
مقدمة البحث
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستهديه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداَ عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله ، وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا . 
أما بعد
فإن موضع :
التورق المصرفي المنظم
موضوع جديد ، قديم ، هام . فهو جديد : على صعيد العمل ، والممارسة ، وإن يكن جديدا من وجه ، فإنه امتداد لبيع المرابحة للآمر بالشراء ، الذي كان مأخذا على البنوك الإسلامية ، من جهة غايته ، حيث غايته الاستهلاك ، والبنوك الإسلامية من أهدافها : التنمية والاستثمار ، وقد أغرقت في المرابحة إغراقا نافى أهدافها المعلنة . 
ومن جهة تطبيقية ، حيث ينطوي على مآخذ ، ومخالفات ، تختلف باختلاف البنوك ، لا تتفق والعمل الإسلامي ، الذي هو أساس البنوك الإسلامية من جهة رسمية . 
	وهو قديم : بالنظر إلى أصله ، فإنه يندرج تحت عقود المداينة التي يقصد منها تحصيل النقد ، كما سيأتي بيانه في مبحث تخريجه  . 
	وهو هام : بالنسبة للمستهلكين ، حيث إن كثيراً منهم قد ولجوا من بابه ، وكثيرين لا زالوا وقوفا عند أعتابه ، ينظرون إذن الدخول ، أو العدول . 
	هام : بالنسبة إلى الباحثين ، حيث لا يزال موضوعه مادة للبحث والمناقشة ، إذ لم يتخذ فيه قرار واضح حتى الآن . 
وكان من شأنه أن عُرِض ثلاثَ عرضاتٍ خلال عام واحد : 
أولاها : مؤتمر جامعة الشارقة ، خلال المدة 24 ـ 26 / 2/ 1423هـ . 
وثانيتها : ندوة البركة الثانية والعشرون بمكة المكرمة ، خلال     8 ـ  9 / 4/ 1423هـ.
وثالثتهما : ندوة البركة الثالثة والعشرون بمكة المكرمة ، خلال    6 ـ 7 / 9/ 1423هـ.
	ولم تسفر هذه العرضان عن رأي بشأن حكم هذه المعاملة ، سوى التوصية بمزيد بحث ، ودراسة . 
	وهذا يبرر أهمية بحثه باعتباره من مشكلات التطبيق في البنوك الإسلامية ، وهو عرض لمشكلة منهجية تسير عليها البنوك الإسلامية ، وهي : ” مشكلة التمويل ” فلعل هذا البحث المتواضع يسهم في شيء مما طلب فيه . 
	هذا ، وإن ما تفضل به سعادة أمين المجمع الفقهي من مسائل ضمنَّها خطابه ، للاستئناس بها في الكتابة ، قد انساقت عفواً ، فتضمنها البحث في طياته ، وصارت ـ دون تكلف ـ من بين فقراته . 
	وقد قمت في سبيل إعداد هذا البحث بزيارة  ميدانية ، لعدة بنوك ، تمارس هذا العمل ، والتقيت ، واتصلت بشخصيات لها صلة بهذا العمل ، وحصلت على عقود ، ومطويات ، متعلقة بهذا العمل ، واستخلصت من مجموع ذلك مادة هذا البحث دون نشر للعقود ، أو إشارة إلى الجهات ، أو الشخصيات ، محافظة على سرية العمل المصرفي ، الذي حملنيه كل من تعاون معي مشكوراً ، ولم أبح بشيء من ذلك ـ على قلته ـ سوى بعض ما تحتويه المطويات التي تُبَثُّ في كل مكان ، فهي مبثوثة في مداخل البنوك ، وفي غرف مكائن الصرف ، ولم تعد لذلك سرّاً . 
ومن خلال بحثي الميداني تبين لي أن هذه المعاملة ذات وجهين : 
	وجه ظاهر : وهو ما يتصل بالسوق الداخلية ، التي أطرافها البنك وعملاؤه المتورقون ، وما يتبع ذلك من عقود وإجراءات يمكن الاطلاع عليها .  
	ووجه باطن: وهو ما يتصل بالسوق الدولية ، التي أطرافها البنك ، وما يتعامل معه من شركات يبيع عليها ، ويشتري منها ، وما يتبع ذلك من عقود واتفاقات ، ونحو ذلك ، فهذه دونها خَرْطُ القتاد ، بل ما هو أشد منه : ” سرية العمل المصرفي ” 
فإلى ثنايا هذا البحث ، المقيد في مبحثين : 
المبحث الأول :
” للدراسة التصويرية ” ، لتصوير المعاملة ، ومن ثم تصورها ، تمهيدا للحكم عليها . 
المبحث الثاني : 
” للدراسة الفقهية ” بعد بيان ما تستند عليه من تصور ، وأدلة ، واعتبارات . 
عسى الله أن يجعله لوجهه خالصاً ، ولعباده نافعاً وهو المستعان وعليه التكلان .
المبحث الأول :
الدراسة التصويرية 
مقدمة 
مقصود هذا المبحث : بيان ما يتم به تصور المعاملة ، تمهيداً للحكم عليها في المبحث الثاني ، وفيه من المسائل ما يلي : 
أولا : في بيان اسمها ، والنظر فيها : 
	تسمي هذه المعاملة التورق المصرفي ، وتسمي التورق المنظم  أيضا ، وهذه التسمية قد أطلقها الباحثون ممن بحثوا التورق المنظم . 
	أما البنوك ـ مصدر هذه المعاملة ـ فتطلق عليها أسماء خاصة بها ، تختلف باختلاف البنوك ، فالبنك الأهلي يطلق عليها اسم ” تيسير ” وبنك الجزيرة يطلق عليها اسم ” دينار ” ـ والبنك السعودي الأمريكي يطلق عليها اسم ” تورق الخير ” ، والبنك السعودي البريطاني يطلق عليها اسم ” مال ” ، والبنك العربي الوطني يطلق عليها اسم ” التورق المبارك ” . 
	قلت : ويمكن أن يطلق اسم ” التورق المصرفي المنظم ” على هذه الأسماء كلها ، لما له في حقيقتها من نصيب . 
	أما التورق ، فلما فيها من معنى التورق . 
	وأما المصرفي ، فلانتساب هذه المعاملة إلى المصارف . 
	وأما المنظم ، فلما تقوم عليه هذه المعاملة من تنظيم بين أطراف عدة كان من شأن هذا التنظيم أن تتم من خلاله صناعة التمويل ” الإقراض ” ، وكان من شأنه أن كان عنصر إشكال فيه عند كثير من الباحثين . 
ثانيا : في بيان تاريخه : 
	التورق المصرفي ـ وإن بدأ معاملة جديدة ـ إلا أنه امتداد ، وتطور للمرابحة سلباً ، وكانت الريادة فيه للبنك الأهلي الإسلامي ، ثم تلتها البنوك ومعظمها فروع ونوافذ إسلامية ، لبنوك تجارية . 
	فانطلق التورق المصرفي في البنك السعودي البريطاني في أكتوبر 2000م . 
وفي بنك الجزيرة في آخر عام 2002م . 
وفي البنك السعودي الأمريكي في آخر عام 2002م أيضا . 
ثالثا : في بيان الغابة منه :
	والغاية منه هي تحصيل السيولة النقدية لدى الأفراد ، والشركات ، وقد نصت كثيرا من البنوك على هذا ، وضمنته ما يتصل بهذه المعاملة من نماذج ، ومطويات ، ومنها : 
•	( تحقق لك هذه الصيغة الرائدة إمكانية الحصول على سيولة نقدية بسرعة فائقة ، لتقضي بها حاجاتك المعيشية ، بالطريقة التي تفضلها ) . ” تيسير ” 
•	( أحصل في حسابك على السيولة النقدية التي تحتاجها ، وأنعم براحة البال مع تمويل التورق المبارك ) .
•	( ” آمال ” … يمكنك من الحصول على السيولة النقدية ، لتلبية احتياجاتك ، مهما كانت ) . 
رابعا : في بيان أقسامه : 
التورق المنظم ينقسم قسمين : 
الأول : لتمويل الأفراد . 
الثاني : لتمويل الشركات ومنه تعلم أن البنوك تموِّل الأفراد والشركات من خلال هذه المعاملة . 
خامسا : في بيان وصفه ، وإجراءاته : 
	في برنامج التورق المصرفي المنظم يقوم البنك بشراء كمية من المعادن ، من السوق الدولية وقد يقيم البنك وسيطاً يقوم مقامه في الشراء ، وتبقى السلعة في المخازن الدولية ، وتحرر الشركة ” البائعة ” للبنك ” المشتري ” شهادة تخزين تفيد مواصفات السلعة ، وكميتها ، ومكان تخزينها ، ورقم صنفها ، وامتلاك البنك لها . 
	ثم يقوم البنك بعد امتلاكها ببيعها على سبيل التجزئة عن طريق برنامج التورق المصرفي ، سالكاً في البيع ما يلي من إجراءات : 
إجراءات البيع : 
1.	” طلب الشراء ” يتقدم به العميل إلى البنك من خلال أنموذج يعده البنك سلفا . 
2.	اتفاقية يعنون لها بـ ” شروط وأحكام البيع بالتقسيط ” ، وهي لا تمثل إيجاباً في عقد البيع ، ولا قبولاً فيه ، لكنها تحدد العلاقة بين الطرفين من خلال الاتفاق على ما فيها من شروط ، وأحكام ينبغي أن يخضع لها عقد البيع عند وجوده . 
3.	“إشعار عرض البيع ” ، وهو يمثل إيجابا من البنك موجها إلى المشتري ، يشير فيه إلى السلعة ، وكميتها ، وقيمتها ، ونحو ذلك . 
4.	” إشعار الموافقة على الشراء ” وهو يمثل قبول العميل إيجابَ البيع السابق . وقد تنعكس لدى بعض البنوك فيكون الإيجاب من العميل ممثلاً بطلب شراء يتضمن السلعة ، وكميتها ، وقيمتها ، ونحو ذلك . 
ويكون القبول من البنك بإشعار يتلو ذلك يفيد البنكُ فيه عميله بالموافقة على إيجابه السابق 
5.	إشعار توكيل البنك بالبيع نيابة عن العميل . 
وبعض البنوك تختصر الإجراءات فيما يلي : 
1.	” طلب شراء ” من قبل العميل من خلال أنموج قد أعده البنك سلفا . 
2.	” عقد بيع بالتقسيط ” مُوَقَّعٌ من الطرفين يتضمن اتفاق الطرفين على البيع ، وفي الوقت نفسه يتضمن الشروط والأحكام التي ينبغي أن يخضع لها عقد البيع ، والتي تفردها بعض البنوك بأنموذج ، وإجراء مستقل يسبق العقد ، كما تقدم . 
3.	إشعار توكيل البنك بالبيع نيابة عن العميل . 
ومما يتصف به التورق المصرفي المنظم : أن البائع يتوكل عن المشتري في بيع السلعة التي اشتراها منه ، نيابة عنه ، في السوق الدولية ، وهو ما عليه العمل ، وقد يكون بعده ، وهذا مختلف باختلاف البنوك ، وغالبها يكون التوكيل فيه قبل تمام عقد البيع . 
	وقد يتولي البنك البيع مباشرة في السوق الدولية ، وقد يقيم وسيطا يقوم مقامه ، وهو مختلف باختلاف البنوك أيضا . 
	ومما يتصف به أيضا : ” التنظيم ” من خلال ما يرتبه البنك من اتفاقات سابقة على عقد البيع مع كل من الشركة البائعة التي تبيع عليه ، والشركة المشترية التي تشتري منه ، وهو اتفاق ـ كما تقول عنه البنوك ـ ينظم التعامل المستقبلي مع تلك الشركات من خلال الاتفاق على إجراءات ، وأحكام معينة ، ومن أجل هذا سمي بـ ” التورق المنتظم ” . 
ميزة التورق المنظم : إذن يتميز التورق المنظم بثلاث : 
الأولى : أن البنك يشتري السلعة سلفا ، قبل طلب العميل ، على أن بعض البنوك لا تشتري إلا بعد طلب العميل ، وهذا لا يخرجه عن كونه تورقا عندهم لتميزه بالميزتين اللاحقتين . 
الثانية : أن البنك يرتب تنظيما مع الشركة البائعة ، والشركة المشترية في السوق الدولية ، وذلك قبل عقد البيع . 
الثالثة : أن البنك يقوم ببيع السلعة التي اشتراها منه عميله ، نيابة عنه . وهذه أظهر ما يميز التورق المنظم . 
سادسا : في بيان تعريفه : 
أولا : في بيان ما سبق أن قيل فيه : 
	لم أعثر ـ فيما وقفت عليه ـ على تعريف للتورق المصرفي خلا تعريف د . سامي السويلم ، حيث عرفه ( قيام المصرف ، أو المؤسسة المالية بترتيب عملية التورق للعميل ، بحيث يبيع المصرف سلعة ـ وهي غالبا معدن من المعادن المتوافرة في الأسواق الدولية ـ على العميل بثمن آجل ، ثم يوكِّل العميل المصرف ببيع السلعة نقدا لطرف آخر ، ويسلم المصرف الثمن النقدي للعميل ( 1) . 
ثانيا في بيان رأيي في الموضوع : 
	وظاهر أن التورق المصرفي المنظم يشتبه بالتورق المعلوم لدي الفقهاء ، ويفترق عنه من جهة ما هو عليه من تنظيم صار وصفا لازما له ، ومؤثرا فيه ، لذا سيأخذ من تعريف التورق بطرف بقدر ما يتفقان فيه ، وسيفترق عنه بقدر ما يفترقان فيه ، فأرى أن يعرف بأنه : ( تحصيل النقد بشراء سلعة من البنك ، وتوكيله في بيعها ، وقيد ثمنها في حساب المشتري ) . 
	وبهذا المبحث التصويري أحسب أنه قد تم تصور التورق المصرفي المنظم ، وبه تمهد المقام للحكم على التورق المصرفي المنظم ، في المبحث الآتي : 
المبحث الثاني:
الدراسة الفقهية
مقدمة : 
	مقصود هذه الدراسة الحكم على التورق المصرفي المنظم بعد بيان ما يبنى عليه هذا الحكم من اعتبارات ، وفق المطالب الآتية : 
المطلب الأول : في بيان تخريجه : 
أولا : في بيان ما سبق أن قيل فيه : 
	لم أعثر ـ فيما وقفت عليه ـ من الدراسات السابقة على تخريج للتورق المصرفي المنظم ، حيث إن أنصاره انطلقوا من كونه تورقا ، فأغناهم ذلك عن تخريجه . 
	وبعضهم يكتفي بذكر الفرق بينه وبين التورق المعلوم لدى الفقهاء ، وليس ذلك بتخريج . 
	أما خصومه : فيكتفون بإيراد ما عليه من إشكالات من شأنها أن تقضي بمنعه ، دون تعرُّض لتخريجه . 
	وبعضهم يكتفي بذكر الفرق بينه ، وبين التورق المعلوم لدي الفقهاء ، وليس ذلك بتخريج .
ثانيا : في بيان رأيي في الموضوع : 
	في هذا البحث سأعرض لتخريج التورق المصرفي المنظم فأقول : 
1.	التورق المصرفي المنظم غايته تحصيل النقد من المشتري ” العميل ” وهو من هذا الوجه يتفق مع التورق المعلوم عند الفقهاء . 
2.	التورق المصرفي المنظم يتكون من عقدين منفصلين : 
3.	أولهما : تعاقد البنك ” البائع ” مع العميل ” المشتري ” ، والفرض أنه عقد بيع صحيح قد استوفي أركانه وشرائطه . 
4.	وثانيهما : تعاقد البنك بالنيابة عن العميل ” المشتري ” مع طرف آخر ” مشتر ” للسلعة ، غير بائعها الأول ، والفرض أنه عقد بيع صحيح ، قد استوفى أركانه وشرائطه . 
 وهو من هذا الوجه يتفق مع التورق المعلوم عند الفقهاء . 
وبهذا يظهر أن حقيقة التورق المصرفي المنظم ، هي حقيقة التورق المعلوم لدى الفقهاء ، كما أن غايتَه غايتُه . 
بيان الفرق بين التورق والتورق المصرفي : 
	قد يعترض على هذا ، فيقال : إن في التورق المصرفي المنظم فروقا ، قد أهملتها في الاعتبار ، وهي : 
أ / أن البنك يقوم باتفاقات سابقة على البيع ، مع كل من الجهة التي يشتري منها ، والجهة التي يبيع عليها ، وهو تواطؤ يقرب المعاملة من العينة . 
ب / كما أن البنك يكون وكيلا عن العميل ” المشتري ” في بيع السلعة التي اشتراها منه ( ولولا وكالة المصرف بالبيع نقدا لما قبل العميل بالشراء منه بأجل ابتداءً … ولو انفصلت الوكالة عن البيع الآجل ، لانهار البرنامج ولم يوجد التمويل أصلا ) ( 2)
قلت : ومحصلة هذين : صناعة القرض من خلال التواطؤ ، ويناقش بما يلي : 
النظر في توكّل البنك عن العميل : 
	أما توكل البنك عن المشتري ” العميل ” فهو غير مشروط في عقد البيع ، والمشتري فيه بالخيار ، وقد اطلعت على نماذج كثيرة ، من عقود البيع ، ليس فيها شرط توكل البنك عن العميل في البيع . 
وحتى لو كان مشروطا ، فماذا فيه ، فإنه شرط لا ينافي مقتضي العقد ، وفيه مصلحة لأحد طرفيه ، وهو يتكرر في كثير من البيوع دون إشكال ، ” كمن ” يشتري حطبا ، ويشترط تكسيره ” . 
وليست الوكالة من عقود الإرفاق المحضة ، التي لا يجوز الأجر ، أو الاعتياض عنها ، كي يمنع ضمها إلى عقد معاوضة ، لتهمة اعتبار دخول الاعتياض عنها في مجمل الثمن . 
فإذا لمس المشتري في التوكيل مصلحة له ، فماذا فيه إذا كان قد ملك السلعة ملكا صحيحا ؟ فلم يكن التوكيل حيلة لتحصيل النقد ، إذ كان البيع صورة ، ولا سلعة . 
فإن قيل : ولكن البنك يلتزم للعميل ببيع السلعة بسعر التكلفة . 
قلت : هذا ليس شرطا بينهما في عقد الوكالة ، وقد اطلعت على عدة عقود ، كلها نصت على أن يكون البيع بالسعر السائد وقت البيع بهذه العبارة ” ( بالسعر السائد وقت البيع ) . 
	لكن البنك يلتزم بذلك للعميل ، على نحو لا ينزل منزلة الشرط ـ وهو مما يحصل واقعا ، ويجري عليه العميل ـ وذلك بحكم خبرته في السوق ، ولقصر الوقت الفاصل بين الشراء ، والبيع ، فيؤمن معه تقلب الأسعار ، ولو حدث فهو يسير ، فما المانع منه ؟ فإنه أدخل بالنصح الذي تتطلبه الوكالة ، وفيه مصلحة الموكِّل ، دون ضرر على غيره . 
فإن قيل : هذا دال على أن قصد المشتري ” العميل ” الدراهم . 
قلت : وماذا فيه أيضا ، فإن البضاعة إذا كانت ملكه ، كان له أن ينتفع بها في أوجه الانتفاع المباحة ، ومنها : الانتفاع بثمنها ، وعلى الممانع الدليل . 
فإن قيل : ( قصد الشارع من تشريع عقد البيع هو تلبية حاجات المشتري إلى السلعة ، والبائع إلى الثمن ، فإذا اشترى المتورق سلعة لا حاجة له فيها ، ولا في استعمالها ، ولا في الاتجار بها ، وإنما يقصد الحصول على نقد حال ، على أن يدفع أكثر منه بعد أجل معين فقد ناقض قصده الشارع في تشريع عقد البيع .(3) 
قلت : الشارع الحكيم شرع البيع لتحقيق مصالح الخلق ، ومن ضمنها الانتفاع بالسلع : باستعمالها ، أو الاتجار بها ، أو الانتفاع بثمنها ، كما هو الشأن في التورق ، وما استدل به على إخراج هذا الانتفاع من دليل ، هو : ” مناقضة قصد الشارع ” لا يظهر للخاصة ، فضلا عن العامة ، وما كان الله ليحرم شيئا ، ويخفي دليله إلا عن خاصة الناس ، فهذه مشقة تتنزه عنها الشريعة . 
هذا فضلا عما يعضد التورق ، مما هو به أولى من هذا المنزع ، وهو حديث ( بع الجمع بالدراهم ، ثم اشتر بالدراهم جنيباً ) . (4)
حيث وجه الحديث من امتنع عليه تحصيل شيء من طريق ، أن يسلك طريقا آخر مشروعا في تحصيله ، والتورق منه ، وعلى المانع الدليل . 
على أن ما ذكر مراعي في باب فضائل المعاملة ، وآدابها ، لكن لا يرقى إلى التحريم . 
فإن قيل : قد جاء في المدونة : ( ولقد سألت مالكا عن الرجل يبيع السلعة بمئة دينار إلى أجل ، فإذا وجب البيع بينهما ، قال المبتاع للبائع : بعها لي من رجل بنقد ، فإني لا أبصر البيع ؟ قال : لا خير فيه ، ونهى عنه ) (5)
قلت : هذا توسع منه _رحمه الله تعالى_ في سعد الذرائع ، فإنه علَّل نهيه عن التوكل في بيعها ، في سؤال لا حق : أنه ليس له أن يشتريها . 
قلت : وفرق بين أن يشتريها ، وبين أن يبيعها بالوكالة على غيره . 
ثم أن توكله في بيعها يحقق للمشتري ” العميل ” مصلحة كانت ستفوت عند عدمه وهي : تقليل الخسارة على المشتري ” العميل ” وما كان ممنوعا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة . 
