‘);
}

الحكمة في شعر أبي تمام

يعتبر أبو تمام من أبرز الشعراء الذين تميّزوا وبرعوا في شعر الحكمة، لما يمتلكه من رؤية عميقة ونظرة خاصة إلى الحياة تجسّدت بشكل خاص فيما ورد في شعره من حكم رغم أنها لم ترد في قصيدة مستقلة، وإنما وردت من خلال النصوص الشعرية، والملاحظ من قراءة شعر أبي تمام أنّ الحكمة لديه لم تأتِ من تراكمات فكريّة توصل إليها من خلال تجاربه وتأملاته في الحياة بل جاءت من ثقافة الشاعر التي استمدها من الثقافة الواسعة التي انتشرت في العصر الذي عاش فيه، واحتوت على الدين والمنطق والفلسفة وحقائق علمية أخرى، فكانت هذه الثقافة خير معين له استقى منها مخزونه الشعري، وبهذا فإنّ هذه الحكم التي تدفقت من نفس حسّاسة أثّرت فيها الأحداث والتجارب الإنسانية الصادقة، وعبرت عنها تعبيراً صادقاً بحيث تركت الأثر البالغ في نفوس الناس، وهذا ما جعل المؤرخين والنقّاد يعتبرونه الشاعر الحكيم بكل جدارة. [١]

قام أبو تمام بتطوير الحكمة التقليدية إلى حكمة تعتمد على الحقائق والبراهين والمنطق العقلي في الشعر بإسلوب جمالي تعبيري، حيث كانت تتحد هذه الحكم مع الصور الذهنية، وتقوم على البرهان المنطقي والفلسفي من أجل إثبات ما يجول بنفسه من ملاحظات من وقائع الحياة، وقدرته العالية في التعبير عن أحوال الناس وأفكارهم، وتصوير ما يصدر عنهم من سلوك، إذ كان يعتمد في إثبات ما يقول على الحجّة والبرهان وإدراكه العقلي الكامل.[١] إذْ كان عقله هو المسيطر الأكبر على افكاره رغم وجود العاطفة فيها؛ ويرجع السبب في هذه السيطرة لثقافته الخصّبة والمتنوعة.[٢]