حنان الكسواني

عمان – لم تتردد المواطنة راما في تحويل ممرض منزلي الى القضاء بعد أن اكتشفت عبر كاميرات المراقبة أنه يسيء معاملة والدها الطاعن بالسن (79 عاما) بالضرب الجسدي والايذاء المعنوي.
وتفاصيل القضية، أن الثلاثينية راما (اسم مستعار)، اتفقت مع ممرض على تقديم الرعاية الصحية لوالدها الذي يعاني امراضا عديدة وفقدان الذاكرة وإعاقة جسدية، غير أنها شاهدت خلال كاميرا هاتفها الشخصي الموصول بكاميرات موزعة في منزل والدها الكائن بمنطقة أم أذينة في عمان أن “الممرض يقوم بالاعتداء على والدها بالضرب على أنحاء مختلفة من جسمه، وصفعه على وجهه ودفشه برجله ورميه على الكرسي وخلع كتفه”.
اكتشفت راما، وفق ملف القضية، أن الممرض (ع.ع) وأثناء ممارسته لعمله “دأب وبشكل مستمر على مخالفة قواعد مهنته التمريضية وتعرضه لحرمة جسد والدها وانتهك سلامته من خلال إيقاع الأذى به بضربه أكثر من مرة وفي أماكن مختلفة على جسده وفي أوقات مختلفة”.
الشهر الماضي أنصف القضاء راما ووالدها السبعيني عندما أدان قرار الحكم، الممرض المنزلي بجنحة الإيذاء، وحكم عليه بـ”السجن لمدة عام واحد وأربعة أشهر ودفع الرسوم”، بحسب ملف القضية الذي حصلت “الغد” على نسخة منه.
وفيما اعترف ذلك الممرض أمام القضاء بأنه “مذنب”، كشف تقرير الخبرة أن عدد حالات الضرب بلغت 6، ما شكل أركان وعناصر جرم الإيذاء خلافاً لأحكام المادة (334/1) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (337) من القانون ذاته.
وترى المحكمة أن “مهنة التمريض فن وعلم وإنسانية، مهمتها إمداد المجتمع بخدمات علاجية معينة تساعد على بقاء الفرد صحيحاً وتمنع المضاعفات الناتجة عن الأمراض والإصابات. ولهذه المهنة جانبان: فني وآخر معنوي نفسي واجتماعي”.
وتتمثل طبيعة عمل الممرض بتقديم الرعاية الصحية النفسية للأفراد والجماعات وتقييم الوضع النفسي للمرضى الذين يعانون أمراضا نفسية أو عقلية، ووضع خطط علاجية تتضمن الإرشاد النفسي والتثقيف الصحي وتعديل الأفكار والسلوك إضافة إلى تقييم الأعراض وإعطاء الأدوية.
وفي الوقت الذي اعترف الممرض (ع.ع) باقترافه ذنب الإيذاء الجسدي لأحد كبار السن، برأت المحكمة احدى الممرضات القانونيات التي تعمل في منزل سيدة طاعنة بالسن من تهمة السرقة لعدم كفاية الأدلة الثبوتية إضافة الى أن المشتكي قام بإسقاط حقه وابدى رغبته بعدم مجازاتها قانونيا.
وبحسب قرار الحكم الصادر عن محكمة جزاء صلح اربد، في آذار (مارس) الماضي، فإن “الممرضة لمياء (اسم مستعار) أكدت عدم ارتكابها جرم السرقة لمبلغ مالي مقداره 450 دينارا”.
وكانت تلك الممرضة تقوم برعاية سيدة طاعنة بالسن وضريرة منذ 3 أعوام، لكن أبناءها الذين يقطنون معها في المنزل ذاته بدأوا يكتشفون فقدان مبالغ مالية بشكل تدريجي من حقيبة والدتهم.
لم يتمكن أصحاب المنزل من إثبات فعل السرقة، حسب روايتهم في محاضر الاستماع لشهادتهم في المحكمة، مبررين ذلك بأنهم “يغادرون غرفة والدتهم عندما تقوم الممرضة لمياء بتغيير بربيش البول لها والعناية بها”.