فإن قيل : ولكن المشتري الأخير كان على مواطأة مع البنك من خلال اتفاق سابق على عقد البيع ، مضمونه أن يشتري منه ما يعرضه عليه من سلع دولية ، بسعر التكلفة .
النظر في الاتفاقات السابقة على عقد البيع : 
قلت : عدنا إلى إشكال الاتفاق السابق على البيع ، مع كل من الشركة البائعة ، والمشترية ، وماذا فيه أيضا ، إذا كان هذا الاتفاق لا يمثل عقداً ، ولا إلزام فيه ، لكن تقتضيه طبيعة التجارة الدولية ، أياً كان المعاملة ، وهو من الأحكام التي لا ينكر تغيرها بتغير الزمان ؟ 
	فما يبرمه البنك من اتفاق سابق مع الشركة التي يشتري منها ، والأخرى التي يبيع عليها ، ما دام موضوعه تحديد شروط ، وأحكام ، واعتبارات ، ينبغي أن 
لها عقد البيع عند وجوده : لا ما نع منه ، ما دام موضوع هذا الاتفاق ، ومحتواه مشروعاً . 
فإن قيل : ولكن البنك يلزم بموجب هذا الاتفاق الشركة المشترية بالشراء . 
قلت : هذا ممنوع ، وينزل على حكم الوعد الملزم في بيع المرابحة للآمر بالشراء (6)
وهو لا  يمنع أن تكون المعاملة تورقا ، لكنه قد يؤدي إلى أن يكون البيع فاسدا .فإن قيل أن البيع بهذا التنظيم يكاد يكون صوريا ، فتؤول المسألة إلى العينة . 
بيان صور وحكم العينة : 
قلت : العينة تتدرج من الجواز إلى المنع في صور : 
1.	فأهونها : أن لا يبيع الرجل إلا بدين ، وذلك عينه كرهها أحمد ( 7). 
2.	وأشد منها : أن يشتري الدائن سلعة من تاجر ليبيعها على المستقرض ” المدين ” ثم يبيعها المدين على التاجر الذي باعها على الدائن أولاً . 
3.	وأشد منها : أن يبيع الدائن سعلة على المستقرض ” المدين ” ثم يبيعها المدين على ثالث ، ليبيعها على البائع الأول ” الدائن ” ويأخذ منه الثمن ، فيسلمه المستقرض ” المدين ” وهي : ” العينة الثلاثية ” ، وقد جئ بالثالث حيلة على العينة . 
4.	وأشد من هذه الصور كلها : أن يبيع الدائن سلعة على المستقرض ” المدين ” بثمن مؤجل ، ثم يشتريها منه بثمن أقل نقدا ، وهي : العينة الثنائية ” . 
ولنسمها ذريعة من ” الدرجة الأولى ” ولهذا يمنعها الفقهاء عدا الشافعية .(8)
وهذه الصور الثلاث ـ عدا الأولى ـ تلتقي في كونها ذريعة إلى الربا ، والبيع حيلة ، لكن الذريعة تتفاوت قوة وضعفا في هذه الصور ، فأقواها ذريعة الصورة الرابعة ، 
ثم تليها الصورة الثالثة ، وهي ممنوعة عند المالكية ، والحنابلة ، فلنسمها ذريعة من ” الدرجة الثانية ” (9)
ثم تليها الصورة الثانية وهي ممنوعة عند بعض المالكية ، بل أكثرهم ، والإمام ابن تيمية ، ولنسمها ذريعة من “الدرجة الثالثة ” (10)
تنزيل التورق المصرفي على كل من العينة ، والتورق ، بسحب فروضه : 
وما نحن فيه يبيع البنك السلعة على شركة ، في السوق الدولية ، على نحو يكتنفه الغموض ، وهو يؤول إلى الفرضيات الآتية : 
الأولى : أنها تؤول إلى الشركة التي باعت السلعة أولا على البنك ، وعليه فإن العميل لم يكن قد باع السلعة على من اشتراها منه ، وهو ” البنك ” لتكون ” عينة ثنائية ” ، فإن باعها عليه كانت عينة ثنائية .
ولم يكن قد باعها ثالث يعيد بيعها على من اشتراها العميل منه ، وهو” البنك ” لتكون “عينة ثلاثية ” ، فإن باعها على ثالث يعيدها للأول ، كانت عينة ثلاثية . 
لكنه قد باعها على الشركة التي اشتراها البائع ” الدائن ” منها ، فتكون عينة
أخف من الصورتين السابقتين ، قد رخص فيها الحنفية والشافعية والحنابلة  وبعض
المالكية (11)، لأن الذريعة فيها إلى الربا ليست بقوة الصورتين السابقتين ، وإن كانت الذريعة فيها إلى الربا قائمة على جهة احتمال الصورية في البيع الناتجة من التواطؤ بين الأطراف الثلاثة : 
1.	التاجر ” مالك السلعة الأول ” . 
2.	الدائن ” الذي يشتريها منه ليبيعها على العميل ” 
3.	المدين ” الذي يشتريها من الدائن ، ثم يعيد بيعها على التاجر بائعها الأول ” فتبرم عقود متلاحقة غايتها أن يحصل المستقرض على نقد ، والسلعة لا اعتبار لها ، وقد تكون غير موجودة ، أو غير صالحة ، ونحو ذلك ما هو عليه معلوم . 
فتخريجه على أنه تورق مرهون بهذا الاعتبار قوة ، وضعفا ، فحيث يكون ضعيفا وتكون الذريعة في إلى الربا ضعيفة يستقيم تخريجه على التورق والعكس بالعكس . 
الثانية : أن تكون شركة مستقلة عن الشركة البائعة أولا ، لكنها متفقة معها على أن تبيع عليها ما تشتريه من سلع قد باعتها ، بل أنها إنما تشتري ، لتبيع على هذه الشركة ، فهي ذريعة أخف من سابقتها ، ولنسمها من “الدرجة الرابعة ”  
الثالثة : أن تكون شركة مستقلة عن الشركة البائعة أولا ، ولا اتفاق بينهما ، فهذه لا ذريعة فيها ، ولا إشكال ، وتكون المعاملة : ” بيع تورق ” وبه يظهر أن المعاملة دائرة بين التورق ، والعينة في أخف درجاتها ، وتخرَّج على هذه أو تلك بحسب ظهور مقتضيات التخريج . 
على أن التورق لدى الفقهاء يُعد نوعا من العينة غير الممنوعة ، ولهذا فإنهم يوردون صورته ضمن مسائل العينة ، عدا الحنابلة ، حيث يخصونه باسم التورق ، وأن كانوا يذكرونه حيث تذكر العينة فإنه آخذ منها بطرف . 
وإذ ذاك كذلك فقد ناسب الكلام على كل من العينة ، والتورق بإيجاز ، حسبما يقتضيه المقام : 
أما العينة : فقد تقدم بيان صورها ، وحكمها ، إذ اقتضي المقام السابق بيانه ، فيغني عن إيراده هاهنا .
الكلام على التورق : 
وأما التورق : فالكلام عليه مقيد بالآتي : 
تعريفه : أما تعريفه فمصادر الحنابلة ـ وهي التي شاع فيها هذا المصطلح ـ لم تحفل بتعريفه ، حيث تستغني عنه ببيان صورته ، وتوصيفه ، وإنما حاول تعريفه المعاصرون ، وأمثل تعريف وقفت عليه ما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية هو : 
( أن يشتري سلعة نسيئة ، ثم يبيعها نقدا ، لغير البائع ، بأقل مما اشتراها به ليحصل بذلك على النقد ) (12)
وأرى أن يعرف بأنه : ( تحصيل النقد ، بشراء سلعة نسئة ثم بيعها ، من غير من اشتراها منه نقدا ). 
حكمـــــــــــــه : 
	وأما حكمه : فجمهور الفقهاء على كراهته ، حيث كرهه الحنفية والمالكية ، والحنابلة في رواية (13)
وقال بجوازه أبو يوسف ، والشافعية والحنابلة في رواية هي المذهب ( 14) . 
كما نسب تحريمه إلى الحنابلة في رواية ، ونسب اختيارها إلى الإمام                 ابن تيمية (15)
ومنه يظهر أن الجمهور على القول بكراهته ، لا جوازه كما شاع لدي كثير من المعاصرين . 
والمتأمل الأدلة التي سيقت للمنع يظهر له أنها لا تنتج سوى الكراهة ، ومن نسب إليه التحريم لم يحتج بها على التحريم ، لكن المعاصرون استدلوا بها على التحريم ، ومن أظهرها: 
1. ” لما فيه من بيع المضطر ” (16) : فإن غالبية من يتعاملون بالتورق تدفعهم الحاجة لذلك .
قلت : وبيع المضطر صحيح على الصحيح من المذهب ، وهو اختيار ابن تيمية(17) ، وهم من نسب إليهم الاستدلال به على التحريم . 
2. ” أن المقصود ببيع التورق الدراهم وليست السلعة ” (18)، وهذا قد احتج به الإمام ابن تيمية ، لكن دعوى أنه احتج به على التحريم ، فيه نظر ، فإن الدليل لا ينتج من التحريم ، وعبارة الإمام جاءت بلفظ الكراهة ، لا التحريم . 
ويجاب عنه : أن السلعة مقصودة بدليل أنه يملكها ملكا صحيحا ، بعقد بيع صحيح ، وهل القصد إلا هذا ؟ أما كونه لا يرغبها ، فذلك شأن آخر ، وفرق بين عدم القصد ، وعدم الرغبة ، فلو حَمَلَ مكلف سلاحا قاتلا قصدا ، وضرب به معصوما قصدا ، لعُدَّ قاصدا القتل ، ولم يعذره أنه لم يكن راغبا فيه .
بل لو ادعى عدم قصد القتل ما قُبل منه ، وقد قصد أسبابه . 
والأحكام إنما تدار على المقاصد ، وما دامت السلعة مقصودة بعقد بيع صحيح ، فماذا في هذا ؟ فإن رغبة الانتفاع بثمنها ، لا عينها ، نوع من الانتفاع المشروع ، فإن قال قائل بمنعه ، فعليه الدليل .
وإن رغبة الانتفاع بثمنها ، لا عينها ، لا يصيرها دراهم بدراهم ، وهو عمدة المانعين ، فإن تحصيل الدراهم ، لا يخلو من ثلاث : 
أ / إما أن يكون دراهم بدراهم أكثر منها ، فهذا ربا محرم .
ب / أو أن يكون دراهم بسلعة محللة هي واسطة بين دراهم نقدا ، يقابلها دراهم أكثر منها مؤجلة ، وهذه هي العينة الثانية ، وهي من ذرائع الربا الممنوعة عند الفقهاء عدا الشافعي ، وقد تقدم . 
ج/ أو أن يكون دراهم بسلعة مقصودة بعقد بيع صحيح ، فيكون ثمنها نوع انتفاع بها ، وليس من قبيل دراهم بدراهم ، وهذه التورق .
