التنمر في العمل: أسبابه، أعراضه، وطرق مواجهته

يُعتبر التنمّر واحدًا من الظواهر الخطيرة التي باتت منتشرةً في عصرنا الحالي بمختلف طبقات المجتمع، حيث يتعرّض لهذهِ الظاهرة كل من الطلاب في المدارس أو الجامعات، العمال والموظفين، بالإضافة للمشاهير، فيما يلي سنُسلّط الضوء على موضوع التنمّر وبالتحديد التنمّر في مكان العمل أو ما يُسمى بالتنمّر الوظيفي، وسنتحدّث عن أسبابهِ، أعراضهِ، وطرق مواجهتهِ.

Share your love

تعريف ظاهرة التنمر:

التنمّر أو ما يُسمى باللغة الإنكليزيّة bullying، هو عدم تكافؤ القوّة بين شخصين أو بين مجموعة وأخرى، ولا نعني هنا بالقوة الجسديّة فقط، وإنّما كل أنواع السلطة والقوة التي تهدف لإلحاق الأذى النفسي والمعنوي بالشخص الآخر كاستخدام النظرات المزعجة، الألفاظ السيئة وغيرها من الأفعال التي تهدف لإلحاق الأذى بكل الأشخاص، وبالتحديد الأشخاص الذين يُعانون من ضعف الشخصيّة.

ويمكن تعريف التنمّر ووصفهِ على أنّه شكل من أشكال المضايقات التي يرتكبها الشخص المسيئ الذي يتميّز بقوةٍ بدنيّةٍ وهيمنة أكثر من الضحيّة، وأحيانًا ما يشار إلى ضحية التنمّر على أنّها هدف، ويمكن أن يكون التحرش لفظي، جسدي أو نفسي.  

تعريف الشخص المُتنمر:

المُتنمّر هو الشخص الذي يقوم بالاعتداء على شخص آخر ومضايقتهِ بشكلٍ متكرّر وبقصد واضح، وقد يكون فرد واحد، أو مجموعة صغيرة ومعها قائد، وفي الغالب يتعمّد المتنمّر مضايقة كل الأشخاص حوله وبالتحديد الأشخاص الذين يختلفون معه، وعادةً ما يختار المتنمّر فريسته دون أسباب واضحة وبسبب خوفهِ من نجاح الضحيّة وتقدّمها عليهِ.

والمتنمّر ليس رجلًا فقط، حيث أنّ هناك الكثير من الفتيات المتنمرات، وعادةً ما تظهر صفة التنمّر على الطفل منذ دخولهِ المدرسة، وتستمر معه إلى أن يكبر، وقد تتفاقم لأشكالٍ أخرى أكثر خطورة في حال لم تُعالج المشكلة بشكلٍ سريع.

وفي النتيجة يُمكن القول بأنّ الشخص المُتنمّر يُلحق عدة أنواع من الأذى بالشخص المُتنمّر به أو ما يُسمى بالضحيّة مثل:

  1. الأذى الجسدي والضرب والركل والتصادم.
  2. الأذى اللفظي كإطلاق الألقاب والكلمات السيئة.
  3. الأذى النفسي وذلك عن طريق التسلط والترهيب.
  4. الأذى العاطفي من خلال إحراج الشخص الضحيّة ونشر الشائعات حوله.

التنمر في العمل:

التنمّر الوظيفي ويُسمى باللغة الإنكليزيّة  Workplace bullying، هو عبارة عن هو ميل الأفراد أو الجماعات لاستخدام سلوك عدواني بشكل مستمر ضد زميل في العمل أو مدراء ضد مرؤسيهم، وهذا النوع من التنمّر يمكن أن يأخذ أشكال عدة مثل اللفظية، غير اللفظية، النفسي، الاعتداء الجسدي والإذلال والإشاعات.

ويُمكن تعريف التنمّر الوظيفي بطريقةٍ أخرى وهو ميل بعض أصحاب أو مدراء أو رؤساء العمل إلى السيطرة والهيمنة على مرؤوسيهم ومضايقتهم بالتسلط والقسوة والتعنيف لدرجة أن عددًا لايستهان به من الموظفين قد يُجبَرون نفسيًا وقهريًا على ترك العمل بتقديم الاستقالة أو التحويل إلى قطاع آخر أو جهه أخرى.

وهذا النوع من العدوان في أماكن العمل في معظم الحالات يقوم به المتنمرين من الرجال، ويمكن أن تكون ظاهرة التنمّر هنا سرية أو علنية لكنّها دائما سيئة وتؤثر على الحياة المهنية والشخصية، والصحيّة، وفي بعض الحالات القصوى ممكن أن تؤدي إلى الانتحار.

وتُظهر الإحصاءات أنّ معدل التنمر أكبر 3 مرات من التمييز غير القانوني، وعلى الأقل أكبر 1600 مرة من العنف في أماكن العمل، كما تُظهر الإحصاءات أيضًا أنّه في حين أنّ موظف واحد من بين 10,000 موظف يكون ضحية للعنف في العمل، فهذا يعني أنّ هناك واحدًا من بين كل ستة موظفين في العمل يواجهون التنمّر في أماكن. ويُعتبر التنمر أقل شيوعًا من التحرش الجنسي ولكن ليس أقل من الإساءة اللفظية التي تتكرر أكثر من التنمّر.

أشكال التنمر الوظيفي وأسبابه:

  1. التعامل السيء بشكل مباشر، كأن يتعرض الموظف للأذى الجسدي من قِبل المدير أو أن يُهدّد بمختلف أنواع التهديدات.
  2. الخصم من الراتب الشهري أو الفصل المؤقت وبلا سبب فعلي يستدعي ذلك.
  3. التقليل من شأنه أو التحقير والإستخفاف به، أو بجعله أضحوكة أمام زملائه بالعمل.
  4. الشتم والسب والصراخ عليه أمام الآخرين.
  5. التطاول على حقوق الموظف كعدم إعطائه إجازة سنوية أو اضطرارية بينما يتمتع بها غيره من الموظفين.

أمّا بالنسبة لأهم أسباب التنمّر الوظيفي فهي:

  1. غياب الرقابة من الجهات العليا في المؤسسات الصغيرة والكبيرة.
  2. صفات المدراء وسلوكهم العنيف والتي يتوقع من الموظفين تحمّلها على الدوام في سبيل البقاء في العمل.
  3. غياب القانون الملزم بحفظ حقوق الموظف وعدم الإعتداء عليه.
  4. جهل الموظف بحقوقه المتاحة له ضمن القانون.
  5. عدم وجود واجبات مُحدّدة في العمل.

وتقول الأبحاث التي أجراها معهد التنمّر في مكان العمل، بأنّ هناك 25 أسلوب شائع للتنمّر في مكان العمل منها:

  • الاتّهام بالزور والبهتان لشخص ما بأخطاء لم يفعلها.
  • البدء أو الفشل في وقف الشائعات المدمرة أو القيل والقال عن الشخص.
  • استخدام معلومات سرية عن شخص للإذلاله على نحو خاص أو علني.
  • الرد ضد الشخص بعد تقديم شكوى.
  • إهانات على أساس الجنس، أو العرق، أو اللهجة، أو السن، أو اللغة، أو الإعاقة.
  • المطالب غير الواقعية المطلقة (عبء العمل، والمواعيد النهائية، واجبات) لشخص خص بالذكر.
  • إقامة حملة لا أساس لها لطرد الشخص من العمل.
  • التخريب لمساهمة الشخص في تحقيق هدف ومكافأة الفريق.
  • ضمان فشل مشروع الشخص عن طريق عدم تنفيذ المهام المطلوبة، مثل عمليات الإيقاف، وتلقي المكالمات، والعمل مع المتعاونين.
  • سارق الائتمان للعمل الذي قام به الآخرون (الانتحال).
  • صارم ومستمر بالانتقاد، مع وجود معيار مختلف للهدف.
  • القواعد الجاهزة بشكل سريع وغير مدروس، حتى لو لم يتبعوها.
  • التقليل من أهمية الشخص أو مشاعره في الاجتماعات.
  • عزل شخص واحد من زملاء آخرين، سواء اجتماعيًا أو جسديًا.
  • الصراخ والرمي بالأشياء خلال نوبة الغضب أمام الآخرين بهدف إذلال شخص.

نتائج التعرض للتنمّر في العمل:

يترك التنمّر الوظيفي العديد من الآثار السلبيّة على نفسيّة الشخص الضحيّة، سواء كان التنمّر من زملاء العمل أو من المدير والمشرف، ومن هذهِ الآثار:

  1. شعور الشخص المستهدف أو الضحيّة بأنّهُ منبوذ وغير مُحترم من قبل الآخرين في العمل.
  2. تراجع الروح المعنوية للشخص الضحيّة، وغياب روح العمل الجماعي.
  3. ضعف العلاقة بين زملاء العمل.
  4. تدنّي الكفاءة المهنية في العمل.
  5. غياب علاقات الصداقة بين زملاء العمل.
  6. ارتفاع مستوى التوتر في العمل، وتدنّي الإنتاجيّة.
  7. استسلام الموظف وانسحابهِ من العمل واجتماعاتهِ.
  8. اكتئاب الموظف وشعوره برغبة كبيرة بترك العمل.

أمّا الآثار العاطفيّة التي تظهر على الشخص المتعرض للتنمّر الوظيفي فهي:

  1. إصابة الشخص بمشكلة سرعة الانفعال.
  2. الإصابة بمشكلة اضطراب النوم، والخوف.
  3. فقدان الثقة بالنفس وضعف القدرات الذاتية للشخص.
  4. التعرّض لنوبات شديدة من الصداع النصفي والإجهاد.
  5. التعرّض لمشكلة ضعف الذاكرة وعدم القدرة على التركيز.
  6. زيادة المشاكل الأسريّة.
  7. الانطواء في مكان العمل وعدم الرغبة بالاختلاط مع الآخرين.
  8. الإصابة بنوبات من القلق والتوتر.
  9. التعامل بفظاظة مع العملاء والزبائن، وذلك نتيجة ظروف التنمّر الصعبة التي يعيشها في العمل.

