إن التدافع سنة كونية وقدر إلهي لا يخلو منه زمان أو مكان، فالحق والباطل في صراع دائم وقديم ومستمر، وعشية بزوغ فجر الإسلام كانت الحروب في المجتمع الجاهلي قائمة على قدم وساق، بل كانت الحرب من مصادر الدخل الثابتة عند العرب الذين يقول شاعرهم مبيناً أن الحروب من تراثهم الذي لا يمكن التفريط فيه:
وأحياناً على بكر أخينا *** إذا ما لم نجد إلا أخانا
والإسلام لم يأت ليعارض السنن الكونية، فالظلم موجود والعدل موجود والباطل موجود، والحق موجود، ولا يمكن أن يوجد الضدان ثم لا يصطرعان، قال الله تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً) (الحج: من الآية40) [الحج: 40].
والحياة الدنيا دار اختبار وامتحان وبلاء، فقد أوجد الله تعالى فيها ما يختبر به العباد لينظر كيف يعملون وماذا يفعلون، فلقد أراد الله تعالى أن يبتلى المصلحون بالمفسدين، وأهل الحق بأهل الباطل، والأخيار بالأشرار، ليفوز من سلك طريق الخير وصبر على ما يلاقي من عقبات فيه، فإن الجنة سلعة غالية لا ينالها إلا من دفع الثمن، وكيف يدفع طالب الجنة ثمنها إن وجد الطريق معبداً، لا يصارع فيه قاطعاً ولا يدافع فيه صائلاً، وفي هذا يقول الله تعالى: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)[محمد: 4-6]، ويقول تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) [محمد: 31]، ويقول الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [التوبة: 16]، ويقول سبحانه: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)[البقرة: 214].
فالتدافع أمر بني عليه نظام الكون لا مفر منه، والمتسامح العفو لابد أن يجد نفسه يوماً مضطراً لحمل راية الحرب وإن لم يرغب في ذلك، بل وإن مكارم الأخلاق تحتم حتى على غير المسلم أن يقف مقاتلاً، ويرى أن قتل الآخر شرف لا يدانيه شرف إن كان هذا الآخر قد دنس العرض أو سعى في الإساءة للمعتقد أو انتهاك الحرمات، ولن يكون الكف والإعراض من مكارم الأخلاق حينئذٍ.
أهداف الحرب في الإسلام:
جاء الإسلام والحرب من حياة العرب، حتى احتاج القوم لمنع الحرب من أجل مصلحتهم التي تتمثل في توافد الناس للحج، فأرادوا إيقاف الحرب في تلك الأشهر، حيث تعني لهم قوافل الحجاج ازدهار التجارة وتحصيل الأرباح الكثيرة، ولقد كان هذا القرار قابل للتلاعب والتحايل من أولئك المتنفذين في المجتمع، فإنهم كثيراً ما يحتالون على هذا القرار النبيل فيتركونه لحاجتهم للحرب أو إذا راق لهم تركه، ثم يعوضون هذه الأشهر الحرم التي تخلوا فيها عن التمسك بعدم القتال بأشهر أخرى من السنة يحرمون القتال فيها، كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [التوبة: 37]، فعد القران من الزيادة في الكفر تلاعبهم بهذا الخلق النبيل كما في الآية السابقة، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم تحريم الأشهر المعظمة الأربعة كما كانت تفعل قريش، ولكنه حرم ما شوه نبلها من النسأ فقال: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان”(1)
وحروب الجاهلية كانت تنشب لمجرد الرغبة في السلب والنهب أو قصد إذلال الآخرين، أو لأسباب تافهة، فحرب البسوس التي دامت عقوداً نشبت بسبب ناقة كسرت بيضة، وحرب داحس والغبراء التي أكلت الأخضر واليابس سببها سباق بين فرسين.
لهذه الأسباب وأشباهها قامت الحرب الجاهلية، فغير الإسلام مسار ذلك المجتمع وعظم أمر الدماء فيه وكره إليه الحرب، حتى بلغ الأمر بنبي الرحمة أن كره التسمي باسمها فقال “تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة”(2).
ولقد حرم الإسلام على أهل القبلة أن يتحاربوا ويتقاتلوا فعن الأحنف بن قيس قال: “ذهبت لأنصر هذا الرجل –يعني علياً رضي الله عنه- ” فلقيني أبو بكرة فقال: ” أين تريد؟” قلت: “أنصر هذا الرجل” قال: “ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار” فقلت: “يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟” قال: “إنه كان حريصًا على قتل صاحبه”(3) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة”(4)
وقال عليه الصلاة والسلام: “لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم”(5)
ونظر ابن عمر يوماً إلى الكعبة فقال: “ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك”(6) وقال أسامة بن زيد رضي الله عنهما: “بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: “لا إله إلا الله” فكف الأنصاري عنه، فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟” قلت: “كان متعوذًا”، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم”(7).
الحرب مع غير المسلمين:
للحرب مع غير المسلمين سببان:
1- جهاد الدفع وهو الذي يكون من أجل رد الظلم والعدوان، فالمسلم لا يرضى الضيم ولا يقبل الهوان، ولا يقف مكتوف الأيادي حين تنتهك حرماته وتستباح أعراضه أو تهان عقيدته، قال الله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 39-40]، ولم يجعل الإسلام رد الظلم والعدوان قاصر على النفس فحسب بل الواجب على المسلمين أن ينتصروا لإخوانهم في أي بقعة من المعمورة إن وقع الظلم عليهم ما دام أنهم غير قادرين على دفعه عن أنفسهم، قال الله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) [النساء: 75].
وقد شهد التاريخ الإسلامي صور مشرقة من تناصر المسلمين في ما بينهم، فلقد سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قينقاع بجيشه انتصار لشرف مسلمة كشف اليهود على حين غفلة منها شيئاً مما يجب ستره، فقام مسلم كان يرى هذا المشهد بقتل من فعل بها ذلك، فقتل اليهود المسلم، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه فحاصرهم حتى استسلموا وطردهم من المدينة إلى الشام.
و لما سمع أمير المؤمنين المعتصم بمسلمة أسيرة عند الأعداء تستنصر به، أرسل خطاباً إلى ملك الروم أن أطلقها وألا بعثت إليك جيشاً أوله عندك وآخره عندي، فما كان من ملك الكفرة إلا أن أطلق سراحها جبناً وخوفاً، وقد قال الله تعالى موجباً على المسلمين أن يتناصروا حال العدوان عليهم: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) [الأنفال: 72].
2- جهاد الطلب: وهو الحرب التي يشنها المسلمون لنشر الدين والعقيدة الإسلامية ورفع راية الحق عالية خفاقة، والمسلمون لا يجعلون هذا الطريق هو الأوحد أو الأول لنشر دينهم، بل لا بد من الدعوة أولاً بالحجة والبرهان، فمن كانت عنده شبهة أو حجة تدحض العقيدة الإسلامية فالإسلام يحضه على تقدمها، وكم نادى القرآن (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا) [الأنعام:148]، (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة: من الآية111]، فمن ليس عنده إلا الجحود والعناد وأبي منطق العقل والحجة والبرهان، فليس له أن يفرض الباطل -الذي عجز عن الدفاع عنه وتبين له فساده- نظاماً يُحتكم إليه ويُدان به.
فلم يرفع المسلمون السيف في وجه صاحب حجة أو طالب برهان بل لم يبدؤوا يوماً بغير الحجة والبرهان، فنبينا صلى الله عليه وسلم لما أرسل علياً لفتح حصون خيبر وجهه قائلاً: “انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله رجلاً بك خير لك من أن يكون لك حمر النعم”(8)
فأمرُ النبي صلى الله عليه وسلم واضحٌ بيِّنٌ لعلي رضي الله عنه بأن لا يبدء بالقتال حتى يدعوهم بالحجة والبرهان، وهكذا انتشر الإسلام وعم المعمورة، فهو دين الحجج ومن أكبر الأدلة على ذلك ما نشاهده في عصرنا الحاضر، فالمسلمون يمرون هذا الزمان بفترة ضعف، وعدوهم باعتبار القوة المادية يفوقهم بمراحل عديدة، ومع ذلك تشير تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بأن أكثر دين يدخله الناس على نطاق العالم هو الإسلام، وكفي بذلك حجة ظاهرة على من يدعي انتشار الإسلام بالسيف، فالسيف في الإسلام للمعاند الذي يريد أن يحول بين الناس والحق، ويمنع النور أن يصل إلى القلوب المظلمة، فهل يا ترى ينفع مع مثل هذا غير السيف؟.