المطلب الثاني : في بيان مزاياه ، ومآخذه : 
أولا : في بيان مزاياه ، والنظر فيها : 
أ / ( أن التورق المصرفي بديل شرعي عن عق القرض الربوي ) (19)
ب / ( أن التورق المصرفي أداة من أدوات التمويل القصير الأجل ، التي تحتاج إليها المصارف ) (20) 
ج / ( أن التورق المصرفي يفتح مجالا للمصارف الإسلامية لتمويل بعض المشاريع ذات الخطورة العالية التي لا ترغب المصارف بالدخول فيها ) ( 21). 
ويجاب عنها : بأن ذلك متحقق من خلال بيع المرابحة ، وهو آمن طريقا من التورق ـ على ما في تطبيقه من مخالفة ـ وأنفع للبلاد ، وهو كاف في سد حاجة البنوك ، وهل قامت البنوك إلا على المرابحة ؟ ومذ متى عرفت البنوك التورق المصرفي ؟ 
د/ أن التورق يمثل ( صيغة نافعة ، وقابلة للتطبيق تمكن من توفير تمويل المخزون ، للشركات المنتجة ) (22)
ويجاب عنه من وجوه : 
أولا : أن ما عليه العمل يفوق حاجة تمويل المخزون ، فإن بعض البنوك تشتري من السلع الدولية ما تجاوز قيمته خمسة ملايين دولار يوميا ، وتبيعها في نفس اليوم ، وبعضها تشتري ما تجاوز قيمته عشرة ملايين دولار يوميا ، وتبيعها في نفس اليوم ، فهو مقصود لتمويل العملاء المتورقين . 
الثاني : أن لا تلازم بين المخزون ، والتورق المصرفي فلْتُموِّل البنوك المخزون من خلال شرائها ما ينتج من مخزون ، ولتبعه على الموزعين ، خاصة وقد ثبت لها بالتجربة
ـ من خلال التورق ـ أنها سوق رائجة ، فإن ما تشتريه لعملائها المتورقين تعيد بيعه أسبوعيا ، وبهذا الطريق يكون التمويل استثماريا ، وهو أولى من التمويل الاستهلاكي الذي تمارسه من خلال التورق المصرفي .
ثانيا : في بيان مآخذه ، والنظر فيها : 
الإشكالات الواردة على التورق المصرفي ، تصنف صنفين : 
أ ـ صنف متعلق بالمعاملة مباشرة . 
ب ـ صنف متعلق بأمر خارج عنها ، ” كالمآلات ، والغايات ” ، وهذه الاعتبار بها أدخل بالسياسة الشرعية ،فلنفرد كل صنف على حدة : 
الإشكالات المتعلقة بالمعاملة مباشرة ، ومن أظهرها : 
الأول : ما متعلقة العقود المتعاقبة في هذه المعاملة ، وفحواه : 
أن التورق المنظم يقوم على عدة عقود ، مرتبطة ببعضها : 
1.	فأولها : اتفاق سابق على عقود البيع ، يكون بين البنك ، وكل من الشركتين البائعة عليه ، والمشترية منه (23). 
2.	وثانيها :عقد بيع ( بين البنك والشركة التي تبيعه ، وبالقطع فإن البنك لم يكن ليشتري ، لولا أنه يقصد البيع لعملائه المتورقين )(24) .
3.	وثالثها : عقد بيع ( بين البنك ، والمتورق ، ومن المقطوع به أن المتورق لم يدخل ليشتري السلعة لولا أن البنك سيبيع هذه السلعة لحسابه ، لتوفير النقد المطلوب ) (25). 
4.	ورابعها : عقد وكالة بين البنك ، والمشتري ” العميل ” ( ولولا وكالة المصرف بالبيع نقدا ، لما قبل العميل بالشراء منه بأجل ابتداءً … ولو 
انفصلت الوكالة عن البيع الآجل ، لانهار البرنامج ، ولم يوجد التمويل أصلا ) (26)
5. وخامسها : ( عقد بيع بين البنك بصفته وكيلا عن المتورق إلى شركة تشتري (27)
المناقشة : لقد تقدمت مناقشة ذلك كله في مبحث التخريج ، باعتباره إشكالا  يرد عليه . 
أما قوله : ( … البنك لم يكن ليشتري لولا أنه يقصد البيع … ) فيجاب عنه : 
أ ـ بأن التجار هكذا ، لا يشترون السلع ، لولا أنهم يقصدون بيعها . 
ب ـ ثم إن البنك قد ملكها بعقد بيع صحيح ، وهل القصد إلا هذا ؟! وقد تقدم عند الكلام على  التورق .
الثاني : ما متعلقه الوكالة ، ومنه : 
أ ـ تولي طرفي العقد من جهة ( أن المصرف ينوب عن العميل في بيع السلعة للمشتري ، وينوب عن المشتري في تسليم الثمن ، وهذا جمع بين طرفي العقد ) ( 28) . 
ويناقش : بأن البنك لا يتولى سوى طرف واحد ، هو طرف البيع ، إذ أنه يبيع السلعة بالنيابة عن المشتري ” العميل ” . 
أما الطرف الآخر ” المشتري الثاني ” فليس البنك وكيلا عنه ، وكون البنك يأخذ الثمن منه ، ليسلمه للمشتري ” العميل ” ليس ذلك وكالة عن المشتري الثاني ” ـ وهو موضوع اللبس في هذا الاحتجاج ـ لكنه بحكم وكالته في البيع عن المشتري ” العميل ” ، إذ تقتضي وكالته هذه استلام الثمن ، وتسليم المثمن .
ب ـ أن البنك ” الوكيل ” يتصرف في غير مصلحة الأصيل ” العميل ” ، من جهة أن :     ( المصرف سيبيع السلعة بثمن أقل بالضرورة من الثمن الذي اشتري به العميل السلعة من المصرف ، وهنا نسأل : هل هذا البيع يمثل ربحا ، أو خسارة للعميل؟ 
لا ريب أن البيع بثمن أقل من ثمن الشراء ، يمثل خسارة ، وليس ربحا ، أي أن المصرف ينوب عن العميل في البيع بخسارة ، بعد أن يكون المصرف قد باعه بربح ، فهل هذه الوكالة لمصلحة الوكيل ؟ ) (29) 
ويناقش : بأن فرقا بين أن يكون العمل الموكل فيه من مصلحة الموكِّل ” الأصيل ” وبين أن يكون عمل الوكيل في مصلحة الموكِّل ” الأصيل ” ، فالأول : ليس مسئولية الوكيل ، لكن الأصيل ، وما دام قد رضيه لنفسه ، وأقام غيره مقامه فيه ، فما الذي يمنعه ؟ ، فإنه لا يشترط في الوكالة كون الموكل فيه من مصلحة الموكِّل ” الأصيل ” ، وإنما يشترط أن يكون الموكِّل ” الأصيل ” ه فعله حال الحياة ، فإذا كان كذلك ، فله أن يوكل فيه . أما الثاني ” وهو تصرف الوكيل ” ، فينبغي أن يكون لصالح الأصيل ن فإن ذلك من النصح المطلوب ديانة ، ويكون بأن يتحرى الوكيل أفضل الأمور ، وأعدلها في تنفيذه الوكالة ـ وإن لم يكن موضوعها في صالح العميل ـ وهذا متحقق في وكالة البنك عن العميل في البيع ، فإنه يبيع بخسارة أقل مما لو كان البائع هو العميل . 
على أن الفعل ، والترك غير منوط بأن يكون خيرا محضا ، أو شرا محضا ، ولو كان كذلك لتعطلت المسالك  
الإشكالات المتعلقة بالغايات والمآلات ” ومن أظهرها : 
1. أيلولة التورق المصرفي إلى الربا ، بناء على قاعدة ” المدخلات ، والمخرجات ” عند المالكية ( 30) ، من جهة أن التورق المنظم : ( عبارة عن تعامل بين طرفين ” العميل ، والمصرف ” ونجد السلعة قد دخلت في ملك العميل ، ثم خرجت منه فصار وجودها لغوا ، كما يقول الفقهاء ، ويصبح صافي العملية هو : نقد حاضر ، بنقد مؤجل ) (31)
قلت : بيان هذه القاعدة : أن المالكية في بيوع الآجال يعتبرون بما يدخل يد البائع ، وما يخرج منها في الآخر ، ويلغون ما بينهما من واسطة ، فإن كان ما يدخل يده ، وما يخرج منها ، لا تجوز المعاوضة فيه ، حكموا بعدم الجواز ، واعتبروا ما بينهما من واسطة حيلة آلت إلى الربا ، مثال ذلك : 
العينة الثنائية : وفيها يبيع زيد سلعة من عمرو بثمن آجل ، ثم يشتريها منه بثمن أقل نقدا ، فما دخل يد البائع ” زيد ” هو الثمن المؤجل ، وما خرج منها هو الثمن الحال ، فكأن المعاوضة نقد بنقد أكثر منه مؤجلا ، فيمنع للربا . 
وفي تقديري : أن هذا الاحتجاج لا يستقيم فيما نحن فيه ، فإن ما دخل يد البائع ” البنك ” هو الثمن المؤجل الذي في ذمة المشتري ” العميل ” ، وما خرج منها هو السلعة ، أما ثمنها نقدا فلم يخرج من يد “البنك ” ، لكنه خارج من يد المشتري الآخر ، الذي اشترى السلعة من البنك باعتباره وكيلا عن المشتري ” العميل ” ، وسلم له الثمن لهذا الاعتبار ، والمسألة فيها شيء من القبح ظاهرا .
2. أيلولته إلى الظلم ، فينبغي منعه ( لأن سبب تحريم الربا ، هو الظلم الواقع على المدين ، فإذا وجد الظلم نفسه في معاملة أخرى ، وجب القول بتحريمها ( 32) 
يناقش من وجهين : 
الأول : الفرق بين هذه المعاملة ، والربا من جهة : أن الربا كان ظلما ، لأن الزيادة فيه لا يقابلها شيء سوى الأجل ، لأن المالين جنس واحد ، لا فرق بينهما يستحق الزيادة ، والأجل في باب الربويات ممنوعة الزيادة بمقابله ، فكانت الزيادة ظلما ، لا مقابل لها . 
أما فيما نحن فيه ، فهو أدخل ببيع الأجل ، فالمعاوضة بين الدائن ” البنك ” ومدينه  ” العميل ” العوضان فيهما هما ” السلعة “و ” الثمن المؤجل ” ، وكن الثمن مؤجلا يكون أكثر منه حالا أمر جائز ( 33) ، لكون العوضين ليسا ربويين ، فلم تتمحض الزيادة للأجل ، ولم تكن ظلما ، حيث صار لها ما يقابلها . 
الثاني : أن الظلم حكمة ، لا عله ، فلا يدور مع الحكم أبدا ، وجودا وعدما ، ألا ترى الفضل بين نوعين من جنس التمر مثلا يُعدُّ ربا ، وإن كان له ما يقابله من جودة في النوع ، وفرق في الثمن ؟ ! 
3. أن العميل لا يقصد السلعة ، وإنا النقود ، فتؤول المعاملة إلى دراهم بدراهم ، قد تقدمت مناقشته ، في الكلام في التورق . 
