التونسي صبري جعيدي إحساس يؤطره الشكل واللون

على الرغم من التعددية الفنية التي يتميز بها الفنان التونسي صبري جعيدي؛ إلا أن فن البورتريه والأعمال الواقعية هو أحد أهم الأساليب التشكيلية التي يستند إليها، فبناء الفضاء لا يتم إلا باعتماد الشخوص والبورتريهات والأعمال الواقعية. فهو يفصح من خلالها عن لواعجه بطرائق فنية ذات جماليات متنوعة، وبمقومات تشكيلية متعددة الأبعاد، خاصة لما يضمر في […]

التونسي صبري جعيدي إحساس يؤطره الشكل واللون

[wpcc-script type=”7d911419d144babc7e96bb0a-text/javascript”]

على الرغم من التعددية الفنية التي يتميز بها الفنان التونسي صبري جعيدي؛ إلا أن فن البورتريه والأعمال الواقعية هو أحد أهم الأساليب التشكيلية التي يستند إليها، فبناء الفضاء لا يتم إلا باعتماد الشخوص والبورتريهات والأعمال الواقعية. فهو يفصح من خلالها عن لواعجه بطرائق فنية ذات جماليات متنوعة، وبمقومات تشكيلية متعددة الأبعاد، خاصة لما يضمر في طيها بعضا من العلامات اللونية والشكلية. فمختلف الأشكال الواقعية تبدو فصيحة أحيانا، وتتبدى حابلة بالرمزية أحيانا أخرى، وهو مسلك يرومه المبدع حين يتوقف على مناحي إنسانية وأخلاقية وروحية دافئة، بتعبيرات مصيرية تنبع بصدق من نفسية المبدع بعد أن ينسجها إلهامه واجتهاداته في قوالب تعبيرية ذات معنى وجماليات متعددة.


وفي نطاق العمل النقدي التشكيلي، فإن أعمال المبدع صبري جعيدي الإبداعية وإن تبدت فيها بساطة تشكيل الفضاء من اللون الواحد، ما يؤثر في صياغة الضوء، وكذلك ربط البساطة بكل مناحي العطف، في ما يخص البورتريهات المُسنة؛ إلا أن المبدع بتجربته المائزة يقارب في أحايين كثيرة ماهية العمل الفني وحيثياته التشكيلية بالمادة البصرية التي تشكلها عين القارئ، وهو ما يصنع انسجاما وتوليفا بينه وبين شعور وأحاسيس القراء. ما يجعل من واقعية أعماله التشكيلية وبورتريهاته المعبرة ذات انفعالات إبداعية تجعل جل أعماله مثقلة بالإيحاءات والرمزية، التي تضمر في طياتها مضامين إنسانية منبثقة أصلا من خوالجه الداخلية وهواجسه النفسية، ولذلك وغيره، فأعماله التشكيلية تنفذ مباشرة إلى أعماق القارئ. كما أن الموضوعات التي يشتغل عليها، تتوافر فيها الرؤية الموضوعية للحياة، وتتبدى فيها تجليات الواقع الإنساني. إن هذا التوافر يجعل من أعماله بؤرا واقعية بطبائع تعبيرية، وبسياقات فنية واقعية وبورتريهية، تغذيها الحركة التي تسري أطيافها في شرايين أعماله تبعا لطبيعة الأعمال الواقعية والبورتريهية من جهة، وتبعا لنسق العمل الفني وما يحتويه من مضامين تتطلب الحركة، مما يجعل منها أعمالا تفاعلية بأبعاد حقيقية ملموسة من الواقع. وهذا ليس بالأمر اليسير، فعملية بناء الفضاء على أنقاض الواقع يدفع بالفنان صبري جعيدي لأن يبرز المادة التشكيلية الواقعية في شكل وجودي يتعمد إشراك الحس الشعوري والعنصر البصري للقارئ، ما يكلفه الكثير من الدقة والمهارة والتوظيف التقني البديع، خاصة أنه يستعمل تقنيات عالية، ويتوفق في عملية المعالجة وإبراز العمل الفني في رونق وإبداع، وفق ما قادته إليه تجربته الفنية وحساباته الموفقة للعب دور فعال من خلال التعبير الصادق بكل أشكال البورتريه والأعمال الواقعية، وهو ما مكنه فعلا من اقتحام التشكيل المعاصر بأسلوب معاصر. فالتقنيات المعاصرة وبلورتها في سحرية واقعية مكنته من صياغة تجربة عالمة، خاصة أثناء توظيف الألوان وتثبيت الأشكال والاعتناء بقيم السطح وتشكيل المفردات الفنية والتوليف بين مختلف العناصر التشكيلية، ما يطبع أعماله سحرا تعبيريا ومسلكا جماليا.
فاللمسات الفنية تفصح عن العديد من التقنيات التي يوظفها المبدع بتفاعل واضح مع المادة التشكيلية، ومع كل المواد التعبيرية لينجز لونا تشكيليا واقعيا متخصصا، ينبني على قاعدة فنية متنوعة الاختيارات، توجه في معظمها رسائل صريحة إلى القراء، يرسلها بقدر ما يستدعيه العمل الفني من لوازم، فإنه ينجزها بأسلوبه الواقعي الخاص، ليسجل حضوره في الساحة التشكيلية بقدر ما تحمله أعماله من خصائص فنية متجددة جديرة بالفحص والمتابعة النقدية الجادة. كما أن التقنيات العالية التي يوظفها تدخل به عالم التشكيل الواقعي المعاصر من بابه الواسع.

٭ كاتب مغربي

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *