التلوّث البيئي خطر يهدد الكائنات الحية

من المعروف أنّ البيئة الطبيعية هي كل ما يحيط بالإنسان من ظاهرات أو مكونات طبيعية حية أو غير حية، فالهواء الذي يتنفسه والماء الذي يشربه، والأرض التي يسكن عليها ويزرعها، وما يحيط به من كائنات حية أو من جماد هي عناصر البيئة التي يعيش فيها، وهي الإطار الذي يمارس فيه نشاطاته المختلفة.

Share your love

ويعتبر تلوث البيئة من الظواهر التي أخذت قسطا كبيراً من اهتمام حكومات دول العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين. وتعتبر مشكلة التلوث أحد أهم المشاكل البيئية الملحّة التي بدأت تأخذ أبعاداً بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة، فضلاً عن تأثيرها في الكائنات الحية، ممّا يحدث تغيراً في التوازن الطبيعي للبيئة ومكوناتها المختلفة الحية منها وغير الحية.

مفهوم التلوث البيئي:

التلوث البيئي هو التغيرات غير المرغوبة التي تحصل في محيطنا أهمها التي تنتج من نشاطات الإنسان ومن التأثيرات المباشرة وغير المباشرة في تغير شكل الطاقة ومستويات الإشعاع والبيئة الكيمائية والطبيعية للكائن الحي والتي تؤثر في جميع الكائنات الحية.

وبذلك فقد اتفق العلماء على تعريف تلوث البيئة بأنه: “يشمل الإخلال بالتوازن الطبيعي لمكونات البيئة الذي يؤثر في حياة الكائنات الحية”.

أنواع التلوث البيئي:

ينقسم التلوث حسب الوسط الذي يحدث فيه إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:

  1. تلوّث الهواء
  2. تلوّث الماء
  3. تلوّث التربة.

أولاً: تلوّث الهواء

إن الهواء حيوي وضروري لكل الكائنات الحية التي تعيش على كوكب الأرض. وقد عرّف خبراء منظمة الصحة العالمية تلوث الهواء بأنه الحالة التي يكون فيها الجو خارج أماكن العمل محتوياً على مواد بتركيزات تعد ضارة بالإنسان أو بمكونات بيئته.

وتلوّث الهواء أصبح أمراً شائعاً في الوقت الحاضر خصوصاً في هواء المدن أو المناطق الصناعية، حيث ازدادت الغازات الناتجة عن احتراق الوقود في السيارات والمعامل ومحطات توليد الكهرباء، يضاف إلى هذه الغازات ما يتطاير في الهواء من دقائق ترابية ورملية وغبار مختلف التركيب ناتج عن العمليات الصناعية، مثل: صناعة الإسمنت، والصناعات الكيماوية والبتر وكيماوية والمعدنية، والمبيدات الكيماوية المستخدمة لرش الحقول الزراعية.

ويضاف إلى ذلك نوع آخر من الملوِّثات هو الضوضاء أو الضجيج، وهو صورة من صور التلوث الهوائي من منطلق إن الضوضاء عبارة عن موجات صوتية تنتقل عبر الهواء. ومن التأثيرات الصحية الأخرى لتلوث الهواء حدوث حالات الاختناق أو التسمم والتأثير الصحي نتيجة تركّز الملوِّثات في الهواء.

وتقدّر خسارة العالم سنوياً بحوالي 5000 مليون دولار أو أكثر بسبب تأثير الهواء على المحاصيل والنباتات الزراعية ناهيك عن بقية الشرائح الأخرى، ويعتبر تلوث الهواء من أسوأ الملوِّثات بالجو كلما ازداد عدد السكان في المنطقة الملوثة.

الحدّ من تلوّث الهواء:

لحماية البيئة من مخاطر تلوث الهواء يجب:

  1. الحث على استعمال وسائل نقل بديلة عن السيارة.
  2. العمل على زيادة المساحات الخضراء.
  3. استعمال محروقات بديلة غير ملوثة.
  4. ضبط مصادر التلوّث مثل إنشاء أجهزة لتصفية الهواء من الغازات والجسيمات.
  5. استخدام مصادر جديدة للطاقة كالمصادر التي تعتمد على الطاقة الشمسيّة، أو طاقة الأمواج، أو طاقة الرياح التي تسمى بالمفهوم الحديث بالطاقة المتجددة

ثانياً: تلوّث الماء

إن الماء ضروري للحياة، فهو يدخل في كل العمليات البيولوجية والصناعية، ولا يمكن لأي كائن حي مهما كان شكله أو نوعه أو حجمه أن يعيش بدونه.

وتلوّث الماء هو كل ما يفسد خواص الماء أو يغير من طبيعته، وهو تدنس مجاري الماء والآبار والانهار والبحار والأمطار والمياه الجوفية مما يجعل ماءها غير صالح للإنسان أو الحيوان أو النباتات أو الكائنات التي تعيش في البحار والمحيطات، ويتلوث الماء عن طريق المخلفات الإنسانية والنباتية والحيوانية والصناعية التي تلقى فيه أو تصب في فروعه، أما تلوث المياه الجوفية فهو نتيجة لتسرب مياه المجاري إليها بما فيها من بكتريا وصبغات كيميائية ملوثة.

ومن أهم ملوثات الماء:

1- مياه الأمطار المُلوّثة:

تتلوّث مياه الأمطار خاصة في المناطق الصناعية لأنها تجمع أثناء سقوطها من السماء كلّ الملوثات الموجودة بالهواء، ومن الجدير بالذكر أنّ تلوث مياه الأمطار ظاهرة جديدة استحدثت مع انتشار التصنيع، وإلقاء كميات كبيرة من المخلفات والغازات والأتربة في الهواء أو الماء، وفي الماضي لم تعرف البشرية هذا النوع من التلوث.

2- مياه المجاري:

والتي تتلوّث بالصابون والمنظفات الصناعية وبعض أنواع البكتريا والميكروبات الضارة، وعندما تنتقل مياه المجاري إلى الأنهار والبحيرات فإنها تؤدي إلى التلوث هي الأخرى.

3- المُخلّفات الصناعية:

وهي تشمل مخلفات المصانع الغذائية والكيمائية والألياف الصناعية والتي تؤدي إلى تلوث الماء.

4- المفاعلات النووية:

وهي تُسبّب تلوثاً حرارياً للماء مما يؤثر تأثيراً ضاراً على البيئة وعلى حياتها، مع احتمال حدوث تلوث إشعاعي لأجيال لاحقة من الإنسان وبقية الكائنات.

5- المُبيدات الحشرية:

وهي التي تُرش على المحاصيل الزراعية، وينساب بعضها مع مياه الصرف. إضافة لتلوّث مياه العيون والقنوات التي تُغسل فيها معدات الرش وآلاته، والذي يؤدي إلى قتل الأسماك والكائنات البحرية كما يؤدي إلى الإضرار بالماشية والحيوانات التي تشرب من مياه الترع والقنوات الملوثة بهذه المبيدات.

6- التلوث الناتج عن تسرب البترول إلى البحار المحيطات:

وهو إما نتيجة لحوادث غرق الناقلات التي تتكرر سنوياً، أو نتيجة لقيام هذه الناقلات بعمليات التنظيف وغسل خزاناتها وإلقاء مياه الغسل الملوثة في عرض البحر.

الحد من تلوث المياه:

ويكون ذلك من خلال:

  1. التخلّص من النّفايات الخطرة بالشكل الصحيح وعدم إلقاء النّفايات السائلة في الأحواض، أو المراحيض، أو المصارف المائيّة، حيث يمكن أن تتسرّب هذه النّفايات للمياه الجوفيّة، ومصادر مياه الشّرب المختلفة.
  2. تقليل حجم مياه الصّرف الصّحي تُساهم في التقليل من المياه العادمة والتي تدخل في أنظمة معالجة مياه الصّرف الصحيّ والتي تسبب التلوث.
  3. تقليل استهلاك الماء والمحافظة عليه.
  4. حماية مصادر المياه الخاصّة للشرب.
  5. وقف الجريان السطحيّ الذي يحمل النّفايات إلى الأنهار، أو البحيرات، أو المحيط، وتوجيه هذا الجريان للمساحات الخضراء.
  6. التقليل من الأراضي المعبّدة، ومنع تسّرب ماء المطر، ومياه الري وغيرها للشوارع.
  7. البحث عن مصادر التلوّث المحليّة بكشف الأشخاص الذين يُسببون تلوّثاً مائيّاً، وتحفيز الأشخاص الآخرين على اتّخاذ الإجراءات المناسبة لمنع مثل هذه التصرّفات.

ثالثاً: تلوّث التربة

تعد التربة من أثمن الموارد الطبيعية البشرية، والتي أصبحت عرضة للتلوث والتدهور في وقتنا الحاضر بسبب التصرفات الغير مسؤولة للإنسان، فاستخدامه الأراضي الزراعية لإقامة المنشآت الخدمية والطرقات والمصانع وما تُخلّفه من نفايات أدّت الى تلوث التربة وخروج مساحات واسعة من الاراضي الخصبة الزراعية.

ويمكن تعريف تلوث التربة على أنه: “الفساد الذي يصيب الأراضي الزراعية فيغير من صفاتها وخواصها الطبيعية والكيميائية أو الحيوية”.

وأهم العوامل الملوّثة للتربة:

  1. عوامل طبيعية: كالبراكين والزلازل والرياح.
  2. عوامل بشرية: أنشطة بشرية كالصناعة والزراعة.

مصادر ملوثات التربة:

وتختلف مصادر تلوث التربة حسب نوعية التلوث وأهم مصادرها هي:

أولاً: النفايات الصلبة

ولها تصنيفات عديدة يمكن أن نذكر منها:

  1. نفايات صلبة منزلية: فضلات الطعام والزجاج والمعادن.
  2. نفايات صلبة زراعية: روث الحيوانات والمخلّفات النباتية.
  3. نفايات صلبة صناعية: مواد متفجرة مواد سامة مواد حمضية ومشعة.