4. قضاؤه على أهداف البنوك الإسلامية ، فتفقد مصداقيتها ( 34) ، ومنه : 
أ ـ محاكاتها للبنوك الربوية ، في تقديم التمويل ، ومنح الائتمان ( 35) 
ب ـ الاكتفاء به عن صيغ الاستثمار الأخرى .( 36).وقد تبين لي من خلال مساءلة عدد من البنوك أن نسبة التورق المصرفي تجاوز 60% من أعمال التمويل في البنوك .
ج ـ الالتباس بين البنك الربوي ، والإسلامي ( 37)
دـ إهدار الجهود المبذولة لتوجيه البنوك الإسلامية إلى تمويل في صورة استثمار ، عن طريق المشاركة ، والمضاربة والسلم ، ونحوها . (38) 
قلت : وهذه تعليلات وجيهة في منع التورق المصرفي ، بل باجتثاث أساسه ” سياسة التمويل ” كشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ” ، فإن سياسة التمويل التي لا تزال البنوك الإسلامية تنطلق منها ، هي أساس كل خطيئة تقع فيها هي : 
” تقليد ، ومحاكاة للبنوك الربوية في المنهج ” ، والمتعين على البنك الإسلامي ، ما دام قد جاء ليحارب الربا ، أن ينهج منهج الإسلام : ” التجارة “،أما أن ينهج منهج الربا ” التمويل ” ، ويدعي أنه يحارب الربا ، فغير مستقيم في القياس ، وغير مستقيم في الواقع ، إذ أنه سبب كثير مما يؤخذ عليه من إشكالات ، ومخالفات : 
أ ـ فمحاذرة التجارة مرجعها سياسة التمويل .
ب ـ ومحاذرة تحويل النقود إلى سلع ومنتجات ـ وإن كانت تستثمر استثمارا قصير الأجل كما هو الشأن في المرابحة ونحوها ـ مرجعها سياسة التمويل . 
ج ـ ووقوعها في محاذير من جهة : تملك السلع ، وقبضها ، ونحو ذلك مرجعة سياسة التمويل . 
د ـ وطرحها لمنتجات لا تخلو من حيل ن وإشكال ، كالتورق المصرفي المنظم ، والإجارة المنتهية بالتمليك ، ونحوه مرجعه سياسة التمويل .  
هـ ـ والاكتفاء بهذه الصيغ التمويلية الاستهلاكية عن صيغ الاستثمار الأخرى ، ذات الفائدة الاجتماعية ، والجدوى الاقتصادية : كالسلم ، والمشاركة ونحوها مرجعه سياسة التمويل . 
و ـ وكان من ذلك : الالتباس بين البنك الربوي ، والإسلامي ، وذلك للمشاكلة بينهما في المنهج ، لتبعية البنوك الإسلامية للبنوك الربوية فيه ، وهذا جعل من السهل على البنك الربوي أن يمارس ما يمارس البنك الإسلامي من أعمال تمويلية ، يدعى إسلاميتها ، لكونها لا تخرج بالبنوك الربوية عن سياستها التمويلية . 
ز ـ وكان منه ك أن نافست البنوك الربوية البنوك الإسلامية ، من خلال ما أحدثته من نوافذ إسلامية ، تقوم بأعمال التمويل التي تقوم بها البنوك الإسلامية ، وهي على المنافسة أقدر ،لكونها في التنظيم ، والإدارة أجدر ، وصارت البنوك الربوية تسير في خطين متعاكسين غايتهما كسب الربح ، والعملاء . 
ح ـ وكان منه : أن ألف الناس البنوك الربوية من خلال نوافذها الإسلامية ، وزالت الوحشة منها ، فكسبت البنوك الربوية بذلك مكاسب ، وخسرت البنوك الإسلامية بذلك خسائر منها : 
ط ـ تنازلت البنوك الإسلامية عن كثير من مبادئها ، وأهدافها ، لتكسب المنافسة ، والذي يتأمل خط سيرها يجده في انحدار . 
فأول ما قامت كانت المرابحة للآمر بالشراء قوامها ، وكان روادها ، ونظارها ينظرون إلى المرابحة على أنها حل مؤقت ، حتى يستقيم عودها ويقوى كيانها . 
ثم خرج منتج آخر هوَّن من شأن المرابحة ، وهو : “الإجارة المنتهية بالتمليك ”  . 
ثم حدثت محدثات منها : 
أ ـ التورق المصرفي المنظم . 
ب ـ ضمان رأس مال المضاربة . 
ج ـ الدعوة إلى اعتبار الحساب الجاري حسابا استثماريا ، بأثر رجعي . 
	وصارت هذه المحدثات يرقق بعضها بعضا ، وصار من يستحيون من المرابحة بالأمس يجاهرون بما هو شر منها اليوم . 
قلت : ولعل هذا الانحدار مظهر من مظاهر انحدار الفكر في العالم الإسلامي بفعل العولمة . 
هـ تهجير أموال المسلمين (39) : فإن تجارة التورق المصرفي المنظم ، تكون في السوق الدولية ، فتهجَّر بها أموال المسلمين ، ليستفيد منها غير المسلمين ، وكان الأولى أن توظف هذه الأموال في بلادها ، لتدعم اقتصادها ، فهي احق بها ، وذلك من الأمور المعتبرة . 
المطلب الثالث : في بيان حكمه : 
أولا : في بيان ما سبق أن قيل في حكمه : 
	لعلك اطلعت على ما ذكر للتورق المصرفي من سلبيات ، وإيجابيات ، فمن قامت لديه السلبيات ، وطغت على الإيجابيات ، فهو قائل بمنعه ، ومن قامت عنده الإيجابيات ، دون السلبيات ، فهو قائل بجوازه ، وهو ما حصل ، فإن المعاصرين مختلفون في حكمه ، فمنهم من يجيزه ، ومنهم من يمنعه ، بناء على تلك الاعتبارات 
ثانيا : في بيان رأيي في الموضوع : 
بيان المقدمة : 
1.	إن الإشكاليات السابقة المتعلقة بالغايات ، والمآلات متجهة بكل حال ، فهي بمجموعها معتبرة فيما سأقرره من رأي ـ وقد تقدمت فلا داعي لإعادتها. 
2.	أن الإشكالات السابقة المتعلقة بالمعاملة مباشرة ، والتي أجبت عنها ، وصرفت توجهها في مبحثه ، لا يعني صري لها عدم توجهها مطلقا ، فلذلك أمر مختلف باختلاف البنوك ، والوسطاء ، والشركات ، فلا ينبغي تعميمه، فإن محمول على المعاملة في أفضل وأكمل صورها ، وهو غير  
مطرد واقعا ، وكل شيء بحسبه ، على أن البنوك لا تكتفي بهذه . 
3.	والشأن أن العمل المصرفي ـ بطبعه ـ ينتظم في سلسلة من الإشكالات ، والتجاوزات التي تتضافر ، ويقوي بعضها بعضا ، ” والأدوية تهلك من القطرات ” . 
ومن ذلك : 
أ ـ إشكال يتعلق بالقبض من جهة البنك : فإن البنك لا يقبض السلعة إلى قبضا حكميا ، بموجب ” شهادة التخزين ” التي تعدها البنوك مستندا لها في القبض ، وهي تشمل ” رقم الصنف ” الذي تعده البنوك تعيينا للسلعة ، وقد جاء بشأن هذا في ” أنموذج عقد البيع لدى البنك الأهلي ” : ( وحيث إن البنك يمتلك هذه السلعة بموجب شهادة التخزين رقم … ) 
	كما جاء عن موسى آدم : ( … وأن كمية المعدن المشتري سيتم تعيينها عن طريق رقم الصنف للمعدن الذي وقع عليه البيع ، وتحديد مكان تواجده .. وفي نظري أن تحديد رقم الصنف للمعدن المشترى ، وتحديد مكان تواجده يمكن اعتبارهما تعيينا للمعدن طالما أن رقم التصنيف يشير إلى كمية محددة من المعدن ، بمواصفات معينة ، موجودة في مكان معين ) (40)
والإشكال في هذا هو : أن القبض الحكمي كما يكون طريقا للتيسير ، فإنه يكون طريقا للاحتيال ، والتلاعب ، وهذا ليس ادِّعاءا ، لكنه واقع ، ألا تراه سببا للتضخم الذي يعد من عيوب الاقتصاد : فإن تعهدات البنوك من خلال ما تصدره من أوراق تجارية : كالشيك ، والكمبيالة ، ونحوها ، لمَّا تواضع الناس على الثقة ، والتعامل بها ، على نحو أغناهم عن قبض النقد ، إذ اعتبروا قبض هذه التعهدات في حكم قبض النقد ، فطِنت البنوك لذلك ، فصارت تصدر أوراقا تجارية ، ليس لها رصيد سوى ثقة الناس بها ، فتضخم به النقد تضخما خبيثا .
وما نحن فيه معاملة تحكمها السوق الدولية ، وتتم برأس مال كبير ، وسرعة فائقة ، فاحتمال التلاعب فيها وارد ، وبخاصة أن التعامل في أصله مع جهات أجنبية تجهل الدين وأحكامه ، بلا لا تدين به ، وقد يكون الطرف الآخر ممن لا يأنف الربا 
أيضا،وهذا لا يناسبه الاعتبار بالقبض الحكمي ، ألا ترى العلماء يشترطون لمشاركة المسلم للذمي : أن يكون إلى المسلم أمر التجارة (41)
	ثم ألا تراهم ـ خاصة المالكية ـ يفرقون أهل العينة عن غيرهم في الاعتبار ، ومن ذلك ما جاء في المدونة : ( قلت : ولم وسَّع مال في أن أبيع ما اشتريت من الطعام جزافا قبل أن أقبضه من صاحبه الذي ابتعته منه ، أو من غيره ، قال : لأنه لمّا اشترى الطعام جزافا ، فكأنه إنما اشترى سلعة بعينها ، فلا بأس أن يبيع ذلك قبل القبض ، إلا أن يكون ذلك البيع ، والشراء من قوم من أهل العينة ، فلا يجوز ) . (42)
ب ـ إشكال يتعلق في القبض من جهة العميل ” المشتري ” : فإن العميل ” المشتري ” لا يقبض السلعة ، ولو قبضا حكميا ، ومن ثم فإنه يبيع ما لم يقبض ، بل ما لم يُعين . 
فإن قيل : عقد البيع الذي بين البنك، والمشتري ” العميل ” ألا يكون قبضا     حكميا ؟ 
قلت : لا يكون كذلك ، فإنه ليس فيه تحديد لرقم السلعة ، ولا تعيين لها ، وقد اطلعت على عدة عقود، فلم أجد فيها ما يُعيِّن السلعة بالرقم ، وكل ما فيها هو : تحديد النوع ، والكم ، والوصف . 
فإن قيل : ولكن ما يبيعه البنك على العميل هو جزء مما يمتلكه البنك ، مما هو محدد برقم الصنف .
قلت : رقم الصنف لا يكون للأجزاء الصغيرة ، ولكن للوحدة الكبيرة ، التي يجزئها البنك ، ويبيعها على العملاء أجزاء ، من غير تعيين ، كالصبرة التي تجزء ، وتباع قفيزا … قفيزا ، دون تعيين . 