وبناء على ذلك، وجدت المحكمة أن شهادة المشتكي جاءت على سبيل “الشك والتخمين ولم تكن قاطعة الدلالة بارتكاب الممرضة للجرم المسند اليها (السرقة)، لذلك وجب اصدار حكم ببراءتها”.
وفي الوقت الذي ظهرت براءة الممرضة لمياء، قررت المحكمة إدانة ممرض عمل لمدة أسبوعين في خدمة مريض والعناية به، ما بين الساعة 8 مساء و8 صباحًا.
والمفارقة، ان هذا الممرض لم يعمل عند هذه الاسرة سوى أسبوعين، حيث “بدأت الزوجة خلال هذه المدة بملاحظة اختفاء عطور وساعات رجالية غالية الثمن من داخل منزلها، الأمر الذي دفعها الى إنهاء خدماته لتكتشف لاحقا اختفاء 10 آلاف دينار كانت في حقيبتها التي كان لها أرقام سرية”.
ورغم عدم اعتراف الممرض بتهمة السرقة امام المحكمة، مؤكدا انه “غير مذنب”، الا ان المحكمة أدانته، وبالاستناد الى المادة 177 من قانون اصول المحاكمات الجزائية حكمت عليه بـالسجن لمدة عام واحد محسوبة له مدة التوقيف.
نقيب الممرضين والممرضات والقابلات القانونيات خالد ربابعه، أقر، في تصريح لـ”الغد”، ان مهنة التمريض المنزلي “تواجه فوضى تنظيمية في ظل غياب الرقابة عليها ومعاقبة المخالفين”، غير أن أولويات النقابة حاليا تتمركز حول متابعة شؤون الممرضين الصحية والحقوقية في زمن جائحة كورونا التي تعتمد اعتمادا كليا على هذه المهنة الإنسانية.
وبمجرد انتهاء الجائحة، بحسب ربابعة، “ستضع النقابة هذا الملف الحيوي أمام الحكومة الجديدة لتنظيمه”، لافتا الى أن الكوادر التمريضة في الجائحة تبذل كل طاقتها لتقديم الدعم للمرضى جنبا الى جنب مع الكوادر الطبية.
واعتبر أن “الدورات التجارية التي تعطى باسم مهنة التمريض تضر بسمعة الممرض الأردني وتضرب قطاع السياحة العلاجية”.
حوالي 16 ألف ممرض قانوني يعملون في المملكة وخارجها، وفق ربابعة الذي طلب من المواطنين “اعتماد ممرضين لديهم شهادة مزاولة الخدمة وبخبرات طويلة في مجال رعاية المرضى وبخاصة كبار السن باعتبارهم اكثر الفئات التي تحتاج الى رعاية جسدية ونفسية”.
وكانت اخصائية طب الشيخوخة، الدكتورة دانا أبو الرب، كشفت في حديث صحفي سابق عن اشكالية النقص في عدد الكوادر الطبية والتمريضية المتخصصة في أمراض الشيخوخة، داعية الى “ادخال مساقات طب الشيخوخة في تخصص الطب وبرامج الاقامة للاطباء، إلى جانب إدخال مساق التمريض المنزلي لتخصص التمريض في الجامعات”.
وفي بداية شباط (فبراير) الماضي، أصدرت أمانة عمان الكبرى 351 رخصة مهن منزلية، بموجب تعليمات تراخيص المهن من داخل المنزل المعدلة للسماح لأكبر عدد من الأفراد ببدء أعمالهم بأقل الكلف وأبسط الإجراءات من بينها التمريض المنزلي الذي أدرج تحت قائمة خدمات المنازل.
وتشير احصاءات راشحة من المجلس الوطني لشؤون الاسرة إلى أن عدد مراكز الرعاية المنزلية التمريضية يبلغ 47 مركزا، فيما تقدم 85 مركزا طبيا الخدمات الطبية على مدار 24 ساعة جميعها تابعة للقطاع الخاص ومرخصة في سجلات وزارة الصحة، في حين تقدم جمعية مؤسسة الملاذ للرعاية الإنسانية خدمة مجانية تلطيفية منزلية لمرضى السرطان ومنهم فئة كبار السن.

رسم تعبيري لممرضة تقدم العناية والرعاية الصحية لأحد المرضى -(أرشيفية)