آداب الحرب في الإسلام:
إن الحرب كما سبق أمر قدري لا محيد عنه، فكما أن السلم موجود، فكذا ضده موجود، والإسلام قد استقبل هذا القدر الكوني بمجموعة من التشريعات سبق إليها أدعياء الحضارة بمراحل، وتميز عنهم أيضاً في التزام أهله بها، ويمكن أن نوجز الحديث عن هذه الأخلاقيات في هذه النقاط:
1- لا يقتل إلا المقاتل فقد نهى الإسلام عن قتل غير المقاتلين، قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة: 190]، قال الشوكاني: “وقال جماعة من السلف: إن المراد بقوله: (الذين يقاتلونكم) من عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم”(9).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولاتقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين”(10)
وعن نافع أن عبد الله رضي الله عنه أخبره “أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان”(11)
2- النهي عن قتل المدبر والإجهاز على الجريح، عن حصين عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: “ألا لا يقتل مدبر ولا يجهز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن”(12)
3- النهي عن الغدر والمثلة –تشويه الجثث- كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اغزوا باسم الله وفي سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولاتقتلوا وليدا”(13)
4- النهي عن التدمير والتخريب من غير حاجة، عن صالح بن كيسان قال: لما بعث أبو بكر رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان إلى الشام على ربع من الأرباع خرج أبو بكر رضي الله عنه معه يوصيه ويزيد راكب وأبو بكر يمشي فقال يزيد: “يا خليفة رسول الله إما أن تركب وإما أن أنزل”، فقال: “ما أنت بنازل وما أنا براكب، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله، يا يزيد إنكم ستقدمون بلاداً تؤتون فيها بأصناف من الطعام، فسموا الله على أولها واحمدوه على آخرها، وإنكم ستجدون أقواماً قد حبسوا أنفسهم في هذه الصوامع، فاتركوهم وما حبسوا له أنفسهم، وستجدون أقواماً قد اتخذ الشيطان على رؤوسهم مقاعد يعني الشمامسة فاضربوا تلك الأعناق، ولا تقتلوا كبيراً هرما،ً ولا امرأة، ولا وليداً، ولا تخربوا عمراناً، ولا تقطعوا شجرة إلا لنفع، ولا تعقرن بهيمة إلا لنفع، ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه، ولا تغدر، ولا تمثل، ولا تجبن، ولا تغلل، (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد: من الآية25] أستودعك الله وأقرئك السلام”(14)
5- إكرام الأسير قال الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) [الإنسان: 8]، قال البيضاوي: “مسكينا ويتيماً وأسيرًا يعني أسراء الكفار فإنه صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول: أحسن إليه”(15)
فهذه بعض مظاهر سماحة الإسلام حتى التي شملت حتى ساحات الوغى ووسعت حتى من حمل السلاح راجياً أن يطفأ نور الله، فهل ثمة مقارنة بين ما نراه من الصليبين واليهود وأشباههم اليوم في حربهم على الإسلام الموسومة تمويهاً بالحرب على الإرهاب؟.
هذه هي بعض ملامح الحرب في شريعة الإسلام الغراء التي ضيقت من نطاقها، وعالجت آثارها، فهل من وجه للمقارنة بينها وبين الحرب التي يشعلها طغاة اليوم فلا تبقي ولا تذر.
______________
(1) رواه البخاري،(5230)، 5/2110، ومسلم، (1679)، 3/1305.
(2) رواه أبو داود، 2/705، (4950)، قال الشيخ الألباني: صحيح دون قوله تسموا بأسماء الأنبياء.
(3) رواه البخاري، 1/20، (31)، ومسلم، 4/2213، (2888).
(4) رواه البخاري، 6/2521، (6484)، ومسلم، 3/1302، (1676).
(5) رواه الترمذي، 4/16، (1395)، والنسائي، 7/72، (3987) وصححه الألباني.
(6) رواه الترمذي، 4/378، (2032).
(7) رواه البخاري، 4/1555، (4021)، ومسلم، 1/96، (158).
(8) رواه البخاري، 3/1096،(2847).
(9) فتح القدير، 1/293.
(10) رواه أبو داود 2/44، (2614).
(11) رواه البخاري، 3/1098، (2851)، ومسلم، 3/1363، (1744).
(12) ابن أبي شيبة،6/498، (33276).
(13) رواه ابو داود، 2/44، والترمذي، 4/22، (1408).
(14) البيهقي السنن الكبرى، 9/90، (17929).
(15) تفسير البيضاوي، 1/427.