الحجر الصحي الممول حكوميا طوق نجاة لفنادق في السعودية

لكن الحكومة قرّرت في الوقت ذاته انفاق ملايين الدولارات على عزل آلاف المسافرين العائدين من الخارج والأشخاص المخالطين للمصابين، في الفنادق الفارغة في جميع أنحاء المملكة الثرية.

الحرم المكي والطرق المحيطة به فارغة في ظل حجر التجول في 8 نيسان/ابريل 2020

فرضت الحكومة السعودية على نفقتها حجرا صحيا على آلاف الأشخاص في فنادق المملكة ضمن مسعى للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، في ما قد يمثّل طوق نجاة لقطاع تعاني بعد أشهر من إطلاق التأشيرات السياحية.

وفي مواجهة أكثر من أربعة آلاف إصابة بالفيروس، وهو أعلى معدّل في الخليج، أوقفت الدولة النفطية السفر الجوي وأغلقت المدن وفرضت حظر تجول على مستوى البلاد في ما وجّه ضربة لقطاع السياحة المولود حديثا.

لكن الحكومة قرّرت في الوقت ذاته انفاق ملايين الدولارات على عزل آلاف المسافرين العائدين من الخارج والأشخاص المخالطين للمصابين، في الفنادق الفارغة في جميع أنحاء المملكة الثرية.

وقال مصدر مطّلع في قطاع السياحة لوكالة فرانس برس إن فندقا من فئة أربع نجوم في وسط الرياض يضم أكثر من 100 غرفة كان يستقبل خمسة ضيوف فقط في منتصف آذار/مارس عندما عرضت الحكومة على مالكيه أربعة ملايين ريال (1,06 مليون دولار) شهريًا لاستخدامه كمرفق للحجر الصحي.

كما أنّ أحد الفنادق الأكبر عُرضت عليه ستة ملايين ريال، بحسب المصدر ذاته الذي رفض الكشف عن اسمي الفندقين خشية أي تداعيات محتملة على وضع الفندق بعد انتهاء الازمة.

وأوضح “هذا أفضل من إدارة فندق فارغ”، مضيفا “كان الموظفون يترقّبون فصلا من العمل أو تخفيضات في الرواتب تصل إلى 50 في المئة، أو دفعهم لأخذ إجازات من دون أجر”.

وبدأ ركود الأعمال التجارية يلاحق الفنادق ويدفعها لقبول صفقات مماثلة مع الحكومة على الرغم من بعض التحفظات على أن الارتباط بفيروس كوفيد-19 يمكن أن يضر صورة علامتها التجارية على المدى الطويل.

قالت وزارة السياحة على موقعها على الإنترنت في نهاية آذار/مارس إنه تم حجز ما يقرب من 1900 غرفة في الفنادق والمنشآت السياحية الأخرى في الرياض لحالات الحجر الصحي، إلى جانب أكثر من 2800 في مكة المكرمة و1900 أخرى في المنطقة الشرقية.

وقالت الوزارة مؤخرا إن 11 ألف غرفة حول المملكة قد تم تجهيزها لحجر السعوديين الذين تقطعت بهم السبل في الخارج ومن المتوقع أن يعودوا إلى المملكة.

ويأتي الإنفاق الحكومي على الرغم من الانخفاض الحاد في عائدات الدولة مع التراجع الكبير في أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات طويلة.

– “إجازة” –

أكدّت الوزارة أنّها ملتزمة باستضافة العائدين السعوديين في منشآت تشمل “أرقى الفنادق”.

ووفقا لمدرب كرة القدم السعودي عبد الحكيم التويجري، فإنّ تجربته في الحجر الصحي في مكة بعد عودته مع فريقه من معسكر تدريب في برشلونة “تتفوّق على أي فندق خمس نجوم في أوروبا”.

فعلى الرغم من الضغوط النفسية بسبب الحجز على مدار الساعة، قال التويجري الذي تم وضعه في جناح فخم إنه يشعر بأنه “ذاهب في إجازة”.

وبحسب المصدر في قطاع السياحة، فإنّ مجموعة من ركاب الترانزيت في أحد فنادق الرياض استفادت من الحجر الصحي المدفوع لطلب خدمة الغرف “أكثر من اللازم”.

لكن نظام الحجر الصحي شهد أيضًا شكاوى من فقدان أمتعة وتأخير تقديم الطعام من قبل بعض الأشخاص الذين نقلتهم السلطات من المطارات السعودية إلى الفنادق دون سابق إنذار.

ويرى كوينتين دي بيمودان من “معهد أبحاث الدراسات الاوروبية والأميركية” لوكالة فرانس برس إنّ “السعودية ليست رائدة في مجال حقوق الانسان لكنّها حريصة على إظهار انها تدلّل الناس”.

وأضاف “بهذا تضرب عصفورين بحجر واحد، حيث أنّها تحاول كذلك إنقاذ الفنادق وقطاع السياحة الناشئ”.

– “مرتبط بالفيروس” –

وتواجه الفنادق في المملكة تراجعاً حاداً في إيراداتها بعد إطلاق المملكة تأشيرات سياحية في أيلول/سبتمبر الماضي، ضمن طموح لاستقبال 100 مليون زائر بحلول عام 2030.

وأنفقت السعودية المليارات في محاولة لبناء صناعة سياحية من الصفر، وهي واحدة من الأعمدة الرئيسية لحملة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد ووقف ارتهانه لعائدات النفط.

وأدى الإعلان إلى الاندفاع نحو بناء فنادق جديدة، حيث قدّر المسؤولون في ذلك الوقت أن 500 ألف غرفة ستكون مطلوبة على المستوى المحلي خلال العقد المقبل لسد فجوة البنية التحتية الحالية.

وكان من المتوقع أن يتم الكشف عن أكثر من 138 مشروعًا فندقيًا بأكثر من 54 ألف غرفة غرفة في المملكة في 2019 و2020.

لكن مدير فندق في الرياض من فئة الخمس نجوم، كان قد رفض العروض الحكومية لاستخدامه في الحجر الصحي، قال إن المشروعات ستعاني من تأخيرات وتعثرات بالتمويل في ظل الإجراءات المرتبطة بفيروس كورونا.

واعتبر إنّ مثل هذه الصفقات تقدّم “مزايا نقدية قصيرة الأجل”، في الوقت الذي اضطر فيه فندقه إلى تخفيض رواتب الموظفين وإجبار الكثيرين على المغادرة في إجازة بدون أجر.

وأضاف أنّ هذه الخطوة ستؤثر على علامتهم التجارية وسيخشى الضيوف العودة إلى “فندق مرتبط بالفيروس”.

Source: France24.com/

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *