الحفاظ على الزواج من الفشل هو بالتأكيد هدف كل المتزوجين، انطلاقاً من قول الله تعالى: “ومن آياته” الدالة على قدرة الله وعظمته، أن خلق للبشر من أنفسهم أزواجاً ليسكنوا إليها، وجعل بينهم مودة ورحمة، والعجيب في تلك الآية، أن الإنسان يسكن لشبيهه من بني جنسه، فلم يشأ الله عزّ وجلّ أن يحدث التزاوج بين الإنسان وحيوان مثلاً، إنما مع إنسان مثله يشعر بالراحة والطمأنينة معه، مع كونه يختلف معه في النوع فقط، فهذا رجل وهذه أنثى، وهنا الاختلاف اختلاف تكاملٍ لا تضاد وتصادم، فالرجل بقوته ومسئوليته، والمرأة برقتها وحنانها، فيتم التكامل بينهما.
والزواج هو الرابطة المقدسة بين الرجل والمرأة، والغاية منه ليس إشباع الغريزة الجنسية فقط، وإنما الغاية منه أسمى وأعظم من ذلك، وهي أنه وسيلة للراحة النفسية والطمأنينة الروحية، ووسيلة لتحقيق الاستخلاف في الأرض بالتعمير، في بيئة يملأها السكون والراحة والمودة والحب.
وهو علاقة راقية تربط بين الرجل والمرأة، إن قررا الارتباط بالزواج، ليعيشا معا بقية حياتهما، ليتشاركا كل كبيرة وصغيرة لهما، فيتبادلان الدموع والضحكات، والزواج الذي ينبني على المشاركة، هو الذي يدوم للأبد، حيث يتسم بالتفاهم والتقدير والألفة، التي تجعل كل منهما في احتياج دائم لبعضهما البعض.
نصائح من أجل الحفاظ على الزواج من الفشل
لماذا إذن نسبة الطلاق عالية بين الأزواج؟
على عكس كثيرٍ من الزيجات الفاشلة، التي سرعان ما تنتهي بالانفصال والطلاق، لأنها بنيت على قواعد واهية، حيث لم تصمد أمام التحديات التي تقابل تلك الزيجات، فالحياة مليئة بالمشاكل والعقبات، وإن لم يواجهها الزوجين سوياً، فلن يستطيعا أن يكملا مسيرتهما معاً إلى النهاية، وقديماً كان الطلاق عند الناس جريمة، إذ لا يقدم عليه كما يقولون في الأمثال: ( يا قادر يا فاجر )، أما في عصرنا الحديث، فقط أصبح الطلاق لغة سهلة لانتهاء العلاقة وقطع الصلة بين الأزواج، لمجرد اختلاف بسيط أو تافه، وذلك يرجع في حقيقة الأمر إلى عدم فهم معنى الزواج من الأساس، كما وضحنا في بداية المقال، فالرجل في ظل المغريات من حوله، أصبح يتزوج ليشبع رغبته فقط، والفتاة في ظل تقدم سنها تسعى للزواج بأي رجل خشية الوحدة، وغيرها من الأسباب الواهية لكليهما، وبعد فترة قصيرة من الزواج، يصيبهما الملل، فأصبحت الزوجة كتاب مفتوح أمام زوجها الذي ملّ من كثرة النظر إليه، وهي أصابها الملل لكونه لا يفهمها ولا يحدثها ولا يشعر بها أو لا يحترمها، وهذا يرجع إلى بادئ الأمر، إذ لم تكن هناك نية منضبطة للزواج، حيث لا يوجد هدف قوي من الأساس، كمناشدة الاستقرار أو بداية حياة جديدة مع شريك مناسب، أو بناء أسرة أو غير ذلك.
ويرجع فشل الزواج لعدة أسباب منها على سبيل المثال:
- عدم فهم طبيعة الأخر، فالرجل ذو طبيعة خاصة والمرأة كذلك.
- عدم الحوار الذي يؤدي إلى عدم التفاهم بينهما.
- انعدام الثقة الذي يؤدي إلى سهولة الاتهام بالخيانة.
- الانشغال الدائم الذي يمنع التواصل والتقرب.
- الملل الذي يؤدي إلى كره الحياة نتيجة العيش في حياة روتينية تبعث الكآبة والحزن.
- الهروب الدائم من المواجهة الذي يؤدي إلى تفاقم الأزمات والمشكلات.
- الصعوبات المالية التي تؤدي إلى الضغط النفسي وزيادة البعد.
- الكبرياء والغرور الذي يؤدي إلى التعنت والعناد، وعدم التنازل من أجل الأخر، وبالتالي صعوبة التواصل إلى نقاط مشتركة.
- عدم تحمل الأخر، والذي يؤدي إلى اللجوء إلى شخص غريب مما ينتج عنه الخيانة في بعض الأحيان.
- الإهانة وعدم الاحترام وهي أكبر عائق لاستمرار الزواج.
- عدم اختيار الأوقات المناسبة للكلام والحديث إن وجد.