نصائح للتعامل مع ظروف التنمّر في مكان العمل:

1- حافِظ على قوّتك:

عادةً ما يسعى الشخص المُتنمّر إلى إضعاف شخصيّة الضحيّة وإهانتهِ عن طريق اتّباع العديد من الوسائل السلبيّة، وهنا عليك ألّا تسمح له بفرض سطوته عليك، وأن تحافظ على قوّتك وعلى كل نقاط القوة في شخصيتك، بالإضافة لضرورة عدم إظهار مشاعر التأثّر بكلامهِ وتصرفاتهِ ضدك، وذلك لكي لا تمنحه فرصة التلذذ برؤيتك وأنت منفعل وغاضب، وفي حال وجدت نفسك ضعيفًا ولو لعدة دقائق، انسحب من المكان، وتوقف عن مناقشتهِ، وكرر هذهِ العملية كُلّما تواجهت معه، ومع الأيّام سيشعر بالضيق وسيفقد الأمل من محاولة إزعاجك.

2- لا تتعامل مع الشخص المتنمّر:

إنّ الشخص المتنمّر هو شخص متهور وغير عقلاني، لهذا عليك أن تتجنّب الدخول معه بأي حوارٍ كان، أو التعامل معه بأي عمل، ومن الأفضل ألّا تتواجد معه في مكان واحد إن كان في العمل أو خارجهِ، وفي حال اضطررت للتواجد معه في مكان ما عليك أن تقاوم كل الإغراءات التي يقوم بها بهدف جذبك لتبادل الإهانات، وحاول أن تحافظ دائمًا على هدوء أعصابك واسترخائها.

3- لا تُجاري سخريته:

عليك ألّا تجاري المُتنمّر في حال كان يسخر منك، كأن توافقهُ الرأي وتضحك على نفسك أمامه، حتّى لو كان مديرك، أو أي شخص أعلى مكانةً منك بالعمل، وأظهِر لهُ دائمًا بأنه لا يوجد ما يُضحِك بكلامه، وذلك لأنّ المتنمر عادةٍ ما يشعر بالابتهاج عندما يسخر من الآخرين، وأظهر نفسك دائمًا أمامه بأنّك شخصٌ قوي وواثق من نفسهِ، وتكلّم معه بوجه صارم وهادئ لا بوجه ضاحك وحزين.

4- عزّز ثقتك بمظهرك العام والخارجي:

عادةً ما يبحث الشخص المُتنمر عن الشخص الذي يظهر عليهِ الضعف من الناحية الخارجيّة، كطريقة مشيهِ وكلامهِ، لهذا عليك أن تظهر دائمًا في مكان عملك كشخصٍ قوي وأنيق ومهتم بمظهرهِ الخارجي، لكي لا تقع ضحيّة لهؤلاء الأشخاص المزعجين في بيئة العمل، ويكون هذا عن طريق ارتداء الملابس الأنيقة والنظيفة، زيادة ثقافتك عن طريق القراءة والاطلاع على العلوم المختلفة، وتعلّم كيفيّة التعبير عن النفس بإيجابيّة، واختيار الكلمات التي توحي بالقوة والثقة.

5- واجِه المتنمّر بالحقائق:

في حال كنت مضطرًا للتعامل مع زميل عمل متنمّر ولا مهرب من ذلك، عليك أن تُحصّن نفسك بالكثير من الحقائق والدلائل لتقدمها للمدير أو المسؤول المباشر عنك في أوقات الضرورة، كأن تحتفظ بنسخ عن الرسائل التي يُرسلها عبر الموبايل أو البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى ضرورة الاحتفاظ بكل الوثائق التي تخص العمل والمشاريع التي تقوم بها.

6- لا تفكّر بالانتقام منه:

عليك أن تعتمد على أسلوب التجاهل أثناء التعامل مع المتنمّر في بيئة العمل، وألّا تفكّر بالانتقام منه، وذلك لكي لا تثير البلبلة في مكان العمل، ولكي لا تنزل بنفسك إلى نفس مستواه العقلي والفكري.

7- لا تتأخر بطلب العون والمساعدة:

في حال تفاقم الوضع، وفي حال بدأ عملك يتراجع بسبب تصرّفات زميل العمل المُتنمّر، عليك ألّا تتردد بطلب العون والمساعدة من المدراء والمسؤولين، وأن تطلب منهم الانتقال إلى مكان آخر أو مكتب آخر، أو التصرّف بشكلٍ حازم مع المتنمّر.

وفي النهاية نتمنى عزيزي أن تواجه الشخص المُتنمّر في مكان العمل بكل عقلانيّة وسرعة، وألّا تسمح له بأن يؤثر بقدرتك على تحقيق النجاح المهني.

 

المصادر:

  1. كيف تتعامل مع مديرك المتنمر في العمل؟
  2. التنمر في مكان العمل
  3. كيف تستطيع التعامل مع المتنمرين
  4. ما هو التنمر في العمل؟
Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!