة كما ينبغي، لذلك فإنها تستمد موضوعات أعمالها من البيئة العربية والشرقية الغنية بالمفردات التراثية والطبيعة المتفردة للعالم العربي. وأضافت بأنها تتصور أن المرأة تُعتبر منافسة قويّة في الساحة الفنية، وأن إنتاجها الفني مكمل لإنتاج الفنانين الرجال، وذلك بفضل طبيعتها التكوينية والنفسية التي تجعلها فياضة بالتجديد والابتكار.
وأكدت أن المرأة العربية قادرة – وبصدق – على المشاركة في صناعة تاريخ الفن التشكيلي العربي، وهي عمود مهم من أعمدة نهضته، وأنه ربما كنا نعاني فيما مضى من سيطرة الرجال على الساحة الفنية واستئثارهم بالنصيب الأكبر من المشاركات العربية والدولية… ولكن الصورة التي تظهر بها المرأة في النهضة التشكيلية المعاصرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، والعالم العربي، أكدت على امتلاك المرأة لجميع مقوّمات وأدوات الفن والإبداع، أضف لذلك أن المرأة تمتلك طاقة هائلة من اليقظة والحس المرهف، وهذا جلّ ما يلزم المبدع ليمارس الفن بشكل صحيح.
خيال رحب
وحول مصادر الإلهام وموضوعات ومفردات أعمالها التشكيلية، قالت «الشريف» إن الحرية والانطلاق والخيال الرحب هي من مفاتيح الإلهام لديها، بجانب تعمدها لإعادة تدوير المشاعر السلبية، وتقمص الأحداث، والتعبير عن المواقف الحياتية العابرة بحرية من خلال المدرستين التجريديّة والحديثة، وذلك لما يتيحانه للفنان من مجالات أوسع للتعبير… وأن للرجل حضوره الملهم وظهوره بشكل مباشر وغير مباشر في موضوعات لوحاتها، بجانب حضور المرأة القوي، باعتبار أن الرجل والمرأة كيان لا ينفصل في الحياة الواقعية ولا في خيال الفنان، كلاهما مكمّل للآخر أياً كان موقعه، وذلك حسب قولها.
واعتبرت أن المرأة دائماً وأبداً وعلى مرّ العصور هي وقود العمل التشكيلي والرؤية الفنيّة، إلا أنها الآن بدأت تأخذ دوراً أبرز كعنصر مهم في القضايا المعاصرة، وأنه بعد أن كان دور المرأة في العمل الفني دوراً يرتكز على محور تزيين وجمال اللوحة، نضج ذلك الدور وتخلصت المرأة من أطر فنية وفكرية ضيقة وقديمة كانت فيها مجرد رمز جماليّ للعمل التشكيلي، وأخذت منحى حقيقياً ومعبراً، حتى باتت المرأة وملامحها شريكة لمعظم الأعمال والأفكار الفنية لديها ولدى جموع الوسط التشكيلي.
شغف الممارسة
وحول بدايات مسيرتها الفنية، قالت الفنانة سكينة الشريف: «ولدتُ وبين جوانحي أفنان ريشة تبادلني الملامح وتنسجُ من الألوان خطاباً بلساني.. ولي نَميرُ تجربةٍ وعَبقُ حسٍ مع الألوان نشأت منذ طفولتي المبكرة… وبين شغف الممارسة المستمرة وخوض التجارب المختلفة والاطلاع المتواتر وحسّ التحدي، وجدتني أرسم خطي الخاص في عالم الفن بنَفَسِ المدرسة التجريدية غالباً، وتارة أعود للسريالية والكلاسيكية، وذلك بعد التنقل من الصور المرئية إلى الإحساس المجرد، إيماناً مني بأن التجريد هو أعمق درجة للتعبير يخوضها الفنان خلال رحلته الممتعة مع الفن… خاصة أن التجريدية بوابة واسعة لمن يسمو نحو البحث والتجريب وسبر أغوار الحقيقة .»
وأضافت بأن عالم الفن يأخذها بعيداً عن الرتابة، ريشتها صديقتها المخلصة التي تنتشلها من حطام الرتابة لعالم الغرابة والدهشة، تواسيها وحدتها بسفرها البعيد «حيث ينبغي لروحها أن تكون .»
ووصفت علاقتها بالريشة بأنها علاقة حبِّ لامشروطة، بل وهي مناجاة مُتسمة بالشغف والانتماء والابتهاج ومتسقة مع ذاتها.
توهج وإقبال روحي
وحول شعورها حين تمارس فن الرسم، قالت بأنها «ترسم وهي في حالة من التوهج والإقبال الروحي، لتستقبلها اللوحة والألوان كفضاء رحب بكل حبّ وطواعية ومرونة، لتكمل معها رحلة جميلة في كل مرّة تسافر فيها من خلالها… فتأتي اللوحة كابنة بارّة تحمل ملامح شعورها أثناء احتضانه لدوائر وخطوط ورموز تصف عالمها الداخلي، ونظرتها الشخصية البحتة للأشياء من حولها، وأحياناً انعكاس لرؤية الأشياء بعيون الآخرين نتيجة حالة من الانصهار والإحساس المفعم بهم وبهمومهم، وبمشاعرهم وقضاياهم.