ما هو الحل من أجل الحفاظ على الزواج ؟
من الطبيعي جداً في حياتنا الزوجية، أن نشعر في فترة من الفترات، بالفتور في المشاعر، أو الملل بسبب الحياة الروتينية، وهناك من يصل الإمر بهما إلى الطلاق، لعدم فهمهما لطبيعة تلك الفترة، فالحياة ليست حلوة مزدهرة وجميلة على الدوام، بل حلاوتها في أنها متغيرة بين السعادة أحياناً والمرح والحزن والملل أحياناً، وفهم تلك الطبيعة يجعل من الأمر بسيط، ويسهل تعديه بسلامٍ، دون حدوث أدنى شرخ في العلاقة الزوجية، ولا يمكن الحفاظ على استمرار زواجنا، أو ضمان السعادة الدائمة بيننا، إلا من خلال:
الثقة
تقوية العلاقة والترابط بين الرجل والمرأة، من خلال بناء الثقة فيما بينهما، والتي هي حجر الأساس في تلك العلاقة، والجسر الذي يعبرا به إلى بر الراحة والأمان والسكن.
الحوار ووقته المناسب
كذلك يجب أن يكون الحوار المتبادل أساس التفاهم بين الزوجين، إذ لابد بين كل فترة وأخرى، أن تكون هناك جلسة حوارية مطولة، يناقشان فيها أمور حياتهما، ويقيّمان علاقتهما ببعضهما لتستقيم الحياة بينهما، إذ بالحوار تعبر سفينتهما إلى بر الأمان والسعادة، فإن كان هدفهما الأساسي هو الحفاظ على زوجهما، فسيكون من السهل جداً، تفادي أي مشكلة أو أية عقبات تواجههما في أي وقت، ومن المهم كذلك اختيار الوقت المناسب للحوار، حيث لا يجب على الزوج أن يناقش زوجته في وقت تكون نفسية الزوجة فيه مضطربة، كأيام الحيض مثلاً تكون الزوجة، متقبلة المزاج، وهي لا تستقبل الكلام كعادتها، ولا يجب على الزوجة أن تستقبل زوجها بعد عودته من العمل، بالشكوى والشجار أو خلق الأزمات، فالحوار واختيار الوقت المناسب للحوار، ركن أساسي وهام للحفاظ على الحياة الزوجية.
الصراحة
ومن الأساسيات الهامة للحفاظ على علاقة الزواج، الوضوح والصراحة والصدق بين الزوجين، فالكذب وعدم الصراحة من أسباب فشل الزواج وقطع العلاقة، فعلى الزوجين أن يحرصان دائماً على الصدق بينهما والصراحة في كل أمور حياتهما.
الصداقة
ويجب أن تتسم علاقة الزوجين بأن يكونا كصديقين، إذ يلجأ الإنسان منا إلى صديقه في وقت ضيقه مثلاً، ليسمعه فقط ويخرج ما في قلبه، لأنه يعلم أنه لن يلام على شيء، أو لن يتهمه صديقه بشيء بعد سماعه، لذا من المهم جداً أن يتعامل الزوجان كصديقين، دون ملامة أو اعتبار ما يقال نقطة سوداء في حق المتكلم من أحدهما.
خلق السعادة
من الجميل تغيير روتين الحياة، بخلق لحظات سعيدة من لا شيء، حيث يجب التفنن في جعل الحياة تبدو زاهية، بعيداً عن منغصات الحياة، كأن يدخل الرجل على زوجته بباقة ورود جميلة من التي تفضلها وتحبها، أو يهديها قطعة من الشوكولاتة وقت دخوله إلى المنزل، كأنه يهديها لطفل، فالنساء تحب ذلك جداً، كذلك يمكن للزوجة أن تهيأ جو المنزل بصورة رومانسية شاعرية، أو تعد له وجبة شهية يحبها، أو يجددا نشاطهما معا ويخرجا في أي مكان هادئ وهكذا والأمثلة كثيرة في هذه السلوكيات التي تؤدي إلى الحفاظ على الزواج .
الايثار
يجب كذلك حب الإيثار على النفس، والتنازل للأخر في غير الأصول التي لا يجب التنازل عليها، إذ لا يمكن الحفاظ على الحياة الزوجية دون بعض التنازلات، تماشياً مع طبيعة كل فرد منهما، فطبيعة الرجل تختلف عن الأنثى والعكس، ويجب فهم ذلك ووعيه جيداً.
الاحترام المتبادل
يعد الاحترام المتبادل بين الأزواج، من أعمدة الحفاظ على الزواج ، فبدونه لا تستمر الحياة أو التواصل الجيد، وصور الاحترام كثيرة منها مثلاً:
- التأدب في الحديث.
- اللوم والشكوى بأسلوب مهذب دون تجريح.
- الاستماع والانصات للأخر حتى ينهي حديثه.
- الابتعاد عن الإهانة والسخرية والتهكم.
- استخدام عبارات الاحترام بينهما باستمرار.
تبادل الحب والرومانسية
لا يخفى علينا مطلقاً أن الرجل والمرأة بحاجة مستمرة إلى الإحساس بالحب والرومانسية، لأن ذلك الشعور يهون على كليهما مصاعب الحياة ومتاعبها، لذا يجب إشعال جذوة الحب والرومانسية بين الأزواج بين الحين والأخر، لأنها أساس الحفاظ على زواجهما، وللرومانسية وإظهار الحب صورٌ كثيرة، كدعوة على العشاء في مكان جميل وهادئ، أو الخروج إلى أحد المصايف لتجديد العلاقة، أو كتابة بعض الرسائل الرومانسية، أو بعض التصرفات الحميمية كالتقبيل عند دخول المنزل أو مسك اليدين وتقبيلهما، وكذلك التلفظ بالأشعار الجميلة. وكل تلك الأمور تزيد من قوة الارتباط، وهي أسباب هامة من أجل الحفاظ على الزواج .