فإن قيل : لا داعي للتعيين ، لتماثل أجزاء الوحدة .
قلت :الجواب من وجهين .
الأول : لو كان البيع مقصودا ، والسلعة مقصودة ، لكان التعيين داع ، كما هو الشأن في بيع كثير من المتماثلات ، التي تعين بالرقم ، ولم يكن تماثلها مغنيا عن تعيينها . 
الثاني : أن ما نحن فيه من قبيل ” المقدَّرات ” ، والخلاف في قبضها أضيق من الخلاف 
في غيرها ، فإن الخلاف في القبض تتسع دائرته فيما عدا المقدِّرات ، ثم تضيف في المقدرات من غير المطعومات (43) .
فإن قيل :لا حاجة إلى القبض ، فالعلماء مختلفون في جواز بيع المبيع قبل قبضه ، ونحن نسير مع القول القائل بالجواز .
قلت : الجواب من ثلاثة وجوه : 
الأول : أن القول بجواز البيع قبل القبض مرجوح ، إذ إن فيه عملا ببعض الأدلة ، دون بعضها ، في حين أن القول بمنعه عمل بالأدلة كلها . 
الثاني : أن ما نحن فيه من قبيل ” المقدَّرات ” وهو يضيق الخلاف فيه ، كما تقدم آنفاً . 
الثالث : أن هذا بيع ملتبس بالقرض ، مقارف للعينة ، فلا يقبل فيه التساهل ، والأولى بمقاصد الشريعة لزوم الحذر فيه ، فهو استبراء للدين ، ألا ترى العلماء يحاذرون معاملة أهل الذمة ، وأهل العينة ، كما تقدم . 
	فإن قيل : ما دام العميل قد وكل البنك في البيع ، فإن البنك سيقوم بتعيينها ، وقبضها قبل بيعها . 
قلت : هذا لا يحصل ، ولو فُرض حصوله جدلا فإن تفويض البنك فيه بعد من مسائل الفرقان التي تفرق بين البيع المقصود حقيقة ،والبيع المقصود صورة ، فيكون المنع أولى . 
هذا وإن التساهل في القبض على نحو يظهر منه عدم قصد السلعة ، يُصيِّر المعاملة عينية ، تختلف درجاتها باختلاف الفروض السابق ذكرها في مبحث التخريج . 
ج ـ إشكال متعلق بما في العقد بين البنك ، والعميل من تعسف ، منه : 
اشتراط البنك على العميل ” إسقاط خيار الرد بالعيب ” ، كما يظهر في عقود البيع ، كقولهم : 
( ليس للبنك .. علاقة بعد توقيع هذا العقد بالسلعة ) . 
وقولهم على لسان العميل ، مخاطبا البنك ، في صياغة قد أعدها البنك : 
3/151 ، روضة الطالبين 3/506 ، وما بعدها ، وانظر : الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة ، 1/511 . 
( لا تتحملون أي التزام ، فيما يتعلق بمواصفاتها ، أو ملاءمتها ، أو نوعيتها …) 
	هذا الشرط ، وإن كان موضع خلاف بين العلماء في أصله ، وأحواله (44)
إلا أنه جار مجرى التعسف ، وفيه من المجاوزة ما فيه ، وهو مبنى على عدم قصد السلعة ، إذ يرى البنك أنه مموِّل ، والفرض أن لا علاقة له بالسلعة ، ولهذا اشترط هذا الشرط . 
 	اشتراط تحميل العميل رسوما إدارية ، تتراوح من 700 ـ 2000 ريال ، تختلف باختلاف البنك ، والمعاملة ، زعموا أنها مقابل ما يتكبده البنك من أعباء إدارية ، في سبيل البيع على العميل . 
قلت : وهذا نهج غير مستقيم ، وهو تبعية للفكر الرأسمالي ، الوافد ، الذي يصطنع مداخل كثيرة ، للجباية منها .
	فإن ما يتكبده البنك في سبيل البيع على العميل ، لم يذهب سدى ، ذلك أن البنك يبيع على العميل بربح ، وما يجنيه من ربح يقابل ما يتكبده من أعباء ، ولا يسوغ للبنك أن يأخذ شيئا من العميل ، مما هذا سبيله ، فإنه أكل للمال بالباطل 
	ثم لو سلمنا جدلا بهذا النهج ، فلن تكون مطالبة البنك للعميل بأولى من مطالبة العميل للبنك بمصاريف لقاء تردده ، وتكاليف تنقله ، وتعطيل جزء من وقته ، وعمله في سبيل إبرام عقد البيع مع البنك ، بل ولقاء اختياره لهذا البنك دون غيره من المنافسين ، وهكذا . 
ومن عجيب ما يناقض هذا ، وهو الإشكال الآتي : 
د ـ أن بعض البنوك التي تأخذ رسما من العميل ” المشتري في الداخل ” تدفع رسما لمن يشتري منها في الخارج ،إذ تعطيه أجرا  بحدود مئة ( 100) دولار مقابل قيامه بشراء سلع المتورقين بها ، بسعر التكلفة ، وهو أمر يثير الريبة . 
هـ ـ وثمة إشكال آخر هو : توكيل البنك للعميل في ” صورة من صور تورق الشركات ” بشراء السلعة نيابة عنه ، ثم بيعها على نفسه ، وهذا فيه تولى طرفي 
العقد ، وهو ممنوع عند الجمهور من الحنفية ، والشافعية والحنابلة في المذهب (45)
وهو مشعر بعدم قصد البيع .
4. أن السلعة التي يشتريها البنك غير حاضرة ، وغير مرئية ، وغير مقبوضة ، إلا حكما ، وهو مظنة الصورية ، والاحتيال ، والمخالفة في البيع . 
5. إن السلعة التي يشتريها العميل من البنك غير حاضرة ، وغير مرئية وغير معينة من وجه ، وغير مقبوضة ، وهو مظنة الصورية ، والاحتيال ، والمخالفة في البيع . 
6. أن المعاملة يكتنفها كثير من الغموض في الجانب المتعلق بالسوق الدولية ، على نحو لا تكتشفه حتى الهيئات الشرعية في البنك ، والسوق الدولية غير مأمونة ، بل وبعض نوافذ البنوك الإسلامية غير مأمونة ، وهو مظنة الصورية ، والاحتيال ، والمخالفة في البيع . 
7. أن التورق المصرفي المنظم يصنف في البنوك ضمن أعمال المداينات ” التمويل ” وطبيعة هذه تعزف بها عن التجارة ، وما يلزم لها من امتلاك السلع ، وحيازتها كيف لا ، وكثير من البنوك في مسألة المرابحة للآمر بالشراء ـ وهي من مجموعة التورق ـ لا تشتري السلعة إلا بعد طلب ، ووعد بالشراء من العميل ، ثم إنها تلزم العميل بالشراء بموجب الوعد السابق ، وتُعدُّ نكوله عن الشراء ضررا يحيق بها ، وتستحق عنه التعويض ، ومرجع ذلك كله العزوف عن السلعة ، وهو مظنة الصورية ، والاحتيال ، والمخالفة في البيع ، فكيف إذا كانت البنوك الممارسة : ” نوافذ أسلامية في بنوك ربوية ” تمارس التورق المصرفي مع عملاء ، كما تمارس الربا مع عملاء ، فالتهمة تقتضيها طبيعة العمل المصرفي الخاضع لسياسة التمويل ، ولو لم يكن الممارس نافذة لبنك ربوي ، فكيف إذا كان نافذة ؟ 
	ومما يتكئ عليه بعض المعاصرين من الاحتجاج بما عليه الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ من عدم اعتبار بالذرائع ، غير متوجه فيما نحن فيه ، فإن محل عدم اعتبار الشافعي حيث لا يظهر قصد ، وليس ذلك مما نحن فيه ، 
فإن قيل : الربا أبوابه مشرعة ، فلو كان مقصودا أمكن بلا حيلة .
قلت: هذا بالنسبة للعميل ، أما بالنسبة للبنوك ذات النوافذ الإسلامية ، فهي تسلك هذا الطريق بقصد المنافسة ، وكسب العملاء ، ولو كانت لا تريد الربا ، لما مارسته بشكل ظاهر ، ولما سارت في خطين متعاكسين غايتهما كسب الربح ، والعملاء .  
	وإذا كانت البنوك التي تمارس التورق المصرفي من خلال نوافذها الإسلامية ، في الوقت الذي تمارس فيه الربا من خلال أصولها ، لا نوافذها ، هي التي تقوم على هذه المعاملة ، فإنها متهمة ، والتهمة في ذلك ظاهرة . 
	والناس في حياتهم العملية ، ومصالحهم الشخصية ـ بما فيهم من ينكر الاعتبار بالذرائع ، والتهم ـ يسلكون ذلك ، فلا يقبلون ما يكون موضع ريبة ، أو إلى شر ذريعة ” أفيجعلون لله ما يكرهون ” ؟ ! 
8. أن التورق المصرفي المنظم ، غير متعين لسد حاجة التمويل لدى المستهلكين ، ولسد الحاجة إلى استثمار قصير الأجل لدى البنوك ، فإن المرابحة للآمر بالشراء تسد ذلك كله ، وما عرف التورق المصرفي إلا من وقت قريب ، وهي ـ أعني المرابحة على ما فيها من مخالفة في التطبيق ـ آمن من التورق . 
فإن قيل إن في التورق المصرفي مزايا ليست في المرابحة ، هي : 
أ ـ قلة التكلفة على العميل . 
ب ـ سرعة إنجاز المعاملة . 
قلت : أما التكلفة فيجاب عنها بأن ما يحصل عليه البنك من ربح في التورق المصرفي ، فإنه مقارب لما يحصل عليه في المرابحة ـ حسب إفادة البنوك ـ وهي نسبة 6% تقريبا.
	بقى الفرق في مسألة ما يخسره العميل عند بيع السلعة في السوق ، حيث تباع بسعر التكلفة في التورق المصرفي ، والفرق في هذا يسير ، فإن العميل في المرابحة قد يبيع السلعة في السوق بخسارة 1 ـ 2% ، وهو مبلغ يسير . 
	أما فرق سرعة الإنجاز فهو يسير أيضا، فإنه يختلف باختلاف البنوك ، والأفراد أو الشركات ، ويتراوح من يوم إلى ثلاثة أيام في مسألة التورق ، والمرابحة تستغرق وقتا في حدود ثلاثة أيام ، فهو فرق يسير أيضا إلا إذا كانت البنوك تنتظر إلى سرعة الاستثمار بالنسبة لها حيث تستثمر من 5 ـ 10مليون ريال يوميا ، في التورق المصرفي ، فذلك شأن آخر ، والنظر فيه من قبيل النظر في الكمِّ لا الكيف ، والنظر في المصلحة الخاصة ، لا العامة . 
فإذا اعتبرنا ما في المرابحة من مزايا ، منها : 
أ ـ أنها أسلم طريقا ـ على ما في تطبيقها من مخالفة . 
