تُعد تجربة الحمل بحد ذاتها تجربة رائعة تنتهي بمولود رائع وعلى الرغم من ذلك فانها تتسبب باضطراب الحلة العاطفيّة للأم وذلك نظراً لتذبذب تراكيز الهرمونات أثناء فترة الحمل وما بعد الولادة مما يُضفي شعوراً من القلق , الحزن , الاكتئاب , ابتهاج النفس والتشويش . 

يُمثل الاعتراف بالتغيرات العاطفيّة على أنها طبيعيّة مُفتاحاً للعلاج الناجح للأثر النفسي للحمل على الأم وبدعم المُحيطين بها والعلم بما هومتوقع وكيفيّة التعامل مع التغيرات المُستقبليّة تتمكن الام من تجاوزها . 

• التغيرات الفيسيولوجيّة التي تتعلق بجسم الأم : 

يتعرض جسم المراة الحامل للعديد من المُتغيّرات الهائلة أثناء الحمل وما بعد الولادة مُباشرة , حيث حيث ينكمش الرحم بشكل سريع للسيطرة على النزيف الرحمي بعد الولادة واستعادة حالته الفيسيولوجيّة كما في السابق , كما تشعر الأم بالألم الناتج عن الولادة , الآم الظهر والتعرّق الشديد . تُعد التغيّرات الجسميّة التي تُعاني منها الأم بعد الولادة مؤقته وسُرعان ما تستعيد حالتها الفزيائيّة السابقة . 

تتعدد التغيّرات الفيسيولوجيّة التي تطرأ على جسم المرأة ومنها :

  • النزيف المهبلي : 

يتسبب انسلاخ بطانة الرحم في الافرازات المهبليّة  التي تتحوّل تدريجياً من اللون الاحمر الغامق الى الوردي ومن ثم للبُنيّ وأخيراً للأبيض المائل للأصفر قبل توقفه . 

تقترن هذه الافرازات بنمطيّ الولادة المهبليّة والقيصريّة الا أنها تكون أكثر كثافة في الولادة القيصريّة وتتوقف في كلا الحالتين بمرور ستة أسابيع على الولادة . 

لا تُستدعي الافرازات المهبليّة قلق الأم الا اذا ازدادت كثافتها وبدأت تخرج على شكل كتل دم مُتجلطة . 

  •  ألم العجان : 

تُعاني الأم من الألم في المنطقة الواصلة بين المهبل ومنطقة الشرج والناتج عن  تمزّق وشق المنطقة لتسهيل خروج الجنين من قناة الولادة  كما تتورّم المنطقة لعدة  أيام بعد الولادة .

  • يُوصى بالعديد من الخطوات للعناية الخاصة بهذه المنطقة ومنها : 
  •  غسل اليدين جيداً قبل وبعد استخدام الفوط النسائيّة .
  •  ضرورة المسح من الأمام الى الخلف باتجاه المُستقيم بعد التبول او التبرز . 
  •  غسل منطقة العجان بشكل يومي بالماء والصابون أثناء الاستحمام . 
  •  استبدال الفوط النسائيّة بشكل مُنتظ وعند الحاجة وخاصة بعد استخدام التواليت . 

في حال الحاجة الى احداث شق جراحي لمنطقة العجان وتمزّق الانسجة المحيطة يلجأ الطبيب الى الخياطة الجراحيّة وبعد مرور اسبوعين تذوب الغرز الطبيّة دون الحاجة الى ازالتها وتُشفى المنطقة الجلديّة المُحيطة بعد مرور 2-3 أسابيع . 

تتعدد وسائل العناية بمنطقة الشق او التمزّق الجلدي وتحقيق الراحة ومنها : 

  •  استخدام مُكعبات الثلج مباشرة بعد الولادة في حال حدوث أي تورّم .
  •  الجلوس في حمام مائي دافيء لمدة 10 دقائق وبتكرار يصل الى 3-4 مرات يومياً الى ان يزول التورّم .
  •  تناول العقاقير الطبيّة المُسكنة لألم منطقة العجان .
  •  الجلوس على سطح صلب عوضاً عن التفاف الأرداف ببعضها .
  •  الحفاظ على منطقة العجان جافة والتزام لبس الملابس الداخلية القطنية . 
  •  دورة الحيض : قد لا تُستأنف دورة الحيض في حال اعتماد الرضاعة الطبيعيّة , وفي بعض الحالات تستمر دورة الحيض وتؤثر في كميّة الحليب المُنتج من الثديين ويُنصح في هذه الحالة بشرب كميّات وافرة من السوائل للحفاظ على مستوى الحليب . تُعاود دورة الحيض بعد مرور 4-8 اسابيع من الولادة في حالات الرضاعة الغير طبيعيّة وتتميّز دورة الحيض الاولى بزيادة كثافتها عن الوضع الطبيعي للمرأة واحتوائها على الكتل الدمويّة المُتجلطة .
  •  احتقان الثدي :  نظراً لبدء تدفق الحليب في الثدي قد تشعر الأم في باديء الأمر بالألم , ويُوصى بضرورة المواظبة على الرضاعة الطبيعيّة في هذه الحالة والتي من شأنها أن تُثبت انتاج الحليب في الثدي . أما في حالة رفض الطفل للرضاعة الطبيعيّة يُنصح باستخدام كمادات الماء البارد واخراج كميّات صغيرة من الحليب أثناء الاستحمام . 