ثانياً: الأسمدة والمبيدات الكيماوية وتلوث الأرض

ومن أكثر المُركّبات تأثيراً في خصائص التربة الفسفور والنترات، ويمكن أن تؤثر هذه المُركّبات في التربة عن طريق تحلّلها مما يزيد من الاخطار البيئية التي تؤدي إلى القضاء على الكائنات الحية الدقيقة الضرورية لاستمرار خصوبة التربة.

الحد من تلوث التربة:

ويكون من خلال ما يلي:

  1. اتباع الطرق الصحيحة في القضاء على الآفات والحشرات الموجودة في التربة والتخلص من النفايات الصلبة.
  2. العمل على تقليل انجراف التربة ومحاربة التصحر.
  3. الحد من الرعي الجائر.
  4. عدم الإفراط في استخدام المبيدات الكيميائية، واستخدامها بكميات متوازنة.
  5. استخدام المياه المعالَجَة والصالحة لري النباتات والمزروعات.
  6. عدم استنزاف الثروة النباتية ومنع والاعتداء عليها.
  7. وضع قوانين حادة وصارمة للمحافظة على التربة ومنع تلوثها.
  8. إقامة الجدران الاستنادية في المناطق شديدة الانحدار.
  9. الحد من تلوث التربة، والحد من الأضرار التي تصيب النباتات.
  10. نشر التوعية للحد من ظاهرة تلوث التربة.

بعض الحلول للتخلص من ظاهرة التلوث البيئي:

أولاً: التشجيع على السكن في الأرياف

ازدحام المدن بالسكان يعتبر سبباً أساسياً لانتشار ظاهرة التلوث البيئي لذا ينصح الخبراء بضرورة تشجيع الناس على السكن في الرياف أو الضواحي القريبة من المدن وذلك للحد من ازدحام المدن، كما أنّ الطبيعة توفّر للناس الراحة والسكينة بعيداً عن ضجيج المدينة وتلوثها.

ثانياً: التخلص من النفايات الصناعية

هناك عدّة طرق آمنة يمكن من خلالها التخلّص من النفايات الصناعية منها الطمر الصحي وهي طريقة حديثة لمعالجة النفايات الصلبة الصناعية.

ثالثاً: رمي الأوساخ في الأماكن المخصصة لها

يتسبّب تراكم النفايات في الشوارع في تلوث البيئة، فأكوام القمامة تشكل بيئة لتكاثر البكتريا والجراثيم والفيروسات والقوارض مما يؤدي إلى انتشار الأمراض وتفشي الأوبئة الفتاكة لذلك يجب رمي القمامة في الحاويات المخصصة لها.

رابعاً: إعادة تدوير النفايات

أي إعادة الاستفادة من النفايات بعد تصنيعها مرة أخرى، ومن أهم النفايات القابلة للتدوير: الحديد، الألمنيوم، الورق، حيث تساعد إعادة التدوير على التقليل من التلوّث البيئي والمحافظة على المصادر الطبيعية.

خامساً: الاعتماد على الأكياس الورقية

الحرص على استخدام الأكياس الورقية بدلاً من نظيرتها المصنوعة من البلاستيك حيث تتحلّل الأكياس الورقية بسرعة كبيرة وهذا ما يساعد على تخصيب التربة، كما أنّه لا ينبعث من حرقها مواد مضرّة للبيئة.

سادساً: العمل على تشجير المدن

للحد من التلوّث المنبعث من المدن ينصح الخبراء بضرورة تشجير المدن من خلال اختيار النباتات الملائمة مع البيئة المحلية للمنطقة واتباع المعايير والضوابط العلمية للتشجير، ويساعد تشجير المدن على تنقية الهواء من الغبار وتصفيته من الملوثات وتلطيف حرارة الجو وتقليل نسبة الرطوبة وتوفير بيئة صحيّة نظيفة

سابعاً: العمل على زيادة المساحات الخضراء

بأن تُطلق الحكومات حملات تشجير بهدف زيادة رقعة المساحات الخضراء واستصلاح الأراضي الزراعية، حيث تساعد النباتات على الحد من التلوّث البيئي، كما أنّها تعمل على تثبيت التربة ومنع زحف الرمال إلى المناطق المأهولة فيقلل هذا من التصحّر وتعرية التربة.

ثامناً: سنّ التشريعات الضرورية لحماية البيئة

فيجب سنّ التشريعات وتفعيل القوانين التي تردع المعتدين على البيئة، ومنع إلقاء النفايات في الأنهار والبحار والغابات والشواطئ، والعمل على تنظيم حملات توعية تهدف إلى التعريف بمخاطر التلوث البيئي وأهمية الحفاظ على البيئة من أجل استمرار البشرية.

وأخيراً فإن النظافة هي عبارة عن سلوك حضاري يعكسه المجتمع. والمحافظة على نظافة البيئة ومواردها الطبيعية عنصر مهم للصحة الجيدة وعنوان للمجتمع الواعي فبادر لتكون أنت مصدره.

المصادر: 1 2 3

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!