ب ـ أنها تتم في السوق الداخلية ، فلا تُهجَّر فيها الأموال ، ويستفيد منها أهل البلد ، ذاب بمقابلها ما يدّعى من مزايا للتورق المصرفي ،وهان ما يدّعى من خسارة يسيرة على العميل في المرابحة . 
 	بيان النتيجة : 
وبمجموع هذا كله يتقرر حكم التورق المصرفي المنظم ـ فيا يظهر لي ، والعلم عند الله تعالى ـ وهو المنع .
الخاتمـــــــــــة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبعد:
هذه خاتمة للبحث تشتمل : استخلاصا ، واستنتاجا ،وتوصية ، وبيان ذلك الآتي: 
أولا : الاستخلاص : 
أما الاستخلاص فغايته لمُّ شتات البحث بذكر خلاصته ، وخلاصة هذا البحث الذي موضوعه دراسة التورق كما تجريه المصارف ، هي : 
أنه أشتمل على مبحثين :
الأول : ” الدراسة التصويرية ” وغايتها بيان التورق المصرفي من جهة كونه معاملة مصرفية ، وقد تبين به : 
1. أن التورق المصرفي عمل من أعمال “التمويل ” ـ الذي هو مظهر من مظاهر تبعية البنوك الإسلامية للفلسفة الرأسمالية الربوية ـ والتي تراعي فيها المصارف : 
أ ـ انخفاض المخاطرة . 
ب ـ سرعة وسهولة التنفيذ . 
ج ـ سرعة العائد ” الربح ” وهو ما يسمى بالاستثمار قصير الأجل . 
2. أن التورق المصرفي : متاجرة بالدين . 
3. وطريقه : تحصيل السيولة للأفراد ، والمؤسسات من خلال شراء سلع ثم بيعها ، للحصول على ثمنها . 
4. أنه يتم في السوق الدولية ، ويعتمد على القبض الحكمي في مرحلة البيع التي طرفاها البنك ، والبائع الأجنبي ، كما لا يوجد قبض ، ولا تعيين في مرحلة البيع التي طرفاها البنك والمشتري ” المتورق ” . 
5. أن البنك ” البائع ” ينوب عن المشتري ” العميل ”  في بيع السلعة في السوق الدولية على طرف آخر غير من اشتريت منه السلعة أولا . 
6. أن مايقوم به البنك من بيع ، وشراء في السوق الدولية  قد تقدمه اتفاق يحدد الإجراءات ، والأحكام التي ينبغي أن يخضع لها عقد البيع عند وجوده . 
7. أن ما يقوم به البنك من بيع في السوق الدولية يكتنفه شيء من الغموض ، لكنه لا يخرج عن واحد من الفروض الثلاثة المذكورة في مبحث التخريج . 
والثاني : ” الدراسة الفقهية ” وغايتها بيان حكم هذه المعاملة ، وما يستند إليه الحكم من أدلة ، واعتبارات ، وقد تبين به : 
	1. أن تخريج التورق المصرفي مختلف باختلاف التطبيق ، والممارسة فإن قصد البيع ، وما يترتب عليه من امتلاك السلعة ، وقبضها ، ونحوه وكان بيعها على غير من اشتراها منه ، أو ثالث قد تواطأ معه ، فالمعاملة تورق صحيح . يتردد حكمه عند الفقهاء بين الجواز بلا كراهة ، والجواز مع الكراهة . 
	وكل ما ظهر من العميل عزوف عن مقتضيات عقد البيع من امتلاك السلعة ، وقبضها ، ونحوه ، كان ذلك دالا على الحيلة في البيع ، مما يقترب بالمسألة من العينة حسب الفروض المذكورة في مبحث التخريج . 
2. أن التورق المصرفي تكتنفه إشكالات منها : ما يتعلق بالمعاملة مباشرة . 
ومنها ما يتعلق بمآلاتها ، وبناء على تقررها ، أو دفعها ، يتقرر الحكم .
ثانيا : الاستنتاج : 
أما الاستنتاج فغايته ذكر أهم ما يستنتج من البحث ، ومنه : 
1. إن التورق المصرفي في البنوك الإسلامية ، يمثل رجوع القهقرى ، إذ تراجعت من خلاله عن أهدافها ، وسياستها ، التي كانت تنتقد بموجبها المرابحة للآمر بالشراء وتعتبرها حلا مؤقتا حتى يشتد عود البنك الإسلامي .
قلت : وقد بلغ البنك الإسلامي الثلاثين من عمره ، أو جاوزها ، فإذا لم يشتد عوده ، فمتي يشتد ؟ ، وبأي شيء يشتد ؟!
	2. أن البنوك توجه أموالا طائلة في التمويل من خلال التورق المصرفي ، فبعضها يخصص له ما يفوق الخمسة ملايين دولار يوميا ، وبعضها يخصص له ما يفوق العشرة ملايين دولار يوميا ـ فهي المستفيدة من هذه المعاملة ـ فكيف لو وجهت هذه الأموال الطائلة للاستثمار والتنمية ؟ ! 
	3. إن مبدأ ” التيسير ” و ” القبض الحكمي ” هما خير مطية للتورق المصرفي المنظم ، وغيره مما يناسب فلسفة البنوك الربوية ” التمويل ” فتحاذر التجارة ، وتحاذر تحويل السيولة إلى سلع ، ومنتجات ، وتتذرع إلى ذلك بهذين المبدأين . 
ثالثا : التوصية : 
	وأما التوصية : فغايتها الوصية بما يراه الباحث بإزاء ما تعلق ببحثه من مشاكل وقضايا ، ومن ذلك : 
الوصية الأولى : بشأن التورق المصرفي المنظم .
أوصي بمنع التورق المصرفي المنظم ، لما يلي : 
أ ـ لما فيه من مخالفة وتجاوز . 
ب ـ لما فيه من متاجرة بالدين ، والاستهلاك وتسويق ، وترويج لهما ، وإغراء بهما من خلال الدعاية . 
ج ـ لما فيه من تهجير المال ، لتستفيد منه السوق الدولية ،وتحرم منه السوق الداخلية . 
د ـ ولأنه غير متعين لتحقيق أمثل ما يناط به من غاية ، منها : 
 	أن يكون بديلا عن القرض الربوي ، لكل من البنك ، والعميل . 
 	أن يكون موردا من موارد البنك ، في الاستثمار قصير الأجل .
فكل ذلك متحقق في المرابحة ، فهي خير منه ـ على ما في تطبيقاتها من مخالفة ينبغي تسديدها .  
الوصية الثانية : بشأن التمويل : 
     أوصي بتوجيه البنوك  الإسلامية إلى العدول عن سياسة ” التمويل ” التي غايتها المتاجرة بالدين ، وهي أساس كل خطيئة تقع فيها ، واستبدالها بما هو خير وهي : 
” سياسة الاستثمار ” ليستبدل الدين بالاستثمار ، فيحل عقد السلم محل التمويل في مسألة تمويل المزارع ، ويحل عقد الاستصناع محل التمويل في مسألة تمويل المصانع ، كما تحل المشاركة ، والمضاربة ، ونحوها محل القروض التمويلية ، إن كانت في صورة التورق المصرفي المنظم ، أو في صورة المرابحة للآمر بالشراء . 
الوصية الثالثة : بشأن مقاصد الشريعة : 
	أوصي بتطبيق ”  مقاصد الشريعة ” وما يتفرع عنها بفقه يوافق مقاصد الشريعة ، ويؤمن معه تفويت مقاصد الشريعة ، أو ضرب بعضها ببعض ، ومثال ذلك فيما نحن فيه : 
مبدأ ” التيسير ” ، و” القبض الحكمي ” فينبغي تطبيقهما بفقه رشيد على النحو المذكور .
الوصية الرابعة : بشأن التسمية : 
إن لم يؤخذ بوصية منع التورق المصرفي المنظم ، فإن أوصي بتغيير اسمه ليكون ” التمويل المصرفي المنظم ”  ، لكيلا يُلبَّس على الناس فيه ، فإن المعاملة لا تنضبط تورقا مطلقا . 
هذا والحمد لله أولاً وآخرًا ، ظاهرًا وباطناُ ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد ، وآله ، وصحبه .
_______________________
(1) التورق المنظم ـ قراءة نقدية ـ ص 4. 
(2) المرجع السابق ، ص 9 . 
(3) تعليق حسن حامد حسان ص 5.
(4) صحيح البخاري بالفتح ، كتاب البيوع باب إذا أراد بيع تمر بتمر ، خير منه 4/399
صحيح مسلم بشرح النووي ، باب الريا ، 11/12
(5) المدونة  4/ 125
(6) والإلزام بالوعد في مسألة المرابحة للآمر بالشراء اختلف فيه المعاصرون ، فمنهم من ألزم بتنفيذه ، أو التعويض عن الضرر الواقع بسبب عدم الوفاء به ، إذا كان على سبب ، ودخل الموعد بسببه في كلفة ، كما عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي قي دورته الخامسة بالكويت . 
ومنهم من لم يرَ الإلزام في البيع ، وفرَّق بعد وقوعه بين حالين : الأولى : أن يبيع البنك السلعة ، فما زاد عن ثمنها المتفق عليه بينهما أعطاه العميل وما نقص طالبه به . 
والثاني : أن لا يفعل البنك ذلك لكنه يلح على العميل ، ويطالبه بالتعويض على نحو يلجئه إلى إبرام عقد البيع ، فاعتبر الأولى عقد بيع باطل ، إذ هو من قبيل بيع ما لا يملك ، واعتبر 
الثانية من قبيل الإكراه على عقد البيع حسب خلاف العلماء فيه ، انظر : الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة ، للمؤلف ، 2/1128 ، 1139  
(7) انظر المغني 6/362 ، الشرح الكبير 11/195 تهذيب سنن أبي داوود ، 5/109 . 
(8) انظر : الهداية ، وشرحيها ، 6/433 ، تبيين الحقائق 4/53 ، الدر المختار وحاشيته 7/267 ، مواهب الجليل 4/392 ، شرح الخرشي 5/96 ، منح الجليل 2/588 ، حاشية الدسوقي 3/78 ، الأم 3/69 ، مختصر المنزني 2/201 ، روضة الطالبين 3/417 ، المغني 6/261 ، شرح الزركشي 3/601 ، الفروع 4/169. 
(9) فإنهم يمنعون الحيل ، ألا تراهم يقولون بفسخ العقدين في العينة حيث قصد بالأول الثاني ، وكان حيلة ، انظر : مواهب الجليل 4 / 403 ، شرح الخرشي 5/104 ، منح الجليل 2/603 ، الفروع 4/170 ، الإنصاف 11/192 ، شرح منتهى الإرادات 2/158 . بل قد نص المالكية على منع هذه الصورة ، انظر : مواهب الجليل 4/394 ، منح الجليل 2/589 . 
(10) انظر : مواهب الجليل 4/404 شرح الخرشي 5/105 ، منح الجليل 2/ 604 ، الفتاوي 29/ 430 ، 441 . قلت : ومنعهم لهذه الصورة فيه تنبيه على منع سابقتها ، فإنها أشدمنها .