في حال عدم اعتماد الأم للرضاعة الطبيعيّة قد يستمر ألم الثديين واحتقانهما ولذلك تُنصح باستخدام المُكعبات الثلجيّة التي تُخدر منطقة الألم وتوقف تدفق الحليب في الثدي كما يُوصى بتجنب فرك الحلمتين أو ملامسة الماء الساخن لمنطقة الثدي وبالتالي الحد من تحفيز انتاج الحليب . 

  •  التغيّرات البوليّة والمعويّة : 

 قد تظهراعراض السلس البولي في الفترة الزمنيّة القصيرة التي تتبع الولادة والشعور بالحرقة أثناء التبول مما يُعد مؤشراً على التهاب المثانة الذي يُمكن تجنبه بشرب كميّات وافرة من السوائل , سكب الماء الدافيء على منطقة العجّان أثناء الجلوس على المرحاض والتبوّل المُتكرر لافراغ المثانة والحد من التشنجات العضليّة .

تزداد احتماليّة اصابة الأم بالامساك , الحركة المعويّة المُزعجة والبواسير (  توسّع الاوردة الناتج عن فرط الوزن والضغط الذي يُحدثه الجنين في المراحل الأخيرة من الحمل وعمليّة الدفع اثناء الولادة ) , حيث تؤثرعمليّة الولادة على حركة الطعام داخل الأمعاء وتتسبب بالانتفاخ وتلعب عوامل اخرى كتغيّر النظام الغذائي , العقاقير الطبيّة المُسكنة للألم وقضاء مُدة زمنية أطول في السرير دوراً أيضاً في تعقيد المُشكلات المعويّة السابقة . 

يُنصح بعدم دفع البراز بقوة عند التبرز ,وينصح ايضا بتناول المُلينات المعويّة وشرب كميّات كبيرة من السوائل اضافة الى الخضروات والفاكهة أما في حالة الاصابة بالبواسير فيُوصى باستخدام المُكعبات الثلجيّة لتخفيف حدة الألم اضافة الى الكريمات الموضعيّة او التحاميل الشرجيّة تحت اشراف طبي .

  •  التغيّرات المُتعلقة بالتغذية والتمارين الرياضيّة : 

 قد تستغرب الأم من نهمها وجوعها الشديد المُرافق للرضاعة الطبيعيّة , حيث تزداد حاجة الأم للتغذية الجيّدة لاتمام هذه المُهمة نظراً لاعتماد الكميّة الغذائيّة التي يستقبلها الطفل الرضيع على نوعيّة الطعام الذي تتناوله الأم . 

نظراً لزيادة الحاجة الغذائيّة لجسم الأم عند الرضاعة مُقارنة بفترة الحمل يُوصى بتناول 500 سعرة حراريّة اضافيّة يومياً وتجنب التزام أي حمية غذائيّة في هذا الوقت الحرج . 

أما عن التمارين الرياضيّة تستطيع الأم البدء بممارسة النمط الخفيف منها كشد العضلات والمشي قبل مُغادرة المستشفى ويُوصى بضرورة استشارة الطبيب المُشرف قبل بدء أي برنامج رياضي بعد الولادة وخاصة في حالة الولادة القيصريّة التي تستلزم المزيد من الرعاية وتجنب حمل الاوزان الثقيلة وأي من النشاطات التي تزيد من توتر عضلات البطن . 

  •  الاعياء العام : 

 على الرغم من تحلي بعض النساء الحوامل بحالة فيزيائيّة جيدة في الفترة الزمنيّة التي تسبق الولادة الا أن ذلك لا يحد من شعورها بقدر كبير من الاعياء والتعب في فترة النقاهة المُبكرة . قد تستمر حالة الاعياء لمدة تصل الى عدة أسابيع أو اشهر ولذلك يُوصى بمنح الجسم قسطاً  كافياً من الراحة . 

تتعدد النصائح التي يُوصى بها للتعامل مع الاعياء والتعب المُرافقان للولادة ومنها : 

  •  البقاء بالملابس المُخصصة للنوم في الاسابيع الاولى للولادة و التمتع بأكبر قدر مُمكن من الراحة وخاصة في أوقات نوم الطفل لاعتياد حديثي الولادة الاستيقاظ ليلاً في الاسابيع الثلاثة الاولى للولادة

لحاجتهم الى الرضاعة كل بضع ساعات. 

  •  الاستعانة بالاشخاص المُحيطين بالأم للمُساعدة في الاعمال المنزليّة .
  •  الترتيب مع الزوج بشكل مُسبق لأخذ اجازة من العمل لمدة اسبوعين من الولادة . 
  •  اعادة النظر في النظام الغذائي الجديد والتأكد من احتوائه على قدر كاف من البروتينات والحديد . 
  •  التغيّرات الهرمونيّة :

 يطرأ تغيير كبير على تركيز العديد من الهرمونات الاساسيّة في جسم المرأة بعد الولادة مما يؤثر وبشكل مباشر على كميّة السوائل في الجسم مما يتسبب بالعديد من التغيّرات الفيزيائيّة ومنها : 

– احتباس السوائل والتورّم في مختلف انحاء الجسم .

– تساقط الشعر .

– الومضات الساخنة .

– فرط التعرّق الليلي .

– جفاف الجلد .

– تقلّب المزاج .

– التبوّل المُتكرر .

– الجفاف المهبلي .