التطبيع يزيد الضغوط على طهران.. كيف ستواجه إيران الوجود الإسرائيلي قرب حدودها؟

يعد الوجود الإسرائيلي المتزايد على حدود إيران قضية أمنية حساسة، كما أن المواجهة مع طهران في صلب السياسات الإسرائيلية، وتنظر إيران بقلق لتطبيع العلاقات بين بعض جيرانها وإسرائيل.

Share your love

Israeli foreign minister in UAE on first official visit
يائير لبيد (وسط) بعد افتتاحه سفارة وقنصلية لإسرائيل في الإمارات (رويترز)

طهران – بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 وتغيير الحكومة في إيران، تغيرت علاقة طهران بتل أبيب من دولة صديقة إلى دولة لا تتسامح حتى مع أي وجود إسرائيلي بالقرب من حدودها.

وبعد تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية مع إسرائیل، لا سيما الإمارات والبحرين، واتهام الجمهورية الإسلامية جارتها الشمالية أذربيجان بوجود إسرائيلي على الحدود بين البلدين وتجسسها على إيران، جاء تصريح المتحدث باسم الوزارة الخارجية سعيد خطيب زاده “أبلغنا دول الجوار بوضوح أننا لن نتحمل وجود إسرائيل قرب حدودنا ولن نتسامح في ذلك”.

وحول جهود إسرائيل في الاقتراب من الأراضي الإيرانية واستخدامها ورقة ضغط على طهران، حذر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي جيران إيران من “تدخل الأجانب في المنطقة كمصدر خلاف وضرر”، وقال أيضا خلال حفل تخرج القوات المسلحة في بداية الشهر الجاري “أولئك الذين يعتقدون أنه يمكن حفظ أمنهم من خلال الاعتماد على الحكومات الأجنبية، يجب أن يعلموا أنهم سيدفعون ثمنا باهظا”.

الجيران وإسرائيل

بالنظر إلى الأحداث الأمنية التي شهدتها إيران في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك مهاجمة سفن إيرانية ومنشآت إيران النووية وسرقة وثائق سرية منها، وكذلك اغتيال علماء نوويين إيرانيين، تنسب طهران هذه الأعمال إلى إسرائيل، وبطبيعة الحال تتهم الدول المجاورة لها أيضا بالتعامل مع تل أبيب.

فلم يسبق لإسرائيل أن كان لها علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية استخباراتية مع جيران إيران إلى هذا الحد، كما يقول الخبراء، إذ يعتقدون أن تعاون جيران إيران مع إسرائيل وسيلة لمواجهة سياسات طهران الإقليمية.

حلول وأدوات إيران

ويرى محلل الشؤون الدولية والسياسة الخارجية الدكتور مصطفى خوش جشم أن إيران تعتمد في المقام الأول الحلول الدبلوماسية مع هذه الدول، وتوعيتها بالعواقب الوخيمة لوجود إسرائيل فيها، وأن الأعمال العدائية الإسرائيلية انطلاقا من أراضي هذه الدول ستواجه ردا قويا من إيران.

وأضاف خوش جشم في حديثه للجزيرة نت أنه “بالنظر إلى نمو محور المقاومة في غربي آسيا، فإن تحركات إسرائيل لاستفزاز إيران ورفع مستوى التوتر معها ستواجه بردود أفعال قوية من محور المقاومة”.

ويعتقد المحلل السياسي والخبير الإعلامي علي أصغر شفيعيان أن إسرائيل تحاول زعزعة أمن المنطقة وخلق حالة من عدم الاستقرار في علاقات إيران مع جيرانها خاصة، لأن النظام الإسرائيلي يعرف أن خطة طهران هي تعزيز العلاقات مع دول الجوار وآسيا لمواجهة العقوبات الاقتصادية.

وتابع شفيعيان في حديثه للجزيرة نت أنه كلما تمكنت إيران من الوقوف على قدميها اقتصاديًا وتوسيع علاقاتها مع الدول الأخرى، ستكون قادرة على التصدي للنفوذ الإسرائيلي، و”هذا يعتمد على قدرتنا على حل مشاكلنا مع الغرب، وربما يكون إحياء الاتفاق النووي هو الأمر الأكثر أهمية الذي يمكن أن يقوي بلدنا ويحمي أمن أمتنا”.

ويعتقد خبير شؤون غرب آسيا الدكتور داود أحمد زاده أنه بإضافة إلى وجود محور المقاومة، قد تستخدم طهران القدرات العسكرية للصين وروسيا لتحقيق التوازن في المنطقة من أجل موازنة القوة لمواجهة خطط إسرائيل والولايات المتحدة.

A view of a damage building after a fire broke out at Iran's Natanz Nuclear Facility, in Isfahanآثار الحريق بمنشأة نطنز النووية في يوليو/تموز العام الماضي والذي عزته صحف إسرائيلية لهجوم إلكتروني إسرائيلي (رويترز)

الحرب في المنطقة الرمادية

في الواقع هناك مواجهة بين إيران وإسرائيل على جوانب مختلفة من الأرض والبحر والجو والفضاء الإلكتروني، لكن الجانبين يحاولان توخي الحذر وعدم زيادة الأمور سوءًا، ويطلق الخبراء على هذه الحالة اسم “المنطقة الرمادية”.

ويعتقد الدكتور خوش جشم أن الإسرائيليين لا يسعون إلى حرب شاملة مع إيران، لكنهم يحاولون إبقاء أفعالهم في مكان ما بين السلام والحرب، أي أنهم يحاولون زيادة مستوى التوتر عن طريق التخريب والاغتيال وإلى حد ما قبل الخط الأحمر، وبدؤوا إستراتيجية أطلقوا عليها عليها “ألف طعنة” التي سيكون استمرارها وانتهاؤها بيد إيران، وفق تعبيره.

البرنامج النووي

يعتقد المحللون أن أهم بند في قائمة المزاعم الإسرائيلية ضد إيران هو برنامج إيران النووي، وأن إيران تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، ويتفاقم التهديد مع كل تطوير لإمكانات طهران النووية.

ويرى هؤلاء أن التوترات بين إيران وإسرائيل ستستمر إلى أن تجد الولايات المتحدة وإيران طريقة لمفاوضات مثمرة، وأن الأمن في الشرق الأوسط يعتمد إلى حد كبير على نجاح محادثات فيينا ومصير الملف النووي الإيراني.

ويشير هؤلاء إلى أن إسرائيل قلقة من تقارب إيران والسعودية، لأنه إذا توصل البلدان إلى اتفاق، ستنخفض العديد من التوترات في المنطقة وخاصة بين الدول العربية وإيران، الأمر الذي يضر إسرائيل من كل الجوانب.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!