(11)وترخيص بعض المالكية فيه وكذا الحنابلة ، مع اعتدادهم بالذرائع ، كائن لبعد الذريعة فيها ـ رغم احتمالها ـ لكن متى كانت حيلة ، فإنهم قائلون بمنعها ، طردا لقاعدتهم : ” إبطال الحيل 
(12)الموسوعة الفقهية الكويتية 14/147
(13) انظر : الهداية بشرحيها 7/ 211 ، البحر الرائق 6/ 256 ، مجمع الأنهر 2/139 ، مواهب الجليل 4/ 405 ، شرح الخرشي 5/ 106 ، حاشية الدسوقي 3/ 98 ، الفروع  4/ 171 ، الإنصاف 11/ 195 ، 196 . 
(14) انظر فتح القدير ، 7/ 212 ، رد المحتار ، 7 / 613 ، الأم 3/ 69 ، مختصر المزني بهامش الأم 2/201 ، روضة الطالبين 3/ 417 ، النهاية في غريب الحديث ، والأثر ، 2/301 ، الزاهر في غريب الفاظ الشافعي ، ص 216 ، الفروع 4/171 ، الإنصاف 11/ 195 ، 196 ، كشف القناع 3/186. 
(15) انظر الفروع 4/171 ، الإنصاف 11/195 ، 196 .
(16) انظر التطبيقات المصرفية للتورق ، القرى ، ص 3 ، بيع التقسيط وأحكامه ، ص 69، 70 .
(17) انظر : الفروع 4/4 ، الإنصاف 11/16 
(18) انظر : الفتاوى  29/ 30 ، 302 ، 432 ، وما بعدها . 
(19) ، ( 20) ، (21) التطبيقات المصرفية للتورق ، الشريف ، ص 11. 
(22)  التطبيقات المصرفية للتورق ، القرى ، ص ، 10
(23)انظر تطبيقات التورق ، واستخداماته ، موسى آدم ، ص 12 ، 15 ، التطبيقات المصرفية لعقد التورق ، أحمد محي الدين ، ص 2 . 
(24) تعليق د. حسين حامد حسان على أبحاث مؤتمر جامعة الشارقة ، ص ، 6 .  
(25) المرجع السابق . 
(26) التورق المنظم ـ قراءة نقدية ـ ص 9 .
(27) تعليق د . حسين حامد حسان على أبحاث مؤتمر جامعة الشارقة ، ص 7 . 
(28) التورق المنظم ـ قراءة نقدية ـ ص 8 .
(29) المرجع السابق ، ص 7. 
(30) يعبر عنها المالكية بقولهم : ” اعتبار ما خرج من اليد ، وما عاد إليها ” انظر : مواهب الجليل  4/ 392 ، منح الجليل 2/589.
(31) التورق المنظم ـ قراءة نقدية ـ ، ص 5 . 
(32) المرجع السابق ، ص 6. 
(33) انظر بدائع الصنائع ، 5/ 158 ، حاشية الدسوقي 3/165 ، معنى المحتاج 2/ 79, المغني 6/333 ، المبدع 4/35 ، الفتاوى 29 / 499 ، 525 .
(34) انظر تعليق د . حسين حامد حسان ، ص 8 ، التطبيقات المصرفية لعقد التورق ، أحمد محي الدين ، ص 8. 
(35)  انظر المرجعين السابقين ، ص 9 ، 10 ، ص 7 ، 8 . 
(36) انظر : تعليق د . حسين حامد حسان ، ص 10 .
(37) انظر التطبيقات المصرفية للتورق ، أحمد محي الدين ، ص 8، 13. 
(38) انظر تعليق د . حسين حامد حسان ، ص 11. 
(39) انظر تعليق د . حسين حامد حسان ، ص 9. 
(40) تطبيقات التورق واستخداماته ، ص 13.
(41) انظر أحكام أهل الذمة ، ص 776
(42) المدونة 3/134 ، وانظر : المنتقى 4/280 ، مواهب الجليل 4/ 393 ، 409 ، منح الجليل 2/588
(43) في بيان حكم البيع قبل القبض انظر : بدائع الصنائع 5/ 108، حاشية الدسوقي 
(44) انظر بدائع الصنائع 5/277 ، حاشية الدسوقي 3/123 ، مغنى المحتاج 2/53 ، غاية المنتهى 2/ 27
(45) انظر : بدائع الصنائع 6/28 ، تبين الحقائق 4/270، تحفة المحتاج 5/34 ، الإنصاف ، 13/484 . 
فهرس المراجع
أولا : المصادر
1.	أحكام أهل الذمة ، ابن القيم ـ تحقيق : صبحي الصالح ـ بيروت : دار العلم للملايين الطبعة الأولى  . 1401هـ 
2.	الأم ” مختصر المزني ” . محمد بن إدريس الشافعي . بيروت : دار المعرفة للطباعة والنشر . 
3.	الإنصاف . أبو الحسن المرداوي . تحقيق : عبد الله التركي . مصر : مطبعة هجر . الطبعة الأولى لعام 1415هـ .
4.	بدائع الصنائع . علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني . بيروت : دار الكتاب العربي ، الطبعة الثانية . 1402هـ . 
5.	البحر الرائق ” بهامشه منحة الخالق ” . زين الدين بن إبراهيم بن محمد ، المشهور بابن نجيم . مصر : دار الكتب العربية الكبرى . 1334هـ . 
6.	بيع التقسيط وأحكامه ، سليمان التركي . الرياض : دار اشبيليا . الطبعة              الأولى . 1424هـ . 
7.	تبيين الحقائق . عثمان بن على الزيلعي . مصر : مطبعة بولاق . الطبعة            الأولى . 1313هـ . 
8.	تحفة المحتاج . ابن حجر الهيتمي . بيروت : دار صادر . 
9.	تهذيب سنن أبي داوود . شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية . تحقيق : محمد حامد الفقى . مصر : مطبعة السنة المحمدية . 1378هـ . 
10.	حاشية الدسوقي على الشرح الكبير . محمد بن عرفة الدسوقي . مصر : مطبعة عيسى الحلبي . 
11.	الدر المختار . محمد علاء الدين الحصكفي . تحقيق : عادل عبد الموجود ، وزميله . بيروت : دار الكتب العلمية . الطبعة الأولى . 1415هـ
12.	رد المحتار على الدر المختار محمد أمين ، المشهور بابن عابدين . تحقيق عادل عبد الموجود ، وزميله . بيروت: دار الكتب العلمية . الطبعة الأولى . 1415هـ . 
13.	روضة الطالبين . يحيى بن شرف النووي . بيروت : المكتب الإسلامي الطبعة الثانية 1405هـ . 
14.	الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة . عبد الله بن محمد السعيدي . الرياض : دار طيبة . الطبعة الأولى . 1420هـ . 
15.	الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي . أبو منصور الأزهري . تحقيق : محمد جبر الألفي. 
16.	شرح الخرشي على مختصر خليل . أبو عبد الله محمد بن عبدالله الخرشي . مصر : مطبعة بولاق . 1318هـ . 
17.	شرح الزركشي على مختصر الخرقي شمس الدين محمد بن عبد الله  الزركشي . تحقيق : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين . الرياض : شركة العبيكان للطباعة والنشر . الطبعة الأولى . 
18.	شرح صحيح مسلم . محي الدين بن شرف النووي . بيروت : دار الكتب العلمية .
19.	شرح منتهى الإرادات . منصور بن يونس البهوتي . بيروت : عالم الكتب  . 
20.	الشرح الكبير . شمس الدين ابن قدامة . تحقيق عبد الله التركي . مصر : مطبعة هجر . الطبعة الأولى لعام 1415هـ . 
21.	صحيح البخاري ” بفتح الباري ” . أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري الجعفي . تصحيح : محب الدين الخطيب . المطبعة السلفية . 
22.	العناية شرح الهداية . أكمل الدين محمد بن محمود البابرتي . مصر : مطبعة بولاق . الطبعة الأولى . 1317هـ . 
23.	غاية المنتهى . مرعي بن يوسف الكرمي . تحقيق : زهير الشاويش . 
24.	فتح القدير . محمد بن عبد الواحد ، المشهور بالكامل بن الهمام . مصر : مطبعة بولاق . الطبعة الأولى . 1316هـ . 
25.	الفتاوي . أحمد بن عبد الحليم الحراني ، المشهور بابن تيمية . جمع وترتيب : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم . القاهرة : مطابع إدارة المساحة العسكرية 1404هـ . 
26.	الفروع . أبو عبد الله محمد بن مفلح . مراجعة : عبد الستار أحمد فراج . دار مصر للطباعة . الطبعة الثانية 1381هـ . 
27.	كشاف القناع . منصور بن يوسف البهوتي . مراجعة : هلال مصيلحي . بيروت : دار الفكر للطباعة والنشر . 1402هـ . 
28.	مغنى المحتاج . محمد بن أحمد الشربيني . مصر : مطبعة مصطفى الحلبي . 1377هـ . 
29.	منح الجليل على مختصر الخليل . أبو عبد الله محمد بن أحمد المالكي ، المشهور بمحمد عليش . مصر : المطبعة الأميرية . 1294هـ . 
30.	مواهب الجليل . أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحطاب . مطابع دار الكتاب اللبناني . 
31.	المبدع في شرح المقنع . أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح . المكتب الإسلامي : الطبعة الأولى . 1397هـ . 
32.	المدونة . مالك بن أنس الأصبحي . مصر : مطبعة بولاق . 1294 هـ . 
33.	المغني . موفق الدين بن قدمة . تحقيق عبد الله التركي . مصر : مطبعة هجر . الطبعة الأولى لعام 1412 هـ . 
34.	الموسوعة الفقهية الكويت : وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية . مطابع ذات السلاسل . الطبعة الثانية . 1404هـ . 
35.	نهاية المحتاج . شمس الدين الرملي . المكتبة الإسلامية . 
36.	النهاية في غريب الحديث والأثر . ابن الأثير . مصر : مطبعة عيسى الحلبي . الطبعة الأولى . 
ثانيا : أعمال المؤتمر ، والندوات : 
أ ـ مؤتمر دور المؤسسات المصرفية الإسلامية في الاستثمار والتنمية جامعة الشارقة خلال 26 ـ 28 / 2/ 1423هـ .  
1.	تطبيقات التورق ، واستخداماته في العمل المصرفي الإسلامي . موسى آدم عيسى . 
2.	التطبيقات المصرفية لعقد التورق ، وآثارها على مسيرة العمل المصرفي الإسلامي . أحمد محي الدين أحمد . 
3.	التورق المنظم  “قراءة نقدية ”  . سامي السويلم . 
4.	تعليق على بحوث التورق . حسين حامد حسان . 
ب ـ ندوة البركة المصرفية الثالثة والعشرون . مكة المكرمة . خلال   6ـ 7 / 9/1423هـ . 
1. التطبيقات المصرفية للتورق ومدى شرعيتها ، ودورها الإيجابي .محمد عبد الغفار الشريف . 
2. التطبيقات المصرفية للتورق ومدى شرعيتها ودورها الإيجابي . محمد على القرى .
