التقنيات المعاصرة في منجز التونسي أيمن بنجدو
[wpcc-script type=”444088e28c91144b5400204d-text/javascript”]

تشكل التقنيات المعاصرة أحد أبرز السبل لصنع أعمال فنية في منجز الفنان التونسي أيمن بنجدو، وهي تتألف من عدة أشكال حروفية وصورية تغذي المشهد التشكيلي. فالأشكال لديه هي مجموعة من الحروفيات ذات الصياغة المباشرة، بتقنيات معاصرة تتحكم فيها مختلف الآليات والأدوات المعاصرة، التي يتفاعل بها مع نظام الفضاء التعبيري في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها، تطاوع الحس الجمالي للمبدع أيمن، لتمنح أعماله عند اكتمالها إشارات بوجود أنساق تقنية تخترق البصر. وقد يترصدها المتتبع وفق خاصيات بصرية تطفو في المجال الفني، في ارتباط بميول المبدع ومحيطه المحلي. إنه التثبيت المحكم لهذه التقنيات الفنية، والتعبير المتناسق الذي يفصح عنه نمو أسلوب تعبيري يمتح مقوماته من جهاز تقني وأسلوب تشكيلي حروفي معاصر، يؤكد مركزيته داخل نسق جديد، ليمنح أعماله جماليات متعددة الأنساق ومتنوعة الجمال. وهي تحدد مكانتها ضمن الأساليب الفنية المعاصرة، فتسمو إلى مقام الصفوة بخطى ثابتة تستجيب لمتطلبات الفن المعاصر بما يقدمه المبدع من تقنيات.
إن من مميزات التعدد التقني في المجال التشكيلي إيجاد منافذ جديدة للإبداع، وقد أوجد المبدع أيمن بنجدو أساليب تعبيرية جديدة، وإنتاجا متنوعا اتخذ أبعادا مختلفة، ووُشم بسمات محلية وخصائص فنية وجمالية، تزيد حسب قدرة الفنان على الاستزادة في هذه التقنيات المعاصرة. فالمتتبع يعي بالكامل أبعاد تلك التقنيات وارتباطها بإحساس الفنان ورؤاه الفنية وتصوراته الحروفية، وما يخلفه ذلك من إيحاءات وإشارات نابعة من عدد من الدلالات التي تكتنزها أعماله.
وبالتفحص في المنجز التقني لتلك الأعمال تتمظهر بعض الإحداثات الحركية، التي تغير في المنحى التعبيري وتضفي عليه لونا جديدا، ما يؤهله إلى تعددية القراءة. إنه بذلك يبلور العملية الإبداعية وفق خاصيات جديدة، وأساليب نوعية في التعبير تتحكم فيها التقنيات المعاصرة. وبذلك فهو يجول بالقارئ في عمق الصورة التعبيرية المدججة بالتقنيات الجديدة، ويجعل المتفحص يستنطق مخزون تلك الصور الجمالية وما تدخره بواطن الحروفيات، ومدى قدرتها على التحرر في الفضاء التقني الناعم. إنها صناعة تأخذ بعين الاعتبار الصيغ الجمالية والثقافة المحلية. وهو ما يشكل كذلك بؤرة تقنية للإبداع، خاصة مع الاستعمالات اللونية المتنوعة، التي تشغل إلى جانب الحروفيات والأشكال حيزا مهما في الفضاء، لتؤكد مركزيتها في التشكيل المعاصر، وتبرز الإمكانات التعبيرية الموصولة بفكر المبدع وثقافته، بتعددية متناسقة، وجماليات لونية تُظهر مدى تحكم المبدع في تدبير فضائه التقني، ومدى قدرته على اختيار مجمل المفردات التشكيلية وتوظيفها بطرق إبداعية داخل الفضاء. إنها تقنية تأخذ بعين الاعتبار طريقة التوظيف لمجمل العناصر، حيث يولف بينها المبدع بتنسيق محكم، واعتناء قويم بقيم السطح، لتتبدى صورة جمالية رائقة، حيث يكمن سر التأليف التشكيلي بخصوصيته التقنية، وتتمظهر حداثة الأسلوب التقني الذي يفضي إلى إبراز قيمة العمل وفق مقومات أساسية.
٭ كاتب